بعد اربعة عشر عاما من التفرد بالحكم من قبل اردوغان و حزبه حزب العدالة و التنمية فى تركيا و بالرغم من الانجازات الكبيرة على كافة المستويات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التى انجزتها بسبب الاستقرار السياسى و الاقتصادى داخل تركيا و انتعاش المستوى المعيشى للفرد و المجتمع ويضاف اليه فوز اردوغان و حزبه فى 4 انتخابات مباشرة و عامة فى تركيا لرئاسة الجمهورية و البرلمان التركى، جعلت من تركيا ان تكون بلون واحد الا وهو لون اردوغان و حزبه، كما ان هذه المدة طويلة نسبيا لبقاء حزب سياسى اسلامى تركى فى الحكم، لان من المعلوم ان الاحزاب العلمانية و القومية لم يستطيعوا البقاء فى الحكم اكثر من اربعة سنوات بسبب فقدانهم الاغلبية الساحقة فى البرلمان و بالتالى لم يستطيعوا ان يشكلوا الحكومة وحدهم ولهذا توجهوا الى تشكيل حكومة ائتلافية و المعروف عن الحكومات الائتلافية حكومات ضعيفة و هشة بسبب عدم توافقهم لخدمة الشعب و الوطن بل انهم اعداء بثوب الاخوان. ولكن حزب العدالة و التنمية التركية و رئيسه اردوغان كسروا هذا الحاجز و استطاع ان يبقى وحده و حزبه طيلة 14 عاما وهذا نصر لا مثيل له فى تاريخ تركيا السياسي.
ولكن وبعد هذه المدة اصيب اردوغان و حزبه بشكل من الاشكال بالغرور و الكبرياء و التسلط و حب الزعامة و الديكتاتورية ولايحسب حسابا لاى من الاحزاب و القيادات التاريخية السياسية فى تركيا ,حيث ان اول نكسة اصيبت باردوغان و حزبه هو فشلهم فى انتخابات العامة فى 7 حزيران 2015 لاول مرة، وبعد هذا الفشل اصبح اردوغان شخصا هجوميا و قليل الصبر و التحمل و لايقبل الاقتراحات و النصائح حتى من قيادات حزبه و رفاق دربه الوسطيين مثل عبدالله كويل و احمد داود اوغلو و الاخرين.. اردوغان يريد ان يصبح سلطانا عثمانيا جديدا فى تركيا و العالم الاسلامى ، سلطانا في القرن الواحد والعشرون ولكن بلباس سلطاني من القرن الخامس عشر.ناسيا التغيرات الكبيرة التى حصلت و تحصل فى المنطقة و العالم اجمع بشكل دراماتيكى و سريع. والمعلوم ان اردوغان و حزبه فى صراعات جمة داخل تركيا مع الاقليات و خاصة الكرد و العلويين و الارمن و الشركس و من جانب اخر مع جماعة فتح الله كولين و مع الصحافة و الصحفيين و الجماعات الديمقراطية و المنظمات المدنية،بكل الوسائل حاول فى تحجيم كل هذه الصراعات حسب هواه و مخططاته ولكن لن يستطيع الفوز بكل الميادين مثلما فاز بالانتخابات، و المعروف اليوم ليس كل الحكام ياتون نتيجة الانتخابات الجماهيرية لسدة الحكم هم الديمقراطيين الحقيقين فحسب، بل السلطة و الحاكم الديمقراطى الحقيقى هو ان يتمثل لراى الاغلبية و لسلطان القانون و احترام الدستور و صون الحريات الفردية و الجماعية و ضرورى ان يكون معاملة الحاكم مع شعبه و كافة مكوناته ديمقراطيا لا ديكتاتوريا.
كل هذه الاسباب الداخلية و الخارجية ((مشاكله مع روسيا و مصر و اسرائيل و عراق و سوريا و ايران و...غيرهم)) معا ادت الى تفاقم المشاكل و الاختلافات والتعرض للنقد وخصوصا حكومة اردوغان و حزب العدالة و اردوغان نفسه و لم ياتى ببال احد ان يحدث انقلابا عسكريا بهذا الحجم و القوة فى ظل حكم دكتاتورى و شخصى لاردوغان لانه استطاع و جاهد بكل امكانياته لتصفية اعدائه فى جميع المؤسسات الحكومية و العسكرية والادارية و القضائية و الاستخباراتية خلال 14 عاما السابقة، ولكن مع ذالك حدث الانقلاب العسكرى الذي لم يخطر ببال احد.
هذا الانقلاب خطير فى معانيه و دلالاته ، من جانب يعنى قوة و خطورة فكر العسكر باقي و موجود بقوة داخل المؤسسة العسكرية رغم محاولات اردوغان لتحجيم نشاطهم و نواياهم ،ايضا هذا الانقلاب يعنى وجود الفلتان الامنى و العسكرى و الاستخباراتى داخل تلك المؤسسات ، والدليل الاكبر هو ان الصراع التاريخى بين جماعة فتح الله كولن و اردوغان و حزبه لم ينتهى بل بالعكس ظهر على السطح بشكل اكثر قوة و وخطورة و يريد ون السلطة حتى لو عن طريق الانقلاب العسكرى، و رد فعل اردوغان و حزبه لم يكن مقبولا و انسيابيا و عقلانيا لانهم يحاولون زج كل تركى و كل انسان يشكون فيه بغير وجه حق فى السجون التركية انتقاما لهم و حتى الان زجوا باكثر من 50 الفا فى السجون و طردهم من العمل فى المجال العسكرى و المدنى، وبهذا قسم اردوغان الشعب و الجيش و القوات الداخلية و حتى المؤسسات الحكومية الى قسمين او الى جبهتين ضد بعض و هذه بداية النهاية المحزنة و الدموية لاردوغان و حزبه و فتح ابواب جهنم على مصراعيه لتركيا و مستقبلها، و اكبر خطر فى هذه الخطوة هى مايقال عن استعانة اردوغان بقوات و ميليشيات دينية متعصبة و ارهابية مثل ميليشيات و عصابات داعش فى تركيا، وداخل سوريا و العراق لمصلحته السياسية و الاقتصادية منذ عام 2011و لحد الان.
و اخيرا و بعد القضاء على داعش فى كل من سوريا و العراق وبعد تحرير كافة الاراضى العراقية و السورية بجهود قوات الجيش و البيشمركة الكردية و الحشد الوطني السنية والحشد الشعبي الشيعية و قوات المعارضة السورية وخاصة القوات الكردية بقيادة PYD يرجع داعش الى احضان تركيا و اردوغان و هم يسببون له فى مشاكل داخل تركيا و لاردوغان و حزبه و هم المسبب الرئيسى فى زوال الحكم و السلطة لاردوغان و بهذا تكون تركيا على ابواب حرب داخلية طويلة الامد بين جميع مكوناتها العرقية و الدينية و مصير تركيا اليوم فى نفق مظلم و بلا نهاية، وكل هذا بسسب حب اردوغان للحكم و التسلط و البقاء فى الحكم و تغير النظام البرلمانى الى الرئاسى لمصلحته الشخصية وهو يريد ان يقوم بدور اكبر من حجمه فى المنطقة، ولكن تناسى بان شعوب المنطقة من ناحية و من ناحية اخرى الدول العظمى و سياساتهم و مصالحهم لم يقبلوا باى شخص مهما يكن دوره و فاعليته فى المنطقة بان يكون قويا و باقي فى السلطة لفترة طويلة و يصبح عائقا امام مصالحهم و من اولئك الرؤساء جمال عبد ناصر و حسنى مبارك و شاه ايران و صدام حسين و غيرهم.. لهذا يجب ان يكون هذا الانقلاب العسكرى درسا لن ينساه اردوغان و حزبه و يجب ان يتعامل بحكمة و حنكة سياسية كرجل دولة لا كمنتقم من شعبه و جيشه وان يرجع الى طريق الصواب و جادة الحق و حكم الدستور بديمقراطيه و الابتعاد عن حلم السلطان العثماني القديم الجديد و يامر بما امره ربنا و يرضي الشعب التركى.
&
كاتب كردى من كردستان العراق
التعليقات