زيباري: الإنسحاب الأميركي جاء في الوقت المناسب
عبد الجبار العتابي من بغداد، وكالات: تسلمت القوات العراقية اليوم الثلاثاء مهام الأمن في المدن بعد انسحاب القوات الاميركية منها بموجب الاتفاق الامني المبرم بين بغداد وواشنطن نهاية عام 2008 الماضي، في يوم وصفه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بـquot;العيد الوطنيquot; داعيا الى تجاوز الخلافات الداخلية، فيما شكر الرئيس العراقي جلال الطالباني قوات التحالف مؤكدا أن الأمن لن يستتب بالكامل الا في ظل مصالحة وطنية. واعتبرت الحكومة العراقية هذا اليوم quot;يوم السيادة الوطنيةquot;، وأمرت بتنظيم احتفالات عسكرية ومدنية واسعة احتفاء بهذه المناسبة.
القوات الاميركية تكمل انسحابها من المدن العراقية
ووجّه المالكي والطالباني كلمتين متلفزتين الى الشعب العراقي صباح اليوم أكدا فيهما قدرة القوات العراقية على مواجهة التحديات الامنية والخروج منها quot;مرفوعة الرأسquot;. وقال المالكي ان quot;هذا اليوم عيد وطني وانجاز مشترك لكل العراقيين وثمرة لتضحيات وجهود كل الشعب العراقيquot;، مشيدا بالجهود التي بذلت لاعادة بناء القوات المسلحة كي quot;لا تعود أداة قمع بيد الحاكم كما كان سابقاquot;، في إشارة الى نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ودعا العراقيين وقواهم السياسية الى الوقوف صفا واحدا خلف القوات الامنية العراقية، quot;وأن لا ننظر الى مسألة الانسحاب من زاوية الحزبية الضيقةquot;. كما حث على تجاوز الخلافات من منطلق الوحدة الوطنية والتحلي بالحكمة في مواجهة التحديات التي تواجه العملية السياسية. وقال المالكي quot;نحن نتطلع الى الاستحقاق الاكبر نهاية 2011 المتمثل بالانسحاب النهائي للقوات الاجنبية من العراقquot;، مؤكدا ان اتفاق سحب القوات يسير وفق الجداول الزمنية المتفق عليها بين الحكومتين العراقية والاميركية.
وشدّد على ان الحكومتين تعملان بدقة على تنفيذ بنود الاتفاق الأمني المبرم بينهما. وأكد قدرات القوات العراقية على ملء الفراغ الأمني الحاصل نتيجة انسحاب القوات الاميركية من المدن، منتقدا كل من يشكك بهذه القدرات. وأضاف quot;يرتكب من يعتقد ان العراقيين عاجزون عن حماية الامن في بلادهم خطأ فادحا كما يخطئ من يظن ان انسحاب القوات الاجنبية سيترك فراغا أمنيا يصعب على القوات العراقية ملأه (...) ان مروّجي هذه الشائعات يوجّهون إساءة للعراقيين الذين أثبتوا قدرتهم على صنع الحياة وبناء دولة القانونquot;.
ولفت المالكي الى أن quot;المشككين أنفسهم كانوا يقولون ان القوات الاجنبية ستبقى بالعراق عشرات السنينquot;، محذرا من ان quot;حملة التشكيك بجاهزية قواتنا تعطي الضوء الاخضر للارهابيين لارتكاب مزيد من الجرائم ضد العراقيينquot;. واشار إلى أن سحب القوات الاجنبية من المدن يتزامن مع التنامي المتسارع في اداء وجاهزية القوات الأمنية التي اثبتت قدرة فائقة في عملية التصدي والحاق الهزيمة بالخارجين عن القانون. ودعا المالكي القوى السياسية والشعب للثقة بقدرة القوات الامنية على تحمل المسؤولية، كما طالب الدول العربية والاسلامية والمجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم من اصحاب الفتاوى التكفيرية.
كما انتقد الجهات المسلحة التي رفعت السلاح بوجه الاميركيين تحت شعار quot;إخراج المحتل من العراقquot;، وقال quot;لقد اتخذوا من شعار المقاومة وسيلة للارتزاق وكسب الاموال والسياحة في عواصم العالم (...) هؤلاء هم أكثر الخاسرين من انسحاب القوات الاجنبية خلافا لادعاءاتهم الكاذبةquot;. واعتبر أن يوم انسحاب القوات الاميركية من المدن هو quot;يوم فرحة للعراقيين ويوم عزاء لاعداء العملية السياسية والوطن والانسانية ودولة القانونquot;، حاثا الدول العربية والاسلامية والمجتمع الدولي على اتخاذ موقف حازم من أصحاب الدعاوى التكفيرية والقتل والارهاب.
من جانبه عبّر الطالباني عن شكره quot;للاصدقاء من قوات التحالفquot;، مضيفا أن quot;الواجب يقتضي ونحن نحتفل في هذا اليوم، ان نعرب عن شكرنا وامتناننا لاصدقائنا من قوات التحالف الذين تحمّلوا الاعباء والاخطار وتكبدوا معنا خسائر بشرية ومادية، اثناء تخليص العراق من ابشع نظام استبدادي، ثم اثناء العمل المشترك في سبيل استتباب الامن ولإشاعة جو الاستقرار والطمأنينةquot;.
ودعا الطالباني الى عدم نسيان quot;مرارة الخسائر التي تكبدناها خلال الفترة الماضية بسبب المحاولات المتكررة واليائسة التي يقوم بها الارهابيون من 'القاعدة' وفلول 'الصداميين' (في إشارة الى أتباع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين) بهدف زعزعة الاستقرار وبث روح الهلع، والايهام بعجز الحكومة عن الامساك بالملف الأمنيquot;.
وأثنى على الجهود التي تبذلها القوات المسلحة العراقية، غير أنه لفت الى أن الامن لن يستتب بالكامل الا في ظل مناخات سياسية مواتية، وتحت خيمة المصالحة الوطنية وتحقيق وحدة وطنية حقيقية وتعزيز حكومة الوحدة الوطنية quot;تضم جميع القوى المؤمنة بالمسيرة الديمقراطية وتجسيد المشاركة الحقيقية في إدارة البلادquot;. ووضعت قوات الجيش والشرطة والمخابرات العراقية اليوم في حالة تأهب قصوى لمواجهة أي موقف من شأنه إثارة أعمال عنف أو القيام بتفجيرات استغلالا للفراغ الامني الذي يمكن أن ينشأ نتيجة انسحاب القوات الأميركية الى قواعد خلفية.
ورغم التطمينات التي حرص المسؤولون العراقيون على تأكيدها بشأن جاهزية القوات العراقية وقدرتها على مواجهة جميع التحديات الامنية، غير ان العراقيين ينتابهم القلق من احتمالات تدهور الوضع الامني على خلفية الانسحاب الاميركي من المدن. وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف قال في تصريح للصحافيين عشية موعد الانسحاب، ان جميع القوات الامنية العراقية وضعت في حالة تأهب قصوى بينما جرى تعليق الاجازات وتكثيف الوجود الامني في الشوارع والساحات العامة والاحياء في أنحاء البلاد تحسبا لأي أعمال عنف.
وقال خلف ان الجهات الامنية الحكومية اتخذت جملة من التدابير الامنية في انحاء العاصمة العراقية من بينها إغلاق بعض الطرق وتفتيش السيارات تفتيشا دقيقا بحثا عن المتفجرات والعبوات اللاصقة الناسفة. وكانت الحكومة العراقية وقيادة القوات الاميركية قد شكلتا مركز تنسيق مشترك يحدّد طبيعة دور القوات الاميركية في العمليات العسكرية لما بعد مغادرتها المدن.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما وعد بسحب جميع الوحدات الأميركية المقاتلة من العراق بنهاية أغسطس/آب 2010 والابقاء على مابين 35 الى 50 ألف عسكري اميركي بالعراق بعد ذلك التاريخ لتدريب القوات العراقية وحماية المصالح الأميركية، على ان يتم الانسحاب الشامل بنهاية عام 2011 وفق ما نصّت عليه الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن.
وبموجب الاتفاقية الأمنية المبرمة بين واشنطن وبغداد نهاية العام الماضي، فان مهام الجيش الأميركي في العراق البالغ عديده نحو 131 ألف عسكري ستتركز على القضايا الاستشارية والتدريبية بعد سحب قواته من المدن، بينما سيواصل عملياته القتالية وتسيير دورياته الأمنية خارج المدن بالتنسيق مع الجهات الامنية العراقية.
التعليقات