اختياراللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي اعلي هيئة سياسية فلسطينية تمثيلية للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج رئيس الوزراء السابق محمود عباس (أبو مازن) لرئاستها يعيده إلى الأضواء من جديد ويجعله لاعبا أساسيا في المرحلة القادمة خصوصا بعد الإعلان عن وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات رسميا يوم الخميس 11/تشرين الثاني / نوفمبر واعلان حركة فتح كبرى الفصائل الفلسطينية هذا الأسبوع عن كون ابو مازن مرشحها الوحيد في انتخابات الرئاسة الفلسطينية المقررة مطلع العام القادم.

من هو محمود عباس؟

أبو مازن هو الاسم الحركي لمحمود عباس المولود سنة 1935 في قرية بقضاء صفد من لاجئي عام 1948 والذي عمل معلما بعد تخرجه من احد المعاهد في سوريا التي أكمل فيها دراسة الماجستير في القانون ثم أوصله طموحه واجتهاده الشخصي إلى الحصول على شهادة الدكتوراه في التاريخ من موسكو وكان مقيما في قطر وساهم مع ياسر عرفات في تأسيس منظمة فتح وعمل في صفوفها سنوات طويلة وكان مبعوثا رسميا لمنظمة التحرير الفلسطينية في موسكو كما تولى مهمة الاتصال بالقيادة السوفيتية ممثلا عن القيادة الفلسطينية التي وجدت فيه مفاوضا ومبعوثا هادئا يصلح للمهمات الكبيرة فلعب دوراً كبيرا في المفاوضات السرية التي سبقت اتفاقية أوسلو في مما جعله يوصف بأنه من ابرز صانعي أو مهندس اتفاقات الحكم الذاتي التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية مع إسرائيل في1993.

محمود عباس ومفاوضات السلام

تثير شخصية أبو مازن الكثير من الملاحظات والشكوك التي يصرح بها الكثير من الفلسطينيين الذين يعرفون عنه انه أول من اقتنع بأن حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لا يكون عن طريق الكفاح المسلح وإنما يمر بطريق المفاوضات وانه أصدر عام 1974 كتيبا عن الصراع العربي الإسرائيلي ضمنه أفكارا وعبارات اعتبرت في حينها خيانة وتجاوز على كل الثوابت التي كان يؤمن بها الشارع العربي والفلسطيني مما دفعه إلى سحب الكتيب الذي لا يعرف لحد الآن ما إذا كان هو قد سحبه أو أن القيادة الفلسطينية قد سحبته بعد إن جعلت منه بالون اختبار لجماهير الشعب الفلسطيني الذي لم يكن له أن يقبل أو حتى التفكير بالطروحات والأفكار التي كان يطرحها أبو مازن في الدائرة الضيقة من اصدقائة ومؤيديه القليلين لكنه من الثابت أيضا انه ومنذ عام 1974 بدأ بإنشاء علاقات مع شخصيات من اليسار الإسرائيلي ثم قابل عباس العديد من المسؤولين الإسرائيليين علي اختلاف انتماءاتهم السياسية وانه معروف علي صعيد الشارع الفلسطيني من كونه رجل الأمريكيين والمفاوض الذي تفضله إسرائيل ولم يعينه عرفات عام 2002 رئيسا للوزراء وهو منصب مستحدث في السلطة الفلسطينية إلا بفعل ضغوطات الإدارة الأمريكية التي تجاهلت عرفات كليا منذ انتخاب رئيسها جورج بوش الابن عام 2000 كما تراجعت شعبية عباس بعد فشل اتفاقيات اوسلو للسلام التي وقعت عام 1993 وكان أبو مازن من الجانب الفلسطيني وشمعون بيريز من الجانب الإسرائيلي ابرز مهندسيها كما انه من المسؤلين الفلسطينيين القلائل الذين التقوا رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني ارييل شارون الذي وصل إلي رئاسة حكومة الدولة العبرية في ربيع 2001 كما انه أدان عسكرة الانتفاضة الفلسطينية ويعتبر العمليات العسكرية خطأ وهو معارض قوي لاستخدام العنف في الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ أربع سنوات وسعي لإقناع الإسلاميين بإيقاف هجماتهم علي إسرائيل مما أثار حفيظة الكثير من الفلسطينيين الذين لا يميلون إليه خصوصا عما يشاع عنه من انه من أتباع الطائفة البهائية الغريبة عن أفكار ومعتقدات المجتمع الفلسطيني.

محمود عباس ورئاسة الوزراء

شغل محمود عباس منصب رئيس الوزراء لمدة أربعة أشهر ثم استقال بعد خلافات كثير ة وكبيرة مع الرئيس عرفات وكتب في خطاب استقالته ( ارفض أن أكون شاهد زور ) تعبيرا عن انعدام التفاهم مع عرفات الذي أراد من عباس أن يكون ديكورا لا اكثر حتى يقال أن هناك سلطات ومؤسسات سياسية لصنع القرار في حين أن واقع الحال كان يقول غير ذلك حيث كل السلطات والقرارات والتعيينات هي بيد الرئيس الذي لم يستطع أبو مازن أن يبقى في منصب صوري ففضل الاستقالة والابتعاد عن الحياة السياسية والقطيعة الكاملة مع عرفات الذي وصفه( كرزاي الفلسطيني ) و بما يشبه الشتيمة في حينها حيث انسحب عباس من الحياة العامة بعد أن خسر الجولة مع عرفات.

محمود عباس العائد من جديد

بقدر ما تثير عودة محمود عباس من جديد إلى مسرح الأحداث بل والى مركز صناعة القرار الفلسطيني الكثير من التوقعات والأسئلة عما يمكن أن يفعله هذا السياسي الهادئ القليل الكلام والذي يتجنب الظهور بوسائل الأعلام والزاهد بالمناصب حيث يسجل له التاريخ لأول فلسطيني وربما لأول مسؤول عربي يستقيل من منصب رئاسة الوزراء حتى يبقى محتفظا باحترامه لنفسه وآرائه التي قد نختلف أو نتفق معه حولها لكنه يستحق الاحترام كونه لم يرضى أن يكون إمعة من الأشخاص ألامعات الذي يزينون للرؤساء والزعماء كل ما يقولونه ويفعلونه طمعا بالمغانم وحفاظا على المناصب والامتيازات.

شعبية محود عباس

لا يحظى محمود عباس الذي تعتبره إسرائيل والولايات المتحدة محادثا موثوقا به بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني وفقا استطلاعات الرأي وذلك بسبب اعتباره رجل الاميركيين والمفاوض الذي تفضله إسرائيل ومعارضة حركة حماس التي تتمتع بشعبية واسعة في صفوف الشعب الفلسطيني للأفكار والطروحات التي يحملها أبو مازن فقد أشار استطلاع نشرت نتائجه يوم الاثنين 4/تشرين الأول / أكتوبر 2004 والذي أعده برنامج دراسات التنمية في جامعة بيرزيت وأجري بالتزامن مع بدء عملية تسجيل الناخبين للانتخابات المقبلة وتبين من الاستطلاع الجديد أن الرئيس ياسر عرفات يظل المرشح الأقوى بالفوز بمنصب الرئيس إذ حصل على نسبة 46% بين 11 مرشحا تلاه مروان ألبرغوثي أمين سر حركة فتح المعتقل في سجن إسرائيلي حيث حصل على 12%فيما لم يحصل محمود عباس (أبو مازن) رئيس الوزراء السابق سوى على 0.5% مقابل1 % لرئيس الوزراء الحالي أحمد قريع (أبو علاء) 1.7 % لصالح وزير الشؤون الأمنية السابق محمد دحلان.

وتبين نسبة 0.5 التي حصل عليها ابومازن النسبة الضئيله التي من الممكن أن ترافقه في مستقبله السياسي والتي تجعل من فرصة نجاحه في أية انتخابات قادمة فرصة ضعيفة مالم ترافقها خطوات عملية على الأرض يشعر بها المواطن بالفرق الكبير بين الحال الذي كان عليه أيام الرئيس الراحل عرفات وبين الواقع الجديد الذي يبدو فيه محمود عباس ( ابو مازن ) قد وصل إلى كرسي الرئاسة أو قريبا منه لكن المشكلة بالنسبة له أن الأرضية التي يستقر عليها الكرسي هي من جليد ربما تذوب بسرعة اوتحتاج وقتا يطول أو يقصر عندما يختار الشعب الفلسطيني شخصا يحبه ويأتمنه على قضيته التي تلاعب بها القريبون والبعيدون في حين أن الشعب الفلسطيني وحده الذي يدفع الثمن وهو وحده الذي سيختار من يكون قائدا له فيما لو سمح له بهذا الاختيار... رغم أننا نشك في انه سيختار من يريد ومن يعتقده مؤهلا لقيادته في ضوء الواقع الموجود.

[email protected]