من الفشل الذريع في العراق الى الانهيار القريب في سوريا
نشرت صحيفة ايلاف الالكترونية مقالا قيما للكاتب والمفكر الكبير العفيف الاخضر الذي اتابع مقالاته الجريئة منذ سنوات اقامتي في المنفى التي اجبرنا عليها بعد الانتفاضة الباسلة في العراق عام 1991 حين كان يطلق رصاصات الرحمة على نظام صدام الفاشي بينما لم يسمع أحد من النظام المقبور ما كان يبديه هذا المفكر الشجاع من أراء ونصائح انطلقت من ابعاد انسانية واخلاقية.وقد نشر المقال القيم الذي لن تتعض منه القيادة السورية حتما على الرابط التالي:
http://www.elaph.com/ElaphWriter/2005/3/45242.htm
ويمتد اعجابي بكتابات هذا الانسان الى عام 1998 حيث كنت ابحث عن عنوان الاستاذ الاخضر لدعوته الى أكبر مؤتمر دولي عقدناه في هولندا – لاهاي لمحاكمة صدام ورموز البعث في العراق رغم مخاطر عقد مثل هذا المؤتمر على بعد امتار من سفارة النظام السابق حيث حضر المؤتمر المذكور عشرات الشخصيات القانونية والمفكرين من العراقيين واصدقائهم من المناصرين للحرية ولحقوق الانسان ولحقوق الشعب الكوردي ولحقوق العرب الشيعة في الجنوب والذين تضرروا من جرائم صدام وحرب الابادة ضدهم عبر سنوات حكمه القمعي...وكانت رسالة للحكم الفاشي لم يقرأها من أصيب بداء العظمة والعمى في البصر والبصيرة.
وبقدر تعلق الامر بي، فأنني أؤيد حرفيا كل كلمة نطقها الباحث الكبير المفكر العفيف الاخضر في المقال المذكور وكأنما عبر عما في صدري من هواجس وتصورات تجنبت بعدها من تكرار الكلام ثانية، غير اني أختلف معه في قضية واحدة فقط : حيث يقول في معرض نصيحته الى بشار الاسد :
( ( باختصار، الرسالة التي يوجهها لك العالم اليوم هي التالية : إما أن تغيّر سياسة النظام السوري الداخلية والخارجية بتطبيع علاقاتك مع شعبك ومع العالم الذي تعيش فيه بتبني مؤسساته وقيمه وأيضا إكراهاته، وأما أن يتدخل هذا العالم بجميع الوسائل بما فيها العسكرية ليغير بنفسه هذا النظام السياسي الذي تجاوز جميع الخطوط الحمراء وكسر جميع المحرمات الدولية!
السيد الرئيس
خياراتك ضيقة: إما أن تكون غوربتشيف سوريا وإما أن تكون صدام سوريا. )).
ونقطة الاختلاف تتمثل في ان المفكر الاخضر ترك خيارات الى بشار الاسد وقيادة البعث في سوريا في اختيار احد الطريقين، الاصلاح بشجاعة والانفتاح على الداخل والخارج او الدخول في عنق الزجاجة مثلما فعل صدام رغم نصائح ورسائل المخلصين وكان منهم الشيخ زايد ال نهيان حين اطلق مبادرة التنحي عن الحكم وتوفير الملاذ الامن لصدام وازلامه المتهمين بجرائم دولية International Crimes وكانت النتيجة المزيد من التعنت والعنجهية الفارغة وسيل من السباب والشتائم ضد دولة الامارات وضد دولة الكويت والمزيد من الاستبداد والجرائم داخليا وخارجيا.
بعيد الجرائم الارهابية التي وقعت ضد الولايات المتحدة الامريكية في 11 سبتمبر 2001 مباشرة نشرت مقالا ذكرت فيه ان الهدف القادم للولايات المتحدة الامريكية سيكون جحور طالبان الاجرامية واوكارهم الشيطانية وما ان تنتهي الولايات المتحدة من هذه المهمة فان حكم النازية العربية في ارض الرافدين ومهد الحضارات سيكون هو الهدف الثاني حتما وقلنا – ونقول مؤكدين – ان الهدف الثالث سيكون نظام النازية العربية في سوريا وان خارطة الشرق الاوسط سوف تتغير بالقوة وتمتد رياح التغيير الى دول مجاورة وهي ( ايران ومن ثم المملكة العربية السعودية ).
وهنا لا نريد ان ندخل بتفاصل الاوضاع والاسباب الداعية للتغير في انظمة الحكم الاخرى لان ما يهمنا الان الاشارة الى حالة العمى السياسي في حكم البعث الذي انتقل من الفشل الذريع في حكم العراق عبر اشرس نظام عرفه التاريخ الحديث منذ سقوط النازية عام 1945 الى أسوء من ذلك الفشل في سوريا التي تقوم على ايدولوجيا عنصرية – توسعية وحكم قاسي لا مكان للرحمة فيه ومارس ابشع صور الاضطهاد ضد القوميات في سوريا وقمع حرية التفكير والتعبير وضرب حماة بالصواريخ والطائرات لقمع اية حركة ترفض السجود للصنم فضلا عن اسوء صور القمع ضد الشعب الكوردي في سوريا وما انتفاضة القامشلي الا مثالا بسيطا على ما نقول.
ومن ثم الاخطاء الجسيمة خارجيا من خلال احتلال لبنان وهي بلد شقيق يمثل نموذج للحرية والانفتاح والتعايش السلمي وتصفية الرموز والشخصيات الوطنية واخرها اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري... الى التدخل السافر في الشأن العراقي ما بعد تحرير العراق حيث ساهم الحكم في سوريا بفاعلية في دعم وتدريب قوى الارهاب وفتح المعسكرات للارهابيين في اللاذقية وغيرها وتحت اشراف ضباط مخابرات من سوريا ووصل الحد الى ايواء متهمين عراقيين من اركان النظام السابق بتوفير الدعم اللوجستي لزعزعة الامن والاستقرار في العراق والقائمة تطول من الاخطاء والتجاوزات والجرائم.
وكالعادة، ظهرت علينا تصريحات وزير الخارجية السوري والمسؤولين السوريين المرتبكة والمتضاربه بشأن الانسحاب من لبنان والكذب الواضح وبوجوة مزدوجة من عملية ضبط الحدود مع العراق حيث التصريحات في العلن معسولة تختلف عن الواقع الفعلي السري في دعم الارهاب بكل قوة وممارسة قتل العراقيين الابرياء دون ذنب.
وكالعادة أيضا طارت القيادة السورية الى روسيا...! متوهمين ان القيادة الروسية قادرة على الوقوف بوجه رياح التغيير...كما طار غراب البعث الصدامي طارق عزيز في الازمات السابقة وطار بشار الاسد الى السعودية وسمع النصائح تلو النصائح من السعودية ومن القادة في مصر ولكن لا حياة لمن تنادي...وامس صرح بكل وضوح الرئيس بوش لا...لا لانصاف الحلول...ليرحل جيش الاحتلال من لبنان اليوم وليس غدا...وغدا ستكون حسابات عسيرة واوراق اخرى تظهر على الطاولة للبدء في التغيير...
العقلية السورية تربت على ثقافة الصنم الواحد والفكر الاوحد والقائد الضرورة والمنهج الاستبدادي التوسعي حيث لا مكان لثقافة حقوق الانسان ولا قيمة للعهود الدولية ولا للالتزامات التي يوقع عليها الحكام.....ولا معنى للديمقراطية الا ديمقراطية البعث..!..
وقد سألت احد المعارف من سوريا وهو يقيم في السويد منذ 25 عاما ويحمل الجنسية السويدية سؤالا واحدا : يا أخي لماذا لا تحترم الحكومة السورية الاتفاقات الدولية ومنها اتفاقية منع بقاء الشخص بدون جنسية وبالتالي لماذا لا تعامل سوريا الشعب الكوردي في سوريا معاملة البشر وتعترف بحقوقهم وتمنحهم الجنسية والهوية وحق المواطنة والسفر ووووو فأجاب جوابا يدل على امتداد لعقلية استبدادية رافضة للاخر ( ياأخي...شو... كيف نمنح هؤلاء هذه الحقوق وهم نزحوا الينا بدو رحل بصورة غير مشروعة قبل 100 عام...!) وقلت له ألم تحصل على كامل الحقوق ومنها الجنسية السويدية بعد مرور 4 سنوات من الاقامة في السويد؟ فكيف تحرم غيرك ما تحلله لك؟ الا تعرف ان سوريا عضو في الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع بقاء الشخص بلا جنسية؟
ولقد وصلتني دعوات متعددة من اصدقاء ومحبين من الكورد في القامشلي والحسكة ودمشق لزيارتهم وانتظروا مني موعد الزيارة لكي اكون في منازلهم ضيفا معززا بين الكورد في بيوتهم وواحدا منهم وفي حمايتهم..غير ان هاجس الخوف من اجهزة حكم البعث ورقابتها وقسوتها جعلتني اعدل عن هذه الزيارة لما اسمع عنه من اعتقالات ومراقبة صارمة وظلم لا حدود له...وحكم البعث معروف بقسوته التي لا تقل عن قسوة النازية البشعة.. ففي الاردن التقيت باصدقاء دخلوا سجون حافظ الاسد 27 سنة وبعضهم اكثر دون محاكمة.. نعم دون محاكمة ومنهم اذكر السيد عاكف الفايز وغيره كثيرون...
لن يكون بشار الاسد غورباشيف سوريا ولن يتعض حكام سوريا من شقيقهم العدو اللدود صدام وسوف يأتي التغيير بقوة ضد الفكر الاستبدادي القومي والديني لكي تنعم الشعوب بالحرية والحياة الحرة الكريمة فالعمى السياسي اصابهم ورياح التغيير قادمة والى مزابل التاريخ كل أنظمة الحكم والحكام الذين يحتقرون شعوبهم ويكرهون الحياة الحرة القائمة على الاعتراف بالاخر ونشر التسامح وثقافة الاختلاف والتعايش بسلام.
لكن لكل أجل كتاب....والاجل قادم لا محال..
فإذا جاء أجلهم فلا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون....
كلامنا الاخير الى حكم البعث النازي في سوريا مثلما قلناه الى حكم صدام :
أرحل..خذ كلابك ووحوشك الكاسرة وأرحل قبل ان يفوت الزمان....
وستصبحون على ما فعلتم نادمين...
منذر الفضل
www.alfadhal.net
التعليقات