ومؤتمر آخر ينتهي، وآخر ينعقد، وغيره سينعقد، وآخر سيعلن عنه في وقت لاحق، من القاهرة إلى الدوحة إلى اسطنبول إلى باريس، من جنيف إلى تونس إلى الرباط، إلى دمشق إلى.. ما أدراك إلى اين، من الممكن أن ينعقد في جزر القمر، أو في مكان ما، أبعد من القمر..

خطابات وشعارات، إذاعات ومحطات ومقابلات، مؤتمرات في تغطية مباشرة وغير مباشرة، ومؤتمرات أخرى بدون أي تغطية، قمم عربية ودولية، اتفاقات فوق الطاولة ومن تحت الطاولة، طوائف ومذاهب، قوى عظمى، ودول صغرى، متطرفين وجهاديين، ارهابيين وأحرار، مجالس وائتلافات ولجان، شعبية وغير شعبية، وطنية وغير وطنية، الكل يسعى إلى تهدئة الأمور في سوريا أو إلى تحرير سوريا!!.. دول لم نسمع عنها بتاتاً، أصبحت تلعب أو تريد أن تلعب دوراً لوقف العنف في سوريا، كله يتكلم عن الشعب السوري وعن حقوقه، عن الحرية والديمقراطية، عن الدمار والقتل، عن التشبيح والإرهاب، عن بلد تدمر وشعب تشرد، عن المعونات وقلة المساعدات، عن التسليح والتخوف من التسليح، عن الحروب واتساع دائرتها، عن تخاذل مجتمع دولي ومؤامرة كونية، الكل يفكر بسوريا ( قمة الإنسانية )..

سنتان!!.. سنتان ونحن نشاهد كل يوم نفس الاشخاص ونسمع نفس التصريحات، ونحضر نفس المؤتمرات، والأسماء تتكرر مع تغيير بسيط في الأدوار، قتل مستمر مع تغيير بسيط في الطرق، نزوح يومي مع تغيير بسيط بوسائل النقل، مخيمات خارجية وداخلية مع تغيير بسيط في معايير الإنسانية، اغتصاب متزايد للقاصرين والبالغين، مع تغيير بسيط.. من تحريمها إلى تحليلها، وأفكار قديمة وجديدة، إبداعات وفتاوي، وليس مستبعداً أن نشاهد جامعات على أعلى المستويات،quot; للقناصين المحترفينquot;، ومنح درجة الماجستير والدكتوراه مع مرتبة الشرف في القنص عن بعد وعن قرب، في سوريا..

كل شيء يحدث بتغيير بسيط فيما يتعلق بسوريا، في وقت يتكلم فيه الجميع عن التغيير، بينما على أرض الواقع، هناك تغيير واحد فقط، الا وهو، ارتفاع عدد القتلى، وازدياد نسبة الدمار، وتوسع دائرة الحرب، أي تغيير معنى وجوهر سوريا...

نعم.. الكل يتكلم عن سوريا وعن شعبها، جميع الأمور تجري في سوريا ومع شعبها، الأحداث تدور في المحور السوري وضد الشعب السوري، على مكتب كل السياسيين، تجد الملف السوري، كل الفضائيات عنوانها سوريا، كلمة quot;عاجلquot; أصبحت تعني سوريا، الكل ينادي، سوريا.. سوريا.. سوريا...

ولكن إن نظرت قليلاً بتمعن وبضمير ووجدان وإنسانية، وبعيون سورية، تجد الجميع.. الجميع، بعيدون كل البعد عن سوريا، وعن الشعب السوري، عن أطفال سوريا ونساء سوريا، وعن مصير سوريا ومستقبلها، بعيدون عن الأمان والسلام في سوريا، بعيدون عن إيجاد الحل في سوريا، الجميع يتاجر بسوريا وبكل شيء في سوريا أو بكل شيء ينتمي إلى سوريا.. الجميع في حالة هستيريا، أسمها تدمير سوريا، قتل سوريا، إنهاء سوريا..

بحق الله عليكم قولوا لي من هي سوريا، أو ما هي سوريا؟..
هل هي سلعة، أو مادة تجارية، أم هي ماركة عالمية؟..
سوريا وطن يا..

بروكسل
[email protected]