راوند رسول من دمشق: بعد اختيار دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام2008 باتت الانظار تتوجه اليها لكونها أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ والذي صنف لدى منظمة اليونسكو كجزء من التراث العالمي مهددة في وقتنا الحاضر بالهدم من قبل محافظة دمشق وذلك بغية تأجيرها لمستثمرين خليجيين وأجانب.

وعلى الرغم من اناحتفاليات دمشق كعاصمة للثقافة العربية والمؤتمرات الصحافية لوزارة السياحة السورية والفعاليات الثقافية لهذا العام لم يستمتع الدمشقيون بهذا الحدث بسبب الإنذارات المتلاحقة لبائعي المحلات التجارية ومالكي وشاغلي 87 عقارا منهم في سوق البزورية وحي الحمراوي المجاورين للجامع الأموي المبارك بإخلائها والاستيلاء عليها مخالفين بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية التي تؤكد أهمية الحفاظ على دمشق القديمة الواقعة ضمن السور.


ورغم توجيهات الرئيس السوري بشار الأسد لمحافظة دمشق بعدم إخلاء اي محل من محال تلك الأحياء وتدعيمها وتأمين سلامتها الإنشائية فقد استمرت محافظةدمشق بمحاولاتها في العبث بدمشق القديمة وتغيير معالمها ونسيجها العمراني.
ويتساءل اصحاب المحال والقاطنون في هذه الأحياء الاثرية في دمشق القديمة إذا كانت هذه المحاولات هي فعلا لغرض المنفعة العامة أو إقامة خدمات عامة . ويشكك الدمشقيون في وقتنا الحاضر بنيات الحكومة في ذلك وهم يعتقدون أن هناك مخططا أجنبيا لسرقة دمشق القديمة وتشريد أهلها من هذه المدينة العريقة .

مشكلة الاستملاك بدأت منذ قيام الوحدة العربية بين مصر وسوريا في الستينات حيث أصدر المشير عبدالحكيم عامر قرارا بإخلاء المنطقة بعد بناء طريق سوق الصاغة القديم ولكن رغم زوال الجمهورية المتحدة وزوال المشير عامر فقد استمرت معاناة أهالي دمشق القديمة لأكثر من 45 عاما.

أحد المفارقات في اطار هذا الموضوع هو ان كل الجهات الرسمية العامة في سوريا من هيئات السياحة ومتاحف واثار ومجلس الشعب إضافة الى المؤسسات الدولية المعنية بحماية الاثار والتراث العالمي قد تفاعلت مع قاطني أحياء دمشق القديمة وأصدرت جملة توجيهات وقرارات وبمن فيهم الرئيس السوري نفسه بشار الاسد الا ان المفارقة بدأت عند لقاء لجنة ممثلة من أهالي دمشق القديمة مع ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء السوري موضحين أن هناك كتابا من رئيس مجلس الشعب طالب فيه برفع الاستملاك فرد * أن قرار مجلس الشعب غير قانوني وأن الاستملاك صحيح وقانوني وبالتالي فهو لا يتدخل بأمور قانونية وأظهر أنه لا توجد لديه نية لرفع او إلغاء الاستملاك *.

ويرى السيد بدر الدين العوف رئيس لجنة احياء دمشق القديمة من توجهات الحكومة بأنها تخرب دمشق القديمة أكثر من تبني فيها وأكد أن دمشق عاصمة الثقافة العربية حاليا ورغم توصيات الرئيس بشار الاسد بتلك الموضوع ألا أنها لا زالت تتعرض لعمليات التخريب والهدم للنسيج العمراني والمعماري الأصيل .ويقول عوف أيضا,, ان قرار المشير عامر نائب رئيس الجمهورية أنذاك حول الأستملاك باطل,,. ويضيف بأنه بناء على طلب من رئيس الجمهورية بألغاء الأستملاكات العشوائية فقد شكلت لجنة في البرلمان السوري وعملت لعدة سنوات وعرضتها ثم على البرلمان ووافق النواب عليها بالأجماع ثم رفعت الى رئاسة الوزراء ولكن الحكومة لم تتجاوب مع هذه التوصيات.

وتابع سيد بدر الدين العوف بأنه كان من ضمن الوفد من دمشق القديمة الذين التقوا ناجي عطري بتوجيه من الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية ولكنه لم يتجاوب معنا مثلما ذكر لكم وكان رده مثلما تعلمون بأن توصيات البرلمان السوري غير ملزمة للحكومة.

وكشف لنا بدر الدين العوف بأنهم ارسلوا أكثر من 37 مذكرة حتى الأن الى كافة الجهات الحكومية والجهات المعنية بشؤون التراث لتجد لها آذانا صاغيا تستطيع ردع هذه المحاولات.

ومثلما هو معروف للجميع فإن النشاط السياحي لأي بلد في العالم تبدأ في الأحياء والمناطق القديمة والأثرية لأنها تمثل بالتأكيد نقاط جذب للسياح والزائرين الأجانب للتعرف إلى تاريخ تلك العاصمة ولاضرر على قول الدمشقيين في توظيف الأحياء القديمة ضمن برنامج النشاط السياحي للبلد ولكن دون التعرض للنسيج العمراني للمدينة القديمة مع أهمية ضمان المدينة القديمة كنشاط أجتماعي وحضاري. وتجدر الإشارة الى أن أحداث المشكلة ظلت قائمة حتى وقتنا هذا حيث اختيرت دمشق كعاصمة للثقافة العربية على الرغم من أن الكثير من الجهات الثقافية الدولية والدبلوماسية قد أكدت أهمية التزام الحكومة السورية بالحفاظ على تراث ونسيج دمشق الثقافي والحضاري.

راوند رسول