لاشيء يعلو على موضوع الإرهاب، العالم كله يتأمل ويدرس ويراقب ويلاحظ، لكن هذا الفيروس ينتشر كالنار في الهشيم ، من دون كابح أو رادع.يحاولون أن يطفئوا بعض حرائقه هنا، لتشتعل نيرانه هناك، ومابين الهنا والهناك، تكمن التفاصيل ضاحكة برمةً من كل هذا الذي يتم ويحدث.


العالم نظريا
أية موازنة يمكن الحديث عنها في ظل الشد والجذب الذي يقع فيه العالم، وأي الأطراف اللاعبة بشكل رئيس في هذا الحقل المستعر.النظرة المباشرة تفصح عن تقابل يذكر بمسلسل الأفلام المتحركة توم و جيري.حيث التقابل على أشده بين النظام الأميركي الرسمي، بكل أجهزته ومؤسساته الإستخبارية والأمنية، بإزاء القوى الأصولية من المتأسلمين ، والمستندين الى لعبة التخفي والتستر في الضرب الى الحد الذي بات العملاق الأميركي يشكو من شدة الوجع ، من ضربات عدو مجهول غير محدد التفاصيل أو القسمات، يبادر ساعة يشاء وأين يشاء. مواجهة كأنها مستمدة وبالتفصيل الممل من تنظيرات البروفسور (( هنتنغتون)) والمستندة الى موضوعة صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي.
أين تكمن المشكلة ؟ وفي أي نطاق؟ وماهي الحدود التي يمكن التجوال فيها من دون أن تنكون متصادمين مع النقاط الحمراء وألأشواك والعقبات، التي تفرض بحضورها على واقع إستقراء أية ظاهرة، لدى الطرفين الموضوعين قيد الدرس، والممثلين بالليبرالية والأصولية.ماهو أصل المشكلة القائمة ، وأين يكمن الخلل الذي يقود الى كل هذه الكراهية ، والتي تتجلى في عمليات الموت المقصود من دون إقتصاد، بل أن إتجاهات التصادم صارت تعلن عن نفسها ، بمباشرة ملفتة تستدعي من العالم أن لا يكتفي بالدرس واالملاحظة فقط، بل أن مسؤولية أخلاقية وتاريخية صارت تفرض بحضورها، على كل هذا النزيف الذي يهدد الإستقرار والسلام العالمي.


الإختلاف في السياقات
المطالعة الأولى لكم التصريحات الهائل والواسع والكبير، راح يركز على موضوعة رفض العداء للإسلام، على أقل تقدير هذا مايصرح به قادة وزعماء الغرب الليبرالي، حتى أن جورج بوش الإبن لم يتردد من زيارة أحد المساجد الإسلامية ، في أعقاب الحادث السبتمبري، ليصرح من هناك على أن مسلمي الولايات المتحدة ، هم جزء من النسيج الثقافي الذي تقوم عليه أميركا. بالمقابل نجد الأصوات في العالم الإسلامي، وقد تعالت من أجل الإعلان عن رفضها وشجبها للإرهاب. لكن هذا التوافق على الشجب والإستنكار والرفض لكل ماهو إرهابي ومتطرف، يبقى يدور في فلك التفاعل المنقوص، حيث الحلقة المفقودة ، والتي تحتاج الى المزيد من الصراحة والجرأة من أجل تقديم الموضوع ، بكل تفاصيله على دائرة البحث، من دون الوقوع في دوامة التداخل في المواقف، والمستندة الى المعلن والمستور.
الوضع خطير من دون ريب، والعالم على كف عفريت، وعلى هذا فإن السؤال الأهم يتعلق وبمباشرة وبوضوح، حول من هذا الذي تجرأ لمساعدة العفريت للخروج من القمقم، حتى تبدى ماردا مخيفا، يهدد الجميع من دون رادع ولا إعتبار.وماهي العوامل التي ساهمت في هذا التأجيج والإضطراب، الى الحد لذي راح فيه العالم يعيش الإنقسام والإضطراب والخوف الشديد من المجهول.وعلى الرغم من حالة العداء المستحكم الذي شمل طرفي الحرب الباردة والمستندة الى التقاطع العقائدي والأيديولوجي، إلا أن ثمة تطمينات كان يتم الحديث عنها ، كالخط الساخن المتعلق بقضية الضربة الذرية، إذا ما فكر أحد طرفي النزاع في تنفيذها. لكن اليوم نجد الصراع وقد إتخذ اللبوس المختلف، حيث تختفي ساحة الصراع أصلا، لتكون المبادرة بيد القوى المتطرفة ، والتي تقوم بإمساك قواعد اللعبة بيدها ، حيث الإختيار للزمان والمكان ونوع الهددف وطبيعته.


موجهات الكراهية

ماهو المكمن وراء كل هذه العدائية التي يكنها المتطرفون نحو الغرب ، ولماذا يصل الأمر الى حد التضحية بالنفس من أجل تحقيق الأذى في الجسد الغربي، والممثل بالمصالح والإمكانات والقدرات، هل هي الكراهية التي تحفز هؤلاء، ولماذا تكون بهذا القدر والحجم؟وماهي الأسباب والدوافع التي تجعل من الكراهية متجلية بكل هذا القدر من السوداوية والظلامية؟أسئلة تم طرحها في صميم الأزمة الى الحد الذي جعلت من عمدة نيويورك يشتاط غضبا، عندما ووجه بها!!أين الإستهداف وماهي الغاية الغاية الكامنة وراء تلك الفعاليات الإرهابية، هل أضحى الرخاء والحريات التي يفخر بها الغرب، غاية لقوى الإرهاب، أم أن الأمر يستدعي تأملا من نوع جديد لابد أن ينهض به الغرب من أجل إعادة النظر في الترسيمات والعلاقات والموجهات التي تحتكم إليها إرادة صنع القرار الغربي ، وعلى مختلف الأصعدة.
ترى هل هناك مجال لفرض مساحة الكبرياء ، بإعتبار أن الغرب لن يكون مدارا لإبتزاز الشراذم والقوى الإرهابية ، الى الحد الذي يجعل منه متوجها الى التفكير الجدي والعميق بتغيير مواقفه وسياساته ورؤاه وتصوراته حول العالم.خصوصا وأن الرهانات والتحديات والإرادات التي تحكم الغرب ، تنطوي على المزيد من نقاط الموازنات المختلفة الى حد التقاطع مع الآخر ، بل أن سوء الفهم بين الآخر الغربي والذات العربي الإسلامي، تتركز فحواه في هذا الجال الذي ظل عصيا على ردم هوته السحيقة والعميقة.هذا إذا ما أخذ بالإعتبار طبيعة السياقات والأنماط الثقافية الحاكمة والمستحكمة لكلا الطرفين.
هل تقلصت حدة المواجهة، وهل ثمة أمل بالوقوف على بصيص أمل لنهاية طغيان الإرهاب الذي راح يجتاح العالم الى الحد الذي راحت الأدبيات السياسية ، تتحدث عن نحت مصطلحات من نوع ؛ عصر وزمن ومرحلة الإرهاب. فيما تتوسع مساحة الدائرة، لتشمل المعلن والمخفي ، في كر وفر وتصعيد وغنتظار ، لاينجم عنه سوى الخوض في المتاهة التي تدعو الى التحصن في المواقع، بإنتظار المفاجئة التي لا بد أنها ستروع العالم .وإذا كان المفتتح قد تيدى في البرجين ومبنى البنتاغون، فإن تفخيخ العالم راح يطال المزيد من المناطق، الى الحد الذي يتبدى فيه في أشد حالاته كآبة وقنوطا.خصوصا وان معطيات التفسير المباشر لطرفي الصراع تنطوي على الإلتباس والتنميط لجاهز، فهذا يرى في الغرب أداة للقوة والهيمنة يجب كسر شوكتها ، بكل ماهو ممكن ومتاح، وذاك ينظر الى المرجعيات والحوافز العقائدية التي تحرك المتطرفين ، بإعتبار ترصد مجال العنف، وبين هذا وذاك يتم خلط الأوراق بطريقة تدعو الى الرثاء والعقم والجدب.


[email protected]