لم تطل عمليات الإرهاب شخص الرهينتين الفرنسيين فقط، الصحفيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو، لكنها شملت بلدا بأسره من شماله إلى جنوبه، وقتلت خيرة أبنائه، ودمرت بناه التحتيه، وأضرت بعملية الأعمار التي خطط لها لإعادة بناء بلد دمرته حروب الدكتاتور العبثية، وأسست لنهج عدواني تخريبي باسم الدين الإسلامي. ونجح هذا المخطط العدواني المشبوه في نشر دعاية مضادة لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتشكيل جبهة معادية له في جميع دول العالم. ونجحت قوى الظلام المتخلف الممثلة في المسميات الغريبة على الدين الإسلامي، ك ( الجهاد الإسلامي ) و ( الجهاد والتوحيد ) و ( جند الإسلام ) وغيرها من المسميات الجديدة، فيما لم تنجح به قوى أخرى معادية للإسلام. وقد أسست لكل تلكم الأعمال الإرهابية ( منظمة القاعدة ) التي كانت نتاج الحرب الباردة من قبل ( إدارة المخابرات الأمريكية ( CIA. وقد أماطت حادثة الصحفيين الفرنسيين اللثام عن نوايا كانت مختفية تحت أقنعة مختلفة عند البعض من الناس، وهتكت أسرار البعض الآخر. وبينت للجميع كم هو رخيص الدم العراقي عندما لا يكون فيه نفع لمن يتاجر بالأخلاق والشعور الإنساني، وعرف القاصي والداني كيف يتم تجزئة الشعور الإنساني، وتعرض الأخلاق المصطنعة في سوق التجارة الدولي.
ويعرف الجميع أن كل المثقفين العراقيين، أو أي إنسان عراقي سوي،لا يرضى بأن يمس إنسان على وجه الأرض بحجة أو بأخرى، وليس فقط بما طرحه القتلة من نتاج ( بن لادن ) وقاعدته الإجرامية. لكن هناك أرواح بريئة عدة ذهبت تشكو ظلم المتأسلمين والمتجاوزين على الدين من خوارج العصر الجدد دون أن يخرج علينا الناطق الرسمي باسم العلماء المسلمين ( محمد بشار الفيضي ) ليتوسل بصنائعهم من المرتزقة الأجانب، الذين زرعوهم على أرض بلادنا، وتركوهم ينهشون لحم أبنائنا وبناتنا ويستبيحون أرضنا باسم الدين الذي هو براء منهم جميعا بإطلاق سراح الرهائن.
ويظهر الناطق الرسمي باسم الهيئة في مؤتمره الصحافي في بغداد، بعد أن أكد على أن الهيئة ( تعرب عن خشيتها على حياة الرهينتين )،عن قلقه على حياة الرهينتين الفرنسيتين، وهو خوف مشروع نشترك والهيئة فيه ونتمنى أن لا يحصل مكروه لأي كان. لكن لم لم ْ يعرب الشيخ وهيئته عن خشيتهم على حياة 25 مليون عراقي مهددة يوميا بسيارات ( ضيوف الشيخ ) من القتلة والمجرمين من ذيول القاعدة. ويعود الشيخ ويعترف أمام الرأي العام بعلاقة هيئته بالمختطفين، عندما يقول :
( للأسف الشديد ليس لدينا قنوات اتصال مباشرة مع المختطفين )، وهو اعتراف ضمني كان يودي به إلى الموت في زمن سيده السابق ( صدام حسين ) الذي كان يدعو له هو وهيئته بالنصر ليل نهار، ووقفوا معه في كل جرائمه وأعماله المشينة ولا زالوا يعتبرونه ( الرئيس الشرعي للعراق ).
ولأن أرواح الفرنسيين عزيزة جدا على هيئة علماء المسلمين كون فرنسا ( الدولة الصديقة ) للعروبيين فقد أرسل مجلس شورى ( أهل السنة والجماعة ) رسالة للمختطفين تقول ( نحن نعتقد أن قتل هاتين الرهينتين لن يكون فعلا صحيحا ). لكن أي احد من الهيئة ( الموقرة ) لم يحرك ساكنا عندما نفذ القتلة من أدعياء الإسلام جريمتهم في اثني عشر مواطنا نيباليا، وأضافوا جريمة أخرى لجرائمهم العديدة باسم الإسلام الذي هو منهم براء.
ولم يكن الشيخ الفيضي هو الفارس الوحيد في حلبة الدفاع عن الرهينتين الفرنسيتين بل كان هناك فرسان كثر ظهروا على شاشات الفضائيات العربية يتصدرهم صاحب جامعة العرب في القاهرة ( السيد عمرو موسى)، وخرج ( الرئيس عرفات) من عزلته المفروضة عليه ليدلي بدلوه هو الآخر في هذه المسألة، أعقبه ( القائد القذافي)، و( الداعية الإسلامي
سلمان العودة).
ولم ير أي من المتابعين للفضائيات العربية يوما ما صورة عمرو موسى وهو يدعو القتلة للانسحاب من العراق وترك أهله بسلام. أو أن (الرئيس عرفات) يرجو مواطنه الموغل في الأجرام ضد العراقيين الأبرياء ( أحمد فضل نزال الخلايلة ) والملقب ب ( أبو مصعب الزرقاوي ) بترك العراقيين وشأنهم، ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم دون تدخل من احد. وليكف عن القتل والتدمير باسم الدين، وليوقف كره العراقيين ل ( قضية العرب الرئيسية ) بعد أن أشبعهم ابن الخلايلة قتلا وتدميرا.
لكن صورة الغضب المرعب التي ظهر فيها المواطنون النيباليون في العاصمة النيبالية كوتامندو، تثير في النفس أكثر من شجن، وهم يعتدون على المقدسات الإسلامية فيها ويهجمون على المؤسسات العربية لتخريبها، وهي أبلغ صورة على وصول رسالة الإرهاب الإسلاموي للعالم، كأبلغ دعاية مضادة للعرب والإسلام والمسلمين.


فيينا / النمسا