&تحت عنوان" واقع حقوق الانسان في تركيا" قدمت السيدة سبنام فنجاني، أشهر طبيبة عدلية في تركيا،و رئيسة مؤسسة حقوق الانسان فيها، وناشطة فعالة في مجال حقوق الانسان، عرضاً امام البرلمان السويدي، أوضحت و تكلمت فيه بإسهاب عن الواقع الفعلي لحقوق الانسان في تركيا و خاصة في جنوب شرق تركيا (شمال كوردستان)، و قدمت صوراً و أدلة دامغة عن التدمير الواسع و الممنهج للبيوت و الاسواق و المباني السكنية، إضافةً الى الإنتهاكات الفظيعة لحقوق المدنيين العزل و خاصة في مدينة "الجزيرة".

و بعد الإنتهاء من أداء واجبها الوظيفي و الانساني في السويد، عادت الى تركيا، و لكن و بدلاً من تذهب الى بيتها و تشارك في زفاف إبنتها في مدينة أدنة، اُلقي القبض عليها في المطار مباشرةً و اُقتيدَت الى غرفة "العزل الإنفرادي" في سجن اسطنبول، تنتظر محاكمتها بِتُهم، قد تصل مدة السجن بسببها، الى 14 عاماً.&

و في لقاء صحفي مع ابنتها، قالت فيه ان كل افراد عائلتها كانوا يتوقعون ما حدث و خاصة بعد أن نشرت التقرير الخاص بها حول فظائع الإنتهاكات التي قامت بها القوات المسلحة و البوليس التركي في مدينة الجزيرة الكوردية و الذي أعدته بشكل تفصيلي انطلاقاً من مسوؤليتها كرئيسة لمؤسسة حقوق الانسان و كخبيرة في مادتي الطب العدلي و علم الامراض العدلي. و أردفت إبنتها قائلةً للصحفيين " لا احد منكم سيبقى في أمان من الآن فصاعداً في تركيا، هذه الدولة، سوف تسجن كل من يقول الحق و لا يتفق مع سياساتها و نهجها الحالي، و إذا ما تَمً احترامكم و دُعِيتُم يوماً لتقديم حديث في أي برلمان أو مؤسسة خارج تركيا، عن الواقع المزري للحريات في تركيا، فإن السجن ينتظركم في المطار.&

إن حكم السجن الذي صدر بحق السيدة فنجاني و بحق كلٍ من الصحفي المعروف "ايرول اوندراوغلو" ممثل منظمة "صحفيون بلا حدود" و كذلك السيد أحمد نسين وهو ابن الروائي الساخر الاسطوري " عزيز نسين"، احدثت صدمة قوية في كل من تركيا و العالم.&

و في الوقت نفسه، و للمرة الاولى في تاريخه، أعرب السيد امين عام الامم المتحدة" بانكي موون" عن قلقه الشديد من التطورات المتسارعة في مجال حقوق الانسان في تركيا، و ذلك أثناء لقائه مع السيد "كرستوفر ديلوير"، السكرتير العام لمنظمة " صحفيون بلا حدود".&

كما صرًحت السيدة فريدريكا موغريني، رئيسة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي، قائلةً، انً هذه الاعتقالات تعتبر خرقاً فاضحاً للحقوق الأساسية للمواطنين و منها حق " حرية التعبير"، و أن الإتحاد الأوروبي قد شدًدَ مراراً على تركيا، بإعتبارها مرشحة للإنضمام الى الإتحاد الأرووبي، على الإلتزام بالمعايير العالمية للديموقراطية و حقوق الإنسان قولاً وممارسةً.&

أما السيد، مارتن شولتز، رئيس الاتحاد البرلماني الاوروبي، و الذي كان قد صرح قبل يومين، بتعليق عملية منح المواطنين الاتراك تأشيرة فيزا الشنغن، بسبب " الأداء غير المقبول" للرئيس التركي أردوغان، غرًد على موقعه في تويتر، قائلاً" ان سجن السيدين، احمد نسين، و اوندراوغلوا، و السيدة فنجاني، انتهاك لحق حرية التعبير و القيم الاوروبية.&

إن الغضب بسبب سجن النشطاء الثلاث في مجال حقوق الإنسان و الحريات الاساسية للمواطنين، بلغ أوجَهُ في ألمانيا. حيث تم تحشيد كل الأحزاب و الفعاليات السياسية و الطلب من الحكومة الألمانية و الإتحاد الأوروبي بالضغط على الحكومة التركية للإفراج عن الموقوفين حالاً.&

إن التهمة المزعومة و الموجهة الى الناشطين الثلاث، هي، تضامنهم مع الصحيفة اليومية "اوزغوركورندم" الموالية لحقوق الشعب الكوردي المشروعة في تركيا و التي اعتبرتها الحكومة التركية، لسان حال حزب العمال الكوردستاني و اعتقلت كل العاملين في الجريدة. و منذ اذار الماضي، أعرب عدد من الاكاديميين الترك البارزين عن بَدئِهم بحملة تضامن مع الجريدة انطلاقاً من إيمانهم بحق حرية التعبير التي تكفله كافة الدساتير " المحترمة" في العالم.و منذ ذلك الحين، دأب هؤلاء الاكاديميون على ان يذهب واحد منهم يومياً الى مقر الجريدة المذكورة، و العمل بشكل رمزي كرئيس تحرير للجريدة. و النشطاء الثلاث الموقوفين، كانوا من الأوائل الذين تطوعوا للقيام بالمهمة، الى ان بلغ العدد الكلي للذين "تطوعوا لارتكاب هذه الجريمة!" 44 شخصاً!!&

القضاء التركي الذي فقد استقلاليته بشكل تدريجي بعد أن هيمن عليه " وعاظ السلطان" اردوغان، وَجَهَ الى المتظامنين مع الصحيفة، التهمة اليومية الجاهزة و التي باتت جزءاً من الحياة اليومية للمواطن التركي و هي "مساعدة الارهاب". و حسب القانون التركي الاخير و الذي فَصًلَهُ اردوغان على مقاسه و مزاج حزبه و المسماة بقانون " مكافحة الإرهاب"، يعتبر كل من يساعد الإرهاب!، إرهابياً هو الأخر. و النتيجة كانت، تكبيل أيادي النشطاء الثلاث بالكلبجات و إرسالهم الى السجن. و نفس المصير ينتظر الاكاديميين الاربع و الاربعون، و الصحفيين و كل من ساهم في حملة التضامن مع صحيفة " اوزغوركوندم".&

إن الذي حدث للنشطاء الثلاث سوف لن يردعهم عن القيام بواجبهم الأخلاقي و الوظيفي. لانه و بعد بضع ساعات فقط من سجنهم، قام السيد "جان دوندار" رئيس تحرير صحيفة جمهوريت التركية و الذي أصبح " رمزاً عالمياً"، بالذهاب الى مقر صحيفة اوزغوركوندم ليعمل رئيساً رمزياً لها و يجلس على كرسي الأخبار فيها. و لقد صرح بعد ذلك، انه مُصِر على "إرتكاب نفس الجريمة" التي إرتكبها المساجين المتضامنون مع الصحيفة.&

إنَ ما حدث ل (فنجاني و نسين و اوندواوغلو)، يعتبر حداً فاصلاً لواقع الحريات في تركيا. و قريباً، سنفهم فيما إذا قد إنجرفت تركيا كلياً الى نظام دكتاتوري إستبدادي، أم أنه لا يزال هناك بعض الأمل في عودتها الى طريق الديموقراطية ثانيةً.&