عبد الجبار العتابي من بغداد: شهدت قاعة الجواهري في اتحاد الادباء والكتاب في العراق عرض الفلم الوثائقي الجديد الذي يحمل عنوان (قلية في خطر)، وهو من اخراج الدكتورة آمنة الذهبي وانتاج مؤسسة مسارات، وحضر العرض عدد من المثقفين والادباء والمهتمين بالشأن السينمائي والمسيحي ايضا،وقد اعرب عدد منهم تشجيعه لمثل هذه الافلام التي تدعو الى الحفاظ على النسيج الاجتماعي وتحذر من مغبة الهجرة المستمرة للمسيحيين من العراق لاسيما انهم يمثلون شريحة مميزة لها تاريخها المعروف ولها حضورها القوي فضلا عن عطائها البناء والمهم للعراق.
ويتناول الفيلم شرح التحديات التي تواجه مسيحيي العراق على خلفية من الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له كنيسة (سيدة النجاة)، والأثر السلبي الذي تبع ذلك من تسارع وتيرة الهجرة وتحولها الى هجرة جماعية واسعة لمسيحيي العراق عامة ومسحيي بغداد خاصة.
وأكد رئيس مؤسسة مسارات الاكاديمي والناشط المدني سعد سلوم، الذي واكب عملية تصوير وانتاج الفيلم،ان الفيلم يوضح الصورة الراهنة لوضع الاقليات في العراق، واضاف في حوار خاص بـ (ثقافات ايلاف) : ان فلم (اقلية في خطر) جزء من حملة تقودها مؤسسة مسارات لتشخيص التحديات التي تواجه اقليات العراق وتقديم خريطة طريق لحماية هذه الاقليات، مشيرا الى الفيلم ينتهي بالامل من انه ما بين الخيال والواقع اجراس تقرع، تشجع سامعيها على البقاء... وقد تشجع المهاجرين على العودة.
* ما الذي يتناوله الفيلم؟
- يتناول الفلم قصة عائلة مسيحية من الطبقة الوسطى هاجر جزء منها وبقي الجزء الاخر يتمسك بالبقاء، كيف أثر العمل الإرهابي في كنيسة سيدة النجاة على حياتها ومستقبلها وكيف تواجه التحديات اليومية بعد هذا الحادث،على صعيد يومها، من خلال تصوير احتفال هذه العائلة بيوم الميلاد من دون أبنائها، حيث يلخص الفلم مأساة مسيحيي العراق الذين تحول الاحتفال البهيج بيوم الميلاد لديهم الى مناسبة للصمت ومراجعة الخيارات المريرة.
* ما الغرض الحقيقي للفيلم؟
- من خلال قصة هذه العائلة يرسل الفلم برسالة قوية عن تغير هوية البلاد وخطر تحولها إلى هوية أحادية صماء او هوية صحراوية، وعلى الرغم من ان الفيلم يحمل عنوان (اقلية في خطر) الا ان الاغلبية هم في خطر ايضا، ويأتي هذا الخطر من تحول هوية البلاد، كأننا ازاء هوية ذات بعد واحد، هذه الهوية التي لايمكن ان تكون هوية انسانية حقيقية، وهي بذلك تفقد ثروة نادرة من التنوع والتعدد، انه رأسمال حضاري لا يمكن تعويضه لارض تعد منطلق الديانات الإبراهيمية الثلاث: اليهودية والمسيحية والاسلام، فمن هذه الارض انطلق النبي ابراهيم في رحلة غيرت العالم القديم، كما ويؤكد الفلم من خلال مشاهده وتعليقاته على خطر الهجرة الهائلة لمسيحيي العراق على ذاكرة البلاد وثقافتها وحضارتها، حيث يذهب الفلم الى ان كل مسيحي يحزم أمتعته، يترك رسالة خطيرة عن ضياع جزء من ذاكرة العراق، هل هو نذير بزوالهم الوشيك، وتحول بلاد ما بين النهرين الى صحراء صماء بلون واحد.
* اي جديد حمل الفيلم للشعور بالاطمئنان؟
- خلال تصوير الفيلم نمت فكرة الحوار الاسلامي ndash; المسيحي ومن ثم ان فريق العمل قد اسهم في هذا الحوار وصنع جزء من الحل، فقد رسم الفيلم من خلال لقاء جمع رجلي دين شابين احدهم مسلم والاخر مسيحي (الاب امير ججي) افقا للمستقبل، حيث يقص الفلم كيف يرى هذين الشابين مستقبل بلادهم من دون مسيحيين، وكيف يؤكدان على اهمية التواصل بين النخب الدينية المسيحية والمسلمة، وبالفعل يشهد الفلم على ولادة اول حوار اسلامي مسيحي اعقب الهجوم الارهابي على كنيسة سيدة النجاة ويتوج تصور الفلم بقصة هذا اللقاء الذي نما من خلال مشروع الفلم، وبذلك يقدم الفلم جزء من الحل بعد ان طرح المشكلة، فضلا عن بث الفيلم لمجموعة من الحلول للتصدي لهجرة المسيحيين من خلال تنمية روح المواطنة لدى الشباب بحيث لا يفكرون بخيار الهجرة، والتأكيد على اعادة النظر بالمناهج الدراسية لكي تتضمن دراسة اديان وقوميات واقليات البلاد بشكل يجعل انفتاح الاجيال الجديدة على ثقافات البلاد المتعددة فعلا وينشر تقبل الاخر، فضلا عن دور الاعلام في نشر ثقافة الحوار والانفتاح على الاخر.
* متى بدأت فكرة الفيلم وكم استغرق انتاجه؟
- بدأ التفكير بالفيلم بعد الحادثة واستغرق اكثر من عام، مدته نحو نصف ساعة، واستغرق انتاجه اكثر من عام، وايضا.
* ما ابرز الصعوبات التي واجهتكم في تنفيذ العمل؟
- حالة الخوف التي تتلبس كل مسيحي من التصريح عن التحديات التي يواجهها، وكأنه يعيش ضمن هوية خائفة من المحيط، ومن الاعلان عن هذه المخاوف، والتعامل مع هذها الخوف قد حرمنا من كثير من الشهادات المهمة لكننا استطعنا بعد ان كسبنا ثقة الكثير من الناس الذين ساهموا في الفيلم ان نقدم تصورا عما يعانيه مسيحيو العراق فعلا، عن طريق تصريحاتهم اليومية وقصصهم.
* هل هناك اشارة للاسباب التي ادت الى هجرة الاقليات منذ عام 2003، وكيفية معالجتمها؟
- نعم، وهي عدم توفر الامن، غياب الحماية الدستورية،غياب التشريعات التي تكفل عدم التمييز،التمثيل الضعيف لهم على مستوى الحكومة والبرلمان، سيادة ثقافة اقصائية في المجتمع تقوم على التمييز والجهل بالآخر، اما كيفية حماية حقوق الاقليات فهي تتطلب ما يأتي:ضمان عدم التمييز ضدها، وبخلافه نشهد العارض المزدوج : الذوبان في ثقافة الاغلبية من جهة او التمسك المرضي بالخصوصية الثقافية الذي يسبب صياغة هوية دفاعية متطرفة بسبب الاحساس بأن المحيط الاجتماعي معاد وغريب، سن تشريعات لحقوق الاقليات تثبت احترام حقوق الاقليات وتعمل على حمايتها، مراجعة الثقافة السائدة من خلال فحص وتغيير وتعديل مناهج التعليم لغرض بناء مناهج دراسية تتلائم مع مجتمع متعدد الاديان والطوائف، تأسيس مؤسسات لحماية الاقليات أو دعم الموجود منها.