تحت عنوان quot;ليت الأسد يرد الاهانةquot; كتب الاستاذ عبد الباري عطوان مقالا في القدس العربي السبت يحث فيه الرئيس السوري أن يقوم بالرد على الغارة الجوية الاسرائيلية الأخيرة قبل عدة ايام والتي استهدفت قافلة معدات عسكرية او منشآت أبحاث سورية. أثار المقال ردود فعل هائلة. لا اعتقد ان بشار الأسد سيستجيب لهذا الطلب. تمنيات الاستاذ عطوان تنبع من شعوره الوطني والقومي وسخطه على العجز العربي في ردع العنجهية والانتهاكات الاسرائيلية التي تتحدى الأمم المتحدة والقوانين الدولية ولا تعير اي اهتمام للعرب والمسلمين وبتواطؤ غربي ودعم أميركي. هذا نفهمه ونقدره.
ولكن بشار الأسد وقبله حافظ الأسد ومنذ سقوط الجولان لم يقوما بالرد على أي انتهاك اسرائيلي للأراضي او الاجواء السورية. هدؤ جبهة الجولان منذ 1973 حتى الآن عزز النظرية التي تقول ان اسرئيل تريد بقاء واستمرار نظام بشار الأسد وتعارض سقوطه. وهذه القاعدة تبقى سارية المفعول الا اذا انحاز النظام السوري عن الخطوط المتفق عليها. ولكن التحركات السورية الأخيرة ومحاولة نقل بعض الأسلحة والصواريخ لحزب الله في لبنان وهو عدو لدود للدولة العبرية حفزّت اسرائيل على اعطاء اشارة لبشار الأسد ان يلتزم بلعبة التهدئة وعدم المس بأمن اسرائيل. ونشرت صحيفة الصندي تايمز اللندنية الأحد تقريرا يتعلق بتخطيط اسرائيلي لتأسيس منطقة حدودية عازلة بين شمال اسرائيل وسوريا وفي هذا الاطار قال مسؤول استخباري اسرائيلي كبير للصحيفة quot;ان اسرائيل ستتحسر على خسارة بشار الأسد وابيه من قبله. مضيفا quot;هذان الشخصان مقرفان وخطيران حقا ولكنهما يلتزما بوعودهما ويحترما الاتفاقات مع اسرائيل احتراما كاملاquot;.
الرد على اسرائيل يعني الانتحار:
بشار الأسد ومن حوله يدركون تماما ان اي محاولة للرد او الانتقام من الغارة الجوية سينتج عنه اجراءات اسرائيلية عسكرية حاسمة قد تسارع في اسقاط النظام خلال ايام قليلة. أي ستنجز اسرائيل في عدة أيام ما فشلت المعارضة السورية المسلحة تحقيقه في عامين. بعبارة اخرى اذا استجاب بشار الأسد لنداء الاستاذ عطوان سيكون قد ارتكب عملية انتحارية.
قاعدة الرد المناسب في الوقت المناسب:
تاريخ الرد السوري في الوقت المناسب لا يوحي بأن هناك اي نية لدى النظام في اتخاذ اي اجراء باستثناء التهديد والوعيد الشفهي وتكرير العبارة المستهلكة quot;سيأتي الرد المناسب في الوقت المناسبquot;. اخترقت اسرائيل الاجواء السورية في عدة مناسبات وشنت غارات على منشأة دير الزور في ايلول عام 2007 ولا يزال الشعب السوري ينتظر الرد المناسب. تم اغتيال قيادات فلسطينية ولبنانية من قبل الموساد الاسرائيلي على الأراضي السورية ولم يأتي أي رد. وقبل ذلك في حزيران 2006 حلقت طائرات ف16 الاسرائيلية فوق القصر الجمهوري قرب اللاذقية ولم تتصدى لها الدفاعات الجوية السورية. وفي اكتوبر عام 2003 شن الطيران الاسرائيلي غارة جوية استهدفت معسكر تدريب قرب دمشق واالتي عرفت فيما بعد بغارة عين الصاحب ولم تقم سوريا بالرد. في تموز 2001 شنت اسرائيل هجوما على موقع للرادار السوري داخل الأراضي اللبنانية ولم يأتي أي رد سوري. الغر يب ان النظام السوري يستقوي على شعبه فقط. يقصف المدن والقرى وافران الخبز ولكنه يخجل ويستحي ويختبيء عندما تنتهك اسرائيل اجوائه وتدمر منشآته وتهين كرامته ويحتمي تحت غطاء الرد المناسب في الوقت المناسب.
تهديدات ايران المضحكة:
في اوائل ديسمبر 2012 نقلت قناة العالم الإخبارية عن العميد محمد رضا نقدي قائد قوات التعبئة الايرانية قوله للصحافيين اثناء العدوان الاسرائيلي الأخير على غزة quot; أن قوات التعبئة في إيران والعالم تنتظر بفارغ الصبر صدور أوامر من قائد الثورة الإسلامية (السيّد علي خامنئي) لتحرير القدس الشريف من المحتلين الصهاينة، مؤكداً أنه رغم العدوان على غزة فإن عملية القضاء على الكيان الصهيوني باتت قريبة جداً.quot;
هل تصدقوا التهديد الايراني الأخير؟
حيث أكد العميد مسعود جزائري المساعد الإعلامي لرئيس هيئة الأركان العامة للقوات الإيرانية المسلحة أن رد سورية على العدوان الأخير quot;سيدخل الكيان الصهيوني في حالة غيبوبة. ونقلت وكالة أنباء (مهر) الإيرانية عن العميد القول إن quot;الأخبار الواردة إلينا تشير إلى أن حالة من الانتظار القاتل يسود حاليا وأن اليهود يستعدون لمغادرة فلسطين.
وتعقيبي باختصار انه من المضحك ان ايران تتحدث عن مسح اسرائيل من الخارطة منذ بداية عام 2006 وسنحت لها ثلاث فرص لتنفيذ التهديد ولم تفعل. الفرصة الأولى جاءت في صيف عام 2006 اثناء الاعتداء الاسرائيلي على لبنان. والفرصة الثانية جاءت اواخر عام 2008 وبداية 2009 اثناء الهجمة الاسرائيلية الشرسة على غزة حيث قتلت اسرائيل 1500 فلسطيني ودمرت الاف المنازل. والفرصة الثالثة جاءت اوائل يناير هذا العام عندما اغتالت اسرائيل القيادي الحمساوي احمد الجعبري ودك الطيران الاسرائيلي اهداف حيوية في غزة وقتلت 400 فلسطيني. لماذا لم تتفضل ايران وتنفذ التهديدات بازالة اسرائيل من الخارطة؟ وقبل أيام قليلة أعلنت ايران ان اي اعتداء على سوريا هو اعتداء على ايران. فأين ايران الآن من الاعتداء الاسرائيلي الأخير على سوريا؟
أثبت محور الممانعة والمقاومة فشله وعجزه وانفضح كمحور التهديدات الشفهية والمقاومة اللفظية الفارغة.
لندن
التعليقات