"لروسيا الآن سبب أكبر لكي تصغي لما لدى إسرائيل أن تقوله." (مسؤول إسرائيل لهآرتز، في 4 سبتمبر.)


خبران مرا مرور الكرام في زحمة الأحداث المتسارعة والمتزاحمة ما بين الانتخابات الأميركية وأحداث والعراق وفلسطين المحتلة والرئاسة اللبنانية ومذبحة "بلسن". الخبر الأول هو نشر بعض وسائل الإعلام أن عددًا من المشاركين في عملية احتجاز الرهائن في "بسلن" ربما يكونون عربًا. أما الثاني فهو اتصال شارون الهاتفي بالرئيس بوتين معزيًا وزيارة وزير الخارجية الروسي إلى القدس المحتلة وتحول موضوع البحث، على الأقل في قسم منه، من أزمة الشرق الأوسط عامة، إلى موضوع "الإرهاب الدولي"، حيث يأمل المسؤولون الإسرائيليون أن "يقتنع الروس أن ما يواجهونه ليس أزمة محلية بل جزءًا من الخطر الإرهابي الإسلامي العالمي.”
بالرغم من نظريات المؤامرة، والعديد من الخيوط المتقاطعة والتي أشارت في وقته إلى احتمال ضلوع أطراف إسرائيلية في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، فليس ثمة إثبات على ذلك، ولا على ضلوعها في أحداث "بلسن." ولكن لا يجب أن يكون ثمة شك في أن إسرائيل كانت المستفيد الأكبر من أحداث سبتمبر، وربما ستكون أيضًا المستفيد الأكبر من أحداث مجزرة "بلسن"، وفي هذا انعكاسات سلبية على العالم العربي برمته.
في قصة "النبع" للفيلسوف الأميركية "آن راند"، يقول أحد شخصيات الرواية: “ليس لدي الوقت لاقتلع كل عشبة ضارة، لهذا أرش مبيدًا يمنع أن تنبت مثل هذه الأعشاب." لقد نجحت المؤسسة الإسرائيلية في تصويرنا كأعشاب ضارة وهي تقدم نفسها خبيرًا في إبادة مثل هذه الأعشاب.”
لا نعرف ما إذا كان ثمة عرب بين الخاطفين، ولكن وجودهم أو عدمه ليس بذي أهمية فالخبر قال "ربما." وكذلك كان الأمر يوم فجر "تيموثي مكفاي" بناية أوكلاهوما. فالأخبار الأولية قالت "ربما يكونون عربًا." إن كون اسم العرب، واليوم المسلمين، اسمًا قابلاً للربط في كل ما هو إرهابي، بحيث أن الشبهة تتحول إليهم أولا، ولا تزول عنهم إلا في الاستثناء، هو مبيد الأعشاب الضارة الذي نجحت المؤسسة الإسرائيلية في رشه في أصقاع الأرض بحيث أن أية عشبة تحاول أن تظهر العرب بمظهر حسن أو إنساني لن تكتب لها الحياة.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فلا بأس إذا اقتطفنا عبارة آريل شارون في افتتاح جلسة مجلس وزرائه أمس الأحد حين قال: " هذا هو الوقت الذي يجب فيه أن تتحد قوى الحرية والخير والإنسانية في مواجهة هذا الوباء الذي لا يعرف حدودًا." لقد نجح شارون في استبدال الادوار، فالإرهابي الأول في الشرق الأوسط يدعو للإنسانية!
من المتوقع جدًا أن تدخل إسرائيل قريبًا جدًا في شراكة مع روسيا من أجل محاربة ما تسميه بالإرهاب الدولي العربي- الإسلامي. بهذا تكون إسرائيل قد نجحت في وضع رؤيتها هي للأحداث والتاريخ والمستقبل في قلب رؤية كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا. ورؤية إسرائيل هي أن كل الإرهاب سببه التكون الجيني للعرب والمضمون الديني للرسالة الإسلامية. وهي في هذا ربما لن تلقى معارضة من بعض الروس في أعلى مراكز القرار الذين يهمهم نفي أية مسؤولية لروسيا في تكون حالات إرهاب أصولية في بلاد الشيشان نتيجة القمع الروسي في تلك البلاد، وبالتالي سيجدون في التبرير الإسرائيلي مخرجًا من أزمة سياسية وأخلاقية لا فكاك منها.
هل كان ثمة عرب بين الخاطفين؟ ليس هذا هو السؤال. السؤال هو إلى متى نبقى أعشابًا ضارة تزال بالمبيدات.