قام قبل فترة بعض المعتقلين في سجن بوكا الواقع في أقصى جنوب العراق بحفر نفق طويل بطول 180 متر تحت الأرض للهروب من السجن الواقع تحت حماية الجيش الأمريكي، كما قامت مجموعات من المعتقلين بأضطرابات وتمرد للتعبير عن رفضها للمعاملة والرعاية التي تلقاها في معسكر الأعتقال، وجوبهت المجموعة بفتح النيران من الحراس الامريكيين، ويذكر أن عدد من المعتقلين سقط مصابا أصابات بليغة.
وفي خبر أوردته شبكة الأخبار العراقية "عراقنا" جاء فيه :
"في أم قصر في جنوبي العراق اليوم نتيجة اضطرابات ومصادمات بين المعتقلين وحراس السجن من القوات الأمريكية أسفر عن جرح أربعة من المعتقلين بعد اصابتهم برصاص الحراس. وقال مهدي التميمي ممثل وزارة حقوق الانسان العراقية في الجنوب في تصريح خاص هنا ان اضطرابات وقعت في سجن ابوكا منذ يوم الجمعة الماضية الا انها تطورت اليوم حين فتح عدد من الحراس النيران ضد المعتقلين ما أدى الى جرح أربعة اصابة اثنين منهم خطيرة. وأعتبر التميمي ان عدة عوامل ساهمت في هذة الاضطرابات منها ان مساحة السجن لا تتسع لالاف المعتقلين فيه الذين يشكلون عدة أطياف واتجاهات سياسية مختلفة وان وزارة حقوق الانسان العراقية جادة في ايجاد حل مناسب وسريع للمعتقلين في سجن أم قصر وقد تم في هذا الاطار الاتفاق مع القوات الأمريكية على تشكيل لجنة من ثلاثة محامين عراقيين تتضمن مهمتهم معايشة المعتقلين لمدة ثلاثة أيام داخل السجن للوقوف على احتياجاتهم والوقوف على معاناتهم عن قرب. وفي نفس السياق اعتصم عدد من ذوي المعتقلين أمام مقر القنصلية الأمريكية في البصرة مطالبين باطلاق سراح ابنائهم الذين تجاوز اعتقال بعضهم السنة والنصف دون معرفة أسباب اعتقالهم أو تحديد التهم الموجهة اليهم."

وسجن بوكا الواقع في اقصى الجنوب من مدينة أم قصر العراقية معسكر اعتقال أمريكي يتبع لقيادة القوات الأمريكية التي تعمل في العراق، ويضم معتقلين من مختلف القوميات والأتجاهات السياسية ومن مختلف المدن العراقية، وتختلف التهم الموجهة للعناصر المحتجزين في هذا المعسكر.
ويكتظ المعسكر بأعداد لاتتسع لها المساحة المحددة للحجز ، أذ يضم ولحد قبل فترة أكثر من 6000 معتقل لاتتوفر لهم ابسط مستلزمات الحياة المطلوبة في معسكرات الاعتقال، بالإضافة الى تراكم أعداد المعتقلين الذين تحجم القوات الأمريكية عن حسم قضاياهم، أو احالة ملفاتهم على القضاء العراقي.
من بين المعتقلين في هذا السجن مواطنين عرب تم القبض عليهم وهـــم يرتكبون أو يشتركون في افعال إرهابية أو التحضير لها بقصد قتل العراقيين ، كما أن بينهم وهم الأكثر مواطنين عراقيين اختلفت اتهاماتهم كل حسب قضيته وظروف اعتقاله، ويفترض المنطق والقوانين الدولية والأتفاقيات التي تنظم أعمال الأحتلال أن يتم تسليمهم مع ملفاتهم الى الجانب العراقي الذي يقتضي الأمر انه المسؤول عنهم حين تم استعادة السيادة شكلياً على الأقل والملف الأمني عملياً.
ولم تفصح القوات الأمريكية عن أسباب احتجازها القاص العراقي محسن الخفاجي الذي أعتقلته منذ فترة أكثر من سنة دون ان توجه له تهمة معينة ودون ان تحدد التهمة التي تحتجزه بموجبها على سبيل المثال لاالحصر ، بالرغم من المطالبات التي قامت بها مجموعة من المثقفين العراقيين مطالبين بأطلاق سراحه.
وفي تصريح لمدير عمليات السجون الأمريكية في العراق السيد ويليام براند بيرغ خلال زيارته لمعسكر بوكا ان ابو غريب هو صفحة سوداء لنا جميعا، وحث حراس المعسكر بوكا علي معاملة المعتقلين بنوع من الاحترام.
وبدأت عمليات التعذيب عندما احضر الجنرال جيفري ميللر من قاعدة غوانتانامو لكي يشرف علي تنظيم السجن، الذي امتلأ بعد اندلاع المقاومة، وهو الذي ادخل العديد من الوسائل المثيرة. ويعتقد براندبيرغ ان قدرة استيعاب بوكا قد تقتضي الابقاء علي الفي معتقل في مناطق قريبة من بغداد. ويعتمد قرار نقل معتقلي ابو غريب علي خطط طارئة ووجود بديل جيد، وهناك تفكير، لتوسيع معسكر كروبر قرب مطار بغداد الدولي الذي تحتجز فيه واشنطن اركان النظام العراقي البائد السابق. ويحتجز الان في ابو غريب الفا معتقل، فيما يتم توسيع بوكا لكي يستوعب ستة الاف معتقل.
وبالرغم من ان القوانين تقضي أن المتهم أي متهم هو بريء الى ان تثبت أدانته، يستوجب هذا الامر أن تتم احالة المتهمين على الجانب العراقي لأكمال التحقيقات وعرض أمرهم على القضاء العراقي ليقول كلمته الفيصل في قضاياهم بألفراج عن المتهمين ممن تثبت برائتهم أو عدم كفاية الأدلة على أحالتهم للمحاكمة، وإحالة من تجد المحكمة أن الأدلة كافية للأحالة لعرض امره على المحاكم المختصة لأصدار قرارها في قضيته، وأن إستمرار اعتقالهم بهذا الشكل يشكل ليس خرقاً لحقوق الإنسان، وأنما استهانة بالمواطن العراقي وبالسلطة المؤقتة وبمنظمات حقوق الأنسان وبالعدالة التي تمثلها المؤسسة القضائية العراقية وبمشاعر المواطنين العراقيين.
الحجز ليس عقوبة بالأضافة الى كونه أجراء غير معمول به في كل دول العالم ، وهو أجراء أحترازي أستثنائي تقدم عليه السلطات في ظل ظروف عرفية أو طارئة ولاتخص العمل القضائي، والحجز في المعسكرات يعيدنا الى أجواء الحرب العالمية الثانية قبل أن يصادق العالم على اللوائح الدولية والأتفاقيات التي تنظم حقوق الإنسان، والحجز بغض النظر عن بشاعة بعض الأتهامات يدفع بمنظمات حقوق الانسان والمهتمين بالجانب الإنساني الى متابعة قضايا المتهمين والدفاع عن وضعهم.
وبالرغم من كون احتجاز العديد من الموجودين على اتهامهم بقضايا تخص الامن وسلامة القوات الاجنبية العاملة في العراق، الا ان العديد من هؤلاء من تم احتجازه على الشبهة او الظن أو بناء على اخبار من شخص لغرض شخصي.
ومما يقضي به القانون ان لايجوز ان يزيد مجموع مدد التوقيف على ربع الحد الاقصى للعقوبة، وان لا يزيد باية حال عن ستة اشهر، وبقاء الأمر بهذا الشكل يدفع بالمرء الى التساؤل والحيرة في مغزى الأحتجاز طيلة هذه الأيام الطويلة، بالاضافة الى كون المعتقل لايوفر مستلزمات الاعتقال والحجز الطويل وأن منطقة أقصى جنوب العراق قاسية ولاتوفر للأنسان أية حقوق نص عليها قانون اصول المحاكمات الجزائية أو القوانين الدولية.
وقبل فترة أطلقت القوات الامريكية من هذا المعتقل المتهم المشهور و المعروف (( محمد جواد عنيفص )) وهو المتهم بالأشتراك في قتل مئات العراقيين ودفنهم في مقابر المحاويل الجماعية، بطريقة عمدية تنم عن مكافئتها لهذا المتهم بأيصاله من المعتقل الى اهله في شمال مدينة الحلة ليختفي، ثم تعلن انها اخطأت بالأٍسم لتعيد البحث عنه بعد ان تمكن من الأختفاء كلياً بدلاً من تقديمه للعدالة.
أن إصرار القوات الأجنبية على أبقاء معسكر بوكا لتجميع المتهمين دون محاكمة أمر يخالف القوانين والأعراف الدولية وخرق فاضح لحقوق النسان، بالإضافة الى كونه يمثل عدم استجابة للقرارات الدولية التي تدفع بأتجاه تسليم كامل الملف الأمني الى الجانب العراقي.