بعد لقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع وفد نيابي ووزاري وإعلامي كويتي ينتظر أن تبدأ يوم غد في بغداد اجتماعات اللجان المشتركة بين البلدين، وسط دعوات كويتية إلى ضمّ العراق لمنظومة دول مجلس التعاون الخليجي وتأسيس منظومة جديدية لدول شمال الخليج تضم دولاً غير عربية.


أمير الكويت ورئيس الورزاء العراقي خلال أحد لقاءاتهما

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: في وقت دعا وفد رسمي وإعلامي كويتي إلى ضرورة انضمام العراق لمجلس التعاون الخليجي، تستعد العاصمة العراقية بغداد لاحتضان اجتماع اللجان المشتركة بين العراق والكويت يوم غد الأحد لدراسة الملفات العالقة، والتوصل إلى حلول نهائية بشأنها.

يأتي هذا التقارب بين البلدين بعد سلسلة حوارات واجتماعات بينهما تكللت بحضور أمير الكويت لقمة بغداد في نهاية شهر آذار/مارس الماضي، لتضع حداً لأكثر من عشرين عاماً من القطيعة بسبب غزو نظام صدام للكويت في الثاني من آب/أغسطس 1990.

ينظر إلى اجتماع الغد في بغداد على قدر من الأهمية، لأنه يأتي بعد سلسلة لقاءات متفائلة وتصريحات تدعو إلى التقارب بعدما شهد العام الماضي توترًا كبيرًا على خلفية ميناء مبارك الكبير قرب البصرة، وتخوف العراق من خنق منفذه الوحيد على الخليح، ودعوات نواب كويتيين إلى عدم الثقة بأي توجّه عراقي للتقارب مع الكويت، وعدم نسيان مأساة الغزو، مطالبين بمواصلة بناء ميناء مبارك بأي ثمن. ولم تكن مشكلة الخطوط الجوية الكويتية ببعيدة عن المشاكل السابقة بين البلدين، مطالبة بتعويضات مالية كبيرة، بسبب ماحصل لها من قبل قوات نظام صدام أبان الغزو.

لكن ما إن توافق الساسة حتى بدأت سلسلة التوافقات واللقاءات الحارة بين الوفود إلى حد مطالبة نواب ووزراء وإعلامين كويتينين بضم العراق لمجلس التعاون الخليجي خلال لقائهم رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، أمس الجمعة، ومطالبين بتفعيل العمل في طريق الحرير لخدمة المصالح المشتركة والتنمية الاقتصادية في المنطقة، حيث أكد المالكي للوفد الكويتي على أهمية تطوير العلاقات بين العراق والكويت في المجالات كافة، وخاصة الاقتصادية، مجددًا دعوة الشركات الكويتية إلى الاستثمار في العراق.

وكانت أول طائرة كويتية هبطت في مطار النجف في السابع عشر من شهر نيسان/إبريل الجاري بعد مرور 22 عاماً على آخر رحلة للعراق، فيما أكدت شركة طيران الجزيرة أنها ستقوم برحلتين أسبوعياً إلى المطار، قابلة للزيادة، فضلاً عن رحلات أخرى إلى بقية المطارات في البلاد، بعد سنوات من رحلة مطاردات قضائية في دول عدة للخطوط الجوية العراقية من قبل نظريتها الكويتية تسببت في تعطيل quot;العراقيةquot; واضطرارها لإعلان إفلاسها في العام الماضي تهرّبًا من تلك المطاردات.

وكان نجل أمير الكويت وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ ناصر صباح الأحمد قد أنهى زيارة خلال الأسبوع الماضي لإقليم كردستان العراق للقاء الرئيس العراقي جلال الطالباني، حيث سلمه رسالة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، التي جدد فيها شكره وتقديره لما حظي به والوفد المرافق له من حفاوة بالغة وكرم الضيافة خلال زيارته للعراق للمشاركة في مؤتمر القمة العربية في دورته العادية الثالثة والعشرين، مهنئًا الرئيس طالباني والحكومة والشعب العراقي بنجاح هذه القمة وحسن إدارة العراق لأعمالها.

لعل هذه أهمية هذه الزيارة تكمن في ما كشف عنه نجل أمير الكويت ووزير عن وجود توجّه كويتي نحو الشراكة مع العراق ضمن منظومة إقليمية لدول شمال الخليج، لافتاً إلى أن بلاده تهدف من خلال هذه المنظومة إلى تنويع اقتصادها، بحيث لا يعتمد على النفط بشكل كامل.

مضيفاً quot;إن لدى أمير الكويت رؤية مستقبلية لعلاقة الكويت وشراكتها مع العراق، تتضمن تأسيس منظومة دول شمال الخليجquot;، مبينًا أن quot;هذه المنظومة، إن تشكلت، فستكون واسعة، ولديها أموال ضخمة تقدر بمليارات الدولاراتquot;، داعيًا العراق والكويت ودول الجوار إلى أن يشاركوا في تشكيل هذه المنظومةquot;.

ويربط مراقبون عراقيون بين التقارب العراقي الكويتي السريع ووجود جفاء بين الكويت وشقيقاتها من دول الخليج، خاصة السعودية وقطر، على خلفية حضور أمير الكويت لقمة بغداد، التي قاطعها قادة الخليج بحضور غير رفيع من خلال سفراء دولهم في الجامعة العربية، فيما كان لمشاركة الكويت في القمة من خلال حضور الأمير الذي كان ضيفًا فوق العادة في بغداد، برغم قصر وقتها، انزعاج لدى بقية دول الخليج، التي أرادت إبلاغ رسالة إلى الحكومة العراقية عن انزعاجها من تفرّد بالسلطة وتهميش للسنّة، حسب ما أعلن رئيس الوزراء القطري، ورفضه العراق.

لكن الكويت، وفق هؤلاء المراقبين، تنظر إلى مصلحتها السياسية والاقتصادية مع العراق، الذي يرتبط معها بعلاقات متشعبة سياسياً واجتماعيًا واقتصادياً وأمنياً، وتسعى إلى تأمين هذا الجانب، وكسب العراق كصديق، بعدما بقي لعقدين مصنفاً لديها كعدو.

ويتوقع مقرّبون من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي النجاح لاجتماع اللجان المشتركة بين البلدين، حيث صرّح المستشاري الإعلامي للمالكي أن الوفد سيضم لجانًا رسمية وخبراء من كلا الجانبين، ولن يقتصر على وزارتي الخارجية، لأن موضوعات البحث عديدة ومتنوعةquot;.

وأضاف الموسوي في تصريحات لوكالة أنباء السومرية نيوز المحلية أن quot;كل الأمور العالقة بين العراق والكويت ستكون مطروحة للنقاش، في اجتماع غد، من أجل التوصل إلى اتفاق بشأنهاquot;، مشيرًا إلى أن quot;لقاء رئيس الوزراء نوري المالكي بوفد كويتي، يوم أمس، تناول العلاقات الثنائية بين البلدين ودور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في كيفية ترسيخهاquot;.

وينتظر أن تكلل الاتفاقات بين البلدين برفع استخدام البند السابع من قبل مجلس الأمن الدولي عن العراق، الذي كانت الكويت تطالب بإبقائه خلال الفترة الماضية.

ويترأس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتى الشيخ صباح الخالد يوم غد الأحد وفد الكويت إلى اجتماعات اللجنة الكويتية العراقية المشتركة، ويضم الوفد المرافق للشيخ صباح الخالد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية مصطفى الشمالي، ووزير النفط هاني حسين، فضلاً عن كبار المسؤولين في وزارة الخارجية. في حين يترأس الجانب العراقي وزير الخارجية هوشيار زيباري وعضوية وزراء عراقيين من ذوي الاختصاص.

وسيتم خلال الاجتماع إبرام اتفاقيات كويتية - عراقية في المجالات التجارية والقانونية والاقتصادية، يتم الآن وضع اللمسات الأخيرة على بنودها من قبل الجهات المعنية، لتكون جاهزة للتوقيع، إضافة إلى بحث توطيد العلاقات على المستويات السياسية والاستثمارية والاقتصادية وتقريب وجهات النظر بين الشعبين الشقيقين.

كما سيتم حسم الكثير من الملفات الكويتية - العراقية في اجتماع اللجنة المشتركة، وتحديدًا وضع الآليات التنفيذية لصيانة العلامات الحدودية، بعدما تم الاتفاق على هذه القضية أثناء زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للكويت في منتصف الشهر الماضي، إضافة إلى ما قد يطرحه الجانب العراقي من استفسارات حول أمور فنية بحتة، تتعلق بميناء مبارك الكبير، خاصة بعد إعلان العراق عن البدء في تنفيذ ميناء الفاو، وإنهاء ملف الخطوط الجوية الكويتية.

يذكر أن العراق غزا الكويت في الثاني من آب/أغسطس عام 1990، وضمها للعراق كمحافظة تاسعة عشر، ليتسبب بشرخ كبير بين البلدين وحرب، ساهمت فيها دول الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ودول عربية، انتهت بتحريرها في آذار/مارس عام 1991 فيما عرف بحرب الخليج الثانية، وسلسلة قرارات دولية ضد العراق، لم تنته بعضها حتى بعد سقوط نظام صدام عام 2003.