روائي فلسطيني يجمع في كتاب قصصا وروايات فلسطينية صدرت على مدار قرن
علي صوافطة من رام الله: بعد عشر سنوات من البحث والقراءة أصدر كاتب وروائي وشاعر فلسطيني كتابا تناول فيه ما صدر من روايات وقصص لفلسطينيين منذ مطلع القرن العشرين الى العام 2007 بعنوان (قصص على مدار قرن تداعيات التراجيديا ومكابدات السرد مقالات ورؤى نقدية).
وقال علي الخليلي لرويترز مساء الاحد بعد الاحتفال بتوقيع نسخة كتابه الجديد في دار الشروق للنشر والتوزيع quot;هذا الجهد الذي قرأت فيه على مدار عشر سنوات ما صدر على مدار قرن من القصص والروايات أُقدمه للأجيال الجديدة لتعريفهم بأدباء قد يكونوا لم يسمعوا عنهم شيئا.quot;
وصدر الكتاب عن دار الشرق للنشر والتوزيع في رام الله ويقع في 246 صفحة من القطع المتوسط وقسمه الكاتب الى ثلاثة أبواب ضمن بابه الاول (البدايات) وهي المقالات المتعلقة بالروايات والقصص الصادرة ما قبل عام 1948 وما بعده بقليل.
ويتناول بابه الثاني (السرد) quot;ما كتبته عن روايات وقصص حديثة حققت للحركة الروائية والقصصية الفلسطينية المعاصرة حضورها وجمال سردها في النسيج الثقافيquot; والباب الثالث (التواصل) quot;ويضم المزيد من المقالات لأجيال روائية وقصصية جديدة ومتواصلة في الشأن ذاتهquot;.
وقال الخليلي في كلمة له خلال ندوة حول كتابه نظمتها دار الشروق وقدم فيها عادل الأسطة أستاذ الأدب العربي في جامعة النجاح الوطنية نقدا لها quot;جاملني فتصفح كتابي الأخير الذي أهديته نسخة منه ثم نظر الي بصمت مفاجيء احسست فيه أنه ينتظر مني الشكر له على التصفح فلما لم أشكر قال بهدوء وجدية يا مسكين أنت تكتب فمن يقرأ..quot;.
وأضاف quot;لا لست حزينا الى حد السخرية فقد حفظت عن ظهر قلب... قول من قال فينا أو عنا من الأعداء اننا لا نقرأ...ثم أضفنا أو انه هو الذي أضاف من بعد أننا اذا قرأنا لا نفهم.. اغضبوا ان شئتم هنيئا لغضب مكبوت في النفوس المحبوسة في النفق المعتم يجد فرصته بالصعود المتفجر الى هذا اللقاء...ثغرة في العتمة وقنديل على الرؤوس.quot;
ويعيد الكتاب الى الذاكرة كُتّابا وروائيين فلسطينيين برزوا في مطلع القرن العشرين كان لهم اسهامات في الحركة الادبية الفلسطينيةquot; ضاع جزء كبير من انتاجهم عام 48 عام نكبة الشعب الفلسطيني والتي كان ينشر جزء كبير منها في مجلات وصحف صادرة في تلك الفترةquot; قبل عام 1948 .
ومن الأسماء التي يوردها الخليلي في كتابه نجيب نصار (1865-1948) صاحب أربع روايات هي (في ذمة العرب) و (شمم العرب) و (مفلح الغساني) و (الأميرة الحسناء) ويرى فيها الخليلي quot;استلهاما للتراث العربي القديمquot; ونشرت على حلقات في صحيفة الكرمل التي أسسها نصار في حيفا عام 1908 .
ويوضح الكتاب ان رواية (على سكة الحجاز) للقاص جمال الحسيني الصادرة عام 1932 quot;بقيت مهملة ومنسية تقريبا وهي واحدة من عشرات او مئات وربما آلاف الاصدارات الأُخرى التي غابت أو ضاعت مع هذا الضياع الشمولي.
quot;الى ان أعادت وزارة الثقافة الفلسطينية نشرها العام 2000 والتي يرى مؤرخو الادب انها الرواية الريادية الاولى في فلسطين وتمثلت جرأة الرواية في معالجتها لاخطر موضوع واجهته فلسطين ارضا وشعبا انذاك وهو موضوع بيع الاراضي للشركات والمؤسسات والمنظمات اليهودية التي وجدت في انهيار الدولة العثمانيةquot;.
ويرجع الخليلي الى القاص الفلسطيني محمود سيف الدين الايراني (1914-1974) الذي اصدر اولى مجموعاته القصصية في يافا عام 1937 ( أول الشوط) quot;أنه لم يكن اول الشوط له فحسب بل كان الاول في نشر القصة القصيرة في فلسطين بشكل عامquot;.
ويضيف في كتابه quot;تشتمل (اول الشوط) على سبع قصص قصيرة واحدة منها فقط تتناول الواقع السياسي بتلقائية صارخة تقوم على النقد اللاذع لنمط محدد من اشكال الزعامة الفلسطينية في النصف الاول من القرن الماضي وهي تبني امجادها على قهر الشعب.quot;
ويتناول الكتاب ما كتبه القاص الفلسطيني نجاتي صدقي (1905- 1980) في قصته القصيرة (الاخوات الحزينات) عام 1947 لتكون بعد ست سنوات من هذا التاريخ عنوانا لاول مجموعة قصصية تصدر له في العام 1953 quot;وتتحدث عن خمس جميزات تقف في صف واحد في اخر شارع الملك جورج الخامس بتل ابيب يحدثنا عن ذكرياته معها او عن ذاكرتها حيث كانت تنمو وتعلو بامن وحب وسلامquot;.
ويتحدث الكتاب عن من لقبها الناقد المصري رجاء النقاش (باميرة كاتبات القصة القصيرة) بعد سماعه بنبأ موتها المفاجيء بحادث سير على طريق عمان جرش في الاردن انها سميرة عزام (1927-1967) التي اصدرت في حياتها اربع مجموعات قصصية فقط الى جانب اثني عشر نصا مترجما من الانجليزية الى العربية.
ويخشى الخليلي ألا يعرف الجيل الجديد من الادباء الفلسطينيين او العرب بشكل عام في هذه quot;المرحلة العربية المجنونة التي لا تكاد تعرف نفسها في غمرة الخراب والغزو الاحباط quot;ويتساءل الخليلي في كتابه quot; هل يعقل ان تحترق الذاكرة الادبية حتى وان اشتعلت الحرائق في كل مكان؟quot;.
ويعيد الكتاب الى الذاكرة قصة quot;سيدة فلسطينية اختارت لنفسها اسم سعاد كانت تقدم عبر تلك الاذاعة (فلسطين) قصصا للاطفال مرة كل اسبوع بقلمها وصوتها تحت مظلة رعاية طيبة من الشاعر (ابراهيم طوقان)...استمرت في برنامجها القصصي على مدار سبعة وعشرين عاما الى ما بعد النكبة ومن اشهر قصص ذلك البرنامج الاصايل الخمسةquot;.
ويوضح الكتاب ان quot;سعاد هو الاسم المستعار الذي كانت السيدة هنرييت سكسك فراج اختارته لنفسها وهي من مواليد القدس 1917 ... وبقيت قصتها غائبة عن النشر في كتاب حتى عام 1963 والمفارقة انها لم تصدر باللغة العربية التي كانت تبث بها اصلا وانما باللغة الانجليزية ... في الولايات المتحدة الامريكية عن دار نشر امريكية.quot;
ويضيف quot;بعد نشرها بالانجليزية بأربعة وثلاثين عاما تجد هذه القصة الجملية من يترجمها الى العربية وبعد سبع سنوات من هذه الترجمة تصدر في كتاب عربي مبين في رام الله عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي.quot; ويرى الخليلي في هذه القصة quot;سيرة الشعب الذي كتبت (هنرييت) من اجله لعلها اقرب في الاساس لسيرة كاتبتها نكبة وشتات وتهجير واقطار شتى على امتداد العالم ... وهي استلهام للتراث وتحويل بعض جوانبه المهمة الى ابداع قصصي جميل.quot;
ويتحدث الفصل في الكتاب عن أدباء معاصرين غابوا أو غُيبوا مثل غسان كنفاني وماجد ابو شرار واميل حبيبي واخرين مازالوا يكتبون مثل سميح القاسم ومحمود شقير واكرم هنية وغيرهم من الادباء الفلسطينيين فيما يضم الباب المزيد من المقالات لاجيال روائية وقصصية جديدة ومتواصلة في الشأن ذاته ومنهم حافظ البرغوثي وزياد خداش واماني الجنيدي وغيرهم.
ويعترف الخليلي في مقدمة كتابه قائلا quot;مع انني أتحدث عن قصص على مدار قرن الا أن هذا الحديث لا يعني أدنى شمول تاريخي لكل أو معظم ما صدر من قصص وروايات هذا الامتداد الزمني الطويل وهيهات لاحد مثل هذا الشمول وانما هو بالضرورة أو بالصدفة وفق ما وقعت يدي عليه.quot;
ورأى الاسطة خلال نقده للكتاب في هذا الاعتراف quot;اعتذارا أوليا لاولئك الكتّاب الذين لم تدرس نصوصهم فلا أحد بقادر على دراسة كل ما صدر نظراً لكثرته.quot;
ويأخذ الاسطة على الخليلي ان quot;النقد هنا لا يتمحور حول النص ولا يطمح ان يكون نقدا علميا يدرس القصة او الرواية وفق خصائصها الفنية التي توصل النقاد اليها ان هذا يغيب عن نقد علي الخليلي وبالكاد يعثر المرء على مصطلحات فنيّ القصة والرواية فيما يقرأ وسيقرأ المرء عما خلف الأثر في نفس الناقد وعن الظروف المحيطة بالنص أكثر بكثير مما يقرأ نقداً فنياً.quot;
واختتم مداخلته التي تناولت جوانب متعددة من الكتاب بالقول quot;أنا شخصيا أُتابع عليا (علي الخليلي) فيما يكتبه حتى اللحظة وليس لي الا ان أشكره على ما يقدمه من خدمة لأدبنا بقراءته والكتابة عنه والتعريف به
رويترز