إقتراح ساركوزي بين الرفض والقبول
الاتحاد المتوسطي يواجه بالصراع العربي الإسرائيلي

محمد الحمامصي: شهد مؤتمر quot; حوار الشعوب والثقافات في المنطقة الأورومتوسطية والخليج quot; ، والذي نظمه معهد دراسات السلام التابع لحركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام بمكتبة الإسكندرية في الفترة من 19إلى 21 يناير ، عقد جلسة نقاشية حول مشروع الاتحاد المتوسطي الذي أطلقه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، تباينت فيها آراء المشاركين حول تلك المبادرة. أدار الجلسة د. إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية حيث أكد السفير جاك هونسينجار بوزارة الخارجية الفرنسية إن فكرة الاتحاد المتوسطي الذي سيشمل 20 دولة منها إسرائيل، لم تعد قاصرة على فرنسا، إذ أيدتها العديد من الدول على جانبي المتوسط، كما أنها نتاج اجتماع روما في ديسمبر الماضي، والذي أعلن فيه كل من رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي والإسباني لويس ثاباتيرو دعمهما للمشروع.

وأضاف أن الرئيس الفرنسي ساركوزي أعلن عن عقد قمة بباريس في يوليو القادم، يشارك فيها قادة الدول المرشحة للانضمام للاتحاد المتوسطي، بحيث يتم التعريف بالمشروع ومناقشة كافة أبعاده ومن ثم الخروج بإعلان مشترك، مشيرا إلى أن هناك العديد من المشروعات التي يمكن إقامتها في إطار الاتحاد، في عدة مجالات منها البيئة والتنمية المستدامة والاقتصاد والأمن والتعليم والبحث العلمي والصحة، وغيرها.وأوضح هونسينجار أن الاتحاد المتوسطي ليس بديلا على الإطلاق عن مسار برشلونة والتعاون الأورومتوسطي، لافتا إلى أن هناك حاجة إلى ديناميكية جديدة تعمل على تفعيل التعاون بين الشمال والجنوب، فعلى الصعيد السياسي، ستعقد قمة منتظمة تضم رؤساء الدول والحكومات المنضوية في إطار الاتحاد لمتابعة ما تحقق وبحث ما يمكن تحقيقه في المستقبل، وهو ما يختلف كليا عن عملية برشلونة.

وفيما يتعلق بما أثير عن أن المبادرة الفرنسية الجديدة تستهدف إقصاء مسألة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، شدد المسئول بوزارة الخارجية الفرنسية على أن الاتحاد الجديد لن يتدخل في المفاوضات الجارية بين تركيا وكرواتيا من جانب، والاتحاد الأوروبي من جانب آخر.

أما وزير الخارجية المصري السابق علي ماهر فوصف مبادرة الرئيس ساركوزي بإنشاء اتحاد متوسطي بالطموحة، إلا أنه رأى أن ذلك المشروع يواجه عدة مشكلات، منها أنه مماثل تقريبا للشراكة الأورومتوسطية التي انطلقت في برشلونة عام 1995، وبالتالي فإنه ليس هناك حاجة لخلق أدوات وبيروقراطيات جديدة، بل تفعيل تلك القائمة.

وتساءل ماهر عن أسباب عدم تحقيق عملية برشلونة للآمال المعقودة عليها، مشيرا إلى أن الاتحاد المتوسطي لم يتجاوز المشكلات المطروحة ومنها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، فالكثير من المشروعات المطروحة في إطار الاتحاد ستساهم فيها العديد من البلدان ومنها إسرائيل، فهل ستقوم الدول العربية بالتطبيع قبل حل مشكلة فلسطين.

وألمح ماهر إلى توقيت الإعلان عن المبادرة الجديدة في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن هناك العديد من الجوانب المثارة التي تحتاج إلى إيضاحات، وهو ما يمكن أن يتم في القمة التي ستعقد بباريس في يونيو القادم.

وفي سياق متصل، طالب الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي بمشاركة شعوب المنطقة الأورومتوسطية والخليج في التعبير عن آرائهم تجاه المشروعات والمقترحات المقدمة خاصة مبادرة الرئيس ساركوزي، قائلا: إننا لا نريد صداقة على مستوى القيادات، وإنما تواصل على مستوى الشعوب . إن هناك ثقبا أسود في التبادل الثقافي الذي هو أساس الحوار والتفاعل بين الشعوب، منوها إلى أنه لا يمكن إقامة تواصل وامتزاج ثقافي بينما يشهد قطاع غزة انتهاكات ضد المدنيين وحصار وتجويع، بالإضافة إلى ما تعانيه باقي دول المنطقة.

من جانب آخر، تطرق لوتشيو جواراتو مدير مؤسسة الأنا ليند الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات إلى المشكلات التي تواجه مشروع الاتحاد المتوسطي، والتي حصرها في الصعوبات الفنية والمالية والسياسية. وفيما يتعلق بالنواحي الفنية، أشار جواراتو إلى أنه من الممكن إيجاد مؤسسة تهتم بتك الجوانب وتديرها، أما فيما يتعلق بالتمويل، فإن هناك مشكلات ضخمة تتعلق بالحصول على تمويل من القطاع الخاص الذي لا يرتبط سوى بمصالحه.

وعلى الصعيد السياسي، أوضح أن المشكلات التي تعانيها دول المنطقة وخاصة قضية العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل، ستشكل معوقا للاتحاد المتوسطي والمشروعات المقترحة في إطاره. وفي مداخلة له، دافع خورخيه سامبايو رئيس البرتغال السابق والمندوب السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات، عن مشروع الاتحاد المتوسطي، قائلا: إنني مستعد لسماع أي شيء يقدمه أي شخص فيما يتعلق بتعزيز الحوار والتعاون على جانبي المتوسط، إذ أننا نحتاج للتعلم من بعضنا البعض وأن نقوم بجهود مشتركة في هذا الإطار .

وفي ذات السياق، قالت ليلى تكلا رئيس مجلس أمناء برنامج الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مصر في مداخلة لها إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أجاب في زيارته الأخيرة لمصر بشفافية كبيرة على جميع الأسئلة المتعلقة بمبادرة الاتحاد المتوسطي، مشيرة إلى أنه يجب عدم المقارنة بين مسار برشلونة والمبادرة الجديدة، حيث إن الأولى أنشئت لغرض آخر يختلف عن الذي يستهدفه الاتحاد المتوسطي.

وأكدت تكلا على أنه إذا كانت أوروبا تريد إقامة جسور للتواصل مع الجنوب، فإن عليها المساهمة في حل القضية الفلسطينية، كما أنه يجب عليها التخلي عن لغة الاستعلاء والتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، كما حدث مؤخرا عندما أصدر البرلمان الأوروبي قرار ينتقد حقوق الإنسان في مصر.