نهاد اسماعيل – لندن

الصين والولايات المتحدة يتأهبان لمواجهة اقتصادية شرسة.

تتعرض الصين هذه الايام لانتقادات شديدة من الولايات المتحدة بسبب رفض الصين فك ارتباط عملة الصين (اليوان او الرينمنبي) من الدولار. هذا الربط جعل من الصعب التنافس مع الصين في التجارة الدولية كما تراها الولايات المتحدة.

صعود الصين كلاعب محوري مهم في التجارة الدولية جلب القلق والذعر في صفوف الدول الغربية التي تعتمد على التجارة الدولية والتصدير كمصدر للدخل القومي.

تضاعف طلب الصين لمصادر الطاقة بشكل مضطرد في السنوات الاخيرة حتى أنها حلّت محل اليابان كأكبر ثاني مستورد للطاقة.

يبلغ عدد سكان الصين والهند 3 مليارات نسمة ويستهلكا 20 مليون برميل من النفط يوميا واميركا لوحدها البالغ عدد سكانها 265 مليون نسمة تستهلك يوميا 22 مليون برميل يوميا. الاستهلاك الفردي في الصين يلغ 1.7 برميل سنويا و17 برميل سنويا في اليابان و28 برميل للفرد الواحد سنويا في الولايات المتحدة و 0.7 برميل سنويا في الهند. وهذه يعني أن هناك مسافة شاسعة للهند والصين للحّاق باميركا وقد يتضاعف الطلب في الصين والهند خلال عشر أعوام.

سيلعب نمو الصين دورا مؤثرا على بقية العالم وسيحدث زلزالا في اوساط الرأسمالية الغربية التي هيمنت على اقتصاد العالم لأكثر من مائة عام.

تمتلك الصين مزايا لا تتوفر في الدول الصناعية المتقدمة:

اضافة الى التكلفة المنخفضة للأيدي العاملة، حدث تحسن كبير في الانتاجية الصينية اي ان الفرد العامل في الصين لديه المقدرة ان ينتج أكثر من مثيله في اوروبا او أميركا. وقطعت الصين شوطا كبيرا في ترقية مستوى البنية التحتية.

وبزرت الصين كلاعب أساسي في اسواق السلع العالمية: تستهلك الصين أكثر من 27% من انتاج العالم للحديد. استهلكت الصين عام 1990 6% من انتاج العالم في النحاس وارتفع هذا الى 12% عام 2000 وفي عام 2004 وصل الرقم الى اكثر من 22%.

حلّت الصين محل اليابان كثاني أكبر مستورد للنفط. وفي حديث مع الصندي تايمز مؤخرا قال خبير السلع في هونغ كونغ مارك فيبر " أن القطاع الصناعي الاميركي توقف عن النمو، ولكنه في الصين يزدادا نموا". واضاف " الصادرات اليابانية للولايات المتحدة بدأت تتناقص بينما ازدادت بنسبة 30 الى 40% للصين منذ اواسط عام 2003. وحلّت الصين محل الولايات المتحدة لتلعب دور القاطرة التي تحرك الاقتصاد الاسيوي.

ويعتقد محللوا شركة "دريكسل بيرنهام لامبرت " التي تتخصص في الاستثمارات والاستشارات في هونغ كونغ أن الصين والولايات المتحدة يقفان متأهبتان للتصادم التجاري والاقتصادي .بينما يبلغ حجم اقتصاد الولايات المتحدة 11.2 ترليون دولار ويبلغ حجم اقتصاد الصين 1.3 ترليون دولار مما يعطي الصين متسعا كبيرا للنمو السريع بينما الاقتصاد الاميركي ينمو ببطء. فعاجلا أم آجلا ستلحق الصين بأميركا. ورغم هذه الاحصائيات فالصين سوق أكبر من اميركا في كثير من المجالات. استهلاك الصين للحديد يزيد عن استهلاك الولايات المتحدة. ويوجد في الصين 350 مليون مدخّن أي عدد المدخنين في الصين يزيد عن عدد سكان الولايات المتحدة وكندا معا. يوجد في الصين 250 مليون مستعمل للتلفون النقّال.

ولا شك أن هناك توتر في الجو بين الصين والولايات المتحدة وسبب هذه التوتر هو رفض الصين تعويم عملتها مقابل الدولار، لكي تتمكن ان تنافس الصين في التصدير.

وانتقال مركز القوى الصناعي للصين سيتسمر حتى لو فكّت الصين ربط عملتها بالدولار وسمحت بارتفاع قيمة اليوان الى الضعف حيث ستبقى الصين قاعدة رخيصة للانتاج الصناعي وسوق كبير للاستهلاك.