نقول مع بالغ الأسف أن الأزمة في غزة تزداد سواء والسلطة الفلسطينية تقف عاجزة عن معالجة الموقف بحزم والسلطة إما أن تكون عاجزة أو غير راغبة في احتواء الأزمة أو ربما وهذا مستبعد أن تكون راغبة وقادرة ولكنها غير جاهزة للتحرك.

هذا التقاعس سواء كان مقصودا أو لم يكن قد نجح في تقديم هدية لشارون وأنقذته من الضغوط من قبل دول العالم بشأن الجدار العنصري الفاصل والانسحاب الأحادي الجانب من رفح وغزة واستطاع أن يثبت للعالم انه لا يوجد شريك كفء للتفاوض هذا يعود بنا للذاكرة عندما يجد شارون نفسه في ورطة يأتيه الإنقاذ والخلاص من الطرف الفلسطيني على شكل تفجير ضد هدف مدني إسرائيلي.

يستطيع شارون استغلال هذه الظاهرة المفيدة لفترة طويلة ويضع قدميه في حوض ماء بارد. ومنذ اوسلو الكارثية والوضع الفلسطيني في تدهور مستمر وكان هناك هلعا وتسارعا في التوقيع على اوسلو مقابل سيادة وهمية على اريحا وغزة وكان هناك تهافتا على وضع السجادة الحمراء على الارض لللاستقبال والتوديع ومنح الاوسمة للزائرين وهدر المال العام من الدول المانحة على المنتفعين الذين وجدوا انفسهم في المكان المناسب والوقت المناسب وكثرت التعيينات الوزارية للارضاء ومكافئة المتملقين وشراء السكوت والضمائر حتى بلغ عدد الحقائب الوزارية بحدود الـ 26 ، واذا كان هذا الرقم صحيحا او قريبا من الصحيح فهو يزيد عن عدد الوزارات في الولايات المتحدة.

اما الاجهزة الامنية التي عددها وصل في احد المراحل 13 جهاز يتواجد فيها اكبر كادر في العالم من الضباط ذوو الرتب العالية مثل نقيب ورائد ولواء وجنرال واعداده تتزايد لدرجة ان حلف الناتو الاطلسي بداء يعاني من عقدة نقص وامتلأت الصحف بالتهاني للترفيعات والترقيات المتلاحقة. ويجب ان لا ننسى التقبيل والتبويس المفرط الذي ادى الى ازمة ديبلوماسية في احد المؤتمرات العربية عندما هرب رئيس وزراء دولة من المؤتمر ليتجنب التقبيل المفرط.

فما هو سر الفشل الفلسطيني في الاداء والتعامل مع الازمات. اذا لم نستطع التوصل الى اتفاق فيما بيننا فكيف نتوفع التوصل لاتفاق مع اسرائيل. لماذا المواجهات بين جماعة محمد دحلان وموسى عرفات؟.

هل هذا هو الصراع من اجل المناصب ام نتيجة لعدم اتفاق على استراتيجية انهاء الاحتلال، يبدو لي ان الجماعة تناسوا الاحتلال وتناسوا ان الوزير والجنرال واللواء لا يستطيعوا التحرك بين قرية وقرية بدون اذن اسرائيلي مسبق من الجندي الواقف على مدخل الشارع.

رئيس الوزراء أحمد قريع فشل في انتزاع أي سلطات إضافية من الرئيس عرفات وفشل في عمل أي إصلاحات وهو يعرف أن مصيره الفشل مثل سابقه ابو مازن فدخوله الحكومة كدخول ساذج لبيت بنات الهوى ويخرج بعد ذلك نادما وخائبا لأنه فشل في الحصول على الرومانسية الحقيقية و الحب البريء الذي كان يصبو إليه.. ثم نسمع عن اغتيال نبيل عمرو الذي تجرأ إن ينتقد أداء السلطة الفاشل. بعبارة أخرى من ينتقد السلطة ورجالها يعرض نفسه للخطر ألا يكفينا خطر شارون واغتيالاته؟.

وسنرى اعلانا في الصحف بعنوان: اغتيالات انتاج محلي فلسطيني متوفر مجانا لكل من تسوله نفسه في انتقاد السلطة.

السيد رفيق النتشة لخص الموضوع بجملة واحدة في حديث مع الفايننشال تايمز الجريدة المالية اللندنية: قائلا: صادر الرئيس كل الصلاحيات التي كانت بيد قريع ومجلس وزرائه. فما الفائدة من تعيين رئيس وزراء ووزراء بدزن صلاحيات يقوموا بتنفيذها، فشعارنا الجديد: الفساد الفساد الفساد اقولها ثلاث مرات لاني لاحظت ان هناك ظاهرة فلسطينينة لتكرار الجملة الرنانة والشعارات ثلاث مرات بدون مبرر سوى انها تجعل المتكلم يشعر بالعظمة والاهمية. .

والقاموس يحتوي كلمة استقالة وتنحي واعتزال وتقديم الذات للانتخابات ولكن المتشبثين بالسلطة يعتقدوا انه لا يوجد غيرهم من الكفائة والشطارة لذا يفرضوا انفسهم على رقاب الناس حتى النهاية في مثل مصري يقول "اللي يختشوا ماتوا"،فإلى متى نبقى في هذه الحال المزرية. اكثر من مرة نادى الاستاذ جهاد الخازن لاستقالة الرئيس عرفات وتعرض لانتقادات شديدة والاستاذ جهاد معروف بصدقه ووطنيته وخبرته السياسية واهتمامه الشديد بالشأن الفلسطيني والعربي عامة، فإذا لا نريد أن نسمع الأميركان والاتحاد الأوروبي فلنصغ لأصوات عربية صادقة وتصلح من ذاتنا قبل ان يجبرنا بوش على ذلك.

فلسطين والشعب الفلسطيني يرزحون تحت احتلال ظالم. . الشعب يعاني الفقر والجوع والجدران العنصرية. واكثر من 6000 فلسطيني يقبعون في السجون في ظروف أسوأ من سجن أبو غريب وكل هذا وقادتنا يتنازعوا على الكراسي والمناصب والوجاهات ولا غرابة انهم فقدوا احترام شعبهم وكسبوا احتقار وازدراء أشقائهم في العالم العربي.

ألم يكن الجدير بهم أن يقدموا استقالة جماعية ويقدموا انفسهم لانتخابات نزيهة ويفسحوا المجال لقيادات شابة تستطيع مواجهة التحديات القادمة ونقيل هؤلاء بإفراط ونحيلهم إلى التقاعد شاكرين لهم مساهمتهم في المشاركة في مدريد واوسلو وواي ريفر بلانتيشن وكامب ديفيد وطابا ووادي عربة والعقبة وشرم الشيخ وجنيف . ثم استقبالهم لجورج ميتشل وجورج تينيت والجنرال زيني ووليام بيرنز وكولن باول وكوندوليسا رايس و لارسن صديق الرئيس عرفات القديم والان عدوه اللدود لأن الأخير تجرأ على أن يقول ما هو محرج وامتنع عن التملق والمديح وبقدرة قادر جعلنا من الأمم المتحدة واحد ممثليها أعداء جددا للفلسطينيين.

نهاد إسماعيل.. "ناشط سياسي فلسطيني مقيم في بريطانيا"