أشرف أبوجلالة من القاهرة: في الوقت الذي ينتظر فيه التوقيع على الاتفاقية الأمنية بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة خلال هذا الأسبوع، أعدت اليوم صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية تقريرا مطولا أسهبت فيه تفصيلا عن الدور الكبير والفعال الذي ستلعبه تلك الاتفاقية في دعم وزيادة نفوذ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حيث ستحوله لأحد الرموز بعد أن أصبح الرجل الذي سطر نهاية التواجد العسكري الأميركي في البلاد.

وقالت الصحيفة في بداية التقرير أن المالكي الذي بدأت تتزايد لديه معدلات الجرأة خلال الآونة الأخيرة، بعد موجة الاعتقالات السياسية التي شنها بشكل كبير على مجموعة من أبرز القادة السنيين وإشرافه بشكل شخصي على العمليات العسكرية واتخاذه إجراءات لتهميش منافسيه خلال الأشهر الأخيرة، وهي الإجراءات والتصرفات التي أعادت للأذهان ذكريات الماضي الاستبدادي للبلاد. وأضافت أن الزعيم الشيعي ndash; الذي كان ضعيفا وغير مؤثرا ذات يوم - بات الآن على أعتاب امتلاك سلطات أكبر في ظل التوقيع المحتمل هذا الأسبوع على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، وهو ما سيصنع له تاريخا لأنه سيكون الرجل الذي أنهي وجود القوات الأميركية في العراق.

وأكد مراسل الصحيفة في العراق نيد باركر ، أن هذا ما أدي لتولد حالة من الضيق والغضب الشديد لدي العرب السنة والأكراد بسبب قلقهم على المستقبل الذي ينتظرهم بعد رحيل الأميركان. وقال المدافعون عن المالكي أن رئيس الوزراء الذي من بيئة قومية عنيفة، يحاول منع كسر العراق عن طريق قيامه بتأسيس حكومة مركزية قوية. أما الذامون ، ومن بينهم العديد من الساسة العراقيين ومسؤول غربي على الأقل، فهم يشتبهون في امتلاكه لطموحاته الرامية لن يصبح quot; نموذج شيعي خيّر لصدام حسن quot;.

وباستخدامه المتزايد للسلطة، خرج المالكي من إطار النموذج الحكومي المركزي المقيد الذي دافع عنه الأميركان منذ إسقاطهم لنظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين عام 2003. وتحت نموذج الحكومة الأميركي، كان من المفترض أن يتقاسم السنة والشيعة والأكراد في السلطة في بغداد، كما أن المناطق التي تهيمن عليها كل طائفة كان يجب أن تقدم لها ضمانات على هيئة إجراءات حمايات واضحة. وصرح مسؤول أميركي للصحيفة، رفض الإفصاح عن هويته :quot; لصورة من الصور، نحن نشهد حالة من العودة للثقافة السياسية العراقية التقليدية، حيث يتم تركيز السلطة في شخص زعيم بغداد. وتلك هي الطريقة التي تدار بها العراق منذ عشرات السنين قبل الغزو الأميركي عام 2003. ومن المبكر جدا ً القول بأن هناك احتمالات بانبثاق دولة ديمقراطية بعد هذا كله. فهناك حالة من الفوضوية ولن تتحسن الأمور على المدي الزمني القريب، على الأقل. وقد تتزايد معدلات العنف خلال المرحلة المقبلة أكثر مما هي عليه الآن quot;.

وأكدت الصحيفة في الوقت ذاته أن وعلى الرغم من حالة الذعر الشديدة التي باتت تسيطر على كثيرين خشية ظهور نظام ديكتاتوري جديد، إلا أن مؤيدي المالكي لا يعتبرون بالضرورة مصطلح quot; الرجل القويquot; مصطلحا سلبيا ، خاصة وأن البلاد من السهل عليها الوقوع ضحية لحالة من الفوضي العرقية والدينية الخطيرة إذا لم تكن هناك قيادة قوية. وقال المشرع سامي عسكري، أحد أبرز المقربين من المالكي :quot; إنه لشيء إيجابي أن يشير الناس للمالكي على أنه رجل قوي، فالعراق في حاجة حقيقية لقائد قوي quot;. كما أن المالكي نفسه سبق له وأن دحض بشدة فكرة أن وجود رئيس وزراء قوي أمر يعني العودة لفترة حكم صدام.

كما حث على ضرورة مراجعة الدستور من أجل تقوية الحكومة الوطنية، وهو ما اعتبرته الصحيفة خطوة جريئة من جانبه لدعم وتعزيز سلطاته. ففي شهر مارس الماضي قام بإرسال جنود إلى مدينة البصرة الجنوبية، حيث قام هناك بتوجيههم إلى بعض المناطق للدخول في مواجهات مع ميليشيات جيش المهدي التابعة للزعيم الشيعي مقتدي الصدر . كما صادق على اعتقال شخصيات سنية وشيعية بارزة. كما قام بطرد وفصل عدد من موظفي وزارة الخارجية، التي تسيطر عليها الكتلة الكردية، وهي الخطوة التي اعتبرها خصومه بمثابة الخطوة التي ترمي للاستيلاء على السلطة. كما أعطي تعلىماته لقواته بالدخول في مواجهات مع القوات الكردية في المنطقة الحدودية المتنازع عليها بمحافظة ديالي.

ونقلت الصحيفة عن ستيفين بيدل، المحلل الدفاعي الذي عمل كمستشار للجنرال دافيد بيتريوس قوله :quot; أعتقد أن دوافع المالكي معقدة ومتناقضة، فهو من نوعية الأشخاص الانتهازيين الذين يحاولون معرفة ما يمكنهم أن يهربون به. لذا هو يعتقد أنه سيكون أمرا جيدا بالنسبة له إذا أصبح ديكتاتورا مدي الحياة، لكنه يدرك أن الأمر لن يكون هينا ، لذا كان يتلقي مفاجآت ضرباته التي كان يصوبها لجيش المهدي بسعادة بالإضافة لتحقيقه مع ابناء العراق quot;.