الجزء الأول

الجينوسايد تعني الابادة الجماعية لشعب او طائفة، وقلعها من جذور من مختلف النواحي، وتعني القتل وتطهير العرقي والفناء الجماعي، لقد ظهرت هذه اللفظة في قاموس القتل الجماعي بعد عمليات ( هولوكوست اي الحرق الجماعي لليهود على يد النازية ) وقصف ناغازاكي وهيروشيما بالقنبلة الذرية، ومن الواضح ان للقتل والابادة لجماعية تاريخا طويلا مرت به كل الثورات وحروب غير الانسانية في العالم، لكن اشكاله وصوره مختلفة ونسبية، ومن هذه الصور والاشكال التى تفوق بشاعتها عند مقارنتها ب ( هيروشيما ) هي قصف حلبجة بالاسلحة الكيميائية وعمليات الابادة الجماعية التى سميت ( بالانفال ) والتى نفذت ضد الشعب الكردي المسالمين العزل من قبل السلطة العراقية وصدام حسين.

ان كلمة الانفال التى اطلقت على تلك العمليات الوحشية اخذت من ابعاد التاريخية المختلفة المستمدة من الدين، اي هي كلمة ماخوذة من السورة الثامنة من القران ( وهي تعني الغنائم ) وهذه السورة تتكون من من (77) اية و وتبدا الاية الاولى منها بهذا الشكل ( ويسالونك عن الانفال قل الانفال لله وللرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم واطيعوا الله ورسوله ان كنتم مؤمنين ) وهذه الاية التى جعلها نظام حكم العراق وصدام مرجعا وخيارا لاضفاء شرعية على عمليات القتل والابادة الجماعية والتطهير العرقي و وسفك الدماء. من هنا نرى ان عوامل حب السلطة وواعداد السلطة ولعبة السلطة الثلاثة تطبقه على القومية والاقليات الموجودة بالعراق التى لم يتمكن نهج وتهديدات حزب البعث وصدام من السيطرة عليهم، ففي الوقت الذي لم يكن يرغب هو في نشوء اي اقلية قومية او انسانية في العراق كان يسعى ايضا دوما الى تهيئة الاجواء وترتيب لحصول الكوارث والمصائب اي ( اعداد السلطة ) اضافة الى العوامل التى تؤدي الى ترويض الشخصية او السيطرة على الشخصية الفرد، وبهذا الشكل يقع الجميع بدائرة حبه للسلطة حسب منهجه، ان حزب البعث الحاكم في العراق لم يكن مقبولا بين الشعب باية صورة من الصور لا من بعد الشخصي ولا من بعد الاجتماعي ومع ذلك كان يسعى الى ترسيخ بعد واحد فقط وهو غريزة (خلق الاشياء ) حيث كان يسعى باستمرار، لكي تكون جميع الاشياء من خلقه هو، ابتداءا من الاشياء الصغيرة وانتهاءا بسلطة الكون، لتكون جميع السلطات ماخوذة من سلطانه ورغباته، باستطاعته ازالة جميع المخلوقات ووضع المخلوقات التى يصنعها بنفسه مكانهم، ومن اجل تحقيق ذلك الهدف كان يحتاج الى جميع اشكال وتجسيد معادلات (لعبة السلطة ).
غريزة حب السلطة عند صدام حسين وصل الى الحد الذي بدا فيه اولا ب ( جينوسايد ) الدين الحقيقي الالهي وخلق دين جديد حسب رغبته ومشيئته، ليجعه خير الوسيلة لسيطرة على الانسان.
في عمليات الانفال عمل حزب البعث بوحي من رئيسه الى رفع مقام الرئيس، ليصل الى مقام الرب والخالق ورفع نهج البعث ليصل الى مستوى نهج القران، وبهذا الشكل اراد تجسيد خلود الله والدين في ذاته، بحيث يؤمن بان له السلطة على الكون كله، وبذلك بدل كل شيء غير منظور الى شيء منظور، ويبدل الحياة الطبيعية والانسانية الى حياة مصطنعة، والى انسان ومخلوق من قبله يعبد الرئيس وليس اله، ومن اجل خلق انسان من صنعه هو لجا الى نسبه غير المعلوم وشجرة عائلة وهمية مصنوعة من قبله على اساس ترجع نسبه الى امام علي ومنه الى رسول محمد، وبذلك يصبح من احفاد الرسول، ويعطي لنفسه حق وراثته، ويطبق هذه السلطة الوهمية ( التوليتارية ) الدكتاتورية ضمن اطار السلطة التى خطط لها، ويجعل من القران والدين جسرا او وسيلة لاعطاء الشرعية لاعماله وابقاء السلطة في عائلته من بعده، فليس هنا وجه شبه بين ما حصل في معركة البدر عندما امر الله المسلمين، كما ورد في سورة الانفال بان يبادروا الى التصدي لقوافل الكفار والاستيلاء عليها والقضاء على افرادها من اجل نصرة الله ورسوله ودينه وكسر شوكة الكفار واعداء الدين الاسلامي و حيث كانوا يحاربون الرسول ويعملون بكل ما اوتوا من القوة للقضاء عليه وعلى الدين الجديد لذلك من حقه واصحابه التصدي لقوافلهم والقضاء عليهم والاستيلاء على ما فيها، وكل ما يستولون عليها حلال لهم.
كان على النبي، كصاحب الرسالة ورسول الله ان يقود تلك المعارك بنفسه، وايصال تلك الرسالة واوامر الله الى المسلمين، كما ورد نصا في الايات ( 5، 6، 7 ) من سورة الانفال حول ثروات واموال وغنائم الحرب، كان المسلمون يخشون من الدخول في هذه المعركة بسبب كثرة عدد مقاتلي قريش، لذلك قال رسول قبل بدا المعركة : اما تستولون على ما تحمله القافلة او ينصركم الله على الذين جاءوا لنجدتهم، وتنتصرون في هذه المعركة، ويستشهد برسالة الله، وهو القران واياته، ويجعلها برهانا واثباتا حيث يقول سبحانه ( كما اخرجك ربك من بيتك بالحق وان فريقا من المؤمنين لكارهون ) " الاية 5" و يقول ( يجادلونك في الحق بعد ما تبين كانما يساقون الى الموت وهم ينظرون ) " الاية 6" ويقول ( واذ يعدكم الله احدى طائفتين انها لكم، وتودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ) " الاية 7 ".
ان ارئيس العراق، مجرم الانسانية صدام حاول بما لديه من وسائل تشبيه مشروع معركة بدر بمشروع عمليات الانفال ومنح نفس الشرعية التى منحها الله للرسول والمسلمين ضد الكفار لنفسه...ولكن ضد من؟؟ضد الكرد المسلمين والشعب العراقي المسلم، اي ان صدام يمنح لنفسه سلطة الله ويمنح على حسن المجيد المعروف ب علي كيميائي سلطة رسوله او سلطة رسول. ويشبه النهج البعث بالنهج القران، ويعتبر من ليسوا مع نهج القران منحرفين ومن حقه تعريضهم ل ( الانفال ) مثلما حصل للذين انحرفوا على نهج القران، ووقفوا ضد الاسلام فاجبروا على دخول الاسلام بقوة السيف وهو ايضا يجبر الشعب العراقي بدخول الى نهجه بقوة..ويخصص الانفال به وباعوانه، واشعل بناء على ذلك نار حرب (بدر ) ضد الكرد من جديد، ويفسر سورة الانفال بشكل اخر وحسب نهجه ومصلحته، ويشبه الكرد والشيعة بطائفتي ( المير والنفير )، حيث يطرد (35) الفا من الكرد الفيلين في نوات الاولى من حكمه، لانه كان يعتقد ان الشيعة سيتمكنون من ايجاد النفوذ لهم في الاهوار، ثم يصبحون قوة مستقلة تناوئ قوته وسلطانه، لذلك جردهم من حق المواطنة وطردهم الى خارج حدود العراق مدعيا ان البعث حزب علماني اشتراكي وهولاء مسلمين الشيعة ومؤيدون لحكم ايران، وبعد سنوات من هذا قصف مدينة حلبجة الكردية بالحجة ذاتها مدعيا ان قوات ( الباسدار )الايرانية تسلت الى حلبجة، وبعدها يقوم بابادة اكثر من 200الفا من القرويين الكرد باسم الانفال لانه على يقين ان القرويين تربوا على الطبيعة، ويؤمنون بمقولة القائلة بوجوب كون القائد مخلصا وصادقا و امينا و شجاعا،وانه لا يحتاج الى العبيد، لذلك لا يتمكنون ان يصبحوا عبيدا لاحد، لكن هذه الاخلاق والصفات هي ضد مبادئ ونهج صدام حسين الذي اخضاع الناس لمشيئته والقضاء على القوميات والمذاهب بداخل العراق من احد اهدافه المهمة.
ومن هنا يقر صدام مشروع الانفال ويرسل مع رسوله علي حسن مجيد رسالة الانفال، وبدل من النهب والاستيلاء اكبر قسوة، ينفذ كل انواع الابادة الجسدية والدينية والطبيعية، فالرسالة التى ابلغها النبي محمد الى المسلمين في معركة بدر، والتى هي لا تخافوا من هذه المعركة، لان الله يساندكم ثم استشهد بالاية "" اذ يوصي ربك الى الملائكة اني معكم فاثبتوا الذين امنوا سالقي في قلوب الذين كفروا والرعب فاضربوا فوق الاعناق واضربوا منهم كل بنان "" سورة الانفال الاية 12.
هذه الرسالة التى منحت الشرعية للمسلمين في ايام الاولى من دعوة الاستيلاء على الاموال وممتلكات الكفار من قريش والقضاء عليهم، استند عليها علي حسن المجيد الملقب بكيميائي ليمنح نفسه على اساسها الشرعية ذاتها حيث يقول ( هذا اوامر السيد الرئيس ونهج حزب البعث، انا قلت من الجائز ان نجد بينهم اشخاصا جيدين لكن لم يكن كذلك مطلقا ) وبمكان اخر يقول ( انا ساسحق رؤسهم، هولاء الكلاب يجب ان تسحق رؤسهم ) ثم يردف قائلا (اراعيهم؟؟ كلا، بل سادفنهم بالبلدوزر ) هذه نتف قليلة من اقوال علي كيميائي التى نشرتها (ميدل ايست وج).
صدام نفسه كان مرعوبا جدا من هذه الممارسات الاجرامية والاعمال التى ارتكبها في البداية، لانه كان يظن كل المسلمين بل جميع الانسانية سيحتجون عليها ويفضحونها، لذلك اضاف كلمة (الله اكبر ) الى العلم العراقي كمساومة الدولية لاجرامه تجاه الله ودين والانسان، وسيطر على كل قنوات الاعلامية واستخدمها لنشر شعاراته واحاديثه الخالية من اية قيمة، والتى كان يرددها ليلا ونهارا مؤكدا فيها على ان كل حروبه ومعاركه هي من اجل الحفاظ على الدين العرب وتراث العرب والوطن العربي، وكان كل هذا من اجل تحقيق عدة اهداف منها :
اولا : كان قسم من تلك المساومات المصطنعة ممن اجل منع اي تدخل دولي في اعماله،ومنح نوع من الشرعية لنفسه بحيث يجعل اي تدخل في اعماله تدخلآ في اعمال الله، لانه من سلالة النبي محمد، وما عمله يستندالى الدين والايات القرانية.
ثانيا : من اجل جلب انتباه العرب وكسب عطفهم، اي ما عمله كان من قبيل الدعاية الاعلامية للتاثير في عواطف الناس من اجل الاعتراف بنسبه الوهمي الذي اخترعه لنفسه.
ثالثا : ان حب السلطة والتعصب عند الرئيس العراقي كان اكثر من مجرد خلق الانسان الكردي والمجتمع العراقي حسب هواه وقياساته هو، لانه كان يرى انه يملك سلطة الكون ومن واجبه ان يخاطب عقل جميع العرب ك (نبي )، ويجعلهم تحت سيطرته، فعقد صدام النفسية هي حب السلطة، لذلك جند كل امكاناته وطاقاته من اجل بناء امبراطورية عربية كبرى في الجزيرة العربية، وجعل العرب كافة بعثين، وكان هجومه على الكويت ينطلق من هذه النظرة.
رابعا : اراد خلق ظهر وسند قوي من اجل اسكات منظمات حقوق الانسان
خامسا : كما اراد ان يظهر للجميع انه لم يتحالف مع دول الاجنبية، وكذلك مع بعض الدول العربية معادية لكرد، من اجل هذه المسالة، لان قسما من هذه الدول الاجنبية كانت تعادي العرب ايضا.
سادسا : يمسح شكوك انه عميل امريكي اسرائيلي رقم واحد، وانه لم يمسك زمام الامور بالعراق عن طريقهم وتوجيههم.
ثامنا : اراد ايصال منزلته بمنزلة قادة الرؤساء العرب الذين هم من سلالة الائمة والخلفاء، بل اعلى درجة منهم.
هذه الاسباب واسباب اخرى ادت الى ان يجعل صدام من نفسه زورا وكذبا ممثلآ للمسلمين، وان ما يفعله هو من عمل الانبياء وواجب اسلامي، ان مسلمين الاوائل عندما كانوا يهاجمون الكفار يقرأون ايات القران، وبعد استيلاء على ممتلكاتهم والسيطرة عليهم كانوا يذكرون الله اثناء ذلك، كذلك فعل صدام فعندما مزق وحرق اكثر من 200 الف كردي مسلم ودفنهم احياء تحت رمال صحاري جنوب غرب العراق كان يقرأ سورة الانفال من شاشات التلفاز ويشير الى قدسية هذه السورة وجيشه الهمجي يترددون اقواله وجملة ( باروح بالدم....) تشبها بما كان يرددونه المسلمين بذلك المعركة.
وعندما كان يرسل القوات العسكرية وقوات (الجحوش)اي المرتزقة الذين صنعم صدام لمجابهة القروين العزل، كان يظهر على شاشات التلفاز وهو يؤدي " العمرة " بمكة، او يصلي في جبهات القتال، لكن الحقيقة التى اخفيت بفعل المساومات والمصالح الدولية كانت تقول ان " الحاج صدام " كان يهدم الجوامع والمساجد، ويحرق المصاحف والعمائم قبل كل شيء، وكان لا يتردد في قتل كل حاج وملا يحمل قرانا على كفيه، ويتوسل الى جيشه المتوحش ان يرحم الاطفال والنساء والشيوخ، في المدن ايضا كان اعداء والمخربون عنده هم اولئك الذين كانوا يترددون على المساجد والجوامع، لذلك لم يكن مسموحا به ان يذهب ثلاثة اشخاص معا الى الجامع او يسلمواعلى بعضهم امام الجامع، لان صدام والبعث كان يعتقد انهم يخططون لاثارة البلبلة والوقوف ضد سلطتهم، فهو كان يعتبر الجامع عدوا لسلطته، لا سيما بعد معرفته ان الاقلية الاسلامية في مصر وسوريا والجزائر اتخذت الجوامع مركزا لنشاطاتهم، اي بقدر ما كان يكثر من ارسال من يشبهونه بدلا منه الى مختلف الاماكن حفاظا على نفسه من غضب الشعب، اختلف شكل ونوع افكاره وارائه، فمع علمانين كان علمانيا، حيث عرف حزب البعث العربي الاشتراكي،ومع شعوب الاسلامية كان مسلما ومؤمنا بالاسلام، ومع القادة الذين هم من نسب الشيوخ والائمة كان من سلالة النبي،وعند مقارنته باشد دكتاتوريين فهو اكثر دكتاتورية من الجميع وخجل هتلر بتفوقه عليه، لانه من معجبين نشخصية هتلر وستالين وكتابات التى عليهم وهناك شبه كبير بين سلوكهم.حيث يقوم بتجسيد شخصية هتلر عندما يتعمد حرق العراق افضل منه.،علما ان افعال واعمال هتلر كان موجها الى الاجانب لا الى شعبه.
ان اوهام النبوة عند صدام لا تزال موجودة حتى بعد الانتفاضة وفشله في الكويت، فهو حتى الان يعتقد انه مثلما كان ضروريا ان يشغل احد من الصحابة مكان النبي محمد بعد وفاته لتبليغ رسالته، لكي تلك السلطة لا يخرج من يد الصحابة ورجال الدين، وان الذي ملك زمام تلك السلطة بينهم هو من تجسدفيه كل افعال النبي،لذلك يريد صدام الذي يعتقد انه نبي، ان يعين خليفة من بعده، منذ الان، ويمنع خروج السلطة من بين يدي عائلته، لكنه لا يرى ابنه اكبر عدي الاقل قربا من افكاره ونظرياته وطاعة له وتعامله ليس مناسبا لهذه الغاية،بل يرى قصي ابنه الاصغر انسب منه لها،فاخلاقه اقرب اليه، لذلك يعمل منذ الان لجعل قصي خليفة من بعده وتسليمة السلطة في العراق.

بهذه الصورة يستهين صدام البعث وبعث صدام بالدين الاسلامي والقران الكريم والنبي محمد واصحابه، ويستهين مقدسات الشعب العراقي وتراثه وتقاليده، هنا يمكن ان نسأل بعد ان منح البعث هذا الموت المفجع للكرد، وزرع في روحه هذا الخوف المرعب، وازال من نفسه خوف من الهزيمة والفناء القومي، وزرع في داخله خوف الموت والهزيمة ( الانا، والانا العليا )، وجعل من الشعب الكردي ممثلين ثانويين انتهازيين على مسرح الحياة، واهدى مجموعة اخرى جهنم...نعم يمكنان نسال بعد كل الذي رايناه من يده، كيف تعامل الكرد مع هذه المسالة؟ هل تمكن من تعبئتها من اجل تقوية شعور الانساني و القومي؟ هل لكل ذلك صدى وتاثير في عملهم وتعاملهم واستراتيجيتهم السياسية؟ وهل اخذنا الانفال بنظر الاعتبار الى الحد الذي نستخلص دروسا اخلاقية مفيدة من احداثها من اجل عدم تكرارها؟ وهل تمكن سياسيو الكرد من جعل الانفال دافعا للعفو والمصالحة وعقد العلاقات القوية بينهم؟ وهل جعلت الانفال نظام البعث وحشا مفترسا يستحي مسؤلو الاحزاب السياسية الكردية من ان يسمحوا له بان يتدخل بشؤونهم، ولا يتمكن مرة اخرى ان يضرب الكرد بسلاح الكرد نفسه؟ وهل تمكن الكرد بعد الانفال من استقراء سايكولوجية الشخصية الكردية والفرد الكردي؟ بدون شك لا بدليل ان لفظة (تالان) اي (الغنيمة ) دخلت الى قاموس وافعال الناس بعد مشروع الانفال، وكانت هذه اللفظة مشروعا منبوذا تماما في وسط الكردي، لكنها الغنيمة بعد الانفال اكتسب الشرعية التى منحها صدام، واصبحت شرعية مقبوله لدى الناس، اي لم تمسح من اذانهم الى الان ولا يدركون اي فايروس زرعه في نفوسهم عن طريق الغنيمة التىظلت محتفظة بشرعيتها في الانتفاضة وفي الاقتتال الداخلي بين الايدلوجيات وبين الاحزاب المختلفة،وحتى يومنا هذا الى درجة التى يسطو الجار على ممتلكات جاره، فهو يمنح لنفسه الشرعية الى منحها له صدام وعلمهم، ويطبقها الى اليوم، كذلك ظاهرة كتابة التقارير التى مارسها الرفاق الحزبيون، اي (البعثيون ) والتى اوصلت الناس الى الحد الذي يخافون حتى من خيالهم، هذه الظاهرة ايضا مازالت موجودة بل انه مرجع لقرار قيادينا في تعاملهم مع الناس، وتمارسها الاحزاب بشكل غير مقبول، ثم ظاهرة تفضيل الاشخاص حزبيين على الاشخاص مستقلين حتى لو كان الاول بالادنى مستويات والاخر باعلى مستويات، وظاهرة تقديم اشخاص انتهازيين وعديمي الضمائر ومساومين ومتزلفين وتفضيلهم على اشخاص ذوي ماض نظيف ومخلصين ومضحين وثوريين، تقبيل الذين مارسوا الانفال بين مؤسساتهم الحزبية حيثوا بعض منهم واصل عندهم الى مراكز العليا بسلطة على اشخاص الذين انفلوا والذين همم كانوا بمقدمة الثورة والانتفاضة الكردية و و....الخ

هذه الظاهرة وظواهر عديدة اخرى، هي فايروس الذي زرعه صدام عن قصد في الشخصية الكردية، ونما بيننا بالافعال، ولم يكن ذلك مستغربا من صدام وحزب البعث، لانه كان نظاما معروفا لدى الجميع، لكن الغريب هو ان هذا المرض اصبح اكثر فتكا في الزمن الحاضر، وبدون ان نشعر يحتاج الى علاج، هناك بعض المسؤولين الذين لديهم نفس نهج صدام يمارسون نفس الاسلوب. اضافة الى ان الاحزاب السياسية عندنا يتحدث كل منها عن الانفال من زاوية مصلحته الخاصة، ويجعلها همه الذاتي فقط، ولا ينظر اليها كقضية عامة انسانية، قومية، وطنية ومصيرية الا بحالات الي يعلموا ممكن يكسب جهة معينة صالحهم بهذه القضية، ويبعد هذه المسالة عن استراتيجيته السياسية.


ترجمة : تمرحان القلاسفي

هذه الدراسة ماخوذة من دراسة طويلة حول انفال التى كتبتها الكاتبة عام 1999 وهذا القسم منها منشور باللغة الكردية في العدد الثاني من مجلة ( المجدد ) عام 2000 والتى كانت تراس تحريرها الكاتبة