اطفال يرسمون مدرستهم التي دمرها تسونامي في صف مؤقت في احدج الفنادق
القاهرة: بدأ الأطفال فى بعض المناطق المنكوبة بفيضانات تسونامى فى المحيط الهندى فى العودة إلى مدارسهم هذا الأسبوع، رغم أن الكارثة دمرت أو أتلفت أكثر من ألف مدرسة وقتلت آلاف المعلمين. وفى إندونيسيا الأشد تضررا، تراوحت التقديرات الحكومية الأولية لعدد المدارس التى تضررت بشدة أو تم تدميرها ما بين 765 و 1151 مدرسة. وفى سريلانكا، دمرت 51 مدرسة بالكامل، ودمرت مائة مدرسة أخرى جزئيا. وفى المالديف، دمرت أو أضيرت 44 مدرسة، وهى نسبة كبيرة من إجمالى عدد المدارس. وكان أثر تسونامى على التعليم محدودا أكثر فى تايلاند، حيث أضيرت أقل من 30 مدرسة ودمر عدد ضئيل جدا. وأكد أحدث تقرير لمنظمة اليونيسف أن إعادة الأطفال إلى فصولهم الدراسية أمر بالغ الأهمية لعودتهم للأوضاع الطبيعية، حتى إذا استأنفت الدراسة داخل الخيام وفى ظل ترتيبات بديلة مؤقتة. وتقول كارول بيلامى، المديرة التنفيذية لليونيسف إنه ليس هناك وسيلة لمساعدة الأطفال على استعادة نوع من الحياة الطبيعية أفضل من العودة للمدرسة لأن البيئة التعليمية تسمح للأطفال بممارسة طفولتهم مرة أخرى، وتوفر لهم حيزا ودودا للهروب من الكابوس الذى أحاق بهم. وكلما افتتحت مدرسة فى منطقة منكوبة، ينتاب الجميع إحساس بالأمل، بما فى ذلك الآباء. ولاحظت بيلامى أن إعادة الأطفال وبقاءهم فى المدرسة أمر مهم ليس فى حالات الطوارئ فحسب، وإنما لضمان نوعية أفضل من الحياة لجميع الأطفال. وتمثل هذه النكبة نكسة للبلدان التى كانت قد طفقت تحقق تقدما محمودا فى توفير تعليم أساسى جيد النوعية لجميع الأطفال. وأضافت بيلامى قولها بأن إعادة الأطفال إلى مدارسهم بسرعة من شأنه أن يحد من هذه النكسة. وفى حين تم افتتاح المدارس رسميا هذا الأسبوع فى الهند وتايلاند عقب الإجازة الموسمية، فإن الحكومات فى سرى لانكا والمالديف وإندونيسيا تستهدف إعادة فتحها فى المناطق المنكوبة فى آواخر كانون الثانى(يناير). وعادت الدراسة فى مدرستين تدعمهما منظمة اليونيسف بالقرب من باندا أتشيه يوم الاثنين حيث يبلغ عدد التلاميذ 480 طفلا. ويقول موظفو اليونيسف الميدانيون إن الآباء أنفسهم هم الذين طالبوا بإعادة افتتاح المدرستين. وتقول بيلامى إن افتتاح هاتين المدرستين مؤشر قوى للناس بأن الحياة تبدأ من جديد .

وتقوم اليونيسف بشحن أطنان من المواد التعليمية عبر أتشيه، بما فى ذلك 2000 خيمة مدرسية، و 2000 طقم يسمى المدرسة فى صندوق (تحتوى كل منها على إمدادات تعليمية تكفى 50 تلميذا) و 2000 طقم للأغراض الترفيهية (يحتوى كل منها على أغراض رياضية وألعاب تكفى 50 تلميذا). وستدعم هذه الإمدادات أكثر من 100 ألف تلميذ و 4000 معلم فى المناطق المنكوبة فى أتشيه. كما تساعد اليونيسف الحكومة الإندونيسية بتعيين وتدريب 2000 معلم جديد وبالإنعاش النفسى للمعلمين الذين نجوا من تسونامى. وطبقا لما أوردته السلطات فى أتشيه، هناك 1592 معلما بين قتيل ومفقود. وفى سرى لانكا أعيد افتتاح بضع مدارس يوم الاثنين، إثر تدمير الفصول الدراسية على 71928 طفلا و 2673 معلما. وبالإضافة إلى ذلك، لايزال نحو 240 مدرسة تستخدم كمأوى مؤقت للأسر النازحة.

وتزود اليونيسف وزارة التعليم فى سرى لانكا بالإمدادات المدرسية والكتب الدراسية، ووسائل الإيضاح التعليمية لدعم هدف إعادة جميع الأطفال فى المناطق المنكوبة إلى البيئة التعليمية بحلول يوم 20 كانون الثانى. ووزعت اليونيسف بالفعل 500 طقم " مدرسة فى صندوق " ليستعملها 40 ألف طفل. وبالإضافة إلى ذلك، من المنتظر وصول 3200 طقم إلى العاصمة كولومبو اليوم أو غدا وسيجرى توزيعها على الفور. وجندت اليونيسف أيضا المئات من المتطوعين من أبناء المجتمع المحلى لتطهير المدارس المضارة من الأنقاض ووفرت التمويل اللازم لإصدار الإعلانات العامة لإفادة العائلات بأن الأطفال سيسمح لهم بالذهاب إلى المدرسة بدون الزى المدرسى وشهادات الميلاد.

ولاحظت بيلامى أن استئناف الدراسة لا يعنى عودة جميع الأطفال على الفور إلى المدرسة. ففى الهند، حيث تم افتتاح المدارس فى جميع مناطق الأحياء المنكوبة ما عدا منطقة واحدة، انخفضت نسبة الحضور إلى 30 فى المائة. وفى المدارس القليلة التى افتتحت فى سرى لانكا، بلغت نسبة الحضور حوالى 50 فى المائة. وتقول بيلامى "إن هذا الهبوط فى نسبة الحضور سببه أن كثيرا من الأطفال ماتوا أو أصيبوا من جراء تسونامى، وإن بعض الآباء الذين فقدوا هذا القدر الكبير من الأبناء ليسوا مستعدين تماما بعد لإرسال أطفالهم بعيدا عن رعايتهم المباشرة. وهؤلاء الآباء يحتاجون إلى تأكيد أن أطفالهم لن يكونوا فى أمان فى المدرسة فحسب، وإنما سيحظون بالمساعدة التى يتطلبها نموهم كأطفال أقوياء. إن عملنا يتركز على محاولة خلق البيئة الأشد إيجابية لاجتذاب الأطفال إلى العودة للمدرسة ".وفى الهند، حيث قامت السلطات الوطنية والمحلية بجهود قوية وسريعة للإغاثة، تلعب اليونيسف دورا مساندا، يتضمن تقديم الإمدادات المدرسية والمعدات الرياضية، وإعادة تأسيس المكتبات، وتنظيم الأنشطة الترفيهية للأطفال، وتدريب المعلمين على التعرف على علامات الاكتئاب وتقويم الاستشارات النفسية الأساسية.

وفى تايلاند، حيث أعيد افتتاح غالبية المدارس فى 4 كانون الثانى ، تزود اليونيسف الأطفال من الأقاليم الساحلية المنكوبة بأدوات الطهى، والمواد المدرسية، والكتب الدراسية، والزى المدرسى، والملاعب والأدوات الرياضية، كما تدعم تشييد المدارس المؤقتة. وفى المالديف، تعاون اليونيسف الحكومة فى تشييد 73 فصلا دراسيا مؤقتا لضمان تمكين التلاميذ من العودة إلى المدارس فى 25 كانون الثانى. وتقوم اليونيسف بمساعدة حكومة المالديف فى تطهير مواقع المدارس من الأنقاض وضمان وجود مرافق صحية ملائمة للصرف الصحى. كما قامت اليونيسف بتوريد أكثر من 150 طقم مدرسة فى صندوق وأطقم للترفيه، ووزعت مئات الصناديق من الأقلام والطباشير والشمع، والصلصال، وأوراق الرسم، وأحجار البناء، والألغاز، والعرائس، واللعب من سيارات وكرات.

وأضافت بيلامى أنه كلما ازداد ما تستطيع المدارس توفيره من احتياجات للتلاميذ من غذاء، وزى مدرسى، وكتب دراسية، ودعم نفسى كما زادت القدرة على تخفيف الأعباء الملقاة على عاتق العائلات وإتاحة الفرصة لها لإعادة بناء حياتها. إن المدارس هى عادة قلب المجتمع. ولذلك فإن الجهود المبذولة لإحيائها وإدارتها لها تأثير حقيقى على جهود الإنعاش طويلة الأجل وبالنسبة لكثير من الأشخاص المتضررين، فإن الفناء المدرسى المفعم بالنشاط هو خير علاج.