بينما كنت في القطار في طريقي الى لندن الاربعاء الماضي لقضاء بعض الوقت مع صديق عزيز، تناولت جريدة الميترو المجانية التي تتخصص بالاخبار الخفيفة والقصص المحلية. اذا أردت الأخبار الدسمة عن الذبح والقتل والتفجير والمجازر وارهاب القاعدة وارهاب النظام السوري ضد شعبه والربيع العربي البركاني وازدواجية واشنطن وتزمت وعجرفة اسرائيل واستعصاء المصالحة الفلسطينية عليك اختيار جريدة الغارديان او الديلي تيليغراف الانجليزية او الصحف العربية الرصينة مثل الشرق الأوسط أوالحياة او القدس العربي.

السيد بامبا يتنبأ المستقبل

ونظرا لسهولة المواضيع وصلت صفحات الاعلانات قبل وصولي الى محطة واترلو الشهيرة. وجلب انتباهي ثلاثة اعلانات في ثلاثة مربعات ملونة. الأول ازرق فاتح تحت عنوان quot;السيد بامباquot; معالج روحاني أي يشفي العلل ليس بالأدوية والعقاقير والمضادات الحيوية وغيرها بل بالروحانيات. ويصف نفسه بالاعلان كمستبصر عالم بالغيب ويقرأ المستقبل ويلعب دور الناصح المرشد المتخصص بشؤون الحب والعلاقات الشخصية. وكذلك ايجاد حلول للمشاكل المنزلية والعائلية. ويعالج مسائل تتعلق بالحظ وأشغال البزنس والامتحانات الدراسية ومسائل الهجرة وأمور أخرى كثيرة. ينتهي الاعلان بجملة تحفيزية تقول quot;لا تنتظر اتصل الآن بالأرقام التالية احدها جوال والآخر تلفون ثابت.quot;


شيخ تميم حلاّل المشاكل

وفي اللون الأصفر الفاقع تحت عنوان: شيخ تميم ويقول الاعلان : شيخ يمتلك معرفة واسعة في الروحانيات الافريقية المتعلقة بأمور الحب والعلاقات الشخصية والمسائل العائلية. وكذلك مسائل الحظ السعيد والحظ التعيس بالاضافة لأمور الهجرة، وقضايا المحاكم وتحقيق الرخاء الاقتصادي والأعمال والامتحانات. وينهي بالقول: سأساعدك في استرجاع سعادتك. اتصل بالهاتف كذا وكذا وما يميز شيخ تميم عن السيد بامبا ان شيخ تميم له موقع أليكتروني على شبكة الانترنيت.

شيخ لامين مرمّم القلوب المحطمة

والاعلان الثالث بالأزرق الغامق: الشيخ لامين المعالج الروحي ذو خبرة تمتد اكثر من ثلاثين عام. متخصص في امور الزواج والعلاقات الغرامية والحظ الطيب والمشاكل العائلية. وكذلك يعالج خيبة الآمال، ويعالج مشاكل احبائك و قضايا المحاكم والكآبة النفسية والوظائف ومسائل الهجرة واسترجاع السعادة المفقودة. اتصل بالهاتف كذا وكذا ونبتعد دقيقة واحدة عن محطة ميترو كذا. لا يوجد خطأ مطبعي فاسم هذا الشيخ لامين وليس الأمين.


تساؤلات وتأملات

هذه الاعلانات تثير تساؤلات منها هل فعلا هناك سوق كبير لهذا النوع من الخدمات؟. هل يمتلك صاحب الاعلان فعلا قدرات روحية خارقة لعلاج كل انواع العلل والامراض؟ أم انه مشعوذ ودجال يضحك على البسطاء ويأخذ اموالهم مقابل نصائح مسكنة ومهدئة وملطفة تجعل صاحب او صاحبة المشكلة يشعر بالنشاط والسعادة المؤقتة؟. واذا كان قادرا على حل مشاكل الغير وتحقيق السعادة لهم وتأمين الرخاء الاقتصادي لزبائنه كما يدعي الشيخ تميم فلماذا لا يستغل هذه المقدرة السرية لاثراء نفسه ويرتاح من تغليب نفسه بوضع اعلانات ودفع الرسوم ثم انتظار هواتف من البسطاء والبسيطات والساذجين والساذجات وترتيب مواعيد لسماع ضيمهم ومظالهم وقصصهم.؟ وبعد ذلك يحرر فاتورة بمبلغ مالي لقاء اتعابه ونصائحه. ورغم كل ذلك دعنا نقول اذا ثبت أن لديهم حلولا لجميع المشاكل فأقترح على الساسة العرب والجامعة العربية استشارة شيخ تميم او السيد بامبا علهم يجدوا حلولا للأزمة السورية والمشاكل المعقدة في العراق ومصر وليبيا والسودان وغيرها من دول الفشل العربي.