محمد الشرقاوي من القاهرة : حينما يسيطر شخص واحد على قطاع استثماري بأكمله وتصل حصته فيه إلى 60 في المئة لابد أن تكون هناك علامة استفهام كبرى ، خاصة إذا كان نفس الشخص يشغل مناصب مرموقة سياسية واقتصادية في البلاد .

احمد عز (48 عاما) رجل أعمال من طراز خاص ...استطاع خلال سنوات معدودة أن يلمع نجمه لسبب واحد هي صلته القوية بنجل الرئيس المصري حسني مبارك وبعدها بدأت تكبر وتنمو أعماله في قطاع الحديد والسيراميك أيضا ، فأستطاع عز خلال فترة محدودة الاستحواذ على شركة الدخيلة ليضمها إلى شركته العاملة في قطاع الحديد أيضا ويطلق عليها حديد عز- الدخيلة .

وفي الفترة الأخيرة دارت الأقاويل حول اتهام احمد عز باحتكار سوق الحديد في مصر مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير في فترة قصيرة،إلا أن البعض ذهب إلى أن مكانة عز البارزة في البلاط المصري قد تحيطه بالحماية وتجعله يفلت بفعلته،خاصة بعد تحويل قضية الاحتكار في قطاع الإسمنت إلى النائب العام دون المساس بقضية الاحتكار في قطاع الحديد.

وقد قطع وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد شكوك البعض في عدالة الوزارة ومتابعتها الدقيقة لجميع التحركات في السوق دون التفريق بين أحد وآخر،ففي تصريح مثير تناقلته الصحافة المصرية قال انه لا يكيل بمكيالين في السوق ولن يمنعه أحد من مواجهة المخالفين

وأكد أن الوزارة تدرس الخطوات القانونية لإحالة محتكري الحديد للنائب العام ،نافيا أن يكون منتجو الحديد قد مارسوا ضغوطا على الوزارة لعدم إحالة الملف إلى النائب العام مؤكدا انه سيحمل بنفسه الملف إذا وجد فيه احتكار أو مخالفات إلى النائب العام في إطار القانون .وأوضح أن الوزارة لا تتردد في إحالة أي منتج مخالف الى التحقيقات .

البعض بدأ يتساءل، إذا كانت شبهه الاحتكار ظاهرة للعيان في قطاع الحديد فلماذا لا يتم تحويل رجل الأعمال النابغة إلى النيابة والى النائب العام أيضا ؟ هل بسبب مناصبة السياسية والاقتصادية كونه يشغل منصب الأمين للجنة السياسات بالحزب الحاكم ، ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب،ولجهوده في إنجاح حملة الرئيس المصري حسني مبارك في الانتخابات الرئاسية،ولجهوده في تقليص عدد مقاعد الإخوان المسلمين في البرلمان المصري ليصلوا إلى 88 مقعد فقط. بالإضافة إلى رئاسته لعدد كبير من الشركات الاقتصادية وتأثيره الاقتصادي في البلاد .

عدد من ذوي الاختصاص الذين حادثتهم quot;إيلافquot; أكدوا على أن تطبيق النظام بحق عز أو غيره هو مطلب لجميع المستهلكين لحماية السوق من الاحتكار وكفل حرية الممارسات الاقتصادية السليمة،في حين عزف البعض التدقيق أو التمحيص بشأن اتهام أحمد عز واعتبروه رمزاً سياسياً لا يمكن المساس به .

وقد بدأت القصة حينما قام جهاز المنافسة ومنع الاحتكار بإعداد دراسة كاملة عن سوق الأسمنت البورتلانديrlm;،وتم التأكد من وجود ممارسات مخالفة للقانون بين الشركات المنتجة للأسمنتrlm;,rlm; كما تم التأكد من وجود اتفاق بينها علي رفع الأسعارrlm;rlm; وهو ما يخالف المادة السادسة من القانونrlm;rlm;.وتم رفع تقرير بذلك إلي وزير التجارة والصناعةrlm;rlm; باعتباره الوزير المختص بطلب تحريك الدعوى الجنائية ضد المخالفينrlm;rlm; وفقا للمادةrlm;21rlm; من قانون حماية المنافسةrlm; الذي قام بإحالة الطلب إلي النائب العامrlm;.rlm;

وحينما يتحدث البعض عن احتكار سوق الحديد في مصر فحدث ولا حرج فهذا يعد اكبر مكافأة لرجل الأعمال المدلل احمد عز الذي لم يتجاوز ال 50 من عمره بعد ، والذي ظهر فجأة في السوق بعد تقربه بصورة ملحوظة من جمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك حيث تراوحت أسعار الحديد في عام 2001 من 1200 جنيه للطن إلى 3600 جنيه في مارس 2007 .

قصة عز تعود إلى عام 1999 حينما اشترت شركة العز لحديد التسليح 9.9في المئة من شركة حديد الدخيلة منافستها في السوق ثم زاد عز نصيبه إلى 27.9% ليصبح رئيس مجلس الإدارة في عام 2000. ومن هذا التوقيت حينما كان سعر طن الحديد يبلغ 950 جنيها بدأ مسلسل الارتفاع غير المبرر في ظل الركود الذي شهدته سوق العقارات منذ 1997. وترافق مع هذا الارتفاع فرض رسوم إغراق على صادرات حديد البيلت من روسيا بينما باع عز إنتاج الدخيلة منه بأسعار منخفضة للغاية معطيا شركته ميزة نسبية على كافة المنتجين الآخرين خاصة في ظل احتكاره أكثر من ستين في المائة من إنتاج حديد التسليح في مصر.

وبسبب احتكار حديد التسليح فكر البعض في استخدام أسياخ من البلاستيك المقوى كبديل وحل لازمة الحديد خاصة مع رخص أسعار البلاستيك إذا ما قورن بالحديد ذ،إلا أن التحذيرات الحكومية وتحذيرات الخبراء والأكاديميين من عدم استخدام هذه المواد.واعتبر البعض أن استخدام البلاستيك من جانب المواطنين جاء كرد فعل لعمليات احتكار الحديد المستمرة والذي يفوق قدرات معظم المواطنينrlm;.rlm;

أزمة الاسمنت

مؤخراً فتح حسن راتب،رجل الأعمال واحد ابرز المستثمرين في قطاع الاسمنت، النار على الجميع من خلال تلميحاته التي أثارت الكثير الآراء حول وجود احتكار أيضا في حديد التسليح وليس فقط في قطاع الاسمنت. وقد صرح راتب في لقاء موسع عقده مؤخرا مع الصحافيين بأن تحويل قطاع بأكمله إلى النيابة والى النائب العام أمر يثير الشكوك ويضع العديد من علامات الاستفهام الكبيرة حول شبهه الاحتكار في السوق .

كما انتقد راتب الغرامة المرصودة للشركات المحتكرة والتي تتراوح بين 30 ألف جنيه و عشرة ملايين جنيه للشركة الواحدة ، مؤكدا أن حجم أرباح بعض الشركات في القطاع ربما يتجاوز 700 مليون جنيه.ونفى اتجاه الشركات إلى تعطيش السوق مما يساعدها على رفع الأسعار ، مؤكدا أن من بين الشركات العاملة في السوق المصري شركات عالمية ولا تتخذ قراراتها بصفة محلية دون الرجوع إلى الشركة الأم .

وأوضح أنه خلال عام 1997 لم يكن لقطاع الاسمنت تواجد في السوق كما هو في صورته الآن.كما أن القطاع الخاص كان مندثرا وكانت مصر تستورد 6 ملايين طن وكان سعر طن الاسمنت 280 جنيها (51 دولار) وفي العام التالي ارتفع السعر لأكثر من 300 جنيه للطن إلا انه انخفض عام 2002 بسبب حرق الأسعار الذي جرى في السوق نتيجة دخول شركات جديدة إلى السوق .

شنودة فؤاد احد تجار الحديد أكد لـquot;إيلافquot; أن الأسعار عرض وطلب وان سعر الحديد عز وغيره شهد ارتفاعا خلال الفترة الماضية نتيجة الرواج في مجال العقارات مما انعكس سلبا على أسعاره مشيرا إلى أن طن الحديد وصل سعره إلى 3600 جنيه.

ممارسة احتكارية

ويؤكد الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات والعلوم الإدارية في حديث لـquot;إيلافquot; انه في حال تحويل احمد عز وملف الاحتكار إلى النائب العام سيكون له أثر كبير سيما مع اقتراب المؤتمر السنوي للحزب الوطني ( الحاكم)،وعز يتولى أمين لجنة السياسات بالحزب علاوة على موقعه كمسئول عن الخطة والموازنة بالبرلمان المصري ( مجلس الشعب) .

إلا أنه عاد واستبعد أن يتم تحويل عز إلى النيابة على أساس أن وضعه السياسي والاقتصادي يمكن أن يؤثرا على حجم السوق واقتصاديات البلاد،كون عز يستحوذ على نصيب الأسد في السوق.فقد قام مؤخراً باستثمار 700 مليون دولار أميركي في مصنع للحديد.

وقدر عبد العظيم حجم قطاع الحديد المصري ب 20 مليار دولار أميركي وارباحه السنوية لا تقل بأي حال من الأحوال عن الملياري دولار أميركي ، مشيرا إلى أن ما تم في قطاع الاسمنت واثبات شبهة الاحتكار فيه جاء بعد دراسة استغرقت أربعة عشر شهرا.وثبت فيه أن الشركات المنتجة اتفقت بينها على زيادة الأسعار مما دفع المسئولين بجهاز المنافسة ومنع الاحتكار إلى اتخاذ الإجراءات القانونية معها وتحويلها للنيابة والنائب العام .

وأوضح أن القانون يراقب المخالفين ويحاول وضع العقوبات الرادعة لذلك واكتشف أن هناك تلاعبات في السوق لذا اتخذ فيها الإجراء المناسب .

واعتبر الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية مجدي صبحي أن تأجيل محاكمة محتكري الحديد إلى نوفمبر المقبل هي مجرد مصادفة وليس محاباة لرجل الأعمال احمد عز ،مشيرا إلى أن جهاز المنافسة ومنع الاحتكار أعطى أولوية لقطاع الاسمنت الذي اكتشف وجود مخالفات بالجملة فيه .

أضاف في تصريحه لـquot;إيلافquot; انه لا يمكن الحكم على قطاع الحديد بشبهه الاحتكار رغم سيطرة احمد عز على 60 في المئة من السوق ، مطالبا باتخاذ الإجراءات القانونية في حال تم الكشف عن وجود مخالفات .

واعتبرت الدكتورة عاليا المهدي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الحكم على وجود احتكار في قطاع الحديد يعد أمرا سابقا لأوانه. وشددت على أن عز لا يستطيع احتكار السوق خاصة وانه يعمل على تصدير منتجاته للخارج ولا بد للمنتج المحلي أن يكون ارخص من منتج التصدير حتى يستطيع منافسة الشركات العالمية .

وأوضحت أن ارتفاع أسعار الحديد يرجع إلى ارتفاع أسعاره عالميا علاوة على ارتفاع أسعار مكوناته من الحديد البليت والخردة .

أما الدكتورة يمنى الحماقي أستاذة الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ووكيلة اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المصري فقد اعتذرت لـ quot; إيلافquot; عن التعليق حول هذا الأمر وتعللت بأن احمد عز يعد زميلا في البرلمان وكذلك في الحزب الوطني ( الحاكم) .

من هو احمد عز

(ولد في يناير 1959), رجل أعمال مصري رئيس مجموعات شركات العز الصناعية والتي تضم شركة العز الدخيلة للصلب بالاسكندرية، وشركة العز لصناعة حديد التسليح بمدينة السادات، والعز لمسطحات الصلب بالسويس، ومصنع البركة بالعاشر من رمضان، بالإضافة إلى شركة سيراميك الجوهرة.

وهو أيضا أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني الديمقراطي الحزب الحاكم في مصر وقام بتمويل حملة الرئيس حسني مبارك الانتخابية كما يرأس أيضا جمعية جيل المستقبل المقربة من جمال مبارك نجل الرئيس المصري وتنتج مجموعة شركات الصلب التي يرأسها نحو ثلاثة أرباع إنتاج مصر من الصلب.