لندن: قال تحقيق صحافيإن الولايات المتحدة تجاهلت تحذيرات بأن الأردن والعراق كانا ضالعين في عمليات تهريب واسعة النطاق للنفط خارج برنامج النفط مقابل الغذاء التابع للأمم المتحدة في أوائل عام 2003. ونشر التحقيق المشترك لصحيفة فاينانشال تايمز و صحيفة (ال سولي 24 أوري) الايطالية في الوقت الذي يخضع فيه برنامج النفط مقابل الغذاء لتدقيق مكثف في أعقاب مزاعم عن فساد وسوء إدارة.

وقال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين في واشنطن "سننظر في تفاصيل موضوع فاينانشال تايمز". وقال التحقيق ان صفقة كبيرة واحدة حققت 50 مليون دولار للعراقيين الذين شاركوا فيها و150 مليون دولار أخرى أرباحا من بيع النفط. وأضاف تقرير فاينانشال تايمز "تضمنت العملية على وجه الاجمال 14 ناقلة استخدمتها جهة أردنية لتحميل سبعة ملايين برميل على الاقل من النفط". وأضاف أن تحذيرات وجهت الى البريطانيين والأميركيين بشأن هذه العملية غير المشروعة من عدة مصادر مثل المتعاملين الذين عانوا من تعطيل شحناتهم المشروعة نتيجة تحويل النفط الى العملية غير المشروعة وكذلك مفتشي الامم المتحدة.

ونقل التقرير عن مسؤول سابق بالأمم المتحدة لم ينشر اسمه قوله "بالرغم من أن المستفيدين ماليا كانوا من العراقيين والاردنيين فان الحقيقة الباقية هي أن الحكومة الأميركية شاركت في مؤامرة كبرى انتهكت العقوبات وأثارت أعوان صدام". ومضى التقرير يقول ان واشنطن تجاهلت التحذيرات مبررة عمليات التهريب على أساس أن حليفها الاردن بحاجة الى النفط لتكوين احتياطي قبل الغزو المتوقع للعراق. ونفى مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأميركية طلب ألا ينشر اسمه هذا وقال "ذلك لم يكن سياستنا".

لكن التقرير أشار الى أن أغلب النفط لم يصل الى الاردن مطلقًا بل انتهى به الحال بدلا من ذلك الى مصفاة شركة الشرق الاوسط لتكرير البترول في الاسكندرية بمصر ومصفاة عدن في اليمن وفي ماليزيا والصين.

ونقلت الصحيفة عن مفتش الأمم المتحدة مايكل تلينجز قوله "لم يكن مسموحًا بمثل هذه العملية بموجب قرارات مجلس الامن المتعلقة ببرنامج النفط مقابل الغذاء". وقال التقرير انه تم تحميل النفط في مرفأ خور العماية العراقي في أوائل عام 2003 لحساب شركة أردنية دون تصريح من الامم المتحدة ومكث عدة أشهر في ناقلات ضخمة بالخليج في انتظار مشتر مستعد للتصرف في الشحنة.

ونبه تلينجز الوفدين الأميركي والبريطاني في الامم المتحدة بنيويورك. كما أبلغت شركة هولندية تستعين بها الامم المتحدة للاشراف على عمليات تحميل النفط في العراق قوة التدخل المتعددة الجنسيات التي كانت تقودها الولايات المتحدة في الخليج لفرض الحظر النفطي على العراق. لكن لم تتخذ أي اجراءات.

وقال باوتشر ان وزارة الخارجية الأميركية ردت في حينه على التقارير بشأن شحن النفط من خور العماية بأن نقلت المعلومات الى قوة المراقبة.

ورغم ان باوتشر أشار الى ان القوة فتشت أكثر من 15 ألف سفينة أثناء العمل بالعقوبات وحولت مسار حوالي ألف سفينة لكنه قال ان واشنطن ما زالت تنظر فيما اتخذ من اجراءات بشأن عمليات التهريب التي تحدث عنها التقرير.

وقال التقرير أيضا إن التهريب حصل على موافقة الحكومة الاردنية التي قدمت وثائق تفيد بان شحنة النفط مشروعة بالرغم من انها لم تكن كذلك.

وطالبت ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش هذا الاسبوع بمحاسبة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عن سوء ادارة برنامج النفط مقابل الغذاء الذي أُلغي بعد فترة من غزو العراق.

ووجد مراجعو الحسابات في الامم المتحدة ثغرات في ادارة البرنامج الذي بلغ حجمه 64 مليار دولار لكنهم لم يجدوا أدلة على أي فساد بين مسؤولي الامم المتحدة.

وظلت الولايات المتحدة لسنوات بعد حرب الخليج عام 1991 تغض الطرف فيما يبدو عن التجارة غير المشروعة في منتجات النفط العراقية التي كانت تحدث علانية عبر الحدود التركية والاردنية.