يجتمع أعضاء البرلمان الألماني وأعضاء برلمانات الولايات الألمانية اليوم لإنتخاب رئيس جديد لألمانيا خلفًا للرئيس السابق هورست كولر الذي استقال من منصبه يوم 31 أيار/مايو الماضي على خلفية انتقادات وجهت له لتصريحاته بشأن ضرورة مشاركة بلاده في أعمال عسكرية تحقق للبلاد مكاسب إقتصادية.
ماذا سيحصل لو إنتخبت الجمعية الاتحادية اليوم يواخيم غاوك مرشح المعارضة رئيسًا جديدًا لألمانيا؟ هذا هو السؤال الذي يثقل بظلاله على الساحة السياسية الألمانية. ولا أحد يتوقع مصير التحالف الحاكم في برلين بزعامة ميركل ووزير خارجيتها فيله الذي يعيش ومنذ مدة حالة من الجدل السياسي دفعت العديد من السياسيين، ليس من المعارضة فقط بل حتى من التحالف الحاكم توقع عدم إستمرار هذا التحالف طويلاً.
كانت الأمور تسير بشكل عادي، إلى صبيحة الاثنين 31 أيار/مايو الأخير، إذ وقف فيه الرئيس الألماني هورست كولر أمام عدسات الكاميرا في برلين ليعلن استقالته من جميع مهامه الرئاسية، موضحًا أنه اتخذ هذا القرار بعد أن ربط أخيرًا في حديث لإحدى الإذاعات الى ضرورة وجود بعض الالتزامات العسكرية الألمانية في الخارج لتحقيق مكاسب إقتصادية. إلا أن كولر أكد أنه أسيء فهمه، مشيرًا إلى أن تصريحاته لم تكن متعلقة بالالتزام العسكري الألماني في أفغانستان .
وهي التصريحات التي فجرت سجالا سياسيًا كبيرًا في ألمانيا دفعت بالرئيس الى اتخاذ هذا القرار الذي خلف صدمة كبيرة في الساحة السياسية الألمانية، خصوصًا وأنه مرت فقط سنة على تجديد الثقة في كولر لولاية رئاسية جديدة. وهكذا انطلقت رحلة البحث عن رئيس جديد لألمانيا.
ولشغل هذا المنصب رشح التحالف السياسي في برلين أحد الوجوه السياسية المعروفة في حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كريستيان فولف الذي يشغل ايضًا رئيس ولاية ساكسونيا السفلى. ومباشرة بعد هذا الترشيح أعلن تحالف المعارضة بقيادة الاشتراكيين والخضر عن مرشحهم وهو يواخيم غاوك وهو شخصية معروفة غير حزبية. وقد ترأس غاوك حتى سنة 2000 الجهاز المكلف إدارة أرشيف جهاز الشرطة السرية (شتازي) في ألمانيا الشرقية سابقًا، ويؤديدورًا كبيرًا في تعزيز الحريات في ألمانيا الديمقراطية السابقة والكشف عن عملاء جهاز quot;شتازيquot; القمعي ونشر وثائقه وملفاته، كما يتميز بكاريزما قوية، وله آراء محافظة قد تميل لصالح بعض أصوات المحافظين. وكان قدأظهر استطلاع للرأي أجري في السابق مدى الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها غاوك لدى الشعب الألماني.
ويشترط للفوز بمنصب الرئيس الحصول على الأغلبية المطلقة وهي 623 صوتًا في الدور الأول والثاني وأغلبية الحاضرين في الدور الثالث.
انتخابات الرئاسة تزيد من مشاكل التحالف
شكّل إتساع الهوة بين أطراف التحالف السياسي في برلين حول عدد من القضايا من بينها إصلاح النظام الضريبي والصحي، نقاط خلاف كبيرة. وزادت حدة التوتر عندما أعلن عدد من نواب الحزب الليبيرالي من شرق ألمانيا نيّتهم التصويت لمرشح المعارضة. ومن المعروف أن الجمعية العامة تتكون من أعضاء البرلمان بغرفتيه وهم 622 يضاف إليهم العدد نفسه من شخصيات عمومية وآخرون تختارهم الأحزاب السياسية.
وترسل الولايات عددًا من المندوبين يتناسب مع كثافة كل ولاية السكانية. ففي الوقت الذي يمثل ولاية شمال الراين ووستفاليا، 131 مندوبًا لا تتجاوز حصة ولاية زارلاند الصغيرة ثمانية مندوبين. ويمثل المندوبون في العادة مختلف فئات الشعب من مثقفين ورجال أعمال وعمال.
وإن كانت الحسابات المنطقية تحسم الصراع لصالح مرشح التحالف الحاكم، فإن عددًا غير قليل من الليبراليين والمسيحيين لم يخف أخيرًا نيته التصويت لصالح مرشح الاشتراكيين والخضر، القس السابق يواخيم غاوك. وقد ترجح كفة غاوك خصوصًا إذا لم يحسم الصراع في الدور الأول والثاني، بحيث قد يصوت أنصار حزب اليسار عليه على الرغم من إعلان حزب اليسار الألماني عدم موافقته عليه بسبب اعتماده بعد الوحدة الألمانية نهجًا مخاصمًا، إن لم يكن عدائيًا، للحزب حيث بذل كل جهده لفضح علاقات نوابه بجهاز quot;شتازيquot; السيّئ السمعة. ولجأ حزب اليسار إلى ترشيح مرشحة عنه لمنصب الرئيس، وهي النائبة لوك يوخمسن، مقدمة برامج سياسية سابقة في التلفزيون الألماني، والتي تبدو أن حظوظها ضعيفة جدًا.
منصب فخري
وإن كان منصب الرئيس يحظى بالمرتبة الأولى في الدولة من الناحية البروتوكولية، إلا أن الدستور اختصر صلاحياته في مجالات ضيقة لا تتجاوز الصفة التمثيلية الرسمية في الداخل والخارج. ومن المهام السياسية والقانونية الهامة للرئيس التدقيق في ما إذا كانت القوانين والمراسيم الصادرة عن الحكومة والبرلمان متوافقة مع الدستور، كما أنه يتمتع بحق إصدار العفو عن المساجين.
وتأتي هيبة الرئيس من قوة كلمته التي يحاول بها تحريك نقاشات إجتماعية هامة في البلاد، كما أن زياراته إلى الخارج تعبد الطريق غالبًا أمام تعزيز العلاقات الثنائية. ويعتبر منصب المستشارية بالرغم من إحتلاله المرتبة الثالثة بروتوكوليا هو صاحب العقد والحل في هرم السلطة داخل ألمانيا.
يوم مشوق ستشهده ألمانيا من خلال إنتخاب رئيس جديد لها، قد تعقد نتائجه الوضعية المعقدة أصلاً بين تحالف برلين الذي صدمته إنتخابات ولاية شمال شرق فاليا قبل قرابة شهرية حيث فقدت ميركل وحليفها الأغلبية في مجلس الولايات مما سيشكل فرملة قوية لسياسيتهما.
التعليقات