بغداد: ظهور رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أثناء لقائه بالمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي من دون ربطة العنق التي يرتديها عادة في جميع لقاءاته الرسمية وفي جميع المناسبات التي يحضرها، أوحت للشارع العراقي بتصديق الأنباء التي تحدثت عن طلب المسؤولين الإيرانيين منه نزع ربطة عنقه قبل لقاء الخامئني، والتي أعتبرها بعض سكان العاصمة العراقية بغداد إهانة لشخص المالكي نفسه، بينما أعتبرها آخرون تنازلا للحفاظ على مصالح الشعب العراقي.

المالكي الذي ارتفعت شعبيته في الشارع العراقي بعد ظهوره كزعيم قوي عقب عمليات صولة الفرسان في البصرة، وتحجيمه لدور المليشيات الشيعية بشكل كبير في العاصمة العراقية، أدى إلى متابعة عدد غير قليل من سكان العاصمة بمختلف توجهاتهم لنشاطاته لأن صورة الزعيم الأوحد الذي يأتي لقيادتهم مازالت راسخة في عقولهم.

المتابعون للقاء المالكي-الخامئني استغربوا من المالكي نزع ربطة العنق فيما ابقي وزراء حكومته الذي حضروا اللقاء على ربطات العنق جميعا، على الرغم أن من بينهم شخصيات تنتمي إلى أحزاب لها علاقات وثيقة بالجانب الإيراني مثل المجلس الإسلامي الأعلى الذي ينتمي إليه وزير المالية العراقي باقر جبر الزبيدي.

وتنظر الصحفية لينا فائق المشهداني، 37 سنة، إلى الموضوع بأنه quot;يمثل إهانة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في حال صحت الأنباء التي تحدثت عن إجباره على عدم لبس ربطة العنق عند لقاء المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئيquot;.

وتضيف الصحفية التي بدا عليها الاستغراب في حديثها لـquot;نيوزماتيكquot; quot;كيف للمالكي أن يوافق على شروط الإيرانيين حتى في ملبسه لكي يقابل الخامئني، كان عليه أن يكون قوياً ويرفض شروطهم حتى ولو أدى الأمر إلى إلغاء الزيارة وتوتير العلاقات مع إيران، لأن المالكي لا يمثل نفسه بل يمثل الشعب العراقي بأجمعه، وأن أية إهانة يتعرض لها هي إهانة لناquot; حسب قولها.

وتضيف المشهداني quot;كيف لرئيس وزراء يقود العراق في أصعب فترة من تاريخه أن يقوم بمثل هذا التصرف، ألم يعلم المالكي أنه بهذا الفعل قد يفتح أبوابا جديدة على الحكومة العراقية تتهمها بالعمالة لإيران وغيرها من هذه الاتهاماتquot;.

لكن رابحة محمد عمر، 55 سنة، التي تسكن في منطقة زيونة شرقي العاصمة بغداد ترى أن موقف المالكي quot;يمثل ذكاءً سياسياًquot;، وتقول ساخرة quot;أبو سراء لا يريد توتير العلاقات مع إيران التي ترسل لنا العبوات الناسفة كمساعدات يوميةquot; حسب وصفها.

وتقول رابحة عمر في حديثها لـquot;نيوزماتيكquot; إنه quot;تصرف طبيعي من رئيس دولة لا يحبذ خلق المشاكل والصراعات خصوصا مع دولة تحاربنا في السر والعلنquot;، وتضيف رابحة بالعامية العراقية ساخرة quot;أبو إسراء أخذ أهل العمايم بإيران على قد عقلهم ونزع الرباط، قابل كفر لو سوى شي موزين، يجوز الرباط جان خانقهquot;.

وتتابع المواطنة البغدادية أن quot;أبو إسراء حقق لنا الأمن النسبي وضرب المليشيات والقاعدة معاً ورفع الرواتب، فلماذا ننظر إلى تصرف يخصه ولا يؤثر على كرامة الشعب العراقي على إنه إهانة لناquot;، وتستطرد quot;ثم أن الرجل لم يفعل شيئاً يمس السيادة العراقية بل إنه يحاول منع أذى إيران عناquot;.

لكن فداء جعفر يرى الأمر على أنه quot;يمثل حقيقة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يعتبر نفسه حليفاً وتابعاً لإيرانquot;، ويضيف جعفر في حديث لـquot;نيوزماتيكquot; quot;كيف برجل يتسلم أعلى منصب في العراق أن يقبل بشرط يخص مظهره الخارجي لكي يقابل مسؤول إيراني، لقد أحسست بالإهانة وانتابتني مشاعر غاضبة، عندما رأيت اللقاء كنت أتصور أن المالكي رجل دولة قوي بعد نجاحه في حملاته الأمنية وأنه تخلص من ماضيه الذي كان تشكل في إيران، إلا إنني كنت على خطأquot;.

ويتسائل جعفر quot;لماذا فعل المالكي هذا الأمر؟ كنت أنظر إليه كزعيم قوي وقائد العراق للتخلص من الحرب الأهلية، إلا انه، بهذا التصرف، تولدت قناعة لدي بأن المالكي لا يصلح لإدارة البلاد، وان البديل للمالكي والإسلاميين هم العلمانيون القادرون على حفظ كرامتنا وعدم الميل نحو إيرانquot; على حد تعبيره.

ويرى المعلم المتقاعد حسين البياتي، 60 سنة، و يعيش في منطقة المشتل ذات الغالبية الشيعية شرق بغداد، أن quot;عدم إرتداء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لربطة عنقه، خلال لقائه الخامئني أمر معيب وغير منطقي، ويمثل تملقاً منه لصالح إيرانquot;، حسب تعبيره.

ويتسائل البياتي quot;هل وصل الأمر بالمالكي إلى الرضوخ لطلب الإيرانيين بعدم ارتداء ربطة عنق للقاء الخامئني، لأن الأخير يعتبر ارتدائها حرام حسب تفسيراته الدينيةquot;.

ويضيف البياتي quot;كان الأجدر بالمالكي رفض طلب الإيرانيين، والإيضاح لهم بأنه زعيم قوي للعراق ومنتخب من قبل الشعب العراقي، وعليهم الموافقة على لقاء الخامئني من دون شروطquot;.

ويتابع البياتي في حديثه لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;الأمر لا يستحق من المالكي، الذي حقق نجاحاً كبيراً في الأوضاع الداخلية، وحصل على دعم دولي، أن يقدم تنازلاً لشخص لا يفقه سوى الجهاد وإرسال العبوات الناسفة للشعب العراقيquot; حسب قوله.

ويقول البياتي إن quot;المالكي، بتصرفه هذا، أعطى فرصة للدول العربية وبعض الدول الإسلامية التي كانت تتهم الأحزاب الإسلامية الشيعية في العراق بالتبعية لإيران، بأن كلامهم صحيح وليس عليه أي غبار، وما كان عليه سوى أن يقوم باللطم على صدره لكي يؤكد كلامهم quot;حسب وصفه.

أما بائع الخضروات في ساحة الواثق وسط العاصمة العراقية بغداد صدام سعد يقول إن quot;عدم ارتداء، أبو إسراء، لرباطه لا يعني أن الرجل تابع لإيران لكنه قد يخاف منهمquot;.

ويضيف سعد أن quot;المشكلة ليست في عدم ارتداء الرباط بل في الزي الموحد ألذي لبسه المالكي والمسؤول الإيراني الذي جلس بجنبه، من يراه يقول أن الإيرانيين هم الذين اجبروا المالكي على ارتداء القميصquot;.

وتابع سعد في حديثه لـquot;نيوزماتيكquot; أن quot;تصرف المالكي قد يكون احتراما منه لشخصية الخامئني التي تحرم لبس الرباط، ولهذا أراد الرجل عدم توتير العلاقات مع إيران لمجرد لبس الرباط، إلا أنه بعث برسالة للعراقيين بأن إيران مازالت القوة الثانية المسيطرة في البلاد بعد أميركاquot;.

يذكر أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قام بزيارة لإيران لمدة ثلاثة أيام لبحث عدة ملفات أمنية وسياسية واقتصادية منها الدعم الإيراني لبعض الجماعات والمليشيات المسلحة وتوضيح موقف الحكومة العراقية بخصوص الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد مع واشنطن والتي رفضها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي خلال لقائه برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ودعاه إلى عدم توقيعها.

وكالة نيوزماتيك