ذُبح النيباليون بدم بارد، إثنا عشر مخلوقا اعدموا من دون أن يرف لقتلتهم جفن، أو تهتز شعرة في أبدانهم، قُتل النيباليون فمن سيرثيهم، ومن ذا الذي سيقف نادبا وباكيا على جثامينهم.هؤلاء النيباليون تكمن مأساتهم في أنهم حلموا بالدولارات الشحيحة ، التي كانوا سيحصلون عليها من إدارة قوات الإحتلال، فتكسرت أحلامهم على يد الإتجاهات والرؤى المتقاطعة.جاؤا يطبخون لكنهم ماتصوروا أنهم سيكونون مادة للطبخ ، في حالة من الإضطراب وتداخل الخنادق، وهم البسطاء والمعوزين والبائسين المكتوب عليهم الشقاء والتعب والمسغبة .قتلوا وهم لايعرفون من السياسة ألف باءها من يائها ، لكنهم كانوا هناك ففقدوا ما فقدوا.وإذا كانت المقولة الصينية تشير الى (( ولدوا وتعذبوا وماتوا)) فإن هؤلاء، (( طبخوا وأختُطفوا وماتوا)) ومابين هذا وذاك فرق كبير.


هناك فرق!!
من النيباليين الى الفرنسيين ، يتبدى الفرق الهائل والقسمة الضيزى التي يتحرك بها هذا العالم الصاخب المدمدم، والذي لا يعرف رحمة أو شفقة ، ولماذا تسير الحياة لصالح الأغنياء والمترفين، وإلا تعالوا نتطلع في هذا الصخب والعناية والرعاية والإهتمام والعصاب الرهيب والكبير الذي يغلف قضية الرهائن الفرنسيين، فيما صمت العالم طرا بإزاء المساكين والمدقعين، والذين راحوا وسط الزحمة،ليكون نشر خبرهم مجرد إتمام لمهنية صحفية ، لا تبغ سوى متابعة الأحداث والشواغل وترصد الغريب والعجيب.لكن في غياب هؤلاء لا عجيب ولا غريب، فهم الميتون الأحياء والأحياء الميتون ، وما الفرق إن ماتوا أو عاشوا. هم جاؤا الى قدرهم بأقدامهم فأخذوا نصيبهم من هذه الدنيا.النيبال ليست فرنسا، بل أن العالم لايعرف إسم عاصمتها حتى ، لاباريس فيها ولابرج إيفل وشانيل وإيف سان لوران ولا بريجيت باردو، ولا السين ولا الشانزليزيه.
مسكينات أنتن أيتها الأمهات النيباليات، موؤدة أحلامكن وسط زخم التداعيات والحنق والغضب العارم الذي استبد، ليكون الوجع واقعا بكل ثقله عليكن، ولكن لا ضير من تراكم الوجع، فتلك عادة تجرعتموها من المهد وستأخذونها وإياكم الى اللحد ولكن بعد أي عمر ، الطويل أم القصير!!الجميع تعاطف وشمر عن ساعديه وعبر عن أسفه وتضامنه مع أشقاء الروح الفرنسين، فيما أطبق العالم بالصمت المرين بإزاء هؤلاء الذين لاتتيبن ملامح مكان إنتمائهم على الخريطة.فمن أي حد والى أي مجال يكون مسير هذا العالم القاسي والجاحد، الى الحرية والتسامح والغفران والمحبة ، أم الى المزيد من القتل المجاني، وصخب الشعارات ، وتحويل المعاني الكبرى الى مجرد حقل ألعاب، لا يفتأ هذا أو ذاك من الإندراج في متاهاتها، لتكون العواقب وقد مدت بظلالها المعتمة على الواقع.


الظالم والمظلوم
أية غيمة سوداء تلك التي تنشر بظلالها على الراهن الذي نعيش، وهل العالم يعيش ، أم أنه يسير الى الحندس المظلم ، حيث الثقب الأسود الهائل الذي لاقرار له.ومن الضحية ومن هو الجلاد ، ومن الظالم ومن هو المظلوم، الجميع بات يتساءل وبإصرار من أجل الفهم ، فالمتعلقات صارت تمس تفاصيل المواطن العادي، بعد أن كانت تهديدات السياسة ورزاياها ومشكلاتها وقفا على النخبة.ومن واقع هذا التعميم الذي راح يطال في طريقه كل شيء المتشرد وقائد الدراجة الهوائية والسائح والموظف، يكون الإنقلاب في الصورة ، فالنخبة باتت اليوم في منأى عن الضرر والأذى، في حين أن الناس العاديين غدوا بمثابة الهدف الأسهل، لإمرار الشعارات التي تحيل العالم الى جحيم لا يطاق.وبين هذا وذاك يكون التحدي الأكبر وقد توقف تحديدا عن الإسلام، ولا شيء غيره.فالجميع متعلق بتكرار التسمية من دون النظر في المعنى، الى الحد الذي بات نطاق التشوهات يتوسع بشكل لافت، بل أن الإتهام الجاهز صار يطال الدين الإسلامي، وبمباشرة غير مسبوقة، بعد أن برعت قوى الظلام في تجرؤ الآخرين على مهاجمته، استنادا الى الوقائع والأحداث التي تترى ، وسلسلة الإدعاءات المجانية الصادرة من هذا الطرف أو ذاك، تحت اللافتة الإسلامية.حتى صار الإسلام وعلى يد هؤلاء ماركة وعلامة لتسويق الرعب.
سلسال الإرهاب الذي يطال العالم، راح الجناة فيه يتقمصون شعارالإسلام ، في تجن غير مسبوق على دين سماوي ، الى الحد الذي راح المواطن العادي يتساءل عن الغاية والهدف الكامن وراء هذه الأفعال، وهل هي تدخل في خدمة الإسلام أم بالضد منه؟ومن واقع حساب الحقل والبيدر، يكون الوقوف على المعطى الكامن الذي يحدد مسار قوى الظلام ، في توجيه مسار الكراهية والعداء وتكثيف الإتهام نحوه ، في طريقة عجز عنها ألد أعداء الإسلام للنيل منه.ليبقى السؤال المفتوح، حول كل هذا الحماس المفرط، هل هو يندرج في خان سلامة النوايا، أم هو توافق تآمري القصد منه التشويه والنبذ والإقصاء والإلغاء.
[email protected]