كتب الصحفي التركي المخضرم، السيد جنكيز جاندار ما يلي: من المعلوم ان السيد أردوغان خريج احدى مدارس الأئمة و الخطباء المتخصصة في اعداد رجال الدين في تركيا. في السبعينيات و الثمانينيات من القرن الماضي، كانت قوانين وزارة التربية في تركيا تنص، على ان يكمل خريجوا هذه المدارس دراساتهم العليا في علوم الدين فقط. و لكن السيد أردوغان يدًعي انه قد أكمل دراسة البكالوريوس في جامعة مرمرة- كلية الاقتصاد و العلوم الادارية؛ و للتسجيل في هكذا كليات، يجب ان يكون المتقدم من خريجي احدى الثانويات العامة و لا يجوز لخريجي معاهد و ثانويات الائمة و الخطباء التسجيل و التقديم لهكذا كليات حسب قانون وزارة التربية التركي. و من هنا بدأ التدقيق في صحة شهادة البكالوريوس و الوثائق التي قدمها عندما ترشًح لمنصب رئيس الجمهورية.&

الإدعاء او الاشتباه الاخير، هو ان شهادته الجامعية غير صحيحة، و اذا صح الخبر، فان النتائج ستكون وخيمة، لانه و حسب المادة 101 من الدستور التركي، يجب ان يكون رئيس الجمهورية التركية حاصلاً على الاقل على شهادة البكالوريس من احدى الجامعات المعترف بها. من الوهلة الاولى، قد تبدو هذه الإدِعات حول السيد أردوغان غير ذات أهمية، فالرئيس الآن يحكم في سنته الرئاسية الثانية، و حسب الناطق باسم الرئاسة التركية، ليس هناك اي خطأ في الموضوع و ما يثار حوله مجرد شائعات سخيفة!&

الإدِعات بدأت أول ألامر في (مفوضية الانتخابات العليا) من قبل القاضي السابق، عمر فاروق ايماناأوغلو، و هو المؤسس و الرئيس لرابطة القضاة و المُدَعين المشهورة في تركيا. و أعضاء هذه الرابطة يعتنقون في معظمهم العقيدة الكمالية و موالون لاحزاب المعارضة التركية و خاصة لحزب الشعب الجمهوري، كما ان هذا القاضي و جماعته يشتهرون بمعاداتهم لحزب العدالة و التنمية الاردوغاني الحاكم في تركيا. و هذا هو احد الاسباب التي جعلت الناس لا تعير انتباهً كبيراً لمسألة شهادة الرئيس في بادئ الأمر.&

و على الرغم من ان المفوضية العليا للانتخابات رفضت الالتماس الذي قدمه القاضي ايماناأوغلو، لكن حزب ديموقراطية الشعوب HDP، أخذ على عاتقه إثارة الموضوع ثانية و المضي في الطعن في صحة شهادة الرئيس، و إختارت المفوضية قبول طلب الحزب المذكور، و أرسلت له نسخة من الشهادة الجامعية التي قدمها الرئيس للمفوضية أثناء ترشحة لمنصب رئيس الجمهورية في إنتخابات آب 2014 الرئاسية. و قد وضع حزب HDP، نسخة منها على موقع تويتر. و بعد ذلك، دخل الخلاف حول مسألة شهادة الرئيس مرحلته الثانية و المهمة و حازت على متابعة و اهتمام الكثير من الشعب التركي. وهناك بعض الأدلة القوية التي تشير الى ان شهادة ألبكالوريوس التي قدمها الرئيس قد تكون مزورة!.&

النسخة المنشورة على موقع تويتر، تؤكد ان الرئيس قد تخرج من كلية الاقتصاد و العلوم الادارية في جامعة مرمرة في عام 1981، و هي موقعة في اسفلها من قبل كلٍ من رئيس الجامعة و عميد الكلية المذكورة. و هنا تكمن المشكلة في الحقيقة، لانه لم تكن هناك جامعة بهذا الاسم موجودة اصلاً في تركيا في عام 1981، و ان جامعة مرمرة قد تأسست فعلياً في تركيا في عام 1982، و الكلية التي تخرج منها أردوغان قد ارتبطت بهذه الجامعة في عام 1983، و قبل هذه المدة كانت معهداً عالياً يسمى ( أكاديمية الاقتصاد و العلوم التجارية)!؟. إذن، كيف تمكن أردوغان من توقيع شهادة جامعية من جامعة و كلية لم تكن موجودة أصلاً في التاريخ الموجود على شهادته الجامعية المزعومة التي قدمها للحصول على موافقة المفوضية العليا للانتخابات و الترشح لمنصب الرئيس؟ و لهذا السبب ايضاً، يسعى حزب HDP على المضي قدماً في دعواه. و من الجهة الاخرى للطيف السياسي التركي، قدّم السيد "كوكجي فرات" و هو ناشط عنصري تركي معروف وأحد المعادين للكورد، أدلًة مفصلة حول تزوير شهادة الرئيس اردوغان.&

و إذا اُخذت هذه الادعات بجدية، فإنها ستثير اسئلةً و شكوكاً قانونية كبيرة في تركيا. و إذا ما ثبت ان أردوغان كان غير مؤهل قانونياً لمنصب الرئيس، فإن كل ما أصدره ووقَعه و طبقه من القوانين و التعليمات و الاوامر الرئاسية تعتبر باطلة و فاقدة للشرعية القانونية. و سياسياً، ستشكل هذه القضية ذخيرةً حية لمنتقديه و أعدائه الذين يزدادون يوماً بعد يوم. على سبيل المثال، و بعد الانتقادات الكبيرة التي وجهها اردوغان لاعضاء البرلمان الالماني من اصل تركي عندما صوتوا لصالح قرار البرلمان الالماني في قضية الابادة الجماعية للارمن، فإن احد هؤلاء البرلمانيين " سافيم داكديفرين" من حزب اليسار الالماني، صرًح بأنه يجب منع اردوغان من الدخول الى ألمانيا بسبب تصريحاته العنصرية، لأن أي تصريح عنصري يعتبر جريمة حسب القضاء الالماني. و هناك حالياً العديد من البرلمانيين الالمان و من الاصول التركية ايضاً الذين بإمكانهم توجيه " تهم عنصرية" للسيد أردوغان. و إذا ما ثبت ان شهادة أردوغان مزورة، فإن مصداقية منصبه الحالي كرئيس لتركيا، ستكون مادة دسمة لمعارضيه في الداخل و الخارج لكي يطعنوا في شرعيته و شرعية كل ما قام به في منصبه الحالي.&

إن إثارة هذا الموضوع في تركيا سيكون صعباً لأن اجهزة الاعلام التركية قد سقطت كلها تقريباً في يد أردوغان و حزبه و من الصعب على أي منها ان "تسبب المتاعب للسيد الرئيس"! و لكن إذا ما ثبت تزوير الرئيس لشهادته الجامعية، فإنه حتى "أجهزة الاعلام الخَنوعَة و المُذعِنة" سوف لن تتمكن من تجاهل او تجنب هذه الفضيحة المجلجلة و التي ستكون لها تداعيات و مضاعفات و أبعاد عالمية بالاضافة الى عواقبها الداخلية.&

&