• من المعلوم ان مفهوم النظام الديمقراطى بشكل بسيط و بعبارات ابسط عبارة عن نظام الاكثرية و حكم الشعب نتيجة فوز المرشحين عن الاحزاب السياسية و الاشخاص المستقلين فى الانتخابات العامة و السرية بدون التزوير و الغش و بعيدا عن استخدام القوة والمال العام لصالح الحكام و الحزب و القيادات الحزبية لكى يستمرون و يبقون فى الحكم، وايضا عبارة عن تغير الوجوه و العقول و الاجسام بين فترة و فترة اقلها 4 اعوام او 5 اعوام،وتبادل السلطة بطريقة سهلة و سلمية، وايضا العمل المشترك فيما بين جميع المكونات الشعب من اجل تقدم و تطور المجتمع.

• والنظام الديمقراطى اساسا مبنى على عدد من المبادىء الاساسية الا وهم،صيانة الحريات و احترام للحقوق الانسان و المراة و العدالة الاجتماعية و العمل المشترك و الاخوة و الحفاظ على امن و سلامة المواطنين و صيانة الدستور و العمل لتثبيت اركان الدولة و النظام بشكل مؤسساتى بعيدا عن ظواهر المقرفة مثل الفساد و المحسوبية و المنسوبية وحكم الفرد و العائلة، و ايضا النظام الديمقراطى عبارة عن نظام مدنى اساسها المواطنة الحقيقية بعيدا عن الديانات و المذاهب.

• والمعروف ان النظام الديمقراطى ليس نظاما نموذجيا بدون مشاكل و الخلل و الثغرات ولكن براى جميع المفكرين و السياسيين و المثقفين هو افضل نظام للحكم و ادارة البللاد و المجتمع، و نموذج هذا النظام هو كل الانظمة الديمقراطية و الحاكمة فى الدول الغربية والاوروبية و امريكا و دول اخرى حتى الشرقية مثل ماليزيا و اندونسياو كوريا الجنوبية و اليابان و غيرهم.

ولكن مع الاسف مرات عديدة ياتى اشخاص من قيادات الحزبية عن طريق الانتخابات و الراى الاكثرية الى داخل برلمان و حكومات و حتى رئاسة الجمهورية ولكن بعد تسلمه السلطة و حبه للتسلط و الانفرادية و العيش فى الملذات الحياة و الاستمتاع بامتيازات الكثيرة المادية و المعنوية من تلك المناصب ، ينمو في داخله و مشاعره احساسا غريبا لكى يبقى فى منصبه لاطول مدة ممكنة شرعيا او بدون شرعية من الدستور و القوانين، امثالهؤلاء كثيرون جدا وخاصة فى بلدان الشرقية و الافريقية لانهم من اساسهم ليسوا اناسا ديمقراطيين بل اناسا انتهازيين و محبى السلطة و الامتيازات و حب الانفراد و الدكتاترية.ما معناه ان العيب ليس فى طبيعة النظام الديمقراطى بل العيب فى الاشخاص و كيفية تفكيرهم و رؤياهم للحياة و الادارة و الحكم و المجتمع.

• الان وفى جمهورية تركيا و الوريث لامبراطورية العثمانية البائدة و بعد اكثرمن 79 سنة من حكم العلمانيين و الانفراديين و العسكريين فى السلطة التركية منذ عام 1923 وقت انشاء الدولة التركية الجديدة على يد مصطفى كمال اتاتورك و لحد عام 2002 وقت مجيى اردوغان و حزبه العدالة و التنمية للحكم، تركيا تعتبر دولة دكتاتورية و ظالمة لحقوق الاقليات القومية و الدينية و المذهبية مثل الكرد و العلويين و الجركس و الارمنيين و الاشورييين و غيرهم. و دولة العسكر و الانقلابات العسكرية ولم تحترم اى حقوق مدنية او دينية او قومية او مذهية لتلك المكونات الرئيسية للمجتمع التركى و حكمت تركيا بسياسة الحديد و النار تجاه هؤلاء المكونات و لم يحترموا لا الدستور و لا القوانين الانسانية و لم يراعى حقوق الانسان، ولكن فى بداية حكم الاسلاميين المعتدلين كامثال حزب العدالة و التنمية بقيادة اردوغان و عبدالله غول و غيرهم كفرع من حركة اخوان مسلمين العالمية و نجاحاتهم المستمرة لاربعة جولات من الانتخابات العامة و حصولهم على اكثرية البرلمانية انتعشت شعور عند كل المكونات المجتمع التركى للتعايش السلمى و الاخوة و العدالة و تثبيت السلام و الاستقرار السياسى و الاقتصادى و الامنى و الاجتماعى، ولكن و بعد 14 عاما من الحكم الانفرادى من قبل حزب العدالة و التنمية ورئيسه و مؤسسه طيب رجب اردوغان الرئيس الحالى لجمهورية تركيا و طموحاته الشخصية و احلامه العثمانية السلطانية و(( بان طورانية )) انقلبت الاوضاع على راس العقب و تبددت الاحلام بكل المكتسبات و انتشرت روح الخوف و الياس و الظلامية على كل المستويات ،لان روحالطغيان و الانفرادية و الدكتاتورية بدت على السطح لانه فى الاصل موجود فى دم و عقل و لا الشعور القيادات الحزبية لحزب العدالة و التنمية و على راسهم اردوغان التى يريد ان يكون الزعيم الاوحد وصاحب القرار الاول و الاخير فى تركيا و حتى فى المنطقة برمتهاوهو سبب فى استمرار الازمة السورية و العراقية و هو السبب فى اشتعال التناحرات السياسية والعسكرية مع كل من مصر و روسيا و ايران و سعودية و اسرائيل لانه يتخبط من اجل طموحاته الشخصية وهو يريد ان يكون مثل الرئيس الامريكى فى الصلاحيات و مثل بوتين الرئيس الروسى القوى و صاحب النفوذ و القرار الحاسم وهو يريد ان يكون قرارته بدون رجعة و بدون نقد و ينفذ بدون مناقشات و وبدون التردد.

• ولان هو يخطو خطوات كبيرة و سريعة نحو الدكتاتورية و الانفرادية بالسلطة عن طريق التغيرات الدستورية و الاستفتاء الشعبى لاقرار تلكالتغيرات بمشاركة و مباركة الحزب القومى التركى (( MHP )) بقيادة دولت باخجلى القومى و المتعصب جدا ضد الكرد و الحزب العمال الكردستانى نتيجة تفاهم و اتفاق سياسى بينهما و تنازل كبير من جانب اردوغان و قبول شروط الحزب القومى فقط من اجل تمرير مشروعه فى التفير الدستورى من اجل طموحاته الشخصية و ليس من اجل سواد عيون الشعب و النظام الديمقراطى . والحزب القومى التركى يطالب باعادة حكم الاعدام الى الدستور التركى لكى يعدم الرئيس و القائد الخالد و السجين (( منذ عام 1999 فى سجن ايميرالى)) الزعيم الكردى وحزب العمال الكردستانى عبدالله اوجلان و معارضة كل من الاحزاب السياسية من الحزب الشعب الجمهورى(( JHP)) و الحزب الشعوب الديمقراطية (( HDP)) و كل المنظمات المجتمع المدنى، ولكن هو و حزبه و الحزب القومى لا يبالون باراء و مقترحات و مواقف تلك الاحزاب و القيادات السياسية و المدنية.

• وهم الان من تاريخ 9/1/2017 بداوا بتخصيص جلسات البرلمان التركى لمنقاشة تلك الحزمة من التغيرات لصالح الرئيس الجمهورية و صلاحياته الكثيرة و الواسعة والخطيرة على مستقبل النظام الحكم الديمقراطى فىتركيا، ومن المقرر ان يستمر تلك المناقشات بحدود 20 يوما و بعد تصديقهمن قبل اكثرية البرلمانية 330 صوت (( 317 العدالة و التنمية و 40 الحزب القومى)) وهكذا نتيجة التحالف السياسى بين الحزبين تستطيعون و بسهولة الحصول على اكثرية البرلمانية بدون احتياجهم للاصوات الحزبين الاخيرين من الشعب الجمهورى(( 134 صوتا)) و الشعوب الديمقراطية(( 59 صوتا))من اصل 550 صوت . ومن المقرر ان تكون التغيرات الدستورية تضع امام ايدى الشعب التركى لتصديقها فى عملية استفتاء عام والتى من المقرر ان تجرى فى اوائل شهر نيسان القادم.

• ومن جملة الاقتراحات و التغيرات الدستورية وكلها لصالح الرئيس و صلاحياته هى:

1.الرئيس يكون رئيسا تنفيذيا.

2. يلغى منصب رئيس الوزراء.

3.علاقة الرئيس مع حزبه لا ينقطع.

4.للرئيس الحق فى اصدار القرارات.

5.للرئيس الحق فى تحديد نصف عدد هيئة القضاء.

6.الرئيس يختار الادعاء العام.

7.تلغى المحكمة العسكرية.

8. للرئيس الحق فى تقليل عدد الاعظاء المحكمة الدستورية الى 15 شخصا وبدون مشاركة اشخاص عسكريين.

ومن المقرر ان تجرى الانتخابات المحلية فى شهر ايار 2019 و شهر تشرين الثانى انتخابات عامة للبرلمان و الرئيس الجمهورية.

واذا حصلت الموافقة داخل برلمان التركى و من قبل اكثرية الشعب التركى على كل هذه التغيرات، فان تركيا و اردوغان تتجهان نحو النظام الدكتاتوري والفردي بدلا من تثبيت اركان النظام الديمقراطى و تكون نظام الديمقراطى فى محل كان، و ليس لاى شخص او حزب اى رائىاو ثقل و تكون تركيا الغد مختلفة تماما عن تركيا الامس.

لنكون منصفين و ننظر بعين الانصاف الى عدد من تلك الاقتراحات واذا دققنا فى تلك التغيرات فان كل التغيرات ليسوا بعمل غير جيد لان عددا من التغيرات فى صالح تقليل و تحجيم السلطات العسكريين فى الحكم و الادارة ، ولان خوف اردوغان من الانقلابات العسكرية خوفا حقيقياو دائميا بعد الانقلاب العسكرى الفاشل فى العام المنصرم و هو يريد الحد لطغيان العسكريين ولكن فى الحقيقة الكل يخاف من طغيان اردوغان نفسه لانه هو يقول الحق و يراد به الباطل وهو يريد ان تكون النظام التركى مثل النظام الرئاسى الامريكى ولكن الفرق واسع جدا بين التفكير و عقلية امريكا و تركياو قياداتها و احزابها و افرادها.لان النظام الامريكى نظاما ديمقراطيا حقيقيا له جذوره التاريخى و عمره اكثر من 200 عام ولكن تجربة تركيا فى الديمقراطية فى بداياتها و اوائل عمرها،لهذا الخوف من طموحات و احلام اردوغان و عائلته و هو من الان بداء بتقريب و اشتراك اشخاصا من عائلته فى الحكم و المناصب العليا فى الدولة مثل صهره (( برات بيرق )) 35 عاما كوزير الطاقة التركية.

• اخيرا ان اردوغان و طموحاته الكثيرة و الكبيرة تتجهان نحو الانفرادية و سلطوية لاطول مدة ممكنة ولكن فى اخير المطاف يجب ان يرضخ لحكم التاريخ و التغير مثل باقى الرؤساء و الملوك و الطغاة وانه و حكمه يزولان فى اى دقيقة او اية ساعة لا محالة، لان الشعب و جماهير التركية و القيادات الحزبية من المعارضة و المنظمات المجتمع المدنى لا يقبلون بحكم دكتاتورى و شخصى كاردوغان و حزبه العدالو التنمية الى الابد، لانه خلال العام المنصرم عمل بكل جهد للحد من الديمقراطية و الحريات و تحقير حقوق المدنيين و العسكريين و الاقليات القومية و الدينية و المذهبية وهو الان فى مهب ريح عاتية على حكمه و سلطانه و هو على مستوى الداخلى و الاقليمى و حتى الدولى نظاما منبوذا و غير مرحب به ردا على تصرفاته و معاملاته مع مشاكل المنطقة و الدول الجوار و تعاونه المكشوف مع الارهابيين من عصابات داعش و غيره ولكن بحكم منطق امر الواقع (( ديفاكتو )) هو باقى فى الحكم و يتعاملون معه ولكن ايامه غير طويل للابد.و هو مثل اسلافه من الحكام الشرقيين يجب ان يزاح من كرسى الحكم لو الى السجن او الى القبر.