الكويت: قال تقرير شركة المزايا القابضة أن مستقبل الطلب على عقارات دبي، وما يرافقه من عرض، بات على مقربة من مفترق طرق خلال الأشهر المقبلة، وخصوصا مع نهاية عام 2009 وبداية عام 2010 نظرا لاستكمال العديد من المشاريع المطروحة قيد الانشاء، واكتمال منظومة التشريعات والأنظمة المالية والقانونية في الامارة. وأوضح التقرير أن الطلب على عقارات دبي استمر بشكل لافت خلال السنوات الماضية متجاهلا الكثير من تحذيرات بعض المراقبين والمحللين لوصول الطلب الى نقطة التعادل مع العرض، حيث ساهمت عوامل سوقية أهمها تأخر تسليم العقارات وارتفاع أسعار الانشاءات والتضخم، عدا عن عوائد النفط المتزايدة يوما بعد يوم في تحييد وتأجيل أي تصحيح سعري في دبي. وبين التقرير أن توقعات وصول أسعار النفط الى مستوى 200 دولار للبرميل كما يتوقع الخبير النفطي ارغون مورتي من بنك غولدمان ساكس، الذي فاجأ العالم قبل عامين بتوقعات وصول النفط الى مستوى 100 دولار للبرميل، وهو ما تحقق بالفعل.


وقال التقرير أن أسعار العقارات اقتربت من مرحلة جديدة من الطلب عليها من قبل المستثمرين المحليين والعالميين، أفرادا ومؤسسات بفضل ارتفاع أسعار النفط لمستويات جديدة مع تنبؤ بنك غولدمان ساكس بوصول سعر برميل النفط الى 200 دولار قبل نهاية السنة المقبلة، واشار تقرير laquo;المزاياraquo; الى انه وبفضل عوامل جيوسياسية واقتصادية وديموغرافية مفضلة خلال السنوات الماضية، يرجح أن تستمر خلال السنوات المقبلة، أصبحت عقارات دبي واحدة من أفضل فئات الأصول المميزة حاليا نتيجة العوائد الاستثمارية السلبية من وراء أسواق الأسهم المحلية والعالمية أو حتى الودائع المصرفية، حيث تضطر الأموال للاتجاه نحو القطاعات التي تحقق أفضل العوائد، وهي العقارات بشكل مطلق، خصوصا في الامارات.


وفي السياق، قال محمد نمر الرئيس التنفيذي لشركة ماج للتطوير العقاري ان سوق العقارات المزدهر في دبي والامارات الشمالية من المتوقع أن يحقق توازنا مستداما بين المستثمرين ومالكي العقارات بحلول 2010، واضاف نمر، في تصريحات نشرتها صحف، ان السوق العقاري في دولة الامارات العربية المتحدة، مدفوع بالسوق العقاري الذي اتسم بالاندفاع والمضاربات في دبي، سجل نموا غير مسبوق في السنوات الأخيرة متفوقا بسهولة على الأسواق العقارية الخليجية مجتمعة.

الوصول إلى الذروة
ومع ذلك، توقع نمر أن تقترب طفرة الانشاءات من الوصول الى الذروة في 2009 مع وجود مشاريع عقارية اما في مرحلة التخطيط او تحت الانشاء. ومن هناك ربما تقود الى تهدئة الأسعار. مشيرا الى أن 30 في المائة من المشترين هم المستخدمون النهائيون فيما يعتبر الباقي من المستثمرين المضاربين، مشيرا الى أن المبيعات العقارية لا يزال يهيمن عليها المستثمر المضارب وليس المستخدم النهائي مما أدى الى تضخم الأسعار مع بيع الوحدات بعلاوة تصل الى عدة أضعاف قبل انتهاء انشائها، مشيرا الى أن الأسعار ستواصل صعودها خلال المستقبل المنظور، مشيراً في الوقت ذاته الى ان حالات شراء العقارات لأغراض غير المضاربة اي للتخلص من الايجارات ولحماية رأس المال من معدلات التضخم أصبحت أكثر قوة في السوق.

وفي السياق، تظهر بيانات شركة بروليدرز ومقرها دبي التي تراقب كبرى المشاريع الانشائية في أنحاء المنطقة في مختلف مراحلها أن الطفرة الانشائية في الامارات تقترب من ذروتها العام المقبل. وتظهر هذه البيانات ان هناك أكثر من 80 مشروعا عقاريا بميزانية تبلغ 100 مليون دولار لكل مشروع، هي تحت الانشاء حاليا في دبي والامارات الشمالية بقيمة اجمالية تبلغ 4 مليارات دولار. الا ان قاعدة البيانات تظهر ايضا انخفاضا كبيرا في العمليات الانشائية المعلن عنها او المخطط لها لمبان مشابهة خلال العام المقبل وفي 2010 مع وصول عشرات المشاريع الى مراحلها النهائية.

الأراضي
وبين تقرير المزايا أن الطلب على الأراضي في دبي بقي مستمرا، وخصوصا في الأماكن الاستثمارية المفضلة، حيث ارتفع متوسط أسعار الأراضي في دبي بحوالي 50 في المائة الى 400 درهم للقدم المربعة منذ الربع الثاني من 2007. وبحسب تقرير أصدرته شركة أستيكو لادارة العقارات في دبي فان قيمة الأراضي تضاعفت في منطقة أبراج بحيرات الجميرا نظراً لعدد الأراضي المحدود فيها وقربها من شبكة مترو دبي. كما شهدت أسعار الأراضي في مناطق أخرى، مثل واجهة دبي البحرية، ومدينة دبي الطبية، والقرية الثقافية، زيادات قدرها 76 و55 و53 في المائة على التوالي خلال الفترة ذاتها.


واعتبر أندرو تشيمبرز المدير في استيكو أن من الطبيعي أن يزداد الطلب على قطع أراض معروضة للبيع في الوقت الحالي، لأنه يمكن البدء بعمليات الانشاءات فيها على الفور. مبينا أنه يكثر الطلب على المشاريع المطلة على واجهات بحرية وتعد أسعار أراضيها هي الأعلى. ونظراً لندرة هذه المشاريع فان الأسعار في واجهة دبي البحرية قد تفوق غيرها في منطقة الخليج التجاري.

الإيجارات
ورصد تقرير شركة المزايا استمرارا في حركة الايجارات الصعودية في امارة دبي خلال الأشهر الماضية لتعكس استمرار تفوق الطلب على العرض من الشقق والمساكن في سوق الايجارات في دبي، ومع هذا لاحظ تقرير شركة استيكو، استمرارا في حالة التباطؤ الملحوظ منذ بداية العام الجاري في معدل زيادة الايجارات السكنية في دبي خلال الربع الثاني من العام الجاري.


وجاء في تقرير الشركة الدوري عن العقارات انه لم يلحظ وجود أي زيادات كبيرة في الايجارات السكنية في دبي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لكن متوسط الايجارات السكنية في دبي ارتفع بحوالي 22 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث مازال شارع الشيخ زايد واحداً من أكثر المناطق السكنية طلباً عليها، حيث سجل أعلى معدل نمو في الايجارات السنوية بواقع 51 في المائة. تلاه منطقتي بر دبي والقصيص بمعدل زيادة في الايجارات السنوية قدره 42 و40 في المائة على التوالي.


من ناحية أخرى، واصلت معدلات ايجار الفلل في دبي صعودها، حيث سجلت زيادة عامة قدرها 20 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام الجاري. حيث تأتي الزيادة في ايجارات الفلل نتيجة مباشرة لاستمرار قلة المعروض منها الى جانب المنازل الحضرية، مقارنة بالطلب المتنامي من مواطني الدولة والوافدين الذين يقيمون منذ فترة طويلة. وسيساعد العديد من المشاريع الضخمة لاقامة الفلل في laquo;دبي لاندraquo; وواجهة دبي البحرية وlaquo;جميرا غولف استيتسraquo; على التخفيف من أزمة قلة المعروض خلال العامين المقبلين.

موسم الصيف
من جانب آخر، ورغم أن موسم الصيف ارتبط بتباطؤ موسمي خلال السنوات التي سبقت طفرة العقارات في دبي، باتت أشهر الصيف زاخرة بالصفقات واعلانات الشركات عن مشاريعها الجديدة، ومع هذا لا تزال الأشهر التي تلي الصيف تحمل زيادة في النشاط التجاري والاستثماري، ويحدث هذا الارتفاع عند انقضاء العطلات الصيفية وعودة كثير من المغتربين الى المدينة. وهو كذلك الوقت الذي يختاره معظم المغتربين الجدد للسفر الى دبي والوقت الذي يبدأ فيه النشاط التجاري بالنمو.


ولفت تقرير شركة المزايا الانتباه الى بروز ظاهرة المزادات العلنية على العقارات والأراضي، خصوصا الأراضي المميزة وذات الطبيعة الاستثمارية الخاصة، وتعتمد الشركات العقارية على أسلوب المزادات لتحسس نبض شارع المستثمرين في العقارات، والوصول الى سعر سوقي فوري بعيدا عن المضاربات، خصوصا مع غياب بورصة عقارية مثل بورصة الأسهم. وقد بدأت هذه المزادات تكتسب شعبية خلال الأشهر القليلة الماضية عندما بدأت المشاريع التي طال انتظارها بالظهور. ومؤخرا عرضت شركة تايغر وودز 5 عقارات مميزة للبيع في المزاد، وقبل ذلك جمع مزاد أقيم يوم 12 حزيران في فندق برج العرب 250 مليون درهم خلال ساعتين فقط.


وقال سعيد بوشالات، الرئيس التنفيذي لشركة سلوان التي تدير المزاد، ان المزادات تسمح للمشترين في الدخول في استثمارات ذكية، حيث يستطيع المشترون تحديد سعر الشراء من خلال تقديم العروض المباشرة، وتجاوز عملية التفاوض المملة'.

الغلاء والتضخم.. عوائق كبيرة
وقال التقرير أن الغلاء الذي أصاب جميع المرافق في دولة الامارات العربية المتحدة، ألقى بظلاله على الجميع، وفي حين أن ظاهرة الغلاء يعود سببها الظاهر عالميا الى ارتفاع أسعار النفط والتخوف من ركود الاقتصاد الأميركي وتراجع سعر صرف الدولار فان للغلاء في الامارات أسبابه المحلية التي أدت الى تفاقم الأزمة. ومن أهم أسباب الغلاء ارتفاع الايجارات.


وبين التقرير أن الارتفاع المتواصل في أسعار مواد البناء يشكل التحدي الأكبر أمام القطاع العقاري، حيث تتعطل عشرات المشاريع العقارية في منطقة الخليج، وتتزايد شكاوى المستثمرين والمشترين من تأخير تسليم وحدات ومشاريع تجاوزت مواعيدها المحددة. حيث سجلت أسعار مواد البناء في منطقة الخليج ارتفاعات قياسية تجاوزت الـ300 في المائة ، وكان من أبرزها الحديد والاسمنت والوقود التي تشكل المواد الرئيسة لقطاعي العقارات والمقاولات.


وقال الخبير العقاري السعودي الدكتور علي بوخمسين لـraquo;الأسواق.نتraquo; ان أفضل مواد البناء حاليا هي التي سجلت ارتفاعا بنسبة 50% خلال العامين الأخيرين، لكن موادَّ وسلعاً أخرى عديدة تستخدم في البناء ارتفعت مؤخرا بنسبة وصلت الى 300% أو تجاوزت هذه النسبة، كما هي حال الحديد الذي ارتفع في السعودية من 1200 ريال قبل عامين الى 5000 ريال حاليا، مشيرا الى أن في السعودية وحدها سبع مدن اقتصادية تحت الانشاء، وهذه المدن هي أكبر متضرر من ارتفاع مواد البناء، حيث ستضعف بالضرورة حركة الانشاءات والاستثمارات فيها بسبب أن مواد البناء لم ترتفع أسعارها فقط، وانما أصبحت مفقودة أو شحيحة أيضا. ويرى بوخمسين أن ما تشهده سوق مواد البناء أدى بالفعل الى تأخير تسليم المشروعات، ومن المتوقع أن تشهد المشروعات العقارية مزيدا من التأخير، سواء في السعودية أو في دول الخليج الأخرى.

مئات المنازعات
هذا، ومن المتوقع أن تشهد المحاكم والجهات القضائية المختصة في الخليج مئات المنازعات التي ستنشب بسبب هذه الارتفاعات غير المتوقعة في أسعار مواد البناء. وعلى العكس تماما يتوقع أن يتمكن السوق العقاري الخليجي من التأقلم مع هذه المتغيرات، اذ ان غلاء الأسعار يمثل ظاهرة عامة تشمل كل السلع والمواد الأساسية، وهو ما يعني أن المستهلك سيكون مضطرا في النهاية من التعامل مع الواقع الجديد والقبول به.


وطالب الرئيس التنفيذي لشركة العارف الاماراتية للمقاولات حمد العارف الحكومة بالتدخل لوقف الارتفاعات المتلاحقة وغير المنطقية في أسعار مواد البناء، مؤكدا أن خسائر شركات المقاولات أصبحت بالملايين، وأن مئات العقود يتم فسخها حاليا بين المقاولين والمطورين العقاريين. وعلى وزارة الاقتصاد أن تتدخل وتضع شروطا لزيادة الأسعار، كما عليها أن تضع حدا للتصدير الى الخارج ما دام السوق المحلي بحاجة لهذه السلع.


من جهة ثانية، أكد أحد خبراء قطاع الانشاءات في الامارات أنه وفي الوقت الذي تواجه فيه صناعة الانشاءات في المنطقة ارتفاعاً في تكاليف البناء ونقصاً في الأيدي العاملة، يتهيأ قطاع المكائن والمعدات والمركبات المستخدمة في التشييد والبناء لتحقيق المزيد من النمو والنجاح والازدهار. وأن ظروف السوق الحالية ستضغط على المتعاقدين وستجبرهم للبحث عن ممارسات أكثر كفاءة وفاعلية، كمكننة المشاريع وتوفير الأيدي العاملة. والاستثمار في الفئة الصحيحة من المكائن لتحل محل العمال في العمليات الرئيسية.