عرفت قيادة مصر السياسية ان شعبها يتطلع لفرحة تسعد قلبه، فعملت علي إسعاده..&وأدركت بحسها الشعبي أنه يحتاج لطاقة أمل جديدة مبهجة، فسعت إلي توفيرها له.

سعادة الغالبية العظمي من شعب مصر بقناته الفرعية او تفريعة قناة السويس " الأم " لا توصف بالحروف إنما تقاس بالأحاسيس وردود الفعل الإيجابية.. وحماستهم لمساندة هذا المشروع، منذ طرح قبل عام عن طريق المشاركة الشعبية في تمويله، تستحق الإشادة.

فالإنجاز هائل.. وجدوله الزمني المحدود شاهد مزدوج.

يعبر عن قوة الإرادة وعلمية الإدارة القادرة علي التحدي، ويزيح العشوائية عن مستويات الإخلاص والعزيمة الكامنة في خبايا الشخصية المصرية.

التأييد المفرط للمشروع مثله مثل التحطيم المتعمد له.. والصعود به إلي السماء السابعة يساوي تماماً الإزدراء به وسحقه تحت الأقدام.. تعظيم العائد السريع منه قفز فوق المعقول، التهوين من عوائده خبث مكشوف لن يصمد طويلاً أمام تداعيات الغد القريب.

المشروع وطني من الدرجة الأولي أعطي دفعة أمل إيجابية هائلة للغالبية العظمي من المصريين خاصة البسطاء منهم.. تحولت رمزياته إلي مصدر للتفاؤل القادر علي التحول إلي واقع ملموس ومحسوس.. فرض نفسه وبقوة واقعية علي الرأي العام المصري وعلي المجال الاقليمي والدائرة العالمية.

تزداد وطنية المشروع في ميزان دول العالم الثالث لأنه أبعد عن مصر الوقوع في قبضة عبدة المال مصاصي دم الشعوب، ورفع عنها حرج التقدم للمؤسسات المالية الدولية.

محاولة شخصنة المشروع مرفوضه جماهيرياً.

محاولة نفي أنه مُسيس تتناقض مع الحقيقة.

الحقائق تقول لنا&مشروع القناة الإضافية الموازية لقناة السويس الأصلية بقي في الأدراج سنوات ( منذ عام 1996 ) قبل يناير 2011.. وتغني به كل مرشحي الرئاسة في منتصف عام 2012.. الفيصل الرئيسي بين تنفيذه بالكيفية التى جري عليها وبين مخطط الرئيس المعزول محمد مرسي، أن ما إحتفلنا به يوم 6 من الشهر الجاري تم بتمويل مصري 100 % وبأيد مصرية 100 % وسيؤول عائده إلي الخزانة المصرية بنسبة 100 %%.

مشروع القناة الإضافية يمنح القناة الأصلية الفرصة لأول مرة منذ 150 عام ان تمرر قافلتين في آن واحد بفارق زمني لا يتعدي الثلاث ساعات.. ويسمح لناقلات النفط وحاملات الحاويات التي يصل غاطسها إلـ 60 قدم بالعبور في سهولة ويسر.. ويُقلل من ساعات العبور التى كانت تتعدي في بعض الأحيان حاجز الثلاثة عشر ساعة!

انه، وبرغم تدني معدلات نمو التجارة العالمية منذ أكثر من ست سنوات وإحتمال بقائها في مستوي 4 % لعشر سنوات قادمة، إلا أن نصيب قناة السويس منها سيكون الأكبر بالمقارنة مع القنوات والممرات المائية العالمية الأخري بسبب موقعها الجغرافي ولتوافق احتياجات الصين وجنوب شرق آسيا مع إيجابيات شق قناة موازية وتعميق للمجري الملاحي ككل.

يوازي الفرحة والفخار والحماس.

ان مشروع تفريعة ميناء شرق بورسعيد بدأ العمل فيه صباح يوم 7 الجاري كجزء من المشاريع اللوجستية لمحور تنمية قناة السويس ( بطول 5ر9 كيلو متر ) يهدف لمنح السفن القادمة من البحر المتوسط الدخول مباشرة إلي الميناء دون انتظار لدورها ضمن القوافل المارة عبر القناة الأم من الشمال إلي الجنوب.

الهيئة المسئولة عن تنمية الإقليم إجتمعت في نفس التوقيت لدراسة خصائص وجدوي تنفيذ عدد من المشاريع كان في مقدمتها تعزيز البنية الأساسية للمنطقة ككل وتطوير المواني وبناء محطات لتوليد القوي الكهربائية والطاقة المتجددة، ومراجعة عدد من التتقارير العالمية حول مجالات الإستثمار المصري والعربي والأجنبي التى يمكن ان تشارك في تشييد مخازن لتسهيل حركة الترانزيت ومرافق لصيانة السفن وبناء اجزاء جوهرية منها وبناء مجمع صناعي حديث بمواصفات عالمية.

في نفس الوقت قامت اللجان المتخصصة علي مستوي مجلس الوزراء بفتح ملفات إستصلاح الأراضي واستزراعها لتحديد النطاق البيئي، من منطلق الأمن القومي المصري، اللازم لتنفيذ هذه المشاريع السابق دراستها والإتفاق علي جدواها الإقتصادية.. وكذا مواقع التأسيس لعدد من المدن الجديدة شرقي القناة.

قبل أن نتساءل معنا.. ما هي الخطوات التالية لهذا الإحتفال؟

استأذنكم في الربط بين ما جري في الأمس القريب وبين ما عاشه الشعب المصري من فرحة وفخار وحماس لمرتين سابقتين في تاريخه القريب بالغتي الدلالة.. الأولي بعد بناء السد العالي العملاق والثانية بعد انتصار أكتوبر العظيم.. وما عكسته كل منهما من قدرة علي إنتزاع القرار السيادي من يد الغير ومن إستيعاب لمتطلبات التخطيط العلمي والإدارة المتميزة والتنفيذ المشرف من ناحية، ما تلاهما من تراخ وتكاسل أدخل دروس الإستفادة السياسية والمجتمعية والانسانية منهما " متحف التاريخ " بدلاً من أن يخضعها للتقويم المنهجي القابل للتطبيق الميداني حلاً للمشكلات العويصة التى كانت ولا تزال الدولة المصرية والمواطن الذي خاض التجربتين بكل جسارة وتفاني يعانيان منهما.

الأمس القريب يتطلب من المسئولين عن المجتمع المصري.

أولاً

1 – أن يكشفوا بشفاقية ومصداقية عن حجم التمويل الوطني الذي أودعته جموع الشعب بهدف الإنفاق علي مشروع شق القناة الموازية وتعميق المجري، وما تبقي منه لتغطية نفقات المشاريع الأخري المرتبطة به والتى ستكتمل بها بنيته التحتية..&

هذا الكشف سيحقق أمرين.. الأول الرد العملي علي الذين لا زالوا ينتقدون المشروع ويعملون علي هدمه بكافة الطرق ومن يثيرون الشائعات حول جدواه، والثاني إرساء قاعدة علي قدر كبير من الأهمية وهي إحاطة الرأي العام المساند بحقائق واقعية تؤكد موقفه وتقوي دفاعه ضد ما يحيط به من غموض وضبابية.

2 – أن يدركوا حقيقة جوهرية أن الحماس الجماهيري يتطلب منهم بشكل فوري فتح ملفات الفساد الإداري والمالي والسياسي وكذا ملفات الإهمال علي مستوي جميع المصالح الحكومية الخدمية خاصة في مجالي التعليم والصحة، والإسراع في محاسبة كل من تثبت إدانته في أي من هذه الملفات قبل أن يتلاشي حجم الحماس والفخار الحاليين.

3 – أن يُسهلوا الطريق أمام اصدار جزمة من القوانين التى من شانها أن تسد الفجوات والثغرات التى تشل يد الرقابة عن أن تلاحق كل من يُعوق مسيرة الوطن التنموية ونهضته الإصلاحية، وتضيع المسئولية بين مستويات الإدارة وبسببها تتبخر مصلحة الوطن والمواطن وتتعطل المشاريع وتتوقف مسيرة الحياة نحو الغد.&

ويتطلب منهم ثانيا:

ان يدفعوا بنموذج المشاركة الشعبية كما خبروه لدي الإعداد لمشروع القناة الموازية إلي مزيد من التفاعل البناء، لأنه برهن علي إمكانية مصرية أصيلة قادرة بكل طاقتها علي تحريك حيوية المجتمع ودفعه إلي المزيد من المشاركة في المشاريع ليس القومية فقط وانما أيضا المشاريع التى تساهم في تنمية كل محافظة علي حدة وتدربه علي تعزيز نشاطات المجتمع المدني الساعية لوضع برامج الإصلاح السياسي والاقتصادي والمجتمعي موضع التنفيذ.

أن يواصلوا بشكل عملي إستثمار حالة الفخار التي تتوج مزاج الغالبية العظمي من أبناء الشعب المصري داخلياً وخاريجياً.. حتى لا تندم الأمة المصرية كلها للمرة الثالثة اذا ما مرت اللحظة التاريخية الفارقة التي نعيشها دون أن نضع الشعب كله علي اعتاب التطوير والتحديث المجتمعي الذي نتطلع إليه كلنا.

بغير ذلك اتوقع أن تمر دقات أكف التنمية التى تهز ابواب مصر دون ان نسمعها!

وأملي ان نسمع ونعي ونعمل، فيكفي ما سُدت عنه أذاننا من دقات ونداءات.
&

* استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]

&