بغداد: منذ تسعة أشهر فقط كان حي مدينة الصدر في بغداد تحاصره القوات الحكومية ويتعرض لهجمات يومية من جانب طائرات الهليكوبتر الأمريكية بينما كان مقاتلون ملثمون يجوبون شوارع الحي وهم يطلقون قذائف المورتر على المنطقة الخضراء.
وكان السكان يمكثون في منازلهم ليلا وينزلون الى الشوارع نهارا وهم يرددون إهانات لعدوهم اللدود رئيس الوزراء نوري المالكي.
لكن عندما يدلون بأصواتهم يوم السبت في انتخابات مجالس المحافظات فان قائمة المالكي الانتخابية قد تفوز بكثير من الأصوات.
وقالت فوزية محمد التي تبلغ من العمر 55 عاما وخرجت للتسوق يوم الجمعة quot;سوف أعطي صوتي للمالكي. كل المنطقة التي أُقيم فيها ستصوت للمالكي.quot;
وأضافت quot;لقد جعل حياتنا عادية في الليل وأثناء النهار. لم نعد نخاف من ان يستولي اللصوص على منازلنا وأموالنا وسياراتنا.quot;
وربما لا يوجد مثال أفضل على السرعة التي تغير بها المناخ السياسي في العراق خلال العام الماضي أكثر من هنا حيث ثلث سكان بغداد البالغ ستة ملايين نسمة يعيشون في فقر مدقع في شوارع تختنق من القمامة وحركة المرور.
وبينما يبتعد رجل الدين المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر عن الأضواء بعد حملة صارمة شنتها الحكومة ضد ميليشياته العام الماضي فان التأييد في الشارع متاح لمن يسعى اليه.
وحتى منتصف عام 2008 كان حي مدينة الصدر منطقة لا يمكن ان يذهب اليها السياسيون. والآن يمكن ان تمثل أحد مفاتيح كسب السيطرة على البلاد في الانتخابات العامة التي ستجري في وقت لاحق هذا العام.
واستعاد المالكي صورة المؤيد لدولة مركزية قوية من خلال رسالة فرض القانون والنظام التي تلقى قبولا لدى كثيرين بعد ان كان ينظر اليه على انه شخصية متساهلة ضعيفة.
وتولى السلطة في عام 2006 كشخصية وسطية اختارتها المنظمات الشيعية الأكبر لكنه يأمل في ان تعطيه الانتخابات التي ستجري غدا السبت قاعدة السلطة التي يأمل فيها.
وفي كثير من المناطق الشيعية مازال من المرجح ان تكشف عملية التصويت ضعف المالكي. وفي معظم مناطق الجنوب معقل الشيعة في العراق فان منافسيه الرئيسيين هم المجلس الأعلى الاسلامي العراقي الذي يتوقع ان يحتفظ بقبضته على السلطة في مجالس المحافظات من خلال الية سياسية فعالة وأسلوب طائفي علني.
لكن بين الشيعة الفقراء في مدينة الصدر والأحياء الفقيرة الأخرى في بغداد فان المجلس الأعلى الاسلامي العراقي الذي شكله رجال دين في المنفى في ايران ويسعى الى حكم ذاتي في الجنوب لا يتمتع بتأييد كبير.
ومازال كثيرون يبجلون الصدر الذي ساعدت تصريحاته المناهضة للولايات المتحدة في بناء حركة سياسية تقوم على تراث الإعجاب بوالده آية الله الذي قتل في عهد صدام حسين. وأيد أنصار التيار الصدري قائمة مرشحين quot; مستقلينquot; ونصح رجال الدين التابعين له الناخبين بالكيفية التي يصوتون بها.
وقال مظفر الموسوي وهو خطيب مسجد آلاف المصلين أثناء صلاة الجمعة في مدينة الصدر بأن التصويت لقوائم أخرى غير ذلك يعد خيانة ومن يفعل هذا فهو ليس منهم.
وقالت سلوى كاظم (42 عاما) التي خرجت للتسوق ان تأييد الصدر يكفي لأن تعطيه صوتها. وقالت انهم يحترمون مقتدى الصدر وسينتخبون قائمته لانهم يحبونه هو ووالده.
وحزب الدعوة الذي يتبعه المالكي أسسه عم الصدر في الخمسينات. وينسب المالكي لنفسه الفضل في الفوز بوعد بانسحاب القوات الامريكية خلال ثلاث سنوات. لكن معظم التأييد الذي كسبه يستند الى إخلاء الشوارع من المسلحين.
وقالت سحر ناصر (37 عاما) التي ستصوت لقائمة المالكي quot;الان يمكننا الخروج ليلا. يمكننا ان نذهب الى كل مكان ولا نخشى أي مجرمين.quot;