(ليس لعنوان المقال علاقة مع موجة الذبح المنتشرة فى العراق)!
يوجد هنا فى بلا د الفرنجة أغانى مخصوصة للأطفال قبل النوم، وهى أغانى لطيفة خفيفة ذات إيقاعت هادئة، وأحيانا كنت أنام مع بناتى على أيقاع تلك الأغانى، وغالبا ما كنت أنام قبلهن !! وقبل أن أهتدى الى تسجيلات تلك الأغانى كنت أعانى الأمرين لوضع البنات للنوم المبكر، و كنت أحيانا أحكى لهن قصص من خيالى وتأليفى، وهى قصص شخصية "عقلة الصباع" وكن يسعدن ويقهقهن بشدة ُتطير النوم من أعينهن، وكانت تلك القصص تجعلهن أكثر أنتباها وأستيقاظا، لذلك فكرت أن أغير من تكتيكاتى وأن أغنى لهن "أغنية قبل النوم"، ولكنى أستبعدت الفكرة بسرعة نظرا لأن نشاز صوتى قد يجعلهن يهربن ليس من السرير ولكن من البلد كلها، وثانيا وهو المهم أن أغنية قبل النوم الوحيدة التى أعرفها هى أغنية "نام نام وأدبح لك جوزين حمام"، والتى كانت تغنيها لى والدتى (رحمها الله) ، ولما حاولت أن أترجم كلمات الأغنية الى الأنجليزية لكى أغنيها لبناتى، أستبعدت موضوع الترجمة تماما لأن البنات قد يبلغن أقرب مستشفى مجانين لأختبار صحتى العقلية، ووجدت نفسى أتسائل بموضوعية لأول مرة فى حياتى عن معانى تلك الأغنية لأنها ترسى مبادئ هامة فى التربية:
أولا: لست أدرى لماذا حرصت أمى على أعطائى (جوزين حمام مدبوحين) رشوة لكى أنام، لا بد وأنى كنت غاية فى الأزعاج، لكى أستحق تلك الرشوة، وأعتقد أن هذا صحيح لأن أمى أيضا كانت تقول لى أن:"نوم الظالم عبادة" هذا أذا نمت (قيلولة) بعد الظهر.
ثانيا: لماذا أعتقدت أمى أن هناك عداء مستحكم بينى وبين الحمام، الأمر الذى قد يضطرها الى أن تذبح لى جوزين من أعدى أعدائى (الحمام).
ثالثا: لماذا أستخدمت هذا التعبير الدموى الأرهابى "أدبح لك" بدلا من "أطبخ لك" أو "أشوى لك" أو "أحشى لك".
رابعا: من أين سوف تأتى بكل هذا الحمام، اذا كانت سوف "تذبح" لى كل ليلة أنام فيها (جوزين) (يعنى أربع حمامات مفرد).
العذر الوحيد أن أمى لم تؤلف الأغنية، وأنه ربما تعلمت الأغنية فى قريتها عندما كانت طفلة لا تريد أن تنام.
وموضوع الذبح والقتل والموت منتشر فى كثير من اللغات ومن بينها اللغة العربية فى الكلام العادى المتداول يوميا، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
* على بن أبو طالب قال :"لو كان الفقر رجلا لقتلته"، ولا أدرى لماذا لم يقل على سبيل المثال:"لو كان الفقر رجلا لتفاهمت معه أن يخفف وطأته قليلا" أو "لو كان الفقر رجلا لذهبت الى البنك وتبرعت له بقرشين"، أو" لو كان الفقر رجلا لطلبت منه أن يبطّل فقر"
* يقول المحب لمحبوبته :"أنا بأموت فيكى ياحبيبتى"، "وبأحبك موت"، "وانشا الله تعدمينى ما حبتش قبلك و لا بعدك".
* ويقول الأب لطفله : "لو ما ذاكرتش حأموتك من الضرب".
* وتقول مطربة الدرجة الثالثة (محاسن الصدف) مخاطبة حبيبها: "قطعنى حتت... وأرمينى فى الزيت يا عبده".
* ويقول الصديق لصديقه :"أما شفت حتة فيلم "يموت" من الضحك".
* حتى المطربة الأمريكية تقول فى أغنيتها المشهورة:
"Killing me softly with his song”
وأذكر أن أبنتى الصغيرة جاءت لى يوم "عيد الأضحى" وسألتنى عن مناسبة العيد ولماذا يحرص المسلمون على التضحية بخروف العيد، وشرحت لها قصة سيدنا أبراهيم أنه رأى فى المنام أنه "يذبح" أبنه أسماعيل، ولما هم فى الصباح بذبحه أنزل الله عليه "خروفا" من السماء كى يذبحه بدلا من أبنه، ولهذا أصبحت الأضحية من سنن العيد، لكى نتذكر تضحية سيدنا أبراهيم فى طاعة الله. وبعدها سألتنى أبنتى سؤالا مباشرا ومحرجا:
"اذا حلمت أنك تذبحنى، هل ستصحو فى الصباح تحاول ذبحى بالفعل؟"
فقلت لها :"بالطبع لأ "، ولما سألتنى عن السبب قلت لها :
أولا : أنا أحبك جدا.
ثانيا : أنا لست نبيا.
ثالثا: أنا مش ضامن أنه ينزل علىّ خروف من السماء فى بلاد الفرنجة !!
ورابعا: أنا مأ قدرش أذبح فرخة.
والى قرائى الأعزاء :"يجب أن تعرفوا أنى بأحبكم موت"!!
انقر على ما يهمك:
عالم الأدب
الفن السابع
المسرح
شعر
قص
ملف قصيدة النثر
مكتبة إيلاف
التعليقات