د. رفعت السعيد: كيف نصدق الأخوان المسلمين وقد كذبوا عشرات المرات
لا يوجد شيء في الإسلام أسمه "فسطاط الإيمان"و"فسطاط الكفر"

الإسلام صالح لكل زمان ومكان بالتطور والتجديد مع كل زمان ومكان

* المتأسلمون وشعارتهم البراقة التي يرفعونها، يريدون تطبيق الشريعة. فهل من الممكن تطبيق الشريعة في هذا العصر؟ وخاصة في مصر؟
- ما معنى الشريعة؟ الإسلام عبادات ومعاملات، العبادات لا أحد يعبث بها فلا يستطيع أحد أن يقول أن العصر عصر سرعة فتختصر صلاة العصر إلى ركعة مثلاً. فالعبادات معروفة وملتزم بها وهى نوع من العلاقة بين الإنسان وربه، فلا تستطيع الحكومة التدخل ولا قيمة للتدخل، فمثلاً لنتصور إن المطوفين في السعودية سيجعلون الناس أكثر تقوى، ممكن أن يجعلوهم يصلون، لكن لن يجعلوهم أكثر تقوى. نأتي إلى المعاملات الإسلام كان حريصاً فيها بحيث أن ترك أغلبها للاستحسان، ثبت مسائل معينة ولكن في البيع والشراء تركها لتغيير المعاملات في كل زمان ومكان. فعندما تطالب بتطبيق الشريعة في المعاملات، أنت تريد تجميد هذه المعاملات، مثلاً الإسلام لم يعرف القانون التجاري الإسلامي، و لم يعرف البيع عن طريق الماكينات، الإسلام لم يعرف الشيك، الإسلام لم يعرف القانون البحري، والقانون الدولي وهكذا.. كل هذه الأشياء تم اختراعها أو تطويرها أو نقلها عبر عشرات المئات من السنين وعبر تنوع الحضارات والثقافات. أنت تقول إن الإسلام دين صالح لكل زمان ومكان، ومن ثم لابد أن تدعه يتطور وأن يتجدد مع كل زمان ومكان.
* معني هذا أنك توافق على تكييف فقه المعاملات الإسلامي مع القوانين الوضعية الحديثة؟
- نعم ذلك أمر بديهي.

ما فعله بن لادن أضر بالإسلام والمسلمين وليس من الجهاد في شيء
* "المتأسلمون ماذا فعلوا بالإسلام وبنا" عنوان كتابك الأخير، ما هي الأضرار التي لحقت بنا كعرب وكمسلمين بجريمة 11 سبتمبر؟
- أولاً بغض النظر عن الذي قام بأحداث 11 سبتمبر أريد أن أسأل سؤالاً. هو من تبنى حادث 11 سبتمبر؟ لأن بعض الناس يقولون أننا لسنا نحن المسلمين الذين قمنا بهذه الأحداث، لكن من الذي تبناها؟ الذي تبناها هو ايمن الظواهري وأسامه بن لادن، فإذا كانا فعلاها فهم أغبياء، وإذا كانا لم يفعلاها فهما أكثر غباء. القضية أننا لو اخترنا الإسلام واعتبرنا أن ما يقومون به جهاد، حتى لو اعتبرنا ذلك رغم أنني لا أرى ذلك صحيحاً، فالجهاد له ضوابط، أول ضابط هو الأخذ بالأسباب، أن تكون واثقاً من أن هذا الفعل سيؤذى عدو الله ولكن لا يؤذيك. والمبدأ الثاني في الإسلام والخاص بالجهاد، هو أنه يدفع المفسدة بمفسدة اقل، أما إذا دفع المفسدة بمفسدة أكبر فهو غباء. فهو دفع المفسدة بمفسدة أكبر. وهناك قول قديم هو أن الفعل الفوضوي يمنح العدو نصراً، وهذا هو ما حدث، والنتائج نراها الآن أن طالبان دمروا دولتهم وتحول أمير المؤمنين الملا عمر إلى رجل هارب على موتيسكل، و تحول أيمن الظواهرى وبن لادن من أناس ملئ السمع والبصر في بلدهم إلى هاربين فارين، احتلت أفغانستان ووضعوا حامد قرضاي واحتلت العراق، هذه هي النتائج العملية التي خرجنا بها نتيجة لأحداث 11 سبتمبر.
* الإرهابيون أغبياء يرفعون الحجر الثقيل ليقع في النهاية على أقدامهم؟!
- نعم هذا صحيح تماماً.
لا يوجد شيء في الإسلام أسمه "فسطاط الإيمان"و"فسطاط الكفر"
* قسم أيمن الظواهرى العالم إلى فسطاطين، فسطاط الإيمان، فسطاط الكفر. أي الولاء والبراء، الولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين ومعبوداتهم وحداثتهم،فما هي أخطار هذا التقسيم للعالم على مستقبلنا كعرب ومسلمين؟
- هذا التقسيم لم يرد لا في قرآن ولا في سنه، وحتى في الفقه قسموا العالم إلى" دار حرب" و "دار سلام"، ودار الحرب هي الدار التي تعتدي على ديار الإسلام، أي لا نخترع نحن ديار الحرب، أما قصة أن العالم منقسم إلى فسطاطين أنا أسأل: أنا وأنت نكون في أي الفسطاطين، فسطاط أيمن الظواهرى أو في فسطاط الرئيس بوش. فلا هذا ولا ذاك. وأعتقد أن ملايين من المسلمين بنسبه 99.9% لا يعتبروا أنفسهم لا في هذه الفسطاط ولا ذاك. ويكون هذا للتدليل على فساد هذا الكلام.
لا مستقبل لجماعة الإخوان المسلمين إلا بممارسة نقدهم الذاتي لأنهم "ملاوعين"
* كيف يرى د. رفعت مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر؟
- جماعة الإخوان المسلمين لا مستقبل لها إلا إذا قدمت نقداً ذاتياً واضحاً لما ارتكبته من جرائم، ولفكرة وجود جهاز سرى إرهابي في الجماعة. هناك تعبير كانت تقوله أمي " ملاوعين" أي إن الإخوان المسلمين غير واضحين تسألهم: هل كان لديكم جهاز سرى؟ يقولون لا، لا يوجد جهاز سرى. تقول لهم: كان موجوداً وكان به عبد الرحمن السندي. يقولون: آه كان موجود لمحاربة الاستعمار والصهيونية. تسألهم: قتلتم الخازندار والنقراشى. فيقولون نحن من يومها لم نفعل شيئاً آخر، حاولتم قتل جمال عبد الناصر،وتكتشف عندما تحاول أن تدرس كتب الإخوان المسلمين الذين انشقوا من جماعة الإخوان، والذين كانوا يعملون في الجهاز السري في عام 52، 53 أشياء غريبة وأمامنا مجموعتان من الكتب. الكتب التي تدافع عن عبد الرحمن السندي، وهي مثلاً أحمد عادل كمال في كتابه "النقط فوق الحروف" ومحمود الطباخ في كتابه" صنيعة النظام الخاص". والكتب التي تهاجم عبد الرحمن السندي وفى مقدمتها "حصاد العمر" لصلاح شادي و"تاريخ جماعة الإخوان رؤية من الداخل" للأستاذ محمود عبد الحليم الذي يعتبر المنظر الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين، الاثنين في خضم الصراع بينهما تنافسا في ذكر وقائع الإرهاب، ويؤكد كل منهما ما فعله من إرهاب متباهياً بذلك.
وأنا الآن أدرس هذا الموضوع وأنشره في الأهالي مسلسل كل أسبوع، صفحة من تاريخ مصر، عن أقوال قالها قادة في الجهاز السري، والإخوان يؤكدون أنهم كانوا يمارسون الإرهاب ويقولون أنهم كانوا يريدون تفجير مطار ألماظه، كذلك محطات الكهرباء وكانوا يريدون نسف القناطر الخيرية، أشياء مخيفة جداً ويذكرون أنهم عملوا كذا..وكذا. يقولون أننا من 56 و 65 لم نقم بأي أعمال إرهابية. لكن ذلك لا يعنى شيء. لأنه في الإسلام الجريمة لا تسقط بالتقادم. ففي القانون الوضعي الجريمة تسقط بالتقادم بعد 15 سنة، لكن في الإسلام تعمل جريمة وبعد 100سنة سيحاسبك عليها الله، وستذهب للنار،إذن الجريمة لم تسقط مهما مر عليها الزمن،والحل هو التوبة ومعناها بالتعريف العلمي المعاصر أن تمارس نقدها الذاتي وأن تعلن جماعة الإخوان المسلمين، انتقادها لما صدر منها من أفعال. هنا يمكن أن نطمئن إليها.
كيف نصدق الأخوان المسلمين وقد كذبوا عشرات المرات
لكن " الملاوعة " هذه لا تؤدى إلى أي ثقة. لماذا؟ لأن حسن البنا قال إنه لا يوجد للجماعة جهاز سرى، ثم عندما ثبت وجوده قال: لا علاقة لنا بهم وأنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين بعد محاولة نسف محكمة الاستئناف ثم يؤكدوا أن هذه كانت تعليمات حسن البنا. كيف نصدقهم؟ المستشار حسن الهضيبي جاء وقال أنا رجل قضاء ولا أقبل وجود جهاز سرى مخالف للقانون، وطرد عبد الرحمن السندي، ثم نكتشف أنه عمل جهازاً جديداً بقيادة جديدة يوسف طلعت ورجاله. إذن لماذا يطلبون منا أن نصدقهم وقد كذبوا علينا عشرات المرات؟ نصدقهم فقط عندما يؤكدوا أنهم نقدوا أنفسهم نقدا ذاتيا. ثانياً: عليهم أن يحددوا موقفهم من الدستور تحديداً واضحاً، أي من القانون الوضعي من مستحدثات العصر، من الآخر هل هو كافر أم لا، من مخالفهم في الرأي، هل هم جماعة المسلمين أم جماعة من المسلمين. كل هذه الأسئلة يجب أن يجاب عليها قبل أن نعطيهم ثقتنا.

شكري مصطفي أوجد فكرة العدو القريب والعدو البعيد
* بعد أحداث 11 سبتمبر توجه العنف إلى الداخل متمثلاً في جرائم الرياض والدار البيضاء. أي أن العنف بعد أن كان موجهاً للخارج توجه للداخل فما أسباب ذلك؟
- هذه القضية قضية فقهية، قضية العدو القريب والعدو البعيد. وجماعة الجهاد كانت تتحدث دائماً عن العدو القريب، وكان ذلك فكر شكري مصطفى عندما سئل عن موقفه من الصهيونية، قال معركتي هنا لإزاحة الطاغوت الكافر، ونرى بعد ذلك مشكلة الصهيونية، ففكرة العدو القريب والبعيد كانت مسيطرة على جماعة الجهاد وعلى أيمن الظواهرى تحديداً، وأن العدو القريب هو الأوجب بالقتال، وذلك موجود في كتاب "الفريضة الغائبة" بوضوح شديد من أن العدو القريب هو الأوجب بالقتال وأن القول بتحرير القدس ضرب من المستحيل لأنه يجب أولاً التخلص من الطواغيت عملاء الاستعمار. فيجب أولاً أن نزيح عملاء الاستعمار ثم تحرر بعدها القدس. وبعد فشل عديد من العمليات، طلائع الفتح، وعمليه خان الخليلي، و اغتيال صفوت الشريف، ومحاولة اغتيال حسن الألفي، ومحاولة اغتيال عاطف صدقي، بدأت المنافسة بين الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد ترجح في الإجرام لصالح الجماعة الإسلامية. هنا بدأ أيمن الظواهرى يعيد النظر في فكرته ويتحدث عن العدو البعيد بعد أن فشل مع العدو القريب، لجأ للعدو البعيد، وشكل الجبهة العالمية لمحاربة اليهود الصليبيين وهزيمة الاستكبار العالمي. وبعد هزيمة الاستكبار العالمي سنستطلع هزيمة الأنظمة الصغيرة. واضح أنه بعد 11 سبتمبر رجعوا مرة أخرى إلى محاولة ضرب العدو القريب باعتبار أن هذا أقل تكلفه وأقل حاجة إلى ترتيبات أمنية وأشياء من هذا القبيل.
التاريخ لا يقبل التخمينات وسنعرف أسرار سقوط بغداد
* ما هو تفسيرك لسقوط بغداد المفاجئ وتسليم العراقيين جيشاً وشعباً المتطوعين العرب للأمريكان؟
- موضوع بغداد موضوع ملتبس، وأنا رجل أكتب في التاريخ، وأن التاريخ لا يقبل التخمينات، وعندما تظهر الوثائق سنعرف الحقائق، لكن لماذا استسلمت بغداد؟ وكيف ‘سلمت؟ وهل كان هناك خيانة؟ مئات من القصص ولا نستطيع الجزم بصحة أحدها.
* رأيي أن أهل مكة أدري بشعابها. والعراقيون أدري بأمورهم ولا يجب أن تكون لنا وصاية عليهم، وأتفق مع د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر عندما ألغي فتوى الأزهر ضد مجلس الحكم في العراق قائلاً:"ليس من حق الأزهر ولا أي شيخ مصري الإفتاء في أمر يخص العراق.
- د.رفعت السعيد لا يعلق.
الجامعة العربية ضرورة لكن المشكلة في انسحابنا من القضايا العربية
* ما هو دور الجامعة العربية الآن؟ وهل من ضرورة لوجودها؟
- نعم هناك ضرورة لوجودها، ودورها الآن هو دور محصلة للمواقف العربية، ومن يتصور أن أمين جامعة الدول العربية من حقه أن يرسم سياسة أو أن يتخذ موقفاً يكون مخطأ، لأن أمين جامعة الدول العربية موقفه يجب أن يكون محصلة لمواقف الدول العربية، جامعة الدول العربية ضرورة، لكن المشكلة أن كثير من الدول العربية بعد سقوط بغداد بدأت تنسحب من القضايا العربية، وخاصة من القضية الفلسطينية لأنها لا تريد أن تغضب أمريكا، وبالتالي لابد أن دور الجامعة العربية يخفت قليلاً، وعلينا أن نحاول أن نكون رافعه لها، بالاعتماد على الشعوب العربية بالاعتماد على مزيد من النضال في القضية الفلسطينية، ومحاولة لرأب الصدع في الصراع الفلسطيني الفلسطيني لأن هذا كله يؤدى إلى سحب الدول العربية من القضية لأنه عندما يكون هناك صراع بين أبو عمار وأبو مازن مثلاً، فيقول القادة العرب إنهم يتصارعون على فتات السلطة وما شأننا بذلك، لذلك وجب الحرص دائماً على وحدة الصف الفلسطيني.
* مع كل الحزن والأسف يبدو أن أبو عمار لا يريد أن يشاركه في سلطة اتخاذ القرار شريك؟!
-يبدو ذلك.
* متى سيتبن العرب القيم الكونية: حقوق الإنسان، احترام الأقليات، وحقوق المرأة وما المانع من تبينها؟
- عندما يصبح العرب عرباً، عندما تكون هناك سلطة للشعوب العربية ونفوذ للرأي العام، عندما تخف قبضة الحكام، عندما يكون هناك تداول سلمى على السلطة.
إيران كانت مدداً لبعض الجماعات الإرهابية رغم اختلاف المذهب
* إيران ذكرت في كتابك " الإرهاب إسلام أم تأسلم" صـ 44 أن المصدر الأساسي للإرهاب في المنطقة هو إيران، وأنه كلما ازداد العراق ضعفاً زاد الدور الإيراني في المنطقة، ما تصورك الآن للدور الإيراني بعد سقوط بغداد؟
- القضية أن الجغرافيا الكونية توازن نفسها، وهذه القضية لا تدرك بسهولة، فمثلاً في بلاد الشرق الأوسط توجد العراق كدولة كبيرة وتوجد جنبها إيران كدولة كبيرة، فبتوازن الاثنان يوجد الاستقرار في المنطقة، وعندما يختل هذا التوازن، ومع استمرار إضعاف العرق، أرى أنه كان يتم ربما استعداداً للغزو، ولكن الذي لا شك فيه أنه أدى إلى إستقواء إيران. إيران أحد مشاكلها أنها دولة شيعية وتمثل خطراً على الدول المجاورة لها مثل البحرين، الكويت، السعودية هذه الثلاث دول بها نسبه شيعيه كبيرة، أحياناً تصل إلى نسبه الأغلبية بينما الحكام سنه وهم يستقوون بالضرورة بإيران، وإيران تستقوي بهم، إيران بطبيعة الحال كانت مدداً لبعض الجماعات الإرهابية رغم اختلاف المذهب، لكن الوضع تغير الآن لأن إيران لا تريد أن تدخل في صدامات مع أمريكا، حتى يتاح لها فرصة بناء مفعالاتها النووية وبناء مزيد من القوة، هي الآن دولة قوية لديها موارد بترولية كبيرة تتصرف فيها بقدر عالي من الكفاءة ولا يوجد فيها حكام ينفقون بالطريقة التي لا تجب. صدام حسين بدد ثروات العراق، هناك حكام آخرين بددوا ثروتهم البترولية دون عمل شيء نافع لبلادهم. فإيران أخذت الدرس من العراق ولن تدخل في مواجهة مباشرة مع أمريكا.
نجاح أمريكا في العراق يتوقف على حل المشكلة الفلسطينية
* كيف ترى مستقبل العراق؟ وهل ستنجح أمريكا فيما أتت من أجله وهو تحرير الشعب العراقي وإرساء أسس الديمقراطية كبداية للتغير في الشرق الأوسط؟
- هل أتت أمريكا من أجل ذلك؟ أمريكا أتت لكي تبقى وتستعمر وتستقر، ولأول مرة في التاريخ الحديث تعترف الأمم المتحدة بوجود قوات احتلال في العراق. أعتقد أن نجاح أمريكا في العراق يتوقف على دور شعب العراق وكفاءة الحكام التي اختارتهم أمريكا للعراق، وعلى دور الشعوب العربية على العموم، على حل المشكلة الفلسطينية، وعلى الدور الأوربي، وعلى دور روسيا واليابان والصين، كل هذه عوامل ستؤثر في مستقبل الوجود الأمريكي في المنطقة.
لا أثق في استطلاعات الرأي لأنها أحياناً تكون مضلله
* ما رأيك في ترحيب ثلثي الشباب الإيراني حسب استطلاع للرأي تحدثت عنه الصحافة الفرنسية بالغزو الأمريكي لإيران؟ أفلا يعنى ذلك فشل الثورة الإسلامية الخمينية وحكم الملالي؟
- أنا لا أثق كثيراً باستطلاعات الرأي، لأنها أحياناً تكون مضللة، وذلك يتوقف على نوع العينة، مثلاً حدث استطلاع رأى عن دور الأحزاب المصرية. فقام أحدهم ووقف أمام عربة قطار الدرجة الأولى، وبدأ يسأل ركاب القطار عن رأيه في الأحزاب، فوجد أن الناس لا تعرف شيء وليس لديها هموم ولا مشاكل ولا تريد التغيير، وهى مرتاحة بهذا الوضع. لو كان ذهب ووقف أمام عربة الدرجة الثالثة لوجد أن نتيجة الاستطلاع مختلفة هذا نموذج. أنا أعلم تلامذتي أنك لو وقفت فوق برج القاهرة ونظرت من زاوية واحدة سترى الزمالك والبيسين والنادي الأهلي ونخل جميل، ستقول بعد ذلك أن القاهرة مدينة جميلة ورائعة وأجمل مدن العالم. أمشى خطوتين في دائرة برج القاهرة ستجد نفسك أمام حي السيدة والبيوت المهدمة ومظاهر الفقر، ستقول القاهرة بلد فقيرة. عندما تكمل الدائرة سترى بنظرة عمومية أن القاهرة مدينة طبقية فيها الأغنياء وفيها الفقراء، عادة استطلاعات الرأي يجرى اختيار العينة وفق رغبة الذي يخطط، أما العينة فيجب أن تكون عشوائيه وممثلة لكافة التيارات والاتجاهات والأعمار، وهذا يحتاج إلى بحث كبير جداً لذلك أنا لا أصدق هذه العينة وهذا الاستطلاع.
عرفات له كاريزما خاصة للشعب الفلسطيني لأنه أبوه الروحي
* عرفات، هل انتهى دوره كزعيم سياسي، وجب عليه أن يترك الفرصة لغيره بعد أن رفضت كل من واشنطن وتل أبيب التعامل معه؟ ولا أبالغ إذا ما قلت أن معظم الأنظمة العربية لم تعد راغبة فيه؟
- عرفات هو الأب الروحي للشعب الفلسطيني، وكان معي أمس على التليفون، وهو رجل كارزمتيك وعنده كاريزما خاصة للشعب الفلسطيني، فهو أبو الشعب الفلسطيني، أما إن أمريكا لا تريد أو إسرائيل أو أن الدول العربية لا تريده، أو ينسحب من القضية الفلسطينية هذه قضية أخرى، أو عرفات صح أم خطأ هذه قضية ثالثة، فعرفات له حسابات أحيانا ًصحيحة وأحياناً خاطئة، ممكن أنه يتشبث بحبال السلطة ممسكاً بها جميعاً والصراع الآن يجرى بين عرفات وأبو مازن على فتات السلطة وليس على السلطة.
فلسطين تتطلب الآن تسوية قد لا تمثل الأماني الكافية للشعب الفلسطيني
* خريطة الطريق، هل تعتقد أنها تحقق الحد الأدنى من المطالب للفلسطينيين وهو إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة؟ وهل يجب على أبو مازن أن يتنازل عن حق عودة اللاجئين كشرط لتطبيق خريطة الطرق؟
- أولاً لا أحد منا يستطيع أن يملى شيء على أحد، أن يرفض أو يقبل ما يتعلق ببلده هو حر، لكن هناك ما يسمى بالاستحسان، وهو أن الوطن الآن يتطلب تسويه سلمية قد لا تمثل الأماني الكافية للشعب الفلسطيني، لكن يجب ألا تقطع الطريق على تحقيق الأماني الكاملة، ما بين الاثنين يجب أن نبحث عن حل.
لا مستقبل أمام الشعوب العربية سوي الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة
* سؤال أخير: العالم العربي والإسلامي يمر بمرحله فاصلة في تاريخه، فكيف تري الصورة وهى رمادية؟
- إذا استمر الوضع على ما هو عليه فلا مستقبل له، أولاً اقتصادياً وثقافياً وفكرياً، المسافة بيننا وبين العالم المتقدم تتسع، فلو رجعنا بالذاكرة للعالم 1950، 1955، 1960 وقرأنا المسافة بين التقدم العلمي والثقافي والمعرفي والتكنولوجي والاقتصادي بين مصر وفرنسا نقول إن المسافة كانت ضيقه، أما الآن فالمسافة و الهوة تتسع بشكل فظيع، لدرجة أنه أحياناً يفقد الإنسان الثقة في إمكانية تجاوز هذه الهوة، كذلك الوضع بالنسبة للسياسة التي هي حكم أساسي في هذه المعطيات جميعاً. فلا مخرج أمام الشعوب العربية سوى مزيد من الديمقراطية وتداول سلمى للسلطة واحترام الرأي العام، وهذا هو السبيل الوحيد. جربنا كل الأصناف إلا الصنف الأخير الذي هو الدواء المرير بالنسبة للحكام الذي هو الديمقراطية.
* كما لابد من إصلاح التعليم خاصة التعليم الديني وإعطاء المرأة حقوقها كاملة وغير المسلم حقوق المواطنة كاملة وكبح جماح الانفجار السكاني وحظر ختان البنات..
_ نعم هذا صحيح تماماً.