قلد العندليب عبد الحليم حافظ وداعب جمهوره
أحمد زكي يعلن عودته للسينما بعد مرض

نبيل شرف الدين من القاهرة :
في مؤتمر صحافي هو الأول من نوعه بعد أن تعافى، أعلن النجم المصري المحبوب أحمد زكي أنه سوف يبدأ اعتباراً من اليوم الاثنين تصوير فيلم (حليم)، وخاطب زكي جمهور الحاضرين قائلاً "أنتم تعرفون الظروف التي مررت بها وتابعتم كل مراحل العلاج وأنا أشعر الآن بأحاسيس ومشاعر مختلطة برجوعي إليكم وأنا الآن بينكم وكل لحظة تمر بالمرء لا بد أن يقضيها في مزيد من الحب والإنجاز"، وأضاف زكي قائلا إنه واجه مواقف كثيرة لذلك لابد أن نحب الحياة ونتمسك بها حتى آخر لحظة في عمرنا, مشيرا إلى معركته الشرسة الطويلة مع المرض والتي رافقته خلالها دعوات الحاضرين والزملاء وجمهوره في مصر والعالم العربي والجاليات العربية في أوروبا والعالم، مؤكدا أنه لذلك لم يكن يشعر بالوحدة أبداً، بينما تحاصره المشاعر الطيبة من ملايين المحبين" .
وفي سياق رده على سؤال حول الجديد الذي يحمله فيلم (حليم)، قال زكي إنه فيلم يتناول شخصية الفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ، ويلقي الضوء عليها، ويبرز مكانة هذه الشخصية ودورها في الفن العربي، معتبراً أن حليم يشبهه كثيراً، فكلاهما قدم من ريف مصر إلى القاهرة، وكلاهما تعب حتى صار نجماً تحترمهم الملايين، وتلتف حوله، شأن أي شاب مكافح خاض معركة الحياة بجدية، وإن كان حليم استخدم حنجرته التي وظفتها كتيبة من الملحنين والشعراء لنبض الشارع المصري والعربي, ورصد انتصاراته وسجل أيام كفاحه، واشتبك مع الشارع السياسي والاجتماعي، مؤكدا أن هذا الشاب البسيط وصل إلى قلوب كل الشعوب العربية، وأصبح أيقونة زمنه الجميل، وأضاف زكي "أنه شخصيا يحب حليم جداً، وأنه أيضاًَ "متأثر به" مشيرا بدعابة إلى تشابه ظروفهما في المرض أيضاً .

وقائع الحفل
وفي مستهل الحفل تحدث الإعلامي والصحافي الشهير عماد الدين أديب، باعتباره منتج الفيلم، قائلا إنه سيبدأ اعتبارا من اليوم الاثنين تصوير أول مشاهد الفيلم في خطوة تعد بمثابة اطمئنان على صحة النجم الأسمر أحمد زكي, مشيرا إلى أنه سبق ذلك جلسات عمل وتحضير بين المخرج شريف عرفة، والكاتب محفوظ عبد الرحمن والنجم أحمد زكي والموسيقار عمار الشريعي، موضحاً أن الفيلم هو قصة حياة عبد الحليم حافظ بمعنى يُحكي أن وهو سيكون "بمائة منظور وطريقة" وسيكون مفاجأة للجميع .
ونقل أديب إلى الحضور اعتذار الفنانة منى زكي بطلة العمل عن عدم حضور هذا الحفل لظروف قهرية، ثم قدم فريق العمل في الفيلم , حيث صعد إلى خشبة المسرح الفنان جمال سليمان والفنانة سلاف فواخرجي من سوريا والوجه الصاعد يوسف الشريف والكاتب محفوظ عبد الرحمن والموسيقار عمار الشريعي والمخرج شريف عرفه والمطربة ماجدة الرومي التي ستؤدي أغاني الفيديو كليب بصوت الفنان عبد الحليم حافظ في الفيلم .
ثم صعد النجم السينمائي أحمد زكي إلى خشبة المسرح , وحيا النقاد والفنانين الذين احتشدوا لرؤيته وهو في طريقه إلى المسرح , يلوح بيديه ويعبر عن امتنانه وشكره للحضور، وقد بدا متفائلاً ومقبلاً على الحياة وفي صحة جيدة، وداعب الصحافيين ضاحكاً, وكعادة زكي مع الشخصيات التي سبق له أن أداها عبر الشاشة، قام بتقليد الفنان عبد الحليم حافظ في حوار مع عماد أديب، وتحديدً حين سأله عن رأيه في عدد من المطربين في عصره وتقمص الفنان احمد زكي بنفس الطريقة التي أجاب بها عبد الحليم حافظ عندما وجهت إليه نفس الأسئلة في أحد الحوارات المتلفزة .
من جانبه قال المخرج شريف عرفة أن الفيلم يقدم عبد الحليم حافظ بصورة عصرية وانه شرف كبير لي ولكل من يعمل في هذا الفيلم وأتمنى بعد أن ننتهي من تصوير الفيلم وعرضه على الجمهور أن نري على وجوهكم علامات الرضا والسعادة عن هذا الجهد .
وفي الختام أعلن عماد أديب عن مفاجأة الحفل بوجود المطربة ماجدة الرومي صاحبة الصوت الذي سيغني الفيديو كليب الخاص بالفيلم وهي محبة لفن وصوت عبد الحليم حافظ، وأضاف أن كلاً من أحمد زكي وماجدة الرومي يعدان لفيلم آخر يجمعهما معاً، من دون أن يكشف عن موضوع هذا المشروع، الذي ألمح إليه .

القلب والسرطان
وخلافاً للصورة النمطية لنجوم الفن والسينما، فلم يعش أحمد زكي حياته بالطول والعرض كما يذهب الظن، فمشواره مع النجومية لم يكن ممهداً أبداً، وطريق المليارديرات الذي سار عبره كثير من الممثلين والفنانين لم يقترب منه زكي يوما، فقد ظل حتى سنوات قليلة خلت تنتابه كوابيس الفزع من مواجهة مصير موظف حكومي بسيط قد يجد نفسه فجأة وقد أُلقي به إلى الشارع بعد استغناء الشركة أو المؤسسة التي يعمل بها عنه، ويقول أصدقاء النجم المقربون إنه ظل يعيش خوفا كبيرا يصل إلى حد الذعر مما تخفيه له الحياة، حتى أنهم عاتبوه مراراً مؤكدين أن هذا الخوف ليس له ما يبرره خاصة أن بوسعه أن يحصل على أجور عشرة أفلام لو أراد أن يسير وفق النمط الشائع، لكن الجميع كانوا يدركون أيضاً أن ذعر أحمد لم يكن مختلقاً، بل هو أصيل ترسخ منذ سنوات الفقر والكفاح، حينما كان يطارد بأحلامه منذ الصباح وحتى منتصف الليل في شارع عدلي بقلب القاهرة، حيث يقع مقر "نقابة السينمائيين"، أو في ردهات الطابق العاشر بإحدى بنايات شارع 26 يوليو وسط القاهرة، حيث استخراج تصاريح العمل بنقابة الممثلين، لكن من مجهول ما، لم يكن طيلة سنوات عمره يكاد يتبين ملامحه، حتى شاءت الأقدار أن تجتمع عليه متاعب القلب المنهك، ووحشية الورم الخبيث معاً، وأحاطه محبوه وعشاقه حتى تجاوز بفضل الله ودعاء الملايين أن يتعافى ويسترد قدرته على العمل والعطاء مجدداً .
ومساء يوم 24 كانون الثاني (يناير) من العام المنصرم، كان زكي قد أصيب بضيق مباغت في التنفس، وفي البداية خضع لعلاج لمدة أسبوع في منزله ثم انتقل إلى مستشفى دار الفؤاد في مدينة 6 أكتوبر جنوب القاهرة، حيث اكتشف الأطباء إصابته بالتهاب رئوي حاد، وأجرى له الأطباء عملية بذل للمياه الموجودة في الرئة، واستخرجت ثمانية لترات من السوائل من رئتيه، ومنعت الزيارة عنه، وقد أصدر فريق الأطباء تقريرا بضرورة استكمال علاجه في فرنسا فقرر الرئيس المصري حسني مبارك حينئذ علاجه فوراً على نفقة الدولة.
وأحمد زكي من مواليد عام 1949 في الزقازيق بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بقسم التمثيل بالمعهد العالي للفنون المسرحية منتصف الستينيات، ويعد حالياً من أهم نجوم السينما المصرية، وأكثرهم تنوعا وقدرة على الأداء الفني المتميز والخاص، وجسد على الشاشة المصرية أدوار عشرات الشخصيات بطريقته المتفردة، وعمل مع أهم كوادر السينما المصرية ومنهم الراحل عاطف الطيب الذي منحه بطولة أكثر من عمل وكذلك محمد خان الذي التقاه في العديد من أفلامه، ومن بينها "مستر كاراتيه"، و"السادات"، وكذلك علي عبد الخالق الذي عمل معه في "البيضة والحجر" وأفلام أخرى، كما عمل مع داود عبد السيد في "أرض الخوف"، ومع خيري بشارة في "كابوريا" كما عمل أيضا مع جيل الرواد ومنهم صلاح أبو سيف، ومن الشباب عمل مع شريف عرفة في فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" .