بروكسل من علي اوحيدة: يواجه الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري والاقتصادي الأول للولايات المتحدة ومنافسها الرئيسي حاليا على الصعيد الدولي تحديات فعلية في معاينة فترة الولاية الجديدة للرئيس الأمريكي .
وتراقب الدوائر الاقتصادية والنقدية والسياسية الأوروبية الخطوات الأولى للرئيس الأمريكي جورج بوش في فترة ولايته الثانية والتي تبدأ الخميس 20 كانون الثاني (يناير) الجري.
ومثلت السنوات الأربع الماضية من الإدارة الجمهورية فترة صعبة من الموجهات المتعددة الجوانب بين ضفتي الأطلسي وهي مواجهات لم تقتصر على الجانب الدبلوماسي من معاينة الملف العراق بل تخطته لتشمل قطاعات تجارية حيوية وركونا شبه مستمر اما للتحكيم الدولي أمام منظمة التجارة العالمية او ترجيح فرض العقوبات المتبادلة بين لطرفين.
وتعتبر الولايات المتحدة المستثمر الأجنبي الأول في منطقة الوحدة الاقتصادية والنقدية الاوروبية ويعمل عشرات الآلاف من الأوروبيين في مؤسسات أمريكية مختلفة منتشرة داخل القارة حاليا.
وتمثل وتيرة التجارة اليومية بين ضفتي الأطلسي اكثر من اثنين مليار دولار وهي أعلى حجم تبادل بين أوروبا واحد شركائها في العالم على الإطلاق.
ويأمل الطرف الأوروبي ان يجتاز الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة الثانية لحكم الرئيس بوش المصاعب الهيكلية التي عصفت به وحالت دون تمكنه وكما هو في السابق من جر عجلة النمو العالمي.
وتعاني الدول الاوروبية في مجملها من حالة ركود فعلية وتأمل ان يمثل أي تطور حاسم وفعلي في آليات التعامل الاقتصادي الأمريكي فرصة لصحوة عالمية تشمل الاتحاد الأوروبي هو الآخر .
ويعتبر التحدي الاقتصادي الأول للرئيس بوش في استمرار ضعف سعر صرف الدولار الأمريكي في أسواق المال من جهة والعجز المسجل على الموازنة الأمريكية والذي بلغ أرقاما قياسية من جهة أخرى .
ولكن مقابل هذه الإشكالية فانه توجد مراهنة لدى المستثمرين والمتعاملين الأوربيين على قدرة الاقتصاد الأمريكي في الانتعاش بفعل المشاريع الضخمة المعلنة للتنفيذ حاليا من قبل الإدارة الجمهورية في واشنطن وخاصة في مجال المقاولات العامة والطاقة .
كما ان تبسيط نظام الضرائب و إصلاح نظامي الصحة والتقاعد في الولايات المتحدة تعتبر هي الأخرى مؤشرات في الاتجاه الصحيح.
وأنهت الإدارة الأمريكية العام الماضي على وقع إيجابي لتقدم سوق العمل وتوفير اثنين مليون ومائتي موقع شغل خلال العام الماضي وحده وهو تحد فعلي للأوروبيين الذين يعاون من تراجع شبه مستديم في هذا المجال .
وتتجه الحكومة الأمريكية الجديدة إلى التخلص من عبأا الانكماش المسجل منذ عام 2001 وتداعيات هجمات 11 سبتمبر الاقتصادية وخاصة على قطاعي الطيران والاستثمارات وفضائح النتائج المزورة لحصيلة عدد من الشركات البرى مثل اونرون و أخيرا آثار حرب العرق .
ولكن ورغم المؤشرات الإيجابية الفعلية فان مناخ التفاؤل لا يبدو تاما وشاملا بالنسبة للرئيس بوش بسب التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي على المدى البعيد وفي مقدمة ذلك العجز الضخم والمتصاعد في الموازنة .
ويقول الاوروبيون ان هذه الإشكالية ستمثل بالنسبة لهم أيضا أهم معضلة في التعامل مع الإدارة الجهورية بسب ثقلها على سعر العملة الأمريكية في أسواق المال .
ووعد الرئيس الأمريكي بتخفيض العجز الى النصف خلال خمسة سنوات من الآن إلا ان تمتعه بأغلبية مريحة داخل الكونغرس لن تدفعه دون شك نحو الالتزام بهذا الوعد.
وتكلف الحرب ضد العراق الخزينة الأمريكية حاليا مصاريف باهظة ويرفض الأوربيون تحمل قسط منها بما في ذلك داخل حلف الناتو وهو ما سيسعى الرئيس الأمريكي الى إقناع القادة الأوروبيين به خلال لقائه معهم في بروكسل يوم 22 شباط( فبراير) القادم.
ويتوقع ان يطالب بوش ب 80 مليار دولار إضافي لتمويل الحرب من الخزينة الأمريكية وحدها وما يمثله ذلك من عبأ على الموازنة العامة في المستقبل.
وتعاني الولايات المتحدة من عجز مستديم آخر حاليا يتمثل في عجز الميزان التجاري توأم العجز الآخر في الموازنة والذي ناهز حسب الأرقام التي تسربت بشكل غير رسمي حتى الآن مبلغ الست مائة مليار دولار نهاية عام 2004.
و من المؤكد حاليا ان الاتحاد الأوروبي وأمام مجمل هذه الصورة الشائكة لتي تواجه الشريك الأمريكي و والمتمثلة في مزيج فعلي من مؤشرات التفاؤل والتشاؤم سيعمل على جر الولايات المتحدة نحو إدارة متعددة الأطراف للمسائل الاقتصادية الرئيسية سواء عبر الإطار الثنائي او عبر الإطار المتعدد الأطراف أي تجنب مواجهة داخل منظمة التجارة العالمية من جهة وهو ما يتجه اليه الطرفان ومن جهة أخرى تنسيق التحرك ضمن المؤسسات النقدية العالمية لادارة افضل لتقلبات أسواق المال .
وتمكنت واشنطن من توظيف تراجع سعرا لدولار منذ ربيع عام 2002 لصالحها ولكن استمرار هبوطه سيكون وخيم العواقب على مجمل النشاط الاقتصادي الدولي بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي....