برلين (رويترز): ما الذي يدفع البعض لشن تفجيرات انتحارية ؟ هذا السؤال الذي ظل الغرب يطرحه منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 والحرب الدائرة في العراق يسعى مخرج فلسطيني للاجابة عنه في فيلم جديد وعدت صناعة السينما الاسرائيلية بدعمه. ويتتبع فيلم (الجنة الان) مصير خالد وسعيد وهما شابان فلسطينيان في مدينة نابلس بالضفة الغربية وقع اختيار جماعة فلسطينية لم يذكر اسمها عليهما لتنفيذ تفجير انتحاري في تل أبيب. وعندما لا تسير الخطة على ما يرام يضطر الصديقان لاتخاذ قرار مرة أخرى بما اذا كانا يرغبان حقا في المضي قدما في تنفيذ العملية. وينتهي بهما الحال الى اتخاذ قرارات مختلفة تماما وغير متوقعة. قال مخرج الفيلم هاني أبو أسعد للصحفيين بعد عرض فيلم (الجنة الان) في مهرجان برلين السينمائي يوم الاثنين "لم تتحول هذه القصة أبدا الى فيلم روائي ينتهي الحال فيه بشخص ما بتفجير نفسه." وأضاف "أردت أن أضفي عليها طابعا بشريا." وفي نسيج الحبكة المأساوية للقصة هناك لحظات من الكوميديا السوداء مثل الموقف الذي اضطر فيه خالد لاعادة قراءة رسالة الوداع المطولة عند تعطل كاميرات فيديو النشطاء. ويوضح الفيلم أن الشخصيات التي تتطوع للقيام بمهام ضد الجنود الاسرائيليين لا يمثل الدافع لديهم الحماسة الدينية بقدر ما هو الاحباط ازاء الحياة في نابلس.
كما أن هناك عنصرا شخصيا يتدخل مثل سعي سعيد لتعويض الخزي الذي سببه والده لاسرته والذي أعدمه نشطاء لتواطؤه مع الاسرائيليين. قال أبو أسعد "المأساة في القصة هي أن الاب تعين عليه التواطؤ مع العدو لتوفير حياة أفضل لابنائه... أما الابن فيتعين عليه قتل نفسه حتى يجعل حياة أسرته أفضل. هذا يحدث."
وفي كتيب رسمي وزع قبل عرض الفيلم قال أبو أسعد انه ما من يوم مر أثناء التصوير دون أن يتعين على الطاقم والممثلين وقف التصوير بسبب القتال الدائر في نابلس.
وقرر ستة فنيين ألمان مغادرة موقع التصوير عندما أصاب صاروخ اسرائيلي سيارة مجاورة وانتقل الفريق في نهاية الامر الى الناصرة بعد مقتل ثلاثة في انفجار وقع قرب المكان الذي كانوا يصورون فيه في الليلة السابقة. وقال أبو أسعد "نظرا لان الضفة الغربية تحت الاحتلال فقد أصبحت فوضوية تقريبا. كان الوضع يبدو هكذا عندما كنا نصور." ويصر المخرج الذي يشارك فيلمه في المسابقة الرسمية في واحد من أكبر مهرجانات السينما في العالم على أنه لا يقر العمليات الانتحارية. وتحاول البطلة في الفيلم اثناء سعيد وخالد عن تنفيذ مهمتيهما قائلة ان هذا لن يجعلهما أفضل من "العدو". ولكن ما من شك أن أبو أسعد يعتقد أن الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية قوة دافعة مهمة وراء العمليات الانتحارية. وقال متحدثا بالانجليزية "بالنسبة لي فمن الواضح جدا أن الاحتلال هو السبب الذي يجبر هؤلاء الناس على القيام بذلك."
وأضاف "انها قصة أسطورية.. أن تقتل نفسك مع العدو... أنا أعيد كتابة الاسطورة من وجهة النظر البشرية ومن وجهة النظر الفلسطينية ومن وجهة النظر الواقعية."
وبالرغم من احتمال أن يثير هذا الفيلم جدلا فان مسؤولا من صندوق السينما الاسرائيلي نقل عنه قوله في برلين ان الجهة التي يتبع لها ستقدم الدعم في الطباعة والدعاية للفيلم اذا ما وجد موزعا اسرائيليا. ويشك صناع الفيلم أن يشاهده الاسرائيليون على نطاق واسع ولكن حتى المشاهدة المحدودة ستكون موضع ترحيب. ومضى أبو أسعد يقول "من المهم بالنسبة للاسرائيليين أن يشاهدوا مثل هذا الفيلم. الفلسطينيون لا وجود لهم بالنسبة اليهم." وبالنسبة للفلسطينيين فان مشكلة مشاهدة الفيلم ليس لها علاقة تذكر بالسياسة بل تعود الى عدم وجود أي دور عرض تقريبا.