شعر: دلسوز حمه
ترجمةعن الكوردية : مكرم رشيد الطالباني


1
حتى لم أقترب منكَ أكثر فأكثر
لم أدرك بأنكَ بعيدٌ عني إلى هذا الحد.

2
لن أثقَ بأي رجلٍ
وخاصةً أنتَ
لن أقتسم وحدتي مع أيّ ٍ كان
وخاصةً أنتَ
غير أنني أغمضُ ناظريّ يومياً
وأصطنع الهبل مع فؤادي
ومع ذاتي
وأرسل رسالةً قصيرةً.

3
أكتبُ بيأس
لأقلْ أن اليأس يكتبني
ما أهبل الأرض في نظرتها للشمس
التي تنور بإحتراقها حزن الحديقة
ولم تدري الحديقة أبداً إن ذلك الإحتراق هو من أجلها
ولم تدرك أبداً حكاية
الإحتراق وسبات المواسم.

4
أمام مرآة المحل
كم يرق لي الفستان ذي اللون البنفسجي
وحمر الشفاه البنفسجي
والقراريط البنفسجية
لكن حين أسمعتني وحدتي رأيها
تذكرتُ أن ليس لي حبيبٌ كي أرتديها من أجله
فتركتُ صورتي وفستاني في المرآة.

5
من الممكن أن أعيش من دون أكلٍ أو شربٍ
لأيام عديدة
أن أعيش شهوراً دون مال
أن أعيش سنوات دون عطوري
ومنذ ولدتُ أعيش دون وطنٍ ككلب
غير أنني لا يمكنني العيش بدونكَ
ليومٍ واحدٍ

6
أنت الذي
لا تدري كم حزينةٌ أنا اليوم
كم بكيتُ الليلةَ
لا تدري كيفَ تعذبني الوحدةُ
وما أبعدَ الحياةُ عني
لا تدري ما المبلغ الذي في جيبـي
وكيف أحقق الأحلام الصغيرة لطفلي
ألا ترى كم هي طويلة هامة آلامي
وأين تكمن جراحي
ليس لكَ الحق أن تسأل لمنْ أمنح جديلتي
وإلى أين يقودني السفر
وإلى مَن أرسل فؤادي.

7
لقد تأخر هطول الأمطار .. وأنتابتِ الحقولُ هموماً
ولا زال العشق لم يطرق البابَ بعدُ .. وأنتاب العمرُ هموماً
أنت حين لا تأتي .. حين تتأخر عن السفر
أفتقدُ الوعي حول أي شيء
وأنتابت همومي هموماً

8
أعرف كم هو سيءٌ وسفيهٌ وكلبٌ هو ذلك الرجل
أدرك ما مدى ما أتعلق به أنا، أما هو فليس كذلك
أدرك أنه سيدفعني إلى الجنون
ويجعل ليالي نهاراً
زارعاً الحزن في فؤادي
ويريني النجوم في عز الظهيرة
ورغم ذلك لن أتخلى عنه
ولا أستطيع أن أغضب منه
إنه هو من أستطاع أن يمد يديه لرؤيتي
ويحتل حيرتي
إنه من يمكنه الأخذ بيدي
في تلك الأزقة المظلمة
والطرق المزروعة بالآلام
والمنعطفات الخطرة
لتصيبَ البرقُ قلبـي
ويذيقني طعم العشق
9
إذا كان جميع الرجال على شاكلته
فلن يثق أحدٌ
بعدُ بالدماء التي تنزف
من وحدة المرأةِ
والصراخ الذي
يتناهي إلى الأسماع
عبر هذا التاريخ

10
رغم كل الظلمة التي تخيم على الحياة
فالعشق موجود لحسن الحظ
رغم وجود كل ميادين القتل تلك
فالغناء موجود لحسن الحظ
رغم وجود تلك الجدران التي بدأت بالإتصال
هناك نوفذة صغيرة للحديث لحسن الحظ
رغم هذه الصحراء التي تمتد في روحي
فأنت والشعر موجودان لحسن الحظ
وإلاّ فقد كنتُ أموتُ حالاً

11
والله
بإلله
تالله
إن لم ترد على رسالتي هذه
سأنتحر.. بالقضاء عليكَ في ذاتي.

12
إجتاز الوقتُ منتصفَ الليلِ
إجتاز العمرُ الخريفَ
إجتازتْ هذه الحكايةُ الأسطورةَ
غير أنه لا يزال يتمشى في خيالي
وترتفع قصوره في ناظريّ
ويزداد عشقي جمالاً بمرور الوقت.

13
حين يصبُ لطفكَ في أذني
حين تحضنني
تضطربُ شَعري
وتسأل يدي أناملي
هل مرَّ هذا النهر يوماً ما في ميادين القتال؟
هل
أن هذا الرجل
الذي يزرع الآن النجوم في صدري
وإشراقة الشمس في فؤادي
وورود النيلوفر في خاصرتي
هل أن أنامله عرفتْ البندقية يوماً ما؟!

14
إن أشرقتِ الشمس أمْ لَمْ تشرق
ما علاقتي بذلك
حيث ليست لدي نافذة
كي تأتي بباقاتٍ من شعاع الشمس إلى الغرفة المتخدرة جداً
ولا منزلاً لأفتح نوافذها صباحاً
وليس في قدري مستقبلٌ منظورٌ
كي أنتظره من خلال النوافذ

15
سأُقْتَلُ يوماً ما
على أيدي لطفه هو
سيطلقُ آخر طلقة لطفهِ على قلبـي
ستسيل دمائي على الممرّات
ولن يجهش بالبكاء
ولن يجده الشرطة
إن قاتلي لهو الوحدة
سنبقى معاً إلى الأبد
وتنطفيء بموتي.

16
إنهن يجمعن الذهب
وأنا الكلمات
إنهن يطاردن القدر
والعشق
يطاردن جدراناً
وتختفي وحدتهن
في علائق صغيرة
أما أنا فقد قطعتُ جراء يأسي
عشرات العشاق
وعشرات الجدران
والمنايا
كيما أغير قدري

17
ما أشبهمما وطني وزوجي
كنت أحبهما
وأحبهما
لم أستفد من وطني
فلم يمنحني منزلاً ولا حديقةً
ولا حلماً
فيما أستولى زوجي
على المنزل والحديقة
والحلم
وتركني وحيداً

المصدر:
عن ملحق (أدب وفن) العدد (764) لصحيفة (كوردستاني نوي) الصادر يوم الخميس 26/1/2012.