اندرو هاموند من الرياض: عندما إجتمع علماء دين ووزراء ورجال أعمال في منتدى بالرياض في الشهر الماضي لبحث حق المرأة في أماكن العمل... لم يكن من الممكن رؤية ولو امرأة واحدة.
وكما هي الحال في السعودية كان للنساء المشاركات غرفة منفصلة حتى لا يصل للرجال سوى أصواتهن.
ومثلت هذه التناقضات جزءًا من النظام المركب من الرقابة الاجتماعية التي يحرص عليها علماء الدين في السعودية. وهو نظام تشكك في جدواه الباحثة هتون الفاسي.
وفي دراستها quot;المرأة في الجزيرة العربية قبل الاسلام.. الانباطquot; قالت هذه المدافعة المفوهة عن حقوق الإنسان ان المرأة قبل الاسلام تمتعت بحقوق لا بأس بها في الدولة النبطية التي كانت موجودة في عهد الامبراطورية الرومانية فيما يقوم عليه الاردن وجنوب سوريا وشمال غرب المملكة العربية السعودية حاليًا.
وتقول الفاسي بشكل مثير للجدل إن النساء في الدولة النبطية التي كانت عاصمتها مدينة البتراء في جنوب الاردن التي بلغت ذروة التحضر في عهد السيد المسيح تمتعن بحرية أكبر مما هي عليه حال النساء حاليًا في السعودية لأن علماء الدين أساءوا فهم أصول الشريعة الاسلامية.
كما تقول إن بعض القيود التي تفرضها السعودية على المرأة ربما يرجع إلى عادات اغريقية رومانية.
وكتبت الفاسي تقول quot;من أهداف هذا الكتاب التساؤل عن افتراض تبعية المرأة في الجزيرة العربية قبل الاسلام...تقوم أغلب الممارسات المتعلقة بوضع المرأة على بعض الممارسات التقليدية المحلية التي ليست بالضرورة اسلامية كما أنه ليس بالضرورة أن تكون عربيةquot;.
وقالت ان النساء في الدولة النبطية كان يحق لهن ابرام عقود بأسمائهن مع عدم وجود quot;ولايةquot; من الرجال على خلاف القانون الاغريقي والروماني وفي السعودية.
وهاجمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان (هيومان رايتس ووتش) ومقرها الولايات المتحدة نظام ضرورة وجود quot;محرمquot; مع المرأة في السعودية في تقرير صدر في ابريل نيسان ووصفته بأنه يمثل معاملة المرأة كأنها قاصر.
وفي quot;الحوار الوطنيquot; الذي أقيم في الشهر الماضي ونقل التلفزيون أحداثه أصر علماء الدين على أن المرأة يمكنها أن تعمل فقط في بيئة يوجد بها فصل بين الرجال والنساء. ويقول معارضوهم في الحكومة ان مثل هذا الشرط جعل البطالة بين النساء تصل إلى 26 في المئة.
وقالت الفاسي في مقابلة quot;وجدت أنه مع المرأة النبطية كان الوضع القانوني وتمثيل المرأة لنفسها أقوى وأكثر وضوحا من الحال مع الاغريقيات اللاتي كن يحتجن دائمًا إلى مندوب حتى يبرمن أي عقدquot;.
وأضافت في إشارة إلى نظام المحرم quot;تم اقحام القوانين الاغريقية والرومانية في الشريعة الاسلامية...أصر على أنه تقليد قديم لا علم لعلماء الدين الاسلامي به وانهم سيصدمون حقا عندما يعلمون.quot;
وقال جيرالد هوتينج وهو مؤرخ للعصور الاولى للاسلام في كلية الدراسات الشرقية والافريقية في لندن quot;ربما يكون للرأي القائل بأن القانون الاغريقي-الروماني تأثير على أحكام الشريعة الخاصة بالمرأة أساسًا اذا ما فكرنا في هذا الرأي من زاوية التعديلات التي حدثت في الشرق الاوسط - الرؤى الاقليمية - للقانون الاغريقي الرومانيquot;.
وقال إن الفاسي quot;من المرجح أنها لن تجد الكثير من الانصار بين العلماء التقليديين عندما تقول ان التاريخ الإنساني وليس الله هو مصدر العناصر المهمة للشريعةquot;.
وتعكس أفكار الفاسي الآراء التي عادة ما يعبر عنها الليبراليون العرب وهي أن التقاليد المقيدة في الامبراطوريات التي فتحتها الجيوش الاسلامية وجدت طريقها الى الاسلام.
وقالت فوزية العيوني وهي مدافعة عن حقوق الإنسان تطالب بحق المرأة في قيادة السيارات quot;تدهور وضع المرأة واضح. نحن كنساء نعيش في أسوأ وضع يمكن تخيله... لا يوجد نص ديني يفرض الولايةquot;.
وهناك بعض الدلائل التي تعود إلى نحو ألفي عام على أن الاوضاع لم تكن بهذه الصرامة.
وتخلص الفاسي مستعينة بعملات وكتابات على المقابر النبطية والآثار باللغات الاغريقية والسامية إلى أن استقلال المرأة كان مرتبطا بانتعاش التجارة والتبادلات السياسية في العالم القديم في ذلك الوقت.
ومضت تقول quot;كان هناك تغير اقتصادي في ذلك الوقت أتاح للمرأة أن تصبح أقوى أو أكثر ظهورا...أعتقد أن ذلك بسبب غياب النفوذ الاقتصادي للرجل...في نهاية القرن الاول الميلادي أصحبت تجارة القوافل مكثفة اذ أصبحت تتم مرتين كل عام بدلا من مرة واحدة في الالفية السابقة.quot;
كانت الدولة النبطية اخر دولة في الشرق الاوسط تخضع للحكم الروماني المباشر في 106 ميلادية وكانت القوة الاتحادية النبطية تقوم على مسارات التجارة الصحراوية من اليمن الى الدولة الاغريقية وروما.
وتوجد عملات عليها صور لملكات نبطيات وتظهر وجوههن مع وجود غطاء خفيف للرأس. وفي الوقت الحالي يسهب علماء الدين السعوديون على شاشات التلفزيون وفي منابر أخرى في الاحكام المعقدة حول الاوقات التي يحل فيها للمرأة أن تكشف وجهها ومتى لا يمكنها ذلك.
ولم تلق الدولة النبطية اهتمامًا كافيًا من الباحثين وبعضهم يشكك في عروبتها. بل ان مدينة البتراء كان يمكن أن تذهب طي النسيان في التاريخ حتى اكتشافها من قبل المكتشف السويسري يوهان بوركهارت عام 1812.
ولمحت الفاسي الممنوعة من التدريس في جامعة الملك سعود منذ عام 2001 إلى أن من أسباب هذا التجاهل هو أن الدولة النبطية لا تتماشى مع المفاهيم التقليدية عن العرب.
وقالت في كتابها الذي نشرته بريتيش اركيولوجيكال ريبورتس ان الدولة النبطية quot;أضعفت فكرة أن العرب كانوا مجرد بدو رحل لانه كانت هناك دولة عربية متمدنةquot;.
التعليقات