التاريخ يكتبه المنتصرون، مقوله يعرفها الجميع ويتجاهلها الجميع أيضا عندما يتعاملون مع القصص التاريخية كحقائق حدثت بالفعل، بل أن المعاهدات الدولية التي تتم بين الدول عقب الحروب يكتبها المنتصرون أيضا بينما يكتفى المنهزمون بالتوقيع فقط مع أنهم طرف اساسي وأصيل في المعاهدة، بل أن النظام العالمي الجديد وما تبعة من إنشاء الأمم المتحدة ومجالسها المتخصصة تم وضعه عن طريق المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وأملوه علي المنهزمين بل أملوه علي المجتمع الدولي كله حتي تلك الدول التي لم تشارك في الحرب العالمية الثانية.

وشهداء ثورة يناير أطلق عليهم لقب شهداء لأن الثورة نجحت في إنهاء نظام حكم مبارك وقامت بالزج به وبنظامة في السجون، ولو كانت ثورة يناير قد فشلت ولم تستطع خلع مبارك ونظامه لظل شهداء ثورة يناير، أو الورد الذي فتح في جناين مصر خونه وعملاء وممولون من الخارج ولهم اجندة خارجية وأن من قاموا بالهجوم علي الشباب في موقعة الجمل هم المصريون الشرفاء وهم الذين أنقذوا مصر من الفوضي!!.

في حوار تليفزيوني لي مع الأستاذ محمد جوهر صاحب قناة 25 التي أغلقها الإخوان، قال لي أثناء مذبحة ماسبيرو وبعد صعود مجموعة من الشباب ومعهم كاهن لمبني القناة للإحتماء من بطش العسكر والبلطجية في الشارع، صعد خلفهم رجال يرتدون ملابس القوات المسلحة ومعهم أشخاص يمسكون بسيوف وجنازير وكانوا يضربون كل من يجدونه امامهم حتي الكراسي والأثاث والأبواب ويحطمون كل شئ، فسألت أحد رجال القوات المسلحة وقلت له أنت quot;شرطة عسكريةquot; وأنا أعلم ذلك ولكن من هؤلاء الذين يخربون ويدمرون كل شئ أمامهم، فرد صاحب الزي العسكري عليه وقال هؤلاء مواطنيين شرفاء!!!!.

وهذه الأيام يعيد التاريخ نفسه مرة أخري بعد إنفراد جماعة الإخوان بالحكم وخروج جموع الشعب عليهم فيما سمي بالثورة المصرية الثانية، التي راح ضحيتها ما يزيد عن سبعين شخص من خيرة شباب مصر لحد الآن والعدد قابل للزيادة في الأيام القادمة، أستخدم النظام الحالي نفس المفردات التي استخدمها نظام مبارك وهي بعينها التي أستخدمها quot;العسكرquot;، ووصفوا الشهداء بالخونة والعملاء والمأجورين والمتأمرين بل زادوا علي ذلك بأوصاف جديدة مثل أعداء الإسلام وأعداء الله وأعداء الدين.!!!

فالشاب الجميل والطالب المثالي quot;محمد الجنديquot; والذي يجيد ثلاث لغات ولديه إقامة دائمة في الولايات المتحدة تركها وعاش في مصر حبا في ترابها أصبح بلطجي لأنه رفض أن يشتم الضابط والدته وتجرأ علي حضرة الظابط وقال له لا تشتم والدتي، فما كان من حضرة الضابط إلا أن اخذه وقام هو زملاؤه بتعذيبه حتي الموت!!!. وكأن المصريين لم يقوموا بثورة ولم يضحوا بألف شهيد من أجل الثورة فلم يتغير شئ فنفس ممارسات السلطة ونفس اسلوب الداخلية لم يتغير ولم يتبدل.

تجري دموعنا كل يوم عندما نري صور الشهداء ونستمع لأهاليهم وذويهم وأصدقائهم وهم يتكلمون عنهم وما أن تجف دموعنا حتي يأتي شهيد أخر فنبكيه ونحزن للأتهامات التي توجه لخيرة شباب الوطن وأفضل ما انجبت مصر عبر تاريخها.

وأن كنا نريد حق الشهداء وأن كنا نريد أن يوصف هؤلاء بالأوصاف الحقيقية التي يستحقونها كأبناء مخلصين لهذا الوطن ضحوا بأرواحهم من أجل حرية وطنهم وأنهم لا يقلون أبدا عن أبطال حرب اكتوبر ولا عن زملائهم شهداء الثورة الأولي، علينا أن نأخذ من التاريخ عبرة في أن هؤلاء الشهداء سيظلون يوصفون بأنهم بلطجية ومن قام بقتلهم وتعذيبهم بمواطنين شرفاء مالم تنتصر الثورة ويرحل quot;مرسيquot; وأتباعه بل ويقدموا للمحاكمة بنفس التهم التي أتهم بها النظام السابق. علينا أن نعرف ونتأكد أن التاريخ لا يكتبه غير المنتصرون والحق لا يكون حقا إلا إذا كانت هناك قوة تحمية وتدافع عنه وتظهره، وإذا أردنا أن نحقق حلم الشهداء ونقتص من الذين قتلوهم ليس أمامنا غير طريق واحد ووحيد وهو أن نعمل علي ان تنتصر الثورة ونحن لها وسننتصر وغدا لناظره قريب، لنعطي شهدائنا المجد المستحق ونطهر مجتمعنا من البلطجية ونعطيهم المكانة التي تليق بهم وهي السجون، ستستمر ثورتنا حتي نحقق العدل أو نستشهد فنحن لسنا بأفضل من أستشهد من أجل الوطن.