العجائب و الغرائب في عوالم السياسة الإقليمية في منطقة الخليج العربي يبدو أنها ستتحول لإحدى معجزات القرن الحادي و العشرين، ففي مياه الخليج العربي اليوم و على تخومه وضفاف شواطئه الدافئة تدور رحى واحدة من أشرس سيناريوهات الإنفجار الإقليمي المحتمل بين الغرب بأسره وإيران التي تعيش اليوم إرهاصات لمتغيرات بنيوية و مستقبلية كبيرة قد ترسم طريقا مختلفة بالمرة للشعوب الإيرانية، و مياه الخليج ودوله حالهما اليوم كحال من يجلس على فوهة البركان وهو يلسع بالنيران و الحمم المتدفقة و يدوخ بالغازات المنبثقة و التي تسبق الإنفجار المحتمل الكبير!

و بدون أدنى شك فإن أنفجار الموقف الإقليمي سيؤدي لتورط خليجي في نيران الصراع الذي سيكون قاسيا و لن يرحم أحدا فالنظام الإيراني غالبا ما يردد ويعلن بأن أية ضربة عسكرية له من أي طرف و نوع ستؤدي في النهاية لكارثة إقليمية!

أي أن الرد سيشمل لا محالة دول الخليج، فالخلايا الإيرانية السرية و التنظيمات الدينية و الطائفية الساكنة أو الظاهرة لن تفوت الفرصة دون أن تتحرك بل أنها من أهم أسلحة الحرب القادمة فيما لو نشبت، و النظام الإيراني بدوره و بعد وصوله لطريق مسدود و إرتفاع أزمات النظام الداخلية و عجزه عن مواجهة المستجدات أو تحديث نظامه وفقا للرؤية الشبابية و الإصلاحية المرفوضة سلفا من مؤسسة الحكم الفقهية و التي يعني القبول بها إنتهاء نظام ولاية الفقيه الذي يقاتل النظام الإيراني بكل الوسائل الممكنة من أجل إستمراريته بل و تقويته و العمل على نشر الفكرة و النموذج في دول الجوار وقد نجح النظام جزئيا في إختراق مواقع و دول مهمة قبل أن ينفلت عقال الوضع الداخلي ليهدد عرش الولي الفقيه في عقر داره في أكبر تحدي داخلي منذ القضاء على المعارضة الإيرانية بطريق القمع الشامل خلال مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي..

وفي خضم المعمعة الإقليمية ذات الجوانب الدولية القائمة و التي تهدد بشر مستطير قام رئيس أركان دولة قطر وهي التي تمتلك جيشا صغيرا و متواضعا و هو اللواء حمد بن علي العطية بزيارة عمل لإيران قد تؤدي كما قال وزير الدفاع الإيراني لتشكيل لجنة عسكرية إيرانية / قطرية مشتركة؟

و السؤال الذي يتبادر للذهن منذ الوهلة الأولى و بعيدا عن أية إعتبارات دبلوماسية أو مجاملات سياسية ماهي الأرضية المشتركة التي تجمع بين العقيدة العسكرية الإيرانية و بين مثيلتها القطرية؟ و هل ثمة تكافؤ للقوى أو العقيدة العسكرية أو التوجهات السياسية بين الطرفين؟ خصوصا و أنه في حالة الهجوم الغربي إسرائيليا كان أم أمريكيا أم من حلف الناتو ضد المنشآت النووية الإيرانية سيتم لا محالة إستعمال قاعدتي العديد و السيلية في أعمال القصف و كل العمليات الحربية الأخرى، وساعتئذ ستكون جميع المنشآت العسكرية في الساحل القطري و لربما حتى في مناطق خليجية أخرى ووصولا للعراق نفسه تحت طائلة نيران القصف الإيرانية؟ فهل تستطيع اللجنة العسكرية القطرية الإيرانية أن تمنع تحقق تلك الإحتمالات؟ خصوصا و أن طبول الحرب تدق هذا الأيام بقوة وهي حرب يندفع لها الجميع الغرب و إسرائيل من جهة و إيران ( النجادية ) بشعاراتها و رؤاها الدينية و الخرافية نحوها بقوة، فالغرب يريد التخلص من خطر إيران النووية دفعة واحدة و إيران وفقا لرؤية قادتها ( الإيمانية ) تستعجل كثيرا ظهور الإمام الغائب ( المهدي المنتظر ) الذي سيحسم الصراع نهائيا وفقا للنبوءات و الملاحم و الفتن التي يتمنطق بها أهل الحكم الإيراني؟

فأين دولة قطر من كل تلك الملفات؟ و ما طبيعة المصالح العسكرية التي تربط بين القطريين و الإيرانيين و الأمريكان يصولون و يجولون في قاعدتهم المركزية لقيادة الشرق الأوسط و المتمركزة في قطر بالذات؟ هل سيضمن القطريون عدم قيام إيران برد الضربة الأمريكية و عدم إستهدافهم للقواعد الأمريكية في قطر؟ وهل أن هنالك رؤية ستراتيجية للقيادة العسكرية القطرية فشلنا في إستكشاف ملامحها و أسسها العامة؟

وهل سيسكت الحرس الثوري بزوارقه المطاطية الشهيرة و يمتنع عن التحرش بالمنشآت العسكرية لدول المنطقة؟ كنت أتمنى كثيرا أن أتبين أو أعرف طبيعة التعاون العسكري بين قطر و إيران رغم إختلاف الرؤى و المشارب و التوجهات و السياسات إضافة للتباين المرعب في موازين القوى و في الطاقات الديموغرافية و الستراتيجية!!.. التعاون العسكري القطري / الإيراني هو بدون شك من عجائب الدنيا الثمانية..! و إلا من يستطيع توضيح الصورة؟ فالزلزال قادم لا محالة؟

داود البصري

[email protected]