الهاشمي ينضم إلى مطالب التصالح مع عناصر النظام السابق
المالكي يدعو المعارضين إلى العودة والعمل من داخل العراق

أسامة مهدي من لندن: دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي المعارضين العراقيين إلى العودة إلى العراق والعمل من داخله واعدًا بعدم محاسبة ايّ منهم، مؤكدًا على ضرورة تصحيح مسارات العمل السياسي وحصر الخلافات بين السياسيين بروح من التسامح... فيما انضم نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إلى الدعوة لمصالحة مع من عملوا مع النظام السابق، مؤكدًا أنه لا بد من تبني شعار quot;عفا الله عمّا سلفquot;، وحذّر من خطورة الفساد المالي، مشيرًا إلى أن العراق قد يواجه العام الحالي وضعًا ماليًا واقتصاديًا صعبًا لم يشهده في تاريخه القديم والحديث. وقال المالكي خلال كلمة في مؤتمر عشائر العبيد العراقية في بغداد اليوم ان البعض من الظالين يتعاملون مع الناس على اساس المذهب والانتماء الطائفي والعرقي ويقتلون من يختلف معهم في هذه الانتماءات.

وشدد بالقول : لا للتمييز الطائفي والعرقي مشيرًا الى ان الارهاب الذي ساد العراق خلال السنوات الاخيرة قد ادى الى تشريد العراقيين الذين هربوا من عمليات القتل العشوائية التي تغلفت بشعارات دينية ووطنية وهي بعيدة عنها. وطالب المالكي معارضي النظام الجديد في العراقي الى العودة الى البلاد والتحدث والانتقاد من داخله للحكومة او لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء. واكد ان عودة المعارضين ستكون بلا محاسبة او لوم. وقال ان من يريدون العودة للمساهمة في بناء العراق فان quot;قلوبنا مفتوحة لهم ومتسامحة معهم من اجل بناء العراق وهذا الامر اصبح واقعا وعادت البلاد الى محيطها العربي والاسلامي والى مجتمعها الدوليquot;.

ودعا الى عدم الخضوع لطروحات بعض الفضائيات المغرضة وللسياسيين الذين يفضلون مصالحهم الحزبية الضيقة على المصالح الوطنية. واضاف ان المصالحة التي بداتها حكومته تنطلق من قلوب مفتوحة موضحا انه حين بدات مساعي هذه المصالحة عام 2006 كانت القلوب متخوفة من عودة الماضي بما اتصف به من الالغاء والعنصرية والطائفية والقتل على الهوية. لكن رئيس الوزراء شدد على ان المصالحة لن تكون مفتوحة للذين اجرموا بحق العراقيين موضحا ان الدستور يسمح لكل من يريد ان يلتحق بالعملية السياسية ان يفعل ذلك بعيدًا عن الطائفية ومحاولات تقسيم العراق او تمزيق وحدة العراقيين طائفيًا وعرقيًا.

واضاف ان العراق لن يدار بعد الان بقومية واحدة او طائفة واحدة او حزب واحد، مشيرًا الى ان الجيش العراقي سيبقى بعيدًا عن الحزبية محترفًا مهنيًا من اجل حماية العراق وامنه واستقراره. واقر بانه كان يقتل يوميًا في العراق قبل استقرار الامن فيه حاليًا مئة شخص في العاصمة بغداد وحدها لكنه شدد على ان القوات الامنية تستكمل الان عمليات القضاء على العابثين بالامن من الارهابيين والخارجين على القانون.

وشدد المالكي على ضرورة انهاء السياسيين لمشاحناتهم وتصحيح مسارات العمل السياسي وحصر الخلافات والجلوس جميعا بمحبة من اجل التفاهم والتراضي. وقال quot;لنعمل معا على وقف التداعيات خاصة مع الانتهاء من الظروف الاستثنائية التي حتمت محاربة الارهاب والتفرغ الان للبناء وتقديم الخدمات والاتجاه نحو محاربة الفساد المالي والضالعين فيه من المفسدين. وشدد على ضرورة انهاء الخلافات السياسية وحالات التخندق بين السياسيين ومراجعة المواقف من قبل الجميع : الحكومة والاحزاب والسياسيين والعشائر خاصة مع استقرار الاوضاع واستباب الامن.. مؤكدًا على ضرورة مراجعة كل المواقف السابقة واعتماد الحوار الوطني بعيدا عن التقاطع ومحاولات تسقيط الاخر.

ومن جهته، عارض زعيم قبائل العبيد أنور العاصي في كلمة له نظام الفيدرالية المطبق في العراق وقال انه اذا كان هذا النظام قد نجح في بعض البلدان الا انه لا يناسب العراق الذي يحتاج الى حكومة مركزية قوية قادرة على فرض القانون واجراء اصلاحات حقيقية لاوضاع البلاد. ودعا الى جهود لإلغاء القرارات التي اتخذها الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر في حل الجيش العراقي وعدد من الوزارات الامر الذي خلف بطالة واسعة استغلها الارهاب الذي دخل بسبب ذلك الى اوساط شعبية لم تكن ترغب بذلك. واشار الى ان بعض الشخصيات السياسية تستأثر بالموارد العامة للدولة وتستغلها لمصالحها الخاصة.

ودعا رئيس الوزراء نوري المالكي الى معالجة هذه القضايا التي ابعدت قطاعات من العراقيين عن المساهمة في العملية السياسية والمشاركة في اعادة اعمار البلاد. وشدد على ضرورة السير في التسامح والتسامي على الجراحات لانجاز عملية المصالحة الوطنية مؤكدا الحاجة الى اعادة النظر بقانون المساءلة والعدالة البديل عن قانون اجتثاث البعث من خلال منح التقاعد للعناصر التي عملت سابقا في حزب البعث والسماح للاخرين للمشاركة في اعمار بلدهم من خلال اعادتهم الى وظائفهم.

واشار الى ضرورة اعادة النظر في دستور البلاد وبما يؤكد عروبتها واسلامها مع الحفاظ على حقوق جميع مكونات الشعب العراقي. وطالب بالمحافظة على هوية محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط والعمل على عدم استئثار اي من مكوناتها على الاوضاع فيها وقال ان كركوك يجب ان تحظى بمشاركة جميع ممثليها في ادارتها بعيدا عن سيطرة احزاب معينة او الاستقواء بالجهات الاجنبية. واكد رفض العشائر لاستغلالها لاجندات سياسية خاصة ببعض القوى وقال ان العشائر ستظل لكل العراقيين وتعمل باخلاص من اجل بلدها.

الهاشمي ينضم لمطالب التصالح مع عناصر النظام السابق

ومن جهته اكد الهاشمي وهو زعيم الحزب الاسلامي السني في كلمة لدى مشاركته في احتفال لمناسبة المولد النبوي بمسجد ابي حنيفة النعمان في بغداد الليلة الماضية أنه ldquo;لا مناص ولا مجال ولا تأجيل ولا تسويف إلا بتبني المصالحة الحقيقية التي أساسها (عفا الله عما سلف) وأن نستعيد الجيش السابق وموظفي الوزارات التي انحلت وكل ذي خيرquot;. وقال ان النبي محمد قد نجح quot;في إقامة دولة العدل والمساواة وكانت دولة مثالية فهل نحن ناجحونquot;.. وشدد بالقول quot;نريد رجالا يحبون بلدهم يؤتمنون على المال العام يتمتعون بالنزاهة وبالخير وبالمهنية العاليةquot;. واضاف quot;نريد رجالاً يعتبرون الوظيفة تكليفا لا تشريفًا وأن الموظف في الدولة العراقية أيا كان موقعه مدفوع الأجر وعلى هذا الأساس هو خادم للعراقيين وليس عبئا أو وصيا عليهمquot;.

وتساءل قائلا quot;أين هو هذا الموظف الذي نحن بأمس الحاجة إليه لنضع هذا المعيار ولننتهي إلى الأبد هذه الثقافة التي أبعدت مواطنا كفوءا مخلصا لأنه لم ينتم إلى هذه الفئة أو تلك لأنه لم يندرج تحت ثقافة الطائفة أو التمايز السياسي أو الحزبي إنما جاء مخلصا كل ما لديه مهنيته العالية وحبه لبلدهrdquo;. واشار الى ان هذا الموظف قد ldquo;استبعد لأنه لم ينتم إلى هذا الحزب أو ذاك ولا ينتمي لهذا العرق أو ذاكrdquo;. واكد قائلا quot;لدينا الخزين من الكفاءات والمهارات ما ينبغي استقطابها بأسرع وقت ممكن وليست هناك ثقافة لاستيعاب كل هذه الطاقاتrdquo;.

وفي اشارة الى الفساد المالي والاداري الذي يضرب اجهزة الدولة حذر نائب الرئيس العراقي من ان بلاده ستعاني مشكلة مالية هذه السنة في حال استمرار الحال على ما هي عليه وقال ان quot;العراق ربما لم يواجه وضعا ماليا واقتصاديا في تاريخه القديم والحديث بهذا السمتوى وعلى هذا الاساس لامناص ولا مجال للتأجيل أو التسويف الا باعادة النظر بمن كلف بالوظيفة العامة.quot; وقال quot;نريد رجالا يحبون بلدهم يؤتمنون على المال العام يتمتعون بالنزاهة وبالخير وبالمهنية العالية ونريد رجالا يعتبرون الوظيفة تكليفا لاتشريفا وانه موظف في الدولة العراقية ايا كان موقعة في الدولة العراقية هذا الموظف مدفوع الاجر وعلى هذا الاساس هو خادم للعراقيين وليس عبئا عليهم وليس وصيا عليهمquot;.

دعوة منسجمة مع تحقيق المصالحة

واعتبرت مصادر عراقية تحدثت مع quot;ايلافquot; ان رفع الهاشمي لشعار quot;عفا الله عما سلفquot; لتحقيق المصالحة الوطنية يأتي انساجاما مع دعوة ممائلة رددها المالكي خلال الايام الثلاثة الاخيرة بأطلاقه بدوره لشعار quot;ان ماحصل قد حصلquot; داعيا الى توسيع المصالحة الوطنية لتشمل حتى مع من عملوا مع النظام السابق. واشارت الى ان هذه الدعوة تهدف الى الاستعداد لعدد من الاستحقاقات وفي مقدمتها الانتخابات التشريعية المنتظر اجراؤها اواخر العام الحالي وتعديل الدستور.

فقد دعا المالكي خلال مؤتمر عشائري السبت quot;الجميع الى المصالحة التي ليست مرحلة قد انتهتquot; بعد ان اكد الجمعة استعداده لمصالحة الذين quot;اضطروا الى العمل مع النظام السابقquot; شرط عودتهم الى الصف وطي quot;صفحة هذا الجزء المظلمquot; من تاريخ العراق. وهي المرة الاولى التي يعلن فيها المالكي استعداده لمد يده الى من عمل مع حزب البعث بعد ان كان الحديث عن ذلك من المحظورات في السابق. لكن المصادر اشارت الى ان الذين تعاونوا مع النظام السابق يشترطون تعديل الدستور بالنسبة إلى الفيدرالية لكي يوافقوا على دعوة المالكي إلى المصالحة. وجدد المالكي السبت دعوته الى تغيير الدستور بعد ان كرر ذلك اواخر العام الماضي.

كما ارسلت وزارة الدفاع العراقية مؤخرا ممثلين عنها الى خمس عواصم عربية هي القاهرة وعمان ودمشق وصنعاء ودبي لحسم قضايا منتسبي الجيش السابق اما باعادتهم او احالتهم الى التقاعد وذلك ضمن السعي الى تحقيق المصالحة الوطنية. واوضحت ان عديد افراد الجيش السابق يقدر بحوالى 450 الف عسكري يتسلم حالبا حوالي نصفهم فقط مرتبات تقاعدية او التحقوا مجددا بالخدمة العسكرية. وكان المالكي قد اطلق عملية المصالحة الوطنية في حزيران (يونيو) عام 2006 بينما كانت البلاد غارقة في خضم اعمال عنف طائفية اودت بعشرات الالاف من العراقيين وكادت تسفرعن حرب اهلية تحرطائفية مدمرة.

وتضغط أطراف عربية واقليمية ودولية ومحلية كثيرًا على الحكومة العراقية لانجاز عملية المصالحة الوطنية من خلال تفعيل قرارات كانت قد أُتخذت العام الماضي ولم يتم تفعيلها مثل قانون المسائلة والعدالة الذي حل محل قانون اجتثاث البعث أو قانون العفو العام. كما تضغط هذه الاطراف من اجل تشريع قرارات ما زالت ضحية لخلافات الكتل البرلمانية السياسية مثل قانون النفط والغاز.

وقد اكدت مصادر مقربة من الحكومة العراقية ان اتصالات وتحركات تجري على نطاق واسع للاتصال باطراف معارضة كانت الى وقت قريب ترفع السلاح بوجه القوات الاميركية ونزعته بناء على دعوات ولقاءات مكثفة مع الحكومة فيما كشفت مصادر حزبية عن عقد مؤتمر واسع للمصالحة في بغداد سيضم تنظيمات حزب البعث الشهر المقبل. واشارت الى ان دعوة المالكي الاخيرة بفتح صفحة جديدة وتبني سياسة المصالحة حتى مع من تعاون مع النظام السابق تأتي ضمن هذا المشرع الذي يتبنى ايضًا ضم حركات من خارج العملية السياسية ودمجها في الحياة السياسية خلال المرحلة المقبلة.