بغداد تدرس إعتبار اليوم الأول من كل عام عيدا وطنيا
المالكي إعتبر أن حلم إستعادة السيادة أصبح حقيقة
أسامة مهدي من لندن: في يوم اعتبر تاريخيا تدرس الحكومة العراقية اعتباره عيدا وطنيا يحتفل به في اول كل عام، فقد دشن العراق رحلة الثلاث سنوات لاستكمال سيادته المفقودة منذ عام 2003 وذلك برفعه علمه الوطني مكان العلمين الاميركي والبريطاني اللذين انزلا من على مقرات القصر الجمهوري والمنطقة الخضراء ومطاري بغداد والبصرة ومعسكر اشرف لعناصر مجاهدي خلق الايرانية المعارضة اثر استلامه لها من قوات البلدين اعلانا ببدء تنفيذ الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية.
ما كان حلما اصبح حقيقة
وفي احتفال شارك فيه مسؤولون عراقيون كبار وغاب عنه الاميركيون تسلمت السلطات العراقية القصر الجمهوري بحضور المالكي الذي اعتبر ان هذا الحدث جعل من الحلم حقيقة وان السيادة قد عادت الى العراق. واضاف بعد مراسم رفع العلم العراقي امام القصر quot;قبل عام من هذا التاريخ كان حلما مجرد التفكير بسحب القوات الاجنبية من العراقquot;.. وقال quot;لكن الحلم اصبح حقيقة بعد ان الغيت العقوبات وتمت الاتفاقية والاكثر من ذلك هو بدء تنفيذ الاتفاقية. واشار الى ان القصر يعتبر عنوان للسيادة العراقية وتسلمه رسالة حقيقية quot;بان السيادة عادت اليناquot; واضاف quot;من حقنا اعتبار هذا يوم السيادة وبداية استعادة كل ذرة من ترابه انه عيد وطني كبير تزامن مع مجموعة الاعياد في اشارة الى عيدي الاضحى والميلاد وحلول العامين الهجري والميلادي.
وشدد بالقول quot;من حقنا ان نفرح ونقيم الاحتفالاتquot;. ودعا مجلس الرئاسة ومجلس الوزراء الى اعتبار هذا اليوم يوما وطنيا يحتفل به كل عام وطالب المواطنين العراقيين بأقامة الاحتفالات في كل مكان. واوضح ان تسلم المنطقة الخضراء يعتبر رسالة ثانية عن تطور العملية السياسية.
وقد غادرت السفارة الاميركية في بغداد التي كانت تتخذ من القصر الجمهوري في بغداد مقرا لها منذ عام 2003 الى مبناها الضخم الجديد الذي بلغت تكاليفه 736 مليون دولار متخطية التكاليف التي كانت مقدرة اصلا بحوالي 592 مليون دولار حيث يضم المقر 21 بناء توفر مساكن للدبلوماسيين وتؤمن لهم حماية افضل من الهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون. واقيمت السفارة على أرض مساحتها 42 هكتاراً وتتمتع بحماية أمنية غير مسبوقة ويحيط بها جدار دائري إرتفاعه 15 قدماً وتحتوي على سكن السفير ونائبه وست ملاحق لسكن كبار الدبلوماسيين وبنائين ضخمين يضمان مكاتب 8000 موظف يعملون في السفارة.
أما القصر الجمهوري المستعاد فيقع في منطقة عرفت باسمه قرب نهر دجلة في وسط بغداد وكان مقرا للرئيس العراقي السابق صدام حسين ورمزا لسيادة البلاد حتى سقوط نظامه في نيسان/ابريل عام 2003. وبني القصر من قبل اخر ملوك العراق فيصل الثاني (1935-1958 ) مطلع خمسينات القرن الماضي وحمل اسم قصر الرحاب. وقد قام صدام حسين بتوسيعه خلال التسعينات واتخذه مقر اقامة وعمل له وهو يعتبر من ابرز المباني التي تقع في المنطقة الخضراء الشديدة التحصين التي تضم مقار الحكومة العراقية والسفارات الاميركية والبريطانية واجنبية اخرى ومقر الامم المتحدة.
وعن تسلم السلطات العراقية لمعسكر اشرف لعناصر منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة قال المالكي ن هذه الخطوة ستتم quot;على قاعدة استعادة كل شي وانسجاما مع الدستور وسياستنا التي تريد الانفتاح على دول الجوار ويعود العراق الى محيطه العربي قويا. واشار الى ان هذه المنظمة المصنفة بالارهاب لا يمكن ان تعمل بالعراق لانها تتسبب في ازمة سياسية تتناقض مع الدستور.
وشدد بالقول quot;سنتعامل معهم وفق الاصول القانونية. لن نجبرهم على ان يعودوا انما سنعطي فرصة لمن يختار العودة الى بلده او الذهاب الى مكان اخر لكن العراق لا يمكن يكون مقرا بديلا لهمquot;. واضاف quot;في الامس عقدنا اتفاقا ثلاثيا لمواجهة حزب العمال الكردستاني الذي يلحق ضررا بعلاقاتنا مع تركياquot; مؤكدا ان quot;العراق لا يمكن ان يكون منطلقا لكل من يمارس الارهابquot;. وقال quot;نطلب من الاخرين ان لا يسمحوا ان تكون اراضيهم منطلقا او ممرا للهاربين الذين يلحقون ضررا بمصلحة العراقquot;.
ويقع معسكر quot;اشرفquot; في ناحية العظيم في محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) على بعد حوالى مئة كلم شمال شرق بغداد وعلى بعد ثمانين كلم من الحدود الايرانية. ويؤي المعسكر منذ 22 عاما انصارا لمجاهدي خلق التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي منظمة ارهابية.
وتؤكد الحكومة العراقية منذ عام 2006 رغبتها في طرد انصار مجاهدي خلق واغلاق معسكرهم.
أمن المنطقة الخضراء بإشراف المالكي
وخلال مراسم جرت لاستلام المنطقة الخضراء بوسط بغداد قال وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي إن الأيام المقبلة ستشهد شوارع المنطقة الخضراء. وأضاف انه تم تشكيل لجنة عليا برئاسة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي ولجنتين فرعيتين تتوليان مسؤولية أمن المنطقة الخضراء الأولى برئاسة وزير الدفاع والثانية مشتركة برئاسة وزير الداخلية جواد البولاني. واوضح أن اللجنة الرئيسة برئاسة المالكي تضم وزارة الأمن الوطني وجهاز المخابرات ومجلس محافظة بغداد.. مشيرا الى انها ستتولى مهام توفير الأمن ومنظومة استخبارات وقوة لكشف المتفجرات وتنظيم الدخول للمنطقة الخضراء والخروج منها.
ومن جهته اكد الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا أن المالكي أصدر تعليمات بفتح اغلب الطرق في المنطقة الخضراء خلال الأيام المقبلة بعد ترتيب الأوضاع الأمنية في المنطقة بشكل يسهل عملية فتح هذه الطرق من دون أي عقبات آو مشاكل. واشار الى ان الجانب الأميركي وافق على تسليم أجهزة الاتصالات، وكشف المتفجرات التي كان يستخدمها لحماية المنطقة الخضراء إلى الأجهزة الأمنية العراقية كما وافق على تدريب الكوادر العراقية لاستعمال هذه الأجهزة.
وتقع المنطقة الخضراء quot; الدوليةquot; وسط بغداد على الضفة الغربية لنهر دجلة وتحتل مساحة عشرة كيلومترات مربعة وتضم مقار القصر الجمهوري ومقر الحكومة ومجلس النواب وعددا من الوزارات وأماكن سكن ومكاتب عدد من كبار المسؤولين العراقيين، فضلا عما كان يعرف بقصر المؤتمرات وفندق الرشيد وعدد من الأحياء السكنية. كما تضم المنطقة مقر السفارتين الأميركية والبريطانية وعددا آخر من السفارات العربية والغربية العاملة في العراق. وكانت القوات الأميركية قد انشأت هذا المنطقة بعد دخولها إلى بغداد في العام 2003 بعد أن احاطتها بأسوار عالية من الجدران الكونكريتية وأوكلت مهمة حراستها إلى القوات الأميركية وشركات الحماية الخاصة التي تعمل تحت إشرافها.
العراق وضع قدميه على طريق استعادة السيادة
وبذلك يكون العراق قد باشر اليوم اثر انتهاء تفويض مجلس الامن التابع للامم المتحدة لقوات التحالف بالبقاء في العراق اعتبارا من اليلة الماضية عمليات استعادة سيادته وفرض سلطته على اراضيه واجوائه ومياهه والتحكم بمستقبلهمع بدء تنفيذ الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية الموقعة بين البلدين في الرابع عشر من الشهر الماضي. وتتنص على انسحاب القوات الاميركية من المدن والبلدات والقصبات العراقية بحلول اواخر حزيران (يونيو) عام 2009 على ان يستكمل الانسحاب نهاية عام 2011.
وبدءًا من اليوم الخميس اول ايام عام 2009 فأن القوات الاميركية ستعمل تحت سلطة الحكومة العراقية بموجب اوفقا للاتفاقية الموقعة بين البلدين والتي حددت مهلة للقوات الاميركية مدتها ثلاث سنوات لتنسحب من العراق كما تسحب منها سلطة احتجاز عراقيين دون صدور امر اعتقال من جانب السلطات العراقية او القيام بتنفيذ عمليات مسلحة من دون موافقة السلطات العراقية كما انها تخضع المتعاقدين وفي بعض الحالات القوات الاميركية للقانون العراقي. وتؤكد بنود الاتفاقية حول quot;الولاية القضائيةquot; ان quot;للعراق الحق الاولي لممارسة الولاية القضائية على المتعاقدين مع الولايات المتحدة وافراد العنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة المتعمدة وحين ترتكب تلك الجرائم خارج المنشآت والمساحات المتفق عليها وخارج حالة الواجبquot;.
وتنص الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية على تنظيم وجود القوات الاميركية التي تتمركز في حوالى اربعمئة معسكر في العراق حيث ستكون ملزمة بالحصول على موافقة العراقيين لتنفيذ عمليات عسكرية ولن تستطيع اعتقال اي مشتبه به دون اذن من القضاء العراقي. كما سيكون للعراق الحق بمحاكمة الجنود الاميركيين الذين يرتكبون جرائم خارج معسكراتهم او في حال وقوع جنحة خارج مهامهم الامنية.
كما اقرت الحكومة العراقية في الثالث والعشرين من الشهر الماضي قانونًا ينظم انسحاب القوات الاجنبية غير الاميركية وتنظيم نشاطاتها خلال فترة بقائها حيث تم تحديد فترة ستة اشهر لانسحاب هذه القوات التابعة لبريطانيا ولها العدد الاكبر بين القوات الاجنبية غير الاميركية مع 4100 جندي اضافة الى قوات من السلفادور ورومانيا واستراليا واستونيا وحلف الاطلسي حيث سيتم سحب هذه القوات نهاية تموز (يوليو) عام 2009.
وقد وقع العراق اتفاقيتين الثلاثاء الماضي مع بريطانيا واستراليا تقضيان بسحب قواتهما من العراق في موعد اقصاه نهاية تموز (يوليو) المقبل قبل ساعات من انتهاء تفويض مجلس الامن لقواتهما بالبقاء على اراضيه اليوم الاربعاء. ووقع الاتفاق مع السفير البريطاني في بغداد كريستوفر برينتس الذي ناب عن الحكومة البريطانية وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي وهو يحدد مهام القوات البريطانية بين الاول من كانون الثاني (يناير) و31 تموز(يوليو) عام 2009 حيث ستكون مهام القوات البريطانية محصورة بدعم وتدريب القوات العراقية من دون ان تتولى اي مهام قتالية.. كما تم توقيع اتفاق مماثل مع استراليا. وقد خول مجلس الوزراء العراقي العبيدي تحديد المهام التدريبية للقوات الاجنبية غير الاميركية والتي ستنحصر خلال وجودها في العراق بعمليات التدريب والاستطلاع البحري ومعالجة المتفجرات.
التعليقات