" انه لم يغن هنا / يصنع الموسيقى /
لان لا احد توقف ليستمع "
شاعر استراليا مايكل درانزفيلد

[ انتخب فرحكم، وارمي اوراقي الصامتة بيضاء نظيفة كما الحرية في صناديق الاقتراع، لا اسم لا عنوان لا ملامح لبياضها غير صمتي، فانا انتخبت الصمت منذ عرفت حزن نخلة وقعت ببصمة سعفها على شواطئ الفرات، فلم يمحو الموج بصمة اصبعها ولا استكثر الجريان الابدي ان يحفر حروف صمتنا على اديم النهر، لا انتخب الا فرحكم ولا اختار من الاسماء الا بياض الورقة، واختار الحزن صوتا لا يسمع ترتيله المصلين، هكذا كان الصمت صوتي انا الهارب من بلاد تحارب الصمت ويكتب كلماتها المصفيق، ابحث عنه في الزوايا القانطة ولم اجده لا في الجرح ولا في السكين، الصمت كل مملكتي، هكذا ما زلت انتخب صمتي وافرح بين صراخكم، كل الكلمات التي قلتموها كان اجهلها اجملها واقبحها اكثرها بلاغة، كل الخطب الطنينة لا تكف لخسارة صرير اسنان او صفقة باب، اه ..كيف احمي الصمت من ثرثرة الاحبة؟ كيف احمي المحو من كشف المسرات المهملة ؟ كيف امضي بلا احبة او خصوما ؟ كيف امحو الحياد بين حروب الرحمن والشيطان كي لا يقحماني من ممالك صمتي الى كلماتهم ؟ انتخبكم ولا ارمي بين صناديقكم غير دمعة

مثيلوجيا الصناديق: صندوق موسى وصندوق سرجون

هذه الايام التي تضع الوليد " المنبوذ" في صندوق تهربه الامواج على اديمي الفرات والنيل (كما تقول قصة موسى وقصة سرجون الاكدي، وهي ذات القصة ونفس الاسباب والاحداث، الا انها تختلف بالنهرين، الفرات والنيل ) . نفس المثيولوجيا وهي تولد، على علاتها، فرحة اعداد كبيرة، لم تفكر بالتفاصيل والقوانين والبرامج والافكار والاشخاص، كما شاء امثالنا افساد الفرح والعاطفة بمفصلات العقل والتحليل، هكذا يبدو الفرح دائما لا يقرا ولا يكتب، فان لا يواجه الرعشة بطيبة كبش ورعونة ثور وغفلة كشف افسدها وغادرها، الفرح اميّا كان وسسيبقى، والحب هو الاخر عديم العقل والاتزان والرشاد، الصناديق تحمل الولادة المثيولوجية / قلنا انها ليست من بناة العقليات والمفاصلات والتجاريد الموحشة للافكار، وهي تفسد كل مرة افراح فقدت عقلها وخلخلة رغبتها بالتقصيلات والافكار، كل شيء تعطله استعادت الجنة حيث كل فرح جنة، المواطن العراقي ولاسيما في المهاجر، بسترد شيئا طوبل الشرح ومهول التفاصيل، اقله تقويض المهانة والاذلال الوجداني، العميق حيث خبأه بعيدا عن عيون الشامتين ممن كانت لهم فسحة بلاد او وطن لم يوصم ارحامهم بالغربة عن مشيمتها، هكذا كان فرحهم هنا من نوع ليس له علاقة بالسياسة ولا بالتعبئة الكيدية بين الافراقاء، بل هو استعادة وجودية لكرامة الذات وتمرينها، كما عاشوا هنا، تمرينها على الاعباء في مهمة حمل الكرامة بعد ان سحقها كل شيء، وهدرها من ورث غياب الانسان في الافكار، اية افكار، في المعتقدات، كل المعتقدات، المشاريع والسياسة والاحزاب والايديولوجيا من الممكن ان تخفي نفسك كما تخفي الولادات المقدسة بصندوق تائه. انهم يستعيدون فرضيات مغيبة وينتظرون وقائع حاضرة، ويا لفرحهم الخطر فحين بفرح العراقي يصاب بلوثة الخطا او الخطر فالامر سيان، ويحل عليه نحس الطالع والسهل الممانع !! سوف لا نفسد الاحتفال، ذلك انه عالم يمارس السياسة بنزعات احتفالية، الحزن سرادقي عاشورائي كرنفالي، والفرح كذلك، كلا الانفعالين هما خارج معاقل الحكمة والعقل كما اسلفنا، اهزوجات ورقص هنا واحتقان وحزن وتوعد بالانتقام هناك، وهناك تحضير لحفلات دموية، وبينها بين المحتفليّن كرها وحبا تعود الحكمة الى عرينها وحيدة وغريبة عن اهلها ككل المنبوذين الضاربين بهوس الحقيقة، فالحقيقة على الدوام باطل بين المصاعين وباطل بين الخير والشر، الحقيقة لا تحب نفسها ولا ترضى بغيرها، انها صومعة خارج مفاضلات البشر اكثر ما تكرهه الحقيقة انها اكتشف قلبها منديل مخاط .

مدن انيقة تغسل احزان الغائبين في صندوق الانتخاب والمثيولوجيا
في احتفالية صناديق الاقتراع، وفي مكان الاغتراب والمنافي والهجرات المتحدبة بالجور والمرارة والتراحيل الرهيبة، تلك الاحتفالية ليست كما يشاع عنها انها تعني ما تريد وتدرك ماذا فعلت ؟ انها تمارس الفرح البعيد عن عالم تشحنه شتى الاستلابات فقررت ان تفرح وقررت ان تمارس تخييل بلادها ووطنها طبقا لواقع متماثل تعيشها في الغرب انها تقرر ككل الافلاطونيين ان لا تعطي اسما للجنين بل تنتظر اشتداد عوده كي يختار اسمه، وحيث يملاك الحبور سوف لا تجد غير ان يرتدي عقلك طاقية اخفاء وتتبرع بذاتك حيث تخشى ان لا تكون مع من تحب الغاء المثنى لتكون الواحد في احده الثانية فلا تذكر ان تأنثت او تأثثت في ذات اخرى، افرح قبل ان يلعنك الحق فالباطل احق . كل الشوارع المتسخة بالاشلاء والدم تغتسل بدموع الغائبين بين المدن الانيقة. وهكذا فانها لم تنتخب هذا لاجل بناء مدرسة او تنمية او نظافة المدن، لان مدنها نظيفة وشوارعها انيقة وتنميتها تخطو بقوة الصوامع المعرفية لا صوامع القادة والاولياء، اذن فحوى الفرح الكامن هنا مختلف لانه يضرب في حياض مثيولوجية، كتلك التي وضعت صناديق الفرات والنيل مغامرة بوليد البشارة، لكنها وهي في زمن تحللت فيها الامال عن طبعها المثيلوجي وتحولت الى وقائع معرفية وعلمية وعملية، وجد العراقيون مثيولوجيا الصناديق التائهة في مهب الامواج الغائبة، لا يريدون ولا يرغبون في معرفة نهاية الرحلة ولا أي بستاني سيربي سرجون او يحفظ المبوة في قماطها وايامها البكر ... لا وكل لا !! الفرح يكفي متاعا لكل بدء تكوين، والوليد يستحق خيال الاسطورة ويستحق ان يصاب غده بالاعماء فلا نتذكر الغد الا لان امسنا يستحق النسيان، هكذا تصبح صناديق الاقتراع مثيولوجيا الازمنة التي لا تتحمل المصائر فيها الاتكاء على تفسير احلام، كما اتكأ ملك نبوخذ نصر على تفسير حلمه بلسان النبي دانيال ...
التضاريس الروحية حيث تحتف كلها بجسد الحلم وترفده خوائها العظيم، وكل خواء لا تحتمله النفس اعتاد ان يجد الرقص والاهزوجة والصراخ الخارجي عزاءا يوقف زحف العدم والمرارة الداخلية، حين تحل كضيف نكد الافكار ومسود الاحلام، هكذا لم يجد الراقص غير خواء روحه كي يطلق جسده قناعا للفرح المتيبس ... حيث يفرح العراقي تطل ملامح النحس في كل الزوايا وتندلق الاسرار على العتيم من الاقدار الباكية، يبقى الخيال ملاذا لحيارى الاكراه على فرح تمسرحه صناديق الاقتراع، وترميه الام الولود على شواطئ الفرات والنيل، ذياك النهران المقدسان اللذان اختيرا لارواء الجنة، الا انها جنة تجري تحت تيه صناديق النبوة وليس تحت اقدام الامهات !! ترى هل يحمي الجنة صندوق مغلق على وليد فسرت مستقبله العرافات والكهان والاسرار العظيمة؟ هل يحمي الجنة في بلاد المغامرات المعقدة للمعرفة بضعة مصفقين وبضعة بائعي ممتلكات الفضيلة؟ هل ثمة حاجة لرجال من نسل الخرافة، قدسين كعلاقة البلور بالضياء، وكعلاقة الريح بالشموع الحزينة ؟
ترى هل في شنعار هذه من يتحمل تكليف هذا الرحاب الكوني الهائل ليصرخ في برلمانه أن :
اوقفوا خوف الصناديق المهربة بين شواطئ بساتين الفرات؟
هل عرف رجال العهد صرامة الاقدار في تكليف خطاب الفردوس ؟
واي عرّافة تحلل لغز الدبابة في بيان الحروف الاولى وهي تسك نفسها على الواح الطين في البلد الذي كان بدء تكوين، ومطلق مفردة البشر ( امين ) ؟
من يفسر السيارات المفخخة بمرارة النبوءة وهي تطلق فوهة نارها من شفاه النبي اشعيا ؟ من يلد من النساء رحما اصبح صندوق بريد لرسائل الرب وهي تتلاقح بلا رعشة جسد وتحبل بلا دنس وتولد ولم تلد، وتلد مما لا تولد ؟
تفغر الكلمات فمها لابتلاع المجهول كي تحيله نفابات خيال، زبالة حلم،
الكلمات مدماة بحزن الايام القادمة تلك التي خبأها الفرحون عن مواكب الاحتفال، انهم يضعون ورقة كما خبات ام موسى وسرجون وليديهما في صناديق تسلمتها امزجة الريح وخبل الموجة، ولكن ليس كل الاوراق هي اللقاح المقدس الذي صنع تاريخ البشر من على تيه صندوق، ومن على دفة الولادات المنسية والمهملة، ليس كل الفرح يوصل الى الندب والبكاء والكروب الا فرح الفرات، وليس كل ندب يقدم نفسه باسماء الحزن هو بقايا خراب وخسارة ...
اليوم لن ادع العقل يفسد اوهامنا الحميمة، لتحل كل الاوهام وان كان الثمن باهظا، كن الاوهام مفتتحا لبوابة حبست الماء ازمنة طويلة وآن للماء ان يفيض ويخلص المكان من روائحه المتعفنة، هكذا كان تطواف الماء اهم مما ستحدثه براكينه المتفجرة، حين تكون الحرية انتحار نيزك خير لها من تحبس نورها في الظلام، السدود وبوابات المياه الحابسة ليست قوية على تقليل الخسارة، انها اضعف من مواجهة هبوب مويجة سكرانة على صندوق خشبي داعبته فاغرقته ...

النبي المنبوذ

هو الذي جهل كل شيء فاكرهيه يا بلادي، انه النبي الكريه الذي جاء للحفل كي لا يصفق له احد، ذلك المخلوق الذي جاء كي يكرهه الشعب ويصبح سيد المنبوذين بهذا العالم،
الملك الذي لا يملك، العملاق الذي تقوده حكمة نملة او اصفرار وريقة في اخر عمرها، لا يملك ككل الانبياء ابينية الوهم السعيد، جاء ليخلق الارض كلها شعبا من انبياء، يلتصقون بما في نفوسهم من وحدة ووحشة كي يموت العبد ويتوقف التصفيق قليلا، الذين صنعوا تاريخ الوعد في نفوسهم اول الذين قتلوا العهد وافسدوا الوعد، الذين يحثوا الرفاه الروحي في اوثان من لحم ودم جاء النبي ليهدمها في جسده ويكون ذبيحة الوثن الخالد، ذلك الذي كان رفاه العبد في معبوده ..
لا تصفق كثيرا لئلا يصاب حظك بمغص اخلاقي، لا تصفق واكتم فرحك لئلا يصفقك الرجاء برجله وتصبح ذليلا برجاء من لا رجوة في روحه، لا تصفق فتصفق باب الحرية على نفسك / كن عونا لنفسك في حكمة منبوذ لا رجم نابذ .
عند مغاور العقل واعشاش الامال في شهقة التصابي والغيلمة، وقد اكتنفها المشيب وما زالت في حدادها الدائم، وحيث يتغيلم – من غلام – الفرح اتبع قلبك وان جنيت الخسارة، فالحقيقة دائما تفسد روحك على خيار المسرة، كن الربح بوهم لا تكن الخسارة في حق لانك شخت في الحداد ونفقت ايامك بالغربة، لا تتبع كلماتي الكريهة، لا تصدق ما يقوله البيان والعرّافون مثلي، افرح حتى اقصى الغباء، استدرك في نفسك فخاخ ذكائك، وتمهل في جرعة النبيذ المتاخر، وقد صنعته اعجوبة " قانا" – نسبة الى اعجوبة السيد المسيح في قرية قانا حين جعل الماء نبيذا –

اكثر من سكرتك من هذا النبيذ الالهي والخرافي، حيث الاشلاء ادمنت مصاحبة الشضايا في شوارعنا، فلا تنهار الخرسانات والثكنات، لا تموت الدبابة لتصبح حاصدة زراعية الا في لبتسامة شفتيك ولجاج صدرك الذي خنقته الاحزان، وهو يعبر الضفة الاخرى من البحر بلا عقل ولا بوصلة.. انني اعرف ما لا يهمك في فورة الصناديق غير الفرح وان جاء اختيارك بكل الاحزان والنكد، فاليوم مسرة وغدا مقبرة، نحن شعب تحتفل فيه القبور كعرس ابدي، وقد ابتلى ما في نفسه من نفسه ولن يبليه غريب.
التلفزيونات / الصور وملصقات ناخبي الجنة وعشيرة الله / القبائل كلها تتلبس بشارات فوكوياما / واخرى تتلبس البكاء على مجد طاغية، فترسل حزنها البارق بالدم، معايدات شضايا وتستبدل زهور فالنتينو بالرصاص الحزين، بعناق دراكولا حيث االحب الضاري يحيل العشاق لمسوخ رهيبة / صرخات الدعاية الانتخابية / فتون الاستعراضات القروية في تقنيات الالفية الثالثة / عروض المستثمرين جثث الموتى والشهداء، المتفاضلين بقبح الاعطيات الفاضلة حين يستعرضوها كدعاية صابون تقدمها حسناء، العمائم التي تزاحم الاربطة الانيقة، اغاني نفسها كانت ذات مرة تهزج ليوم ميلاد التنين المقدس، مقابلات مهمومة بالتاريخ الفاصل والمدن الفواضل، والناس قررت ان تفرح بجمال المشهد ولا تلفتها اسراره القبيحة، الفرح فقط هو الناخب والمنخوب، وليات الجحيم !!.

اليوم يتعطل العقل قليلا فيخقي على الراقصين اعصارا بعد حين، وما هم ان تتذكر موتك في لحظة لا تستحق التذكر بكفن حيث ترتدي خبل الشكر العظيم بثوب عريس، الموت لا يستحق ذاكرة ولا يستحق الا جبن النسيان، لا يستحق الموت غير اجرة دمعة او اثمان كفن، لا يستحق هذا الفاجر غير شجاعة نسيان واهمال فضول كشعاع قمر يحاول افتضاح القبل الخجولة فلا يقدر لان شعاعه اكبر خجولا بين كل الاضواء ... الموت مع بشاعته فهو كذبة حتى نصدقه قبيل قبر.
وحيث يفرح بعضنا ثمة احزان اؤلئك الذين بلطوا دماءنا في الشوارع، بعضهم ينتظر ذلك الفجر الذي تلفه المقصلة، الذين كتبوا اهلهم على شفرة خنجر وغدر شظية، يستحق كبرياء المحبة ان لا تتنزل لاحفور خنجر، وحيث يقتلك قاتل لا يجب قتله بسكين لاننا نفكر بقتل منهج القتل، كيف تمضي الى المحبة وفي نفسك تجشم القصاص من قاهريك ؟ لا تعبر المحبة بزورقها تلك البرك العفنة دون ان تغرق باجماضها، هناك حيث نشيد الشضايا والموت، اهازيج القتل والترياق الدموي، لا يستحق ان تفرح في قلب سكنه البغض وان على قاتلك - اللوبيات الاقليمية في الانتخابات من دول الجوار الدكتاتورية

التسامح هل هو بين صديقين ام خصمين؟
السلام مع من هل هو بين اخوة ام اعداء
المصالحة هل تحدث بين متحابين ام متكارهين
لا ادري الليبرالية هل هي اييولوجيا احادية ام فكرة قبول الاخر واحترام فرديته وخيارته ومن الاخر هل انت تحدد كيف يكون ام هو يحدد فرديته؟
الديمقراطية بين خصوم ام بين اصدقاء
حقوق الانسان مع عدو ام مع ام شريك؟
هل مانديلا تصالح مع السود اصدقاءه ام البيض اعدائه
هل غاندي خلق اللاعنف مع البقر ام مع خصومه البشر؟
اذن اللغة يجب ان تخلع ثيابها وقناعها وتسفر عما تقصداو تعلن انتمائها للكلام
الحروب المتنقلة بين الاحزاب والطوائف لولا الاميركا لاصبح العراق مثل لبنان
منظمات حقوق الانسان تحترف الالام ام تزوير ارقام الفواتير
هل الوطنية بيع السكراب ام ترميم الخراب؟
عراقيو الخارج خيال وطن وغربة وقائع
ليس الامر بيدنا !! لقد تنازل الله من علوه ليخلق له ندا مثلنا، لهذا لم نجد الله بنقمته ولا نعرفه برحمته .
لم نجد شيطانا يعترف بشره كل الشياطين جاؤوا بزي الهة ورحمة، وحيث نجد من يقول انا الشيطان، سنصدق بوجود الله واذا صدقنا سيصدمنا انه وقع بفخ الشراكة فاختار ندا، وهذا ما يؤسفنا، فان نخرج نحن البشر من لعبة الانداد كي لا تتسخ الحكمة بدعاية الواجب ودناءة الثواب/

***

استعرض شريطا من المشاهد والشكاوى والصور، استعيد حكايات اصدقاء ورسائلهم وحواراتهم على المسنجر من قلب العراق، اقرا الاراء في شتيت اضدادها، ومعها خارطة من الكيديات المسيجة بعصمة الانتقام وحق لبثلر المقدس، افرقاء خطفوا الله والخير والفضيلة، وضربوا على هوية الشر اختاما باسمهم محكومة باثم التشكيك والفحص، كل فريق يفرض نظاما لتعطيل العقل وتخريب الحكمة لبفرض نظام الاعماء والولاء العاطفي، لايفهم ان عسل الحكمة جرعة سم ! عقلاء كبار واسماء لامعة، تفرض ثقافة الحق والحقيقة، ويا لها من فكرة مخدوعة .. يا لها من غفلة مغدورة وقد اثرت الحقيقة ان تستشهد منذ ولدت لتترك للناس ملهاتها الساخرة كي تسانس وحشتها بضجيج المتحاربين، كما لو انها لا تتمتع الا بحفلة سادية امام جموع من عشاق الالم والنكد والكوارث، وقد اغراهم ان الحق جاء، على الدوام، ناقصا مشوها بل وجاء مموها بالفضيلة فيما يوقع معتنقيه بفخ الخراب والقحل دون ان يلفت انتباههم لقراءة الوجه الاخر للوقائع اذ يخطفهم خياله، كل حق في عالم تشمعت عقلانيته يصبح ضررا وخطرا، لان القوة التي تنفذه ستنسى ان الكائنات ليست محددة ومسورة بنظام خياله وشفراته الحادة انما بوقائع لا تتقبل حدود الخيال، وكل ماض للحق يصبح في الحاضر متخيلا او ربما اوزار وهم ... كل تحديث وجديد محكوم بفرضية الحق يصبح رجعيا ومتخلفا ان هو لم يتحرر من فكرة محاكمة الماضي او اعتبار حق الماضي هو حق الحاضر، اذ تترتب على هذه المعادلة ان تعيد ماساة وظلم الماضي، وبدقة، فيكون الحاضر كل الماضي ويكون المستقبل اقصى التاريخ، وكل ذلك يمر بخطاب التحديث والعالم الجديد، كما لو ان التحديث هو قبائل زمنية تتبادل منهج الاولين ولا تبدل منهجهم كي لا تمنحهم فكرة الحق وهي تروج سجالهم وفكرهم ومنهجهم ذاته .

يثبت سجال الحوار حول الانتهاكات الاخيرة للحكومة العراقية ان العراقيين او لنقل معظمهم ينتقلون بين متشابهين لا يختلف الواحد عن الاخر لجهة المنهج والمؤسسة والحياة الدستورية والقانونية حتى ليبدو خطاب ضحية الامس قد وقع بفخ جعله جلاد اليوم، وكلا الجلادين والضحيتين يسوقان فكرة القصاص المقدس على شتى المحمولات التجريمية والاثمية وهي تتاسطر لتقدم حرية واباحة التشنيع الى اقصاها لانها لم تخرج من مؤسسة الاسطورة لتحل في مؤسسة القانون والحقوق . فلو فحصنا مسوغات وتسويقات خطاب الجلادين بالامس سنجده لا يخنلف عن سيقاته اليوم، فكل له منظومة تجريم وتهمة تخوين ...الخ، وكل يشهر الثقافة الشبحية كي يتصرف مع عالم عطل عقله وواقعه وتقمصه الخيال ومحدداته الصارمة، بحيث لا مكان للحضور الانساني الواقعي في الثقافة السائدة انما اصبح الانسان مجرد محدود بالسياسة والخيال والجهوزية الانتمائية الكابحة لاي فعل عملي وواقعي، وهنا كل الافكار الشمولية تعاملت مع الناس كقكرة مسبقة وليس عصيانا ماديا بانفعاله ومسببات هذا الانفعال الهائلة، من هنا فرض نظام المعصومات علاقاته الى حد فقدت الحياة صورتها ومشهدها، واصبح الافراد مجرد مؤسسة قامعة للحياة تقم على اخصاء الحراك الواقعي والعملي لتستعيد الفكرة كل مرة وتصطف بها !! انه عالم اسوء من نظام ثكنة جنود .

قلنا انه عالم بلا افكار او مناهج، حتى مفكروه وباحثوه هم اسرى نظام الاستحياء والخوف من قيم الانتماء بين عالمين حادين، تمكنا من امتلاك انظمة الخير والشر وكل في نظر الاخر شرير وبنظر نفسه خيرا، وهكذا يصبح الفكر والافكار مجرد فقه بلا ذمة يقدم خدماته لسلطان جائر، وبهذا يتكون عالم الاستقطابيات، لاسيما في الوسط الثقافي والمتفكر الى عالمين محكومين بنزعات الدعاية والاعلام فالاعلان، بما تتملك هذه النزعات من تجويفات ثقافية وفكرية غاية في البؤس، حيث تكون مرة جديدة ارثا صوتيا ولغويا لا دلالة فيه غير الهوج التعبوي، وهذا طبيعي لان المجتمع العراقي لم يفرز طبقات بريئة ومحايدة تمكنت من تسجيل حضورها وقوتها النقدية بين قطبين ومتحاربين احتلا كل مرافق الحداثة والنقد السياسي، وتلك التحزبية التعبوية سحبت المنطق النقدي عبر ارهابها الادبي ومحدداتها المعصومة والفاضلة الى طرفية لا تختلف عن طرفية خصومها من الوجهة المنهجية والاخلاقية والثقافية والفكرية، وعملت على تحزيب المجتمع وحرق كل مسحة او حتى مسامات صغيرة للحياد وابراءة ومعرفة الحياة بمعزل عن قيم التحزب والقمع الايماني، وهذا جعلنا امام شعب قتل روحه الاجتماعية وهدرها منذ زمن بعيد، فكل شبء اصيب بالتعهير والمسرحة الاستظهارية لملكوت الانسان / ديانته، اسماؤه/ عواطفه / فنونه، اغانيه مطبخه ثيابه غضبه انفعالاته وحبه حكاياته وحتى فولكلوره، مجموعات من قردة الحداثة الذين سحبتهم فكرة الحق بشكيمة تترية مقحلة احالو المجتمع الى لا مجتمع بل محميات حزبية فارغة تمضي لانحطاطها بفرح الخروف مع من افترض انه صديقه ولكنه فوجئ بالذبح.. كل شيء يمارس تقحيطا وخواءا بسبب مدارس صاغها جهلة وطلاب تسلط فيما هي منتج معرفي هائل الذكاء والخبرة والتراكم، بحيث تحولت تلك المنتجات الفكرية الى شعارات خاوية لا تملك الية الشبه ولا الاشتباه مع ذاتها وجوهرها، حتى صار علينا نحن خصومها في الجوهر ان نعلمها ونعرفها على ذاتها، وتلك مهمة مستحيلة، محفوفة بالاهمال.

قد يفترض الرصّادون والمتلقطون، اؤلئك الرابطون في حراسة القطبيات الخاوية، ممن افرغ حضور الانسان بمعناه الوجودي الهائل والعاصي على المحددات جميعها، بان الالم والتعذيب كجبهة مرفوضة لا تقبل التجزيء والانتقاء، هي عالم مقبول في خصوصية اختصامية ما، ومرفوضة في خصوصية اخرى، وهؤلاء الذين يعومون هذا المنطق الانتقائي سرعان ما يصبح هذا التأليم والتعذيب مبررا في كل الجبهات بعد ان وجدوا الاجماع الاعمى والاكثريات المغدورة، ابدا في افكارهم وفخاخهم، فيتاخر الندم ويتاخر معه معرفة شروط وضرورة النقد عبر نظام المنهجيات لا عبر نظام التحليل والتحريم والتكفير والتفضيل، أي ان تقبل نظام المفاضلة بعدم نظام النقد المنهجي، ويخلق عالما من فوضى التعريفات الجاهلة وهي تمتلك الحقيقة كما تمتلك سندات الملكية، هذا الواقع الموجود حاليا في جبهات الافكار الاجتزائية غير المحايدة وغير المنزهة من الميل الانتقامي الهمجي، خلق شريحة من التيوشمولية والنيوبعثية والنيواحادية جديدة مقحت بفخاخ الغدر الولكلوري لخطابها الاول، حيث اختبرتها التجربة لتكشف انها لا تقل احادية وخوائية عمن سبقها بحيث انها تلصق ثقافة الشرطة والعقل الامني مع أي عملية نقدية، فتسير نحو القحط الانساني بمهارة مع سبق الاصرار . الذرائعية المقيتة كل مرة، حمهوريات التصفيق للاعدامات والتشنيع وجر الحبال والمقابر والمثارم البشرية، مارشات الحروب بين عهدين ... كل ذلك يبتلع منظومة الفضيلة العليا وهي تكمن على الدوام خارج القطبيات والثنائيات والطرفيات كلها، فيما لو انتمت لقطب الحق ضد الباطل ستجد نفسها اسيرة مؤسسة المزاج لا مؤسسة القانون، حيث مصير البشر تحكمه ثورة انتقام الحق لا قضاء حماية انسانية الباطل في اسوا بشاعتها وصورتها، ذلك لان الاولى ستبني دولة تافهة مشوهة، يحكمها مزاج جندي يقرر الحياة والموت في ميدان حرب دائمة وان عاش في سلام المجتمع، ذلك لانه حقق شرعية تصفيقية واجماعية على توصيف جبهة الباطل وتاليا اعداؤها حصانة العنف والقصاص، وتلك دولة تقوم على ثقافة القبيلة المكبرة، كما قامت امبراطوريات وامم تقيم نظامها على الحصانات المشاعة للموالين والحرمان المشاع للمخاصمين، في سياق من فضيلة الظلم المطهر

اغراء الدعايات بافخاذ النسوة مشابه لاغراء الناس بكلمة الله
لا متحن رحمتك في كراهيتي كي اطمئن على حبي لك
لاطمئن على حرية خصومتك كي انتمي اليك بلا اكراه
لا يختلف البشر عن الذئاب الا بالسيطرة على نظظام الغضب والكراهية
القضاء ان اصبح جماهيريا خلق دستور ارعاع
الكتاب ام الجنود والشرطة متخصصون في ردع الارهاب ام يريدون اعادة الكلمة في خدمة ما سمي بالملتزم؟

الانتهاكات التي تحدث الان هي نتيجة طبيعية لمجمعية غائبة في السياسة والطرفيات الحادة وبالتالي فان هكذا ثقافة ستوصل حتما الى دولة فاسدة وظالمة لا تطاق، وقد حققت محمولات عنفها المزاجي عبر طرفية خيرها المطلق وشر خصومها المطلق، ما يفرض تدريجيا اتجاهات احادية وإشمالية لا تتسمع الى الى تطور واحد هو تطور الدوائر الضيقة المحكومة بانظمة امنية متواترة تنتهي لما انتهت له كل دول الامن والاحاديات البارة .

الخلط المريب دى فقهاء الايديولوجيا الجديدة، وهم بحسن نية او بسبب التربية الاحادية والتكهيف الايديولوجي القديم اسقطوا على الفكرة الليبرالية تلك الاحاديات، فكل جعل من بوش لينينه او خمينيه او صدامه، وعلى هذا الاسقاط التربوي المضحك تعم حياة ادبية واعلامية تعبوية مثيرة للخوف والقلق لاسيما بين نخبة يفترض انها تعرضت لنقد واعادة صياغة لافكارها الكهوفية القديمة، فتبين انها باول اختبار فشلت في اثبات حقيقة طلاقها من ذلك الزواج القديم، وهي تجنح كعهدها السابق نحو اقامة العالم الاحادي كي تفرض استئثارا ادبيا ونقديا قائم على دراما مسرحة الشر في الاعداء والخير لها ولاصدقائها، حيث تبقى في عهدة التواريخ المظلمة دون ان تفكر ولو للحظة في انسنة الخير والشر وجعلهما واقعا لا ينطو على مفاضلات ذلك الإهماج التعبوي والعقائدي المسود.

عودة الخلطات السحرية التي تطال العقل المفكر ومنتجه الاعلامي، وهو برسم اتجاهاته الفقيرة، لا يختلف عن اوهام الخلط القديم في عالم الايديولوجيا، لاسيما وان هذه الاراء تستمد حصانتها من الجماهيروية المصفقة والاهزوجات الادبية التي اعتادت اكتساب عقل النقد الثوري اللادستوري، ولعله رهانا بريء الذمة، يحفر بيديه موته ليكون من الحاضر ماضيا اقل تقدما من ماضي الخصوم، فيما يعود ككل ماضي وهمي الى الاعتماد على قيم صوتية لغوية ورثت تواطؤ الخادع والمخدوع! يقع فقهاء ما يفترض ان يكون عالم الحرية بجانحة النقد الطرفي لا النقد المنهجي، وهم يتزاحمون، ككتاب ومثقفي أي سلطة، على تبرج النصوص بالولاء والاستقواد الذي مهما كان حقا فانه يفقد اهم وظيفة ورسالة له وهي البقاء في مساحة النقد الدائم، لاسيما في عالم اثبت انه خالي من الملائكة والقديسين والابرار والمدن الفاضلة، وهذا يدل على ان قادة الحياة الادبية الجديدو بضديهم، هما عالم الظلاميات المكيفة وقد استقدمت ادواتها نقدا وولاءا في نفس السياق وذات المنهج، حيث تحضير البيئة الصالحة لتوليد الطغاة ومجتمع العبيد وفضائل القمع . وهنا لابد من قراءة اللامعلن عنه، وهو المضمّر الذي يحسم المشهد الوجداني للثقافة السياسية والثقافة السائدة، حيث يتلبس الارهاب الادبيمرة جديدة فكرة اسلافه الايديولوجيين ممن روج لخرافة "الادب والكتابة الملتزمة"، ولاسيما في عالم لا ولن ينتج ذاته لا قديما ولا حديثا فبقي اسير القدريات والاستعارات الحادة بما تمليه من همجية طرفية واستقطابية، وهنا تتعالى اصوات وجدت بنية تحتية ادبية كاملة لتسويق قمعها الجديد وتحديد الحريات بفكر الحرية ذاته !! فثمة اشرار لديهم مادة ثبوتية كبيرة، وهي تفرض ميكانيزما الاخيار في وضع معاداتهم، وهذا مرتع ريعي خصيب لكل تحديثات انظمة القمع وهي تخطو بالفضل والفضيلة الى الاسطرة لتجردها من الانسنة سواء بالخير او الشر، كلاهما يعمل على تغييب الانسان، وهنا العلة التي تتشكل بالسياقات الاستغفالية العميقة، التي تحيط الاحداث بالاحاجي والشبحية الحادتين كي تعطل أي واقعية لفكر الناس وتقودهم كنعاج عمياء نحو المذابح الادبية، الامر الذي يحمي نظام ومؤسسة الفرد البطل المحصن باحجية حراسة المدينة من الشر المتوهم، بحيث ان اعمال التخريب والارهاب تقع في المتخيل القدري واللاواقعي لان ذلك يقدم ضدا مقابلا له وهو البطل الاستثنائي وفي نفس القدرية اللاواقعية، حيث تبقى محتكرة ولصيقة نظام خالد ولفترة قادمة، وهو نظام المؤلفة قلوبهم والمبشرين بالجنة، بما تحمله عنصرية متوحشة اسوء مما تطرحه العنصريات القومية والوطنية، لانها عنصرية الدوائر الضيقة المحقّرة للجمع لمصلحة القلة البارة . هذا الارث الاخصائي بمستواه الادبي يجري تدرجه الان في سياق المقولات الخلاّطة والمتلبسة، وهو لا يختلف عن مقولات كل شيء للمعركة، فكل يقدم له مبرراته ومنظومته الادبية بحيث السماح بمقولة كهذه تسمح من حيث المهج بمقولة كتلك، وكذلك الدفاع عن اعمال الانتهاكات اللاانسانية تبرر نفس منهج المدافعين عن الانتهاكات القديمة لان كل له بناه التحتية وقيمه التاثيمية وله مفاضلاته، وكلا الحالتين يعملان بتوامة مخيفة على تغييب القضاء والقانون والمؤسسة وترجيح دول الذئاب البارة والحلان الباطلة، وكل له ذئبه وحمله !!
حين يخرج وقح ليبرر جرائم القتل الجماعي فان نفس الوقح يظهر ليبرر جرائم الانتهاكات في السجون باعتبارها ضد ارهابيين وقتلة وهذا ليس نقد مناهج بل حروب قبائل، ليس مفاضلة انظمة بلعراك محاربين ولا يسعنا ان نفاضل بين جيشين ايهما قتله رحيم او قتله متوحش، فهذا عمل قضاة ومحاربين ومحترفي عراك وليس عمل كتاب او عاملين على جبهات ادبية وفكرية