رسالة نجاد من وجهة نظر إصلاحية إيرانية
الحوار مع أميركا ممكن... حتى في أجواء الحرب

إيلاف من طهران: نشرت صحيفة صحيفة quot;شرقquot; الإيرانية الإصلاحية مقالاً تحليلياً للرسالة التي وجهها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الرئيس الأميركي جورج بوش لم تستبعد فيه أن تكون هذه الخطوة مقدمة لمنحى جديد من العلاقات السلمية بين البلدين، رغم شبح الحرب وقرع طبولها. وفي ما يلي

اقرأ أيضا

نجاد يستعين بأندونيسيا للحوار مع واشنطن

نجاد يريد اقامة حضارة اسلامية مكان اسرائيل

نجاد: ايران مستعدة للحوار مع أي انسان

المقال الذي عرّبه ل quot;إيلافquot; عن الفارسية خسرو علي أكبر:

تعتبر الرسالة التي وجهها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الحدث الأبرز والأكثر أهمية في تاريخ العلاقات بين ايران والولايات المتحدة منذ قطع العلاقات السياسية بين البلدين ، إثر اقتحام الطلاب الجامعيين الايرانيين الموالين لخط الإمام الخميني مبنى السفارة الأميركية في طهران واعتقال العاملين فيها . ويرى بعض المحللين السياسيين أن أهمية الرسالة بصرف النظر عن الرد الرسمي الأميركي، تكمن في فتح قنوات جديدة للحوار في حين لم يبد أي طرف من الطرفين أدنى قدر من التنازل في مطالبه، فلا الايرانيون مستعدون للتنازل عن تخصيب اليورانيوم ومواصلة البحوث في مجال الطاقة النووية ، ولا الأميركيون مستعدون للقبول بوجود ايران نووية.

ومن خلال التمسك بالثابت السياسي غير القابل للتراجع عنه يمكن القول أن البلدين ينتهجان quot; السياسة الواقعيةquot; أو quot;سياسة القدرةquot;، بحيث يتم توظيف جميع القوى والامكانات لفرض الهدف المبتغى على الأطراف الأخرى.

ففي النموذج الايراني توظف طهران العناصر التالية:

نفوذها السياسي في المنطقة وتحديدا في العراق ولبنان وفلسطين، رفع أسعار النفط ، اعتماد اليورو عوض الدولار في البورصة النفطية، اضافة الى المناورات العسكرية وعرض انجازاتها العسكرية في تصنيع الصواريخ البعيدة المدى ، والتلويح بقدراتها العسكرية في التصدي لأي عدوان محتمل، وهي السياسة التي اعتمدتها طهران طوال العقود الثلاثة الأخيرة ، مع تراجع ملحوظ في الفترة الخاتمية التي دامت 8 سنوات وأعتمدت خفض نقاط التوتر.

اما الجانب الأميركي فقد راهن على توظيف السبل السياسية للضغط على طهران للتخلي عن مشروعها النووي (إحالة الملف النووي الى مجلس الأمن، والتهديد بتوظيف كل الخيارات المتاحة).

وبذلك تشير الدلائل الى المواجهة الساخنة والجادة من كلا الطرفين. وكلما ادعى أحد طرفي المواجهة جديته في تنفيذ خطوة جديدة في الصراع اتهمه الطرف الآخر بخوض الحرب النفسية.
وفيما تسعى ايران الى تنبيه المجتمع الدولي إلى التبعات الخطرة للسياسة الأميركية وما قد تتسبب به من نتائج كارثية، تركز واشنطن على وصف محاولة ايران الحصول على التكنولوجيا النووية بالخطر الذي يهدد المجتمع الدولي برمته،وتعتبره مثيرا للقلق.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة :هل سيفضي النهج السياسي المعتمد لدى الطرفين والمتمحور على خطاب القوة الى الحرب، خصوصا ان العلاقات المباشرة تكاد أن تكون شبه معدومة بين البلدين، إلى درجة أن أحد الساسة الايرانيين وصف الأجواء المتشنجة بين البلدين بمسك الخناق الذي يسبق العراك؟

بديهي أن السياسة المبنية على محور القدرة وإغفال الحلول الدولية الاخرى تساهم في تصعيد أجواء المواجهة ، كما أنها تثير من خلال إقتصارها على المصالح القومية حفيظة الأطراف الدوليين الآخرين، ولكن لابد من أخذ دور الوساطة الدولية المتسمة بالحكمة في الاعتبار، خصوصاً أن في مقدورها مقدورها التخفيف من حدة المواجهة ، وطرد خيار المواجهة العسكرية من قائمة الخيارات المطروحة، رغم التهديدات التي تطلقها الولايات المتحدة بانتهاج سياسة الضربة العسكرية الإستباقية وإمكان توظيف السلاح النووي لضرب المنشآت الايرانية في هذا السياق.

وفي امكان سياسة المواجهة أن تحقق الأهداف القومية لأحد الطرفين أو لكلاهما ، فقد أعلنت كل من ايران واميركا عزمها على استخدام كل الوسائل لإعاقة الآخر ومنعه من تحقيق أهدافه. ورغم ذلك يمكن الأمل اذا ما اختارتا السبل السلمية بما فيها المفاوضات المباشرة بأشراف الأمم المتحدة ووساطة طرف دولي ثالث، في أن يتوصلا إلى نهاية سلمية للملف النووي الايراني.

وقد برهن الطرفان في الموضوع العراقي ، وان لم يعلنا نتائج المفاوضات ، ان المصالح هي التي تفرض الآلية السياسية المناسبة في العلاقة بينهما، وهي التي تغير الآليات المهتمدة سابقا. كما أن قبول مبدأ المفاوضات يمكن ان يتسع ليشمل ملفات أخرى بما فيها الملف النووي.

وقد طلبت شخصيات سياسية أميركية بارزة في المدة الأخيرة من الحكومة الأميركية اعتماد عنصر الحوار والمفاوضات مع ايران حلاً وحيداً لأنهاء الأزمة ، ومن هذه الشخصيات نذكر برجينسكي وأولبرايت وجمع من أساتذة الجامعات الأميركية.

ومن المحتمل أن تساهم رسالة أحمدي نجاد الى الرئيس جورج بوش ، بصرف النظر عن فحواها ، في إطلاق موجة جديدة من المفاوضات الثنائية، وأهمية هذه الرسالة، مهما تكن المحاور التي تطرقت اليها، تكمن في تجاوزها الخطوط الحمراء في المذاكرات والحوار بين البلدين ومهدت السبيل للعلاقات الثنائية وان على نطاق ملف اشكالي ساخن. وهي تذكرنا بالرسائل المتبادلة بين الرئيس الايراني الأسبق هاشمي رفسنجاني وصدام حسين، والتي فتحت فصلا جديدا من العلاقات كان من نتائجها تبادل الأسرى.

واذا قدر لرسالة احمدي نجاد ان تلقى ردا ايجابيا من نظيره الأميركي فسنكون ازاء مرحلة جديدة من العلاقات، ويكون الحوار ممكنا حتى في الأجواء الساخنة التي يهيمن عليها شبح الحرب.