تجربة الوقوف على ملابسات الجنون داخل النّص الأدبي تحتاج إلى قلق مزمن من قارىء يجيد استكشاف الإجابة الفردية من خلال أسئلة طرحت بشكل ما مجازا للوصول إلى حلول افتراضية. ورغم أنّني لا أجيز أن يفهم من كلامي أنّ الأدب يقدّم حلولا في حين هو يبحث في اللغة عن الأسباب. مثلا تكتبالرّواية العربية لإسقاط معايير فكرية وفلسفية وفنية خاصة بكاتبها فقط، نحن نقرأ الرّواية بأشكال مختلفة ونفهمها أيضا كذلك.. بدليل أنّ النّقد المتعدّد لرواية واحدة من طرف أكثر من ناقد يختلف تناصّه بل و يبرز لنا الناقد الواحد جزئيات ضعف الرّواية التي يراها ناقد آخر استمرارية فنية يحتاجها النّص ليترسّب المعنى.
الجنون في الكتابة غير أخلاقي على الإطلاق لدى البعض من الكتّاب في حدّ ذاتهم وبين أفراد مجتمع يقرأون لتزداد تعاستهم..سأوفّر عليكم الخوض في الكلام المبرر وغير المبرر..وأسأل، هل نحن بحاجة إلى كاتب على مقياس كلّ قارىء؟ لماذا الكاتب العربي مرفوض بجنونه حين يريد أن يتميّز أو حين يريد أن يشارك في خلق فلسفة أدبية جديدة لا تخضع إلى لله؟..أعينوني على فهم خوفكممن الله؟ واسمحوا لي أن أناقشكم في عقدكم..
لا أنكر أنّ الخطاب الأدبي العربي في أي وقتله خصوصيته تماشيا مع قلق الكاتب.. لذلك أنا أقول دائما لا تصدّقوا أي كاتب فوق الأرض، لأنّه في الأخير مجرّد حالة بشرية تحاول القفز على الطبيعة.. ليكن الجنون غايتنا في النّص، هذا أهم شروط الاختلاف .
أنا لا أدعو إلى أي ممارسة غير أخلاقية في الكتابة، لكني ضد حرق اللغة في فكرة ضعيفة لا تقول شيئا. إنّ صناعة الكتابة تشبه تخصيب اليورانيوم بشكل أخطر.
الكاتب، حالة بشرية خطيرة، لا يمكن إقناعها بشروط محدّدة وهذا مهم..الكثير من الكتّاب يعتقدون أنّ الكتابة مجرّد فضفضة ، لكنهي في الأساس حتمية نفسية تتعقبهم خارج سلطة كيانهم الجسدي، إنّهم يمارسون أناهمالأخرى التي لا يعرفونها ورّبما لا يثقون في وضعها الطبيعي.
لست بحاجة إلى تبرير رؤيتي الأدبية بأي أمثلة تاريخية قد لا تقبل التشبيه، للكتابة مواصفات متعددة وفرط الجنون فيها اسقاط فلسفي يخص وعي الكاتب بذاته، لا يمكن الخروج من دائرة الذات لأنّها هي الفاعلة والفعّالة في النّص.
أريد أن أؤكد أيضا أنّ الكاتب ليس بحاجة إلى حماية من أحد، وليس بحاجة إلى قارىء يسأل أكثر مما يجيب، عندما ينزل النّص منعلياء الكاتب يكون بحاجة إلى فك بكارته بمداعبة واعية وليس باغتصابه حتى لا تحدث استمراريته في البحث مع القارىء عن جنون الإبداع.
واشنطن
[email protected]