خلال مشاركته في الندوة الحوارية التي أقامها ما يسمى بالصالون الثقافي العراقي في القاهرة أدلى السفير العراقي في مصر الأستاذ حبيب الصدر بتصريح مُلفت ومُثير للإستغراب بل بعيد عن المنطق وليس له علاقة بالواقع العراقي المُثقَل بالأزمات والمشاكل , والغرابة في هذا التصريح الذي أطلقه سعادة السفير تؤشر على إن ممثلي العراق في الخارج كحال أقرانهم من السياسيين في الداخل ,إما بَعيدين عن الواقع الذي يعيشه العراق وشعبه أو إنهم يستهزؤون بمعاناة هذا الشعب وعذاباته , والكثير من الذين إستَمعوا الى حديث هذا السفير إستهجنوا ما قاله بخصوص قُرب عودة العمالة المصرية للعراق , ولا أعرف على ماذا إستند هذا السفير ليتفوه بمثل هكذا خزعبلات , فالمصاعب والمصائب التي يكابدها فقراء وجيوش من العاطلين عن العمل للحصول على لقمة العيش تجعل من مثل هكذا تصريح بمثابة إهانة وإستخفاف بمشاعر الملايين هؤلاء , ثم لماذا الآن تذكر سعادة السفير مصر والعمالة المصرية ولم يتذكرهم عندما كان العراق فيه وفرة مالية ؟
لا يخفى على أحد إن العراق ونتيجة للفساد الذي ينخر أجهزة الدولة بكل عناوينه وأشكاله يعاني اليوم أزمة مالية خانقة يضاف لها إنخفاض أسعار النفط التي عَرَت ساسة العراق وكشفت للعامة حجم الهدر وسرقة المال العام الذي كان ولا زال يمارسه هؤلاء الساسة غير عابئين بمصير هذا الشعب ومستقبل أجياله , وللعلم فقط فأن الممسكين بالسلطة في العراق بدأوا بأستنزاف رصيد العراق من العملة الصعبة المودعة في البنك المركزي ليسدوا بها عجوزات ما سموها بالميزانيات الإنفجارية التي نُهِبت في وَضح النهار هذا من ناحية , ومن ناحية أخرى فأن سفيرنا الهُمام نسيَ أو تناسى إن العراق ليس بلدآ صناعيآ حتى يحتاج الى عمالة فالصناعة فيه شبه معدومة وهكذا حال الزراعة والسياحة وباقي المرافق الأخرى , علاوة على النقطة الأهم المتمثلة بفقدان الأمن والأستقرار نتيجة للإنقسام الحاد في المجتمع العراقي , ولا أعتقد بأن العامل المصري سوف يأتي ويجازف بحياته لكي يتم خطفه ويتعرض أهله للمساومة والإبتزاز . 
إن سفيرنا المُبجل ليس هو الجهة المخولة ليقرر هل يحتاج العراق الى عمالة أجنبية أم لا , ثم أليس هذا السفير هو نفسه الذي كان رئيسآ لما يسمى بشبكة الإعلام العراقي وهو ليس له علاقة بالإعلام هذه الشبكة التي تُرصد لها ميزانيات سنوية مقاربة لميزانية قناة الجزيرة الفضائية أو تزيد وحسب المعلومات التي نشرت حينها فإنه أُقيل أو أُجبر على الإقالة نظرآ لوجود شبهات فساد , وللإنصاف لا يُستثنى من تلك الشُبهات الذين أسُندت إليهم مهمة إدارة هذه الشبكة من بعده , وبدلآ من أن يُعاقَب أو يُعزَل أُسنِدت إليه وظيفة سفير وهو أيضآ ليست له أية علاقة بالدبلوماسية حاله حال الكثيريين من الذين يستذوقون الوظائف وكأن الله لم يخلق غيرهم , لكن لا غرابة فإن هذه الأمور تجري في العراق الذي يتصدر قائمة الدول بالنسبة لمؤشرات الفساد .
لسنا ضد الإخوة المصريين فهم محل ترحيب دائمآ لكننا لا نريد للعراق أن يكون كبش فداء في ظل التنافس المحتدم بين المملكة العربية السعودية وإيران , فدعوة السفير هذه ممكن أن يفسرها البعض على إنها جاءت بتوقيت تشهد فيه العلاقات المصرية السعودية بعض التأزم , 
حيدر مفتن جارالله 
[email protected]