مهرجان دبي السينمائي الدولي...... ترفيه ثقافي سياحي مكرر
أم جزء من مدينة عالمية للثقافة والعلوم والحرية والإبداع...؟

بادئ ذي بدء لابد من الإشادة والإشادة الخاصة والكبيرة بدبي وسمو شيخها المبدع " محمد بن راشد آل مكتوم "لمجرد تبني ودعم فكرة قيام مهرجان سينمائي دولي سنوي في " دبي النهوض والتألق "والتي طرحت وقدمت إلى دبي منذ ما قبل أحداث 11 سبتمبر الإرهابية 2001 بشهور عديدة كإحدى الفقرات من فقرات عديدة لمشروع حمل أسم " مدينة عالمية للثقافة والعلوم والحرية والإبداع " وهو أول مشروع خليجي عربي إسلامي وغربي وعالمي التنوع والاهتمام والبوابات سعى لآن يجسد ويهدف لحوار بالفعاليات والإبداعات الثقافية والعلمية الرفيعة والفريدة بين الحضارات والثقافات في العالم ولبناء الجسور بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، استجابة وانسجاما مع روح وحاجة وواقع ومفهوم عالمنا اليوم: "جيران في عالم واحد" من ناحية وليساهم هذا المشروع في الوقت نفسه بترسيخ مكانة دبي "كبوابة وعاصمة للنور والحرية : ثقافة وعلوم وإبداع" في كل المنطقة وعلى خريطة عالمنا المعاصر من ناحية أخرى، كما هي مكانة دبي وقد ترسخت كعاصمة عالمية للتجارة والتسوق.
أما وقد تم إنجاز هذه الفقرة وهذا المهرجان وإقامته وافتتاحه حقا تحت رعاية سموه وبرئاسة سمو الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم في هذه الأيام وتحديدا منذ 6/ 12 وستختتم فعالياته مساء هذا اليوم المصادف 11/12/ 2004 فذلك يستحق استحقاقا آخر وواجبا ذا قيمة رفيعة خاصة أكثر من أي إشادة مهما علا شأنها ومكانتها حتى وإن جاءت هذه الإشادة على لسان كبار الشخصيات وضيوف ونجوم المهرجان..... إن الاستحقاق المطلوب والواجب هو أن يقف المثقفين ورعاة الإبداع والمبدعين أنفسهم ومؤسساتهم العامة والخاصة عربية وأجنبية مع سمو الشيخ المبدع ودعم جهوده الخلاقة عبر المساهمة المثلى في احتضان آماله ورؤاه وقراراته الخلاقة والتفاعل الأمثل معها وتحويلها إلى حقائق مبهرة على أرض وسماء دبي والإمارات العربية المتحدة بنزاهة وحرفية عالية التمييز تليق بدبي وشيخها المبدع ومشاريعهما الفريدة التي لم يسبقهما إليها أحد... وربما يشاركني في هذا الرأي ويقف معي في المطالبة وواجب تنفيذ هذا الاستحقاق كل من عرف ويعرف دبي وشيخها المبدع أو تابع ويتابع تدفق إبداعاتهما المبهرة والمتواصلة منذ سنوات عديدة وشواهد ذلك الإبداع المتميز والمعاصر والمتفرد لا تعد ولا تحصى..
منذ ما قبل مدينة الإنترنيت ومدينة دبي للإعلام ومدينة التجارة الالكترونية الحرة وصروح العلم وجامعاته الدولية وأعمار ومشاريعها العمرانية الخلاقة ومشاريع جزيرة النخلة وسلسلة الفنادق الفريدة عالميا كبرج العرب وبرج دبي أبراج الإمارات والجميرا بيج ومينا السلام وسلسلة مراكز التسوق ومهرجاناته ومراكز التجارة والمال والبورصة والحكومة الالكترونية والمدن الطبية وحدائق دبي وموانئها ومطارها وقطارها وغيرها من مئات المشاريع والشركات العملاقة في الرؤية والشكل والأسلوب وبمقاييس العصر والعالمية.....
لكنني مع كل ما تقدم لي ملاحظات مخلصة وحقيقية وانتقادات جوهرية جادة ومتعددة وربما قاسية لهذا المهرجان وأسلوب تنفيذه وضيوفه إضافة إلى السؤال الذي يجب أن يطرح وهو لمن تعود ملكيته الفكرية حقا ؟ وهل استشير صاحبها أو هل حتى ولو مجرد تم إعلامه بالتصرف بها ؟ وهل حقا أن فكرة هذا المهرجان وقيامه بل وحتى أسلوب عروضه في الهواء الطلق، إضافة إلى أفكار وفقرات أخرى تم التصرف بها أيضا في غير مشروع هذا المهرجان، وكلها سيتم تفسيرها وتبريرها ربما بشكل خجول بأنها توارد وتشابه الخواطر والأفكار وبالصدفة ليس إلا ! وأية صدف عجيبة تلك التي تتكرر في الاستحواذ على أكثر من فقرة من فقرات ذلك المشروع الذي هو نتاج سنين طويلة من جهد التثقف والتحضر والعمل والسفر في حضارات وثقافات الذات والآخر !!!
ومن هو المسئول عن هذا الاستحواذ اللاعلمي من دون احترام لحق الملكية الفكرية وتبعاتها وثمنها ولا نقول حق المطالبة بشرف احترام وتقديم وتكريم من له السبق الوحيد في طرح كل ذلك وغيره علما بأن هذا المشروع والسبق في إنجازه وتقديمه والعمل به بما يليق بمكانة دبي الفريدة قد وجد الترحيب والتقدير والتوجيه الذي يستحقه من قبل كبار المسؤلين وقتها ؟
والسؤال الجوهري الذي يتجاوز في الأهمية كل التساؤلات السابقة ترى هل تم انجاز فقرة وفكرة المهرجان أو غيرها ضمن السياق الذي طرحه مشروع مدينة عالمية للثقافة والعلوم والحرية والإبداع كجزء منه أم تم انجازها والمهرجان خارج سياقهما الثقافي الحضاري العالمي وعلى طريقة الترفيه والترويج السينمائي الثقافي السياحي المبهر ولكنه المكرر والمزاحم العالي التكاليف والإغراء ؟ حسب تعليقات الخبراء والمختصين والمتابعين لشؤون مثل هذه المهرجانات بل وحتى من بعض نجومها من الحاضرين لمهرجان دبي السينمائي الدولي !
وعلى الرغم من أنني كنت ولا أزال في حياتي كلها من المؤمنين والملتزمين بحق بمقولة وقاعدة ذهبية مثلى وهي : " إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب " وقد وطدت نفسي والحمد لله ومنذ زمان بعيد على الالتزام التام بها في محطات ومواضيع كثيرة بالغة الأهمية والجدية والإبهار فرضت نفسها علي في مسيرة حياتنا المتنوعة سواء حين كنا قبل ربع قرن تقريبا في عراق حوار الحضارات الأقدم عالميا، أو حين غادرناه نهائيا ونفينا أنفسنا إجباريا عنه وأقمنا منذ حوالي ربع قرن ولا نزال في بلاد عاصمة النور – فرنسا وكان تخصصنا الأبرز في جامعاتها كدكتور على أهم مثقف عالمي فاعل في العصر الحديث مساهما ومجددا وراعيا لروح فنون وثقافات وإبداعات ومبدعي فرنسا وعاصمة النور باريس وإبراز كنوزها التراثية والثقافية والفنية والجمالية وأثارها وعلاقتها بالأخر- إنه أندريه مالرو – المثقف العالمي الثقافة والاهتمام المتفرد ومستشار ديغول وصديقه الأقرب ووزير الإعلام والثقافة الأشهر في العالم " ... إضافة إلى ذلك كان تخصصنا الآخر في أزمة الدولة العربية وإشكالية تخلفها وهزائمها وإلى جانب ذلك كان تخصصنا أكاديميا أيضا في موضوع عراق حوار الحضارات الأقدم ثقافة وشعرا وسياسة، وبالطبع فقد تمت جميع تخصصاتنا وأبحاثنا وأنشطتنا في فرنسا وجامعاتها ومراكز نورها ومعرفتها وكذلك قمنا منها ولا نزال بكل رحلاتنا ومشاهداتنا وأنشطتنا الثقافية وغير الثقافية ومنها إلى باقي أوروبا وخارجها في عموم المعمورة غربا وشرقا وشمالا وجنوبا أو كذلك خلال رحلتنا وما تقاسمنا فيه الإقامة الدائمة ما بين فرنسا ومنطقة الخليج خلال سنوات طويلة من ربع القرن الأخير من حياتنا ولا نزال،
وخلال كل ذلك التاريخ وسنوات العمل والبحث والنشاط والمؤتمرات والرحلات والتجوال وما رافقتها بالطبع من قضايا وموضوعات وإشكالات كبيرة كانت أم صغيرة إلا أنها جميعا لم تدفعني وتجبرني على كسر صمتي أبدا والسكوت ظل عندي مصانا ومن ذهب ! وأذكر فقط بأنني قاربت سابقا ولمرة واحدة في حياتي وإزاء قضية هامة مست جوهر عملي وبعضا من
مستقبلي الشخصي بأن أكسر صمتي وكسرته حقا ولكن ليس بشكل علني وعام بل بتكتم ووجها لوجه مع مؤسسة ومسئول رفيعي المقام وتم التأكد إثرها من حقنا ومنحوني الفهم والإنصاف الذي استحقه.
لكنني أجد نفسي في هذه المرة مضطرا أن أكسر هذه القاعدة وللمرة الأولى وبصوت عالي وعلنا وعلى صفحات الصحف أو على مواقع الإنترنيت " لان الصمت برأي لم يعد ذهبا ولابد من وضع النقاط على الحروف إزاء موضوع مهرجان دبي السينمائي الدولي الأول وجوهر فكرته والذي تهمنا جدا قضية تعميق نجاحه وأهدافه على المستوى الأمثل الذي أعتاد العالم عليه مع دبي وكل مشاريعها المبهرة ويستحق جدا سمو شيخها المبدع راعي هذا المهرجان أن نقف دائما وبصدق إلى جانب كل ما يعزز نجاح كل مشاريعه ورؤاه المبدعة" !!!
كم كنت أتمنى أن أرى ويرى غيري أيضا في قيام وافتتاح مهرجان دبي السينمائي الدولي وضيوفه ونجومه ومضمون هدفه في دورته الأولى بأن يكون هذا المهرجان على الأقل في مستوى ما شهدته وما تملكه دبي من مشاريع مبدعة وخلاقة ومتميزة خليجيا وعربيا وعالميا والتي لم يحط أو يرافق أيا منها أي لغط أو لبس في التوقيت أو في الفهم والحضور أو في الإنجاز شكلا ومضمونا وأهدافا وغايات، بل على العكس من ذلك أصبحت كل تلك المشاريع قدوة ومنارة تحتذى في الخليج والعالم كله.....لكن هذا المهرجان وهو في دورته الأولى مع الأسف ومنذ بدايته رافقه الكثير من اللغط واللبس إن في توقيت الافتتاح أو في نوع وأسماء ضيوف ونجوم المهرجان أو في غياب التنسيق والتكامل والتنظيم الأمثل مع باقي المهرجانات العربية والدولية ولجانها التنظيمية ومسئوليها وخبرائها،بينما كان لابد من توفير ذلك التنسيق على الأقل من أجل تحقيق نجاح متميز بمستوى مضمون وأهداف وغايات المهرجان المعلن عنها وفي مقدمتها بناء جسر بين الشرق والغرب... فمن يتحمل المسؤولية عن ذلك حسب اللغط الفني والإعلامي خارج بلد المهرجان وكذلك حسب اللغط الفني والإعلامي داخل وخارج قاعات مهرجان دبي نفسه والذي أنصب حسب كتابات المتابعين والإعلاميين والمختصين في شؤون مهرجانات السينما إلى أن هذا المهرجان قد أصبح مهرجان ترفيه سينمائي ثقافي سياحي مكرر طغت عليه سمعة وصورة كان همهما الأول قد أنصب على خطف الأضواء ونجوم مهرجانات القاهرة وغير القاهرة... بل ومزاحمة هذه المهرجانات في التواريخ وتوقيتات الافتتاح وفي استضافة وإغراء أكبر عدد من نفس نجومها " وليس منافستها ولو في تقديم نجوم جدد ومضامين جديدة " حتى وإن تم هذا المهرجان في نفس تواريخ افتتاحها، بعد أكثر من سنتين من الإعداد له !
ولماذا لم يتم تكامله وعدم تنسيقه التام مع باقي اللجان المنظمة للمهرجانات السينمائية العربية والدولية وخبرائها والتي سبقته بعشرات السنيين في الإقامة والتنظيم والخبرة طالبا رأيها ودعمها وأفضل التواريخ المناسبة لتحقيق تكاملهم وتنسيقهم ومشاركتهم المثلى خاصة وأن مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الأولى والأضواء مسلطة وراصدة له من ناحية، كما وقد تصدرت لافتته وسبب إقامته والغاية والهدف المعلن عنه من ناحية أخرى إنما هو إقامة أفضل حوار حضاري وثقافي بين الشرق والغرب وعموم العالم وبناء جسر من الفهم
والمعرفة والتعاون بينهما، بينما يساهم المهرجان بهذه الطريقة ومنذ دورته الأولى بعدم التنسيق والتفاهم والتناغم بين أهل وممثلي الشرق أنفسهم ورموز حواره ونجومه ومؤسساته ومهرجاناته ولجانها المنظمة وخبرائها !!!
فكيف سينجح هذا المهرجان في إنجاز هدفه وغايته وهو تقديم نفسه والشرق الذي يريد أن يمثله منسجما ومتناسقا ومبدعا معه سويا على أفضل مستوى من ناحية وفي بناء جسر ناجح مع الآخر وحسن فهمه ومعرفته وإقامة أفضل أساليب الحوار والتعاون وتبادل الإبداعات معه وردم الهوة من سوء الفهم بين الشرق والغرب من ناحية أخرى ؟
وقبل أن نعلق شخصيا على هذا المهرجان وجوهر فكرته والتي أخذت، كما أخذت فكرة " دبي لاند - جزيرة الأساطير وشخصياتها ومدنها وقراها وصحاريها وسمائها ومناخاتها وغيرها "من مشروع المدينة العالمية وتم الشروع لتنفذ وتتحول إلى مشروع ترفيه ثقافي سياحي وإن كان عالي المستوى تنفيذا وتكلفة !!!
وأستثني من ذلك التعليق ما أخذ سابقا أيضا من فقرة وفكرة وبوابة مراكز للمعرفة والنور والتحضر والتي نفذت بشكل ومسمى آخر يقارب مضمون الفكرة ومراكزها وهي الفكرة الوحيدة التي أخذت من مشروعنا ونفذت ويتم تطويرها على الشكل الثقافي العلمي والصحيح وإن كانت هي كفقرة وفكرة جزءا من سياق ثقافي وعلمي وإبداعي متكامل، ومترابطة فقراته ومضامينه كجزء من مدينة عالمية قائمة بذاتها تهدف إلى تجسيد وتحقيق أسس أول حوار ناجح للحضارات والثقافات وبناء جسر بين الشرق والغرب والشمال والجنوب من ناحية ولتساهم بقيام وترسيخ مكانة دبي كأول عاصمة للنور والحرية من ناحية أخرى.
وكان مهرجان دبي السينمائي الدولي السنوي قد حمل نفس الاسم في مشروع المدينة العالمية إلا أن تنفيذه كان قد وضع تحت بند إعلان وفعاليات افتتاح المرحلة الأولى من مشروع المدينة العالمية، وضمن ملف وفقرات " بوابة بينالي سنوي للحرية والإبداع الحر" يتمحور جوهره ومضمونه هذا المهرجان البينالي حول " شعار وقيمة الحرية كقيمة أولى عالمية " قديما وحديثا والتي تقدسها وتسعى لها كل الشعوب والثقافات وتشارك بها كل الحضارات، ويهدف البينالي السنوي ومنه مهرجان السينما وباقي الفقرات المترافقة معه شعرا ونثرا ومخطوطة وكتابا ورواية وقصة وحكاية ولوحة فنية وتشكيلية وكاريتيرا وعلما واكتشافا.. حول تمجيد شعار وقيمة الحرية واحترامها وتقديسها ويهدف افتتاح ببينالي الحرية السنوي ومهرجانه السينمائي الدولي إلى عرض مجموعة من الأفلام العالمية من الشرق والغرب والشمال والجنوب من التي تجسد معنى الحرية من ناحية والى إبراز شعار وقيمة الحرية كأول قاسم مشترك بين الشرق والغرب والشمال والجنوب عبر العصور قديمها وحديثها ووضع قيمة الحرية سينمائيا وثقافيا وعلميا كأول خطوة على صعيد بناء جسر بينهما وبدأ نسج أسس أول حوار للحضارات والثقافات في عصرنا الحديث وعالمنا اليوم " جيران في عالم واحد ".
وكان الشعارين المفترض تجسيدهما لهذا القاسم المشترك " الحرية " بين الشرق والغرب قديما وحديثا ويتصدرهما المهرجان السينمائي الدولي في بيناله السنوي وباقي فقراته :
•متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا " الشرق وحضارته العربية والإسلامية – عمر بن الخطاب
•قد أختلف معك في الرأي لكنني على استعداد للتضحية بنفسي من أجل الدفاع عن رأيك " الغرب وحضارته الغربية - فولتير "

وكان المهرجان سيتضمن إضافة إلى شعاره وما تقدم أبرز النجوم ومنتجات الأفلام العربية والخليجية والأوروبية والأمريكية والأسيوية العالمية التي تجسد مواضيع مختلفة عبر الشرق والغرب وغيرها من أفلام ومنتجات السينما الحرة والمستقلة التي تخدم كل الثقافات وقضاياها، وتبني الجسور ما بينهما إلى جانب التركيز وإبراز ودعم إبداعات ومنتجات أفلام الإمارات ومخرجيها وغير ذلك من تفاصيل عديدة.
كما أن مشروع المدينة العالمية هو من طرح وركز بشكل أساسي في فقرة مهرجان دبي السينمائي والبينالي السنوي على دعوته وتكامله أولا مع سينما وثقافة شبه القارة الهندية لأن دبي ومنطقة الخليج وجل المقيمين الغالب فيها من جمهور هذه القارة كعاملين أو كرجال أعمال وشركات إضافة إلى أن هذه القارة تتكامل مع منطقة الخليج وتؤثر فيها وتتأثر بها، كما أن هذه القارة وهذا هو الأهم بالنسبة لنجاح مهرجان دبي السينمائي في دورته الأولى واستمراره بعد ذلك، يحتاج إلى التنسيق التام معها لأنها تملك أساس نجاحه واستمراره سنويا وهو: - امتلاكها قاعدة سينمائية وصناعة سينمائية متقدمة - ومنفتحة على الغرب والشرق، لم تقدمها ولم تستثمرها باقي المهرجانات العربية والدولية في منطقتنا وهذا أول تميز لمهرجان دبي السينمائي.
والتمييز الثاني لهذا المهرجان كان سيعلن قيام وافتتاح وتشكيل أول نادي أو منتدى سينمائي – وتلفزيوني كبرلمان لحوار الحضارات والثقافات والإبداعات المختلفة يشارك في عضويته ليس فقط نجوم سينما وتلفزيون منطقتنا العربية بل أيضا نجوم القارة الهندية وأسيا ونجوم أوروبا وأمريكا وامريكا اللاتينية، ومعهم عضوية كبار مالكي الشركات السينمائية ووسائل الإنتاج السينمائي والتلفزيوني وتقنياتهما وكبار رجال الأعمال المعروفين بصناعة السينما وتقنياتها وكذلك التلفزيون، إضافة لعضوية كبار المثقفين الكتاب والنقاد والإعلاميين المشتغلين بالسينما وصناعاتها والتلفزيون وقضاياه، وسيكون مقره بالطبع في دبي وفروعه عبر العالم.
والتمييز الثالث والأهم بمناسبة هذا المهرجان وافتتاحه ودعما لكيفية تحويله لمهرجان سنوي متميز يمول الكثير من أنشطته بنفسه، كان سيعلن على هامشه وبمناسبة افتتاحه قيام وافتتاح وإنشاء أول مجمع ومعرض صناعي وتسويقي لكبرى شركات وتقنيات ووسائل إنتاج السينما والتلفزيون وديكورات السينما والتلفزيون في دبي لتتحول دبي ومهرجانها السينمائي لقاعدة ومرجعية وبوابة توفير احتياجات وسائل صناعة ومهرجانات السينما الدولية والوطنية العامة والخاصة في المنطقة والعالم عامة وربما تفتح المكاتب الإقليمية لكبرى شركات الإنتاج للعرض والتسويق وربما فيما بعد التصنيع لتصبح دبي بوابة تجارية وثقافية وصناعية للسينما في آن واحد ولتواكب تسويق هذه الصناعة وحاجاتها وتطوراتها،وهذا المجال سيحول المهرجان وعروضه ودبي إلى مكانة هوليود مستقبلا بما تتميز به دبي من سمعة وخبرة عالمية في تسهيلات وتسويق تجارة حرة بأفضل الأسعار وبتكاليف مناسبة.
إلى جانب كل ذلك كانت فكرة العروض السينمائية في الهواء الطلق وفي الحدائق العامة وفي أماكن تجمع الناس التي اعتمدها مهرجان دبي السينمائي الدولي إضافة إلى فكرة عروض سينمائية في مناطق الآثار ومباني التراث وبأسلوب العتمة والإشراق وغيره احد مقترحات مشروع المدينة العالمية لإشراك اكبر قدر من جماهير دبي من أبنائها والمقيمين فيها ومن شعب الإمارات الكريم والمقيمين فيها وكذلك من ضيوفها ليشارك الجميع في الحوار ما بينهم
ومع الآخر وحسن فهمه وبناء جسر معه وليصبحوا جزء من روح ووسيلة المشهد الثقافي والحضاري الخليجي والعربي والعالمي لأنه هم الوسيلة والهدف في كل هذا الحوار والمستفيدين الأوائل منه والمؤثرين والموجهين له.
ومع كل ما تقدم فإن مهرجان دبي السينمائي الدولي السنوي الذي تم افتتاحه واختتامه اليوم انتقى وأعتمد كثيرا على إستراتيجية شكل الإقتتاح المبهر والبريق وإغراء حضور النجوم العرب خلال حفل الافتتاح وخاصة اعتماده على نجوم مصر المعروفين، وتصور أن ذلك هو ما سيحقق له النجاح الأمثل إضافة لجهوده في اختيار وتوفير أفلام متنوعة مهمة أو ذات شهرة دولية والتي شملتها أقسام المهرجان.
لكن كل ذلك مع كل التقدير له لا يحقق النجاح الأمثل، ما يحقق النجاح لأي مهرجان من هذا النوع هو الجدية العالية والاستمرارية مع الخبرة إضافة إلى توفير قاعدة سينمائية وصناعة سينمائية إلى جانب التنظيم والتنسيق المحكم والدقيق وهذا لا ينجز بالإبهار والإغراء بل كيف توفر كل ما تقدم من شروط مع حسن امتلاك واختيار أفلام ذات محتوى جيد وراقي على أن تكون إدارة المهرجان متميزة في خبرة وتنظيم عرضها وفن استقطاب جمهور يواظب على حضورها وتزداد نسبة حضوره ومشاركته وخاصة الجمهور المحلي من بلد المهرجان ومبدعيه ومن هم عل طريق الإبداع أو لهم اهتمامات سينمائية ويحتاجون لمن يوفر لهم الفرصة والدعم، إضافة إلى المقيمين وضيوف المهرجان.

وختاما فإن الانتقائية من أي مشروع إذا لم تكن مستندة وقائمة على نفس السياقات التي اعتمدها المشروع وجوهر فكرته فإنها لن تصيب النجاح المطلوب وهذه شبه قاعدة عامة ولا يقاس بها أي استثناء، فكيف بمشروع مدينة عالمية للثقافة والعلوم والحرية والإبداع كل فقراته تمثل ترابطا وتكاملا وانسجاما ومناخا ومضمونا وعالما قائما بذاته يعتمد نجاح كل فقرة من فقراته على تناغمها مع الأخرى وبناء جسر من التواصل والمعاني والفعاليات والإبداعات الثقافية والعلمية التي تكمل المعنى والأثر الكلي الخاص والعام لها وتشكل جوهر وفلسفة وآلية المشروع في تجسيد وتحقيق رسالته في قيام أول مدينة عالمية تعج بالحياة وبأجمل الفنون والعلوم تؤسس لحوار الحضارات والثقافات وبناء الجسور بينها عبر إبداعاتها وكنوزها المتنوعة وفي مناخ من الحرية العالمية من ناحية وترسخ مكانة دبي كعاصمة فريدة للنور والحرية تتزاوج فيها الثقافة والعلوم والتجارة على أفضل الوجوه من ناحية أخرى...
وكان هذا المشروع قد حط رحاله في دبي، بعد أن طاف المشروع على تجربة لبنان وبيروت وكيف أصبحت عاصمة للثقافة والعلوم والتجارة ومدينة للنور والحرية والتألق في المنطقة وعلى الخريطة العالمية حينها، ثم طاف المشروع ونهل كثيرا من فرنسا وباريس عاصمة النور والحرية زمن مالرو وما بعد مالرو وطاف المشروع بعد اسبانيا والأندلس بالطبع بمراكز ومدن أوروبية غربية وشرقية وبمدن ومراكز أمريكية وأسيوية، وتأسست له قبل كل ذلك عوالم وثقافات نهلت من حضارات وفنون وعلوم بلاد الرافدين ومسلة حمو رابي وما بعده، ومن بلاد وادي النيل وفنونها وإبداعاتها، وطاف ونهل من بلدان الخليج وفنونها وأساطيرها وكذلك من بلادنا العربية وفنونها وتراثها، وكان للإسلام وبلدانه ومذاهبه وفنونه وعلومه وفلكلوره نصيبه في هذا المشروع كما كان للتراث العالمي وأثاره البارزة وكذلك لجامعات وعلوم العالم واكتشافات الفضاء وأساطيره مكانا كبيرا في المشروع ومدينته العالمية، والمشروع له عضويته الذهبية والفضية والبرونزية والخاصة والكريستال وبرلمانه العالمي ونظام التمويل والوقفية المالية واستثمار وديعتها إلى جانب أنشطة سنوية على هامش المدينة العالمية كقيام مجمعات ومعارض وأسواق ومهرجانات تسوق وعرض وبيع للصناعات والتقنيات والمنتجات المختلفة المرتبطة بكل فقرة من فقرات المدينة العالمية.


[email protected]
Tel : 00971505717944