اليوم ظهرت أولى نتائج الاجتماع الأخير بين وئام وهاب وبشار الأسد: افتتاح فرع لحزب التوحيد (الطائفي المقيت) في السويداء وأداء القسم الحزبي!!
ما حدث في العاشر من هذا الشهر في quot;صالة 7 نيسانquot; بالسويداء، لهوَ لطخة عار في تاريخ جبل كان طوال الوقت اسماً على مسمّى، حيث كان في مقدّم الثورات جميعها منذ الانتصار الكبير على حملة إبراهيم باشا المصري مروراً بعشرات المعارك مع الاحتلال العثماني وصولاً إلى الثورة السورية الكبرى... بل وحتى في التاريخ القريب جداً فقد فجَّر أهل لجبل أول انتفاضة شعبية في وجه بشار الأسد بعد أيام من وصوله إلى الحكم سنة 2000 حيث سقطت مدينة السويداء بكامل ساحاتها وأحيائها ولم تفلح دبابات النظام في دخولها إلا على جثة 41 شهيداً (هذه الانتفاضة التي للأسف تقف اليوم حجر عثرة في طريق الالتحاق الكامل بالثورة عوض أن تكون حافزاً... بسبب موقف السوريين السلبي منها آنذاك، وهو تماماً ما حصل مع انتفاضة الأكراد عام 2004، مع فارق أن المعارضة السورية صارت تُحيي ذكرى الانتفاضة الكردية وتتجاهل انتفاضة السويداء! بل وتخصص أيامَ جُمَعٍ للعشائر وصالح العلي وسواهما وتستكثر على سلطان الأطرش ورَبْعه جمعةً واحدة ربما تساعد على تحفيز الناس في الجبل للانخراط أكثر في الثورة!).
والحقيقة إن تجرُّؤ عائلة الأسد - ولا أقول وئام وهاب لأنه مجرّد دمية - على استيراد واصطناع واختراع quot;زعاماتquot; للجبل، مدعاة للتوقف عند نقاط ثلاث:
فأولاً، بينما يمنع النظام الدكتاتوري قيام أي زعامة سياسية من أهل الجبل أنفسهم نراه يقبل بها إذا كانت من الخارج؟ ونحن ما زلنا نتذكر كيف فشلت محاولته الأولى قبل سنوات حين استقدم الدمية الأخرى طلال أرسلان ونظَّم له استقبالاً شعبياً في الملعب البلدي، ولكن بلا جدوى. وهذا ما سيكون عليه مصير وئام وهاب بالتأكيد (وهو الذي فشل أصلاً في الفوز بانتخابات بلده لبنان!).
ثانياً، بعد فشل انقلاب الرائد سليم حاطوم سنة 1966 حطّم حافظ الأسد جميع البنى السياسية والعسكرية في الجبل بشكل ممنهج، سواء من خلال التسريحات (الطائفية) الشهيرة التي أقصى بموجبها جميع ضباط الجبل الفاعلين، أو من خلال اعتقال الزعامات المحلية وسجنهم... بل حتى سلطان الأطرش نفسه حين فشل الأسد في إخضاعه واستتباعه قام بإرسال الموفد تلو الآخر لإقناعه بتسلّم رئاسة مجلس الشعب، لكن سلطان الأطرش رفض العرض رفضاً قاطعاً، وقال للموفد الأخير الذي لم يكن سوى مصطفى طلاس بأن رئاسة الجمهورية عُرضت عليه بعد الجلاء الفرنسي لكنه اعتذر وقال لرفاقه: quot;علينا التحرير وعليكم الحكمquot;. (ليتَ من يُصنِّف نفسه اليوم كأقلية يفهم هذه العبرة التي سجَّلها هذا المجاهد الاستثنائي).
ثالثاً، لقد باتت رمزية وئام وهاب كوجه قبيح للنظام معروفة لدى القاصي والداني، فلذلك سيكون إلصاق هذه الرمزية بواجهة الجبل السياسية من أخطر ما يكون علينا كسوريين أحرار وعلى التاريخ الذي إئتمننا عليه الأجداد. خصوصاً أن ثمة عملاً إعلامياً ممنهجاً يقوم به الإعلام اللبناني الموالي للنظام (تلفزيون quot;المنارquot;، تلفزيون quot;الجديدquot;، تلفزيون quot;أو تي فيquot;، جريدة quot;الأخبارquot;...) لتكريس هذا الأمر، حيث يقوم هذا الإعلام باستضافة وهاب بشكل شبه إسبوعي للحديث باسم الجبل!! وكأنما الجبل ليس لديه مثقفوه وكتّابه ليتحدّثوا باسمه!
أخيراً، كلمة صغيرة جداً لأهلي وأخوتي في الجبل: أنتم أقلية طالما أنكم لا تقفون مع الحق. فليُجرِّب أي منا الوقوف للحظة مع الحق (الذي اسمه quot;الثورةquot; هذه الأيام) وسيجد نفسه تلقائياً قد تحوَّل إلى أكثرية. الحق أكثرية، والتاريخ الذي تحترمونه أكثرية، ودماء أطفال كرم الزيتون أكثرية.

ملحق بخصوص quot;الأخبارquot;: جريدة الحذاقة الطائفية
لو قُدِّر لوئام وهاب أن يُطبَع على شكل جريدة لكان جريدة quot;الأخبارquot;.
والعكس صحيح: لو قُدِّر لجريدة quot;الأخبارquot; أن تتجسَّد في شكل أحد السياسيين لكانت وئام وهّاب.
مناسبة هذا الكلام هو الملف الدنيء الذي نشرته quot;الأخبارquot; حيث سمَّت فيه جبل العرب بـquot;قلعة الأسدquot;!! زاعمةً أن 26 شخصاً فقط تظاهروا في الجبل ضد النظام!! (الأخبار، 12 آذار 2012).
وبالطبع لو كان لدى quot;الأخبارquot; القليل من الحياء لخجلتْ من أهالي أكثر من 300 معتقل اليوم في السويداء أسماؤهم منشورة على الكثير من المواقع. أو لخجلت من مدينة شهبا - التي خرجت عن بكرة أبيها ضد النظام ndash; وهي تقوم بتخفيض عدد سكانها إلى 23 ألفاً (!!) لتقول بأنها قرية صغيرة. ناهيك عن القريّا والثعلة وقنوات وعشرين بلدة أخرى.
لو كان لدى quot;الأخبارquot; القليل من الحياء لاستحت من نفسها وهي تعترف بكونها لسان حال المخابرات السورية حيث تقول: quot;النظام السوري تعامل بذكاء مع هذه المحافظة. فمنذ بداية الأحداث في سوريا، قبل عام تقريباً، لم يُسجَّل سقوط قتيل واحد فيهاquot;!!
لو كان لدى مسؤولي quot;الأخبارquot; القليل من الحياء لخجلوا مني، أنا زميلهم ابن السويداء، وهم يعرفون بأنني محروم من بلدي منذ عشر سنوات بسبب معارضتي هذا النظام المجرم.
لقد باتت جريدة quot;الأخبارquot; أفضل تلخيص للحذاقة الطائفية والتذاكي الطائفي والشطارة الطائفية. ففي حين نرى العديد من الوسائل الإعلامية الأخرى طائفيةً بلا أقنعة... تتفنَّن quot;الأخبارquot; في صنع أقنعتها المخرَّقة لإخفاء طائفيتها.
لا أفكر في شخص هذه الأيام قدر ما أفكر فيك يا جوزيف سماحة، أفكر في مشروعك الكبير الذي حَرَفه هؤلاء الطائفيون. تُرى لو كنتَ حياً اليوم وأطللتَ من شرفة مكتبك في الجريدة، هل سترى المسلحين الإرهابيين في وادي خالد، أم سترى دماء أطفال كرم الزيتون وبابا عمرو؟ أنا أعرف الجواب، وكل من عرفَك يعرف الجواب.