سيارة مفخخة، قنبلة جاثمة على قارعة الطريق، اصبحت الوسيلة المفضلة للقضاء على الرموز الوطنية والسياسية في العالم العربي.
سيارة مفخخة بعد ان استنفذ، القناص، والملثم، والدبلوماسي حامل مسدس كاتم الصوت، دورهم في الاجهاز على الاف السياسيين في مشرق العالم العربي ومغربه، حتى باتت السياسة لعنة اشبه بلعنة الفراعنة، فكل من يدخل هرم السياسة سيكون في مواجهة مع الموت مهما بعدت الشقة بينه وبين العنف.
كنا نحلم بلبنان فيروز ولبنان وديع الصافي والرحابنة، لبنان جبران ونعيمة، لبنان الارز والجبل، الا ان تنين الارهاب يطل برأسه بين يوم وآخر ليحصد من الشارع اللبناني والعربي من يشاء دون رقيب أو حسيب.
بعد ان اصبح المجتمع اكثر حذرا من الارهابيين الذين كانوا يصعدون الى الطائرات بياقات منشاة واربطة ملونة ليخطفوها ويفجروها، لجأ عتاة الجريمة والارهاب الى سلاح بسيط، يفترض فيه ان يخدم الناس ويسهل تنقلهم الى عملهم ومسكنهم، عملية سهلة ولكنها جبانة، ماعليك الا ان تملأ صندوق السيارة بالمتفجرات وتحمل جهاز التوقيت وتقف بعيدا لتفجر من تريد.
صحيح ان القتل اصبح سهلا جدا، ولكن الجريمة ليست سهلة، ستبقى العدالة تلاحق المجرمين ولابد ان يدفعوا الثمن، ولن تكون دماء الابرياء والمخلصين لاوطانهم وبلدانهم هباء، فهذا هو دم الحسين بن علي، يشهد على قتلته منذ قرون، وهاهم الناس يلعنون من قتله ومن شارك وساعد في قتله ويكفي القتلة خزيا.
إن الاصابع التي فجرت الحريري ببيروت هي عين الاصابع التي فجرت الحكيم في النجف الاشرف، فالعمليتان تحملان عين البصمات المجرمة، رغم ان الراحل اللبناني سني والراحل العراقي شيعي،هذا عدا عن كونهما رمزان لبلديهما بغض النظر عن انتمائهما الطائفي او الديني.
ان هذه الاعمال الاجرامية تكشف الهدف المستتر تحتها، الهدف هو اشاعة الفوضى في المنطقة وضرب استقرارها، لان بوادر السير الحثيث نحو الديمقراطية بدأت تلوح في العراق ولبنان وتشع على بلدان المنطقة، مما يثير الرعب في قلوب القوى المتطرفة والمتزمتة ويرسم نهاية سريعة لانظمة الظلام والتخلف والاستبداد.

د. مؤيد عبد الستار